المشاهد نت

زيارة غريفيث إلى مأرب تأتي مع تصعيد الحوثيين تجاهها

تعز – أحمد عبدالله:

أثارت زيارة المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، لمحافظة مأرب، جدلاً واسعاً في الأوساط اليمنية، بسبب توقيتها، الذي تزامن مع تصعيد الحوثيين باتجاه مأرب، بعد إسقاطهم الجوف، وتهديد الحكومة باستعادتها وإيقاف زحف تلك الجماعة.
قبل توجهه إلى مأرب، كان غريفيث في الرياض، وعقد اجتماعاً مع رئيس الحكومة معين عبدالملك، بحث خلاله خفض التصعيد العسكري الحاصل، والجهود الرامية للتهدئة.
وعلى المنحى ذاته أيضاً، لعب غريفيث الذي وصل إلى مأرب، والتقى فيها المحافظ سلطان العرادة، وعدداً من المكونات السياسية والاجتماعية، لكن لهجته هذه المرة كانت أشد في تصريحاته الصحفية من هناك.
فقد بدا غريباً -بالنسبة لكثيرين من متابعي الملف اليمني- دعوة غريفيث للوقف الفوري غير المشروط للأنشطة العسكرية، وبدء خفض التصعيد بشكل شامل، بعد إحراز الحوثيين تقدماً كبيراً شرقي صنعاء وفي الجوف.
التوتر بينه وبين الحكومة على إثر ذلك بدا واضحاً، فقد دعا وزير الأوقاف أحمد عطية، في منشور بصفحته على “فيسبوك”، السلطة اليمنية إلى عدم الانصياع لدعوات غريفيث الذي أطلق عليه اسم “غريفيث بدر الدين”، بسبب مواقفه التي قال إنها داعمة للحوثيين، مطالباً بتغيير مسار المعركة عبر فرض واقع جديد.

انقسامات السلطة

تباينت التوقعات عن انعكاسات تلك الزيارة على الأرض، خصوصاً أنها جاءت في هذا التوقيت الحساس الذي تعيشه اليمن، بخاصة مع تأكيد المكونات السياسية والاجتماعية في مأرب، التي التقت غريفيث، على ضرورة إنهاء “الانقلاب” واستعادة مؤسسات الدولة، واستكمال العملية السياسية وفقاً لمخرجات الحوار الوطني الشامل.
في ضوء ذلك، يرى أستاذ الأزمات والصراعات بجامعة الحديدة نبيل الشرجبي، أن زيارة غريفيث لمأرب تأتي في ظل تواجد العدد الأكبر من الحكومة هناك، وخصوصاً بعد أن التقي بمن تواجد في الرياض قبل ذلك، وهو ما يوحي بوجود أكثر من تيار داخل “الحكومة”، ومن خلال ذلك يريد المبعوث الأممي أن يستطلع آراء تلك الأجنحة في السلطة بشأن السلام، وإبلاغها بشكل واضح بوجهة نظر المجتمع الدولي الداعم لإيقاف الحرب.
ولا يستبعد الشرجبي، لـ”المشاهد”، استماع غريفيث لبعض اشتراطات تحقيق السلام، وهي مطالب لن يتم الالتفات لها، لأن المجتمع الدولي أصبح أمام الاعتراف بشرعية الواقع، وليس الشرعية الدولية.

غريفيث يريد إيصال رسالة بأن مأرب هي الوجهة القادمة لتلك الجماعة ومن خلال حديثه عن ضرورة السلام غير المشروط وإيقاف الحرب ومنع التصعيد أو العودة إلى الحرب .

وجهة الحوثيين القادمة

وعن دلالة تلك الزيارة، يقول الصحفي وضاح الجليل، إن حدوثها بعد مرحلة التقدم الذي حققه الحوثيون في الجوف ونهم شرقي صنعاء، يوحي أن غريفيث يريد إيصال رسالة بأن مأرب هي الوجهة القادمة لتلك الجماعة.
ومن خلال حديثه عن ضرورة السلام غير المشروط وإيقاف الحرب ومنع التصعيد أو العودة إلى الحرب؛  يوحي ذلك أيضاً، وفقاً للجليل الذي تحدث مع “المشاهد”، أن “المرحلة السابقة كانت فترة سلام واستقرار أحدثتها جهوده السابقة، وهو أمر مثير للسخرية، فلم تكن الفترة السابقة سوى مرحلة توسع واستعداد المليشيات من أجل التصعيد استغلالاً للهدنة التي أنتجها اتفاق ستوكهولم”.
ومن ناحية أخرى، يريد إجبار الحكومة على القبول بالنتائج الأخيرة، ومنعها من محاولة استرداد المناطق التي خسرتها، وتمكين الحوثيين من هذه المناطق، على حد قوله.

إقرأ أيضاً  خطورة المخدرات في «لقمة حلال»

قدرة السلطة على الصمود

من خلال التصريحات الأخيرة للمستشار الرئاسي أحمد عبيد بن دغر، والتي حذر فيها من خطورة ما جرى في الجوف، وإمكانية تغيير ذلك للمشهد ككل، فإن الشرجبي يعتقد أن المعركة في اليمن ربما حسمت لصالح الحوثيين، وأن ما قاله شهادة وفاة للتحالف والحكومة معاً إن لم تتغير الأوضاع، وكذا كشفت أن سبب تلك الهزيمة، هو التحالف العربي والسياسات الخاطئة التي تعاملت بها “الشرعية” معه، فضلاً عن تغييب دورها بشكل كبير في تلك المعركة، وكذا افتعال الخلافات بين أجنحة السلطة التي كانت سبباً آخر في الانكسارات العسكرية.
وفي حال استمر سير المعارك العسكرية كما هو الآن، فيتوقع الشرجبي ألا تستطيع الحكومة استعادة زمام المبادرة، وأن يتمكن غريفيث من ممارسة ضغوط أكبر عليها للدخول في عملية سلام من غير أي شروط مسبقة.
وهو ما يتفق معه الصحفي الجليل الذي يؤكد التأثير السلبي لزيارة غريفيث على “الشرعية التي تعودنا خلال الفترات الماضية قلة حيلتها، وعدم قدرتها على مقاومة الضغوط الدولية، وتخاذلها أمام فهلوة المبعوث الأممي”.
يُذكر أن رئيس الوزراء أكد، في اتصال هاتفي مع محافظ مأرب اللواء سلطان العرادة، أن المحافظة ستظل عصية على كل المؤامرات، بفضل يقظة أبنائها، وحكمة قياداتها الداعمين للسلطة، بحسب وكالة الأنباء الرسمية “سبأ”.
في الوقت ذاته، رفع الحوثيون سقف طموحهم العسكري عقب إسقاطهم الجوف، وهددوا بالتوجه نحو المحافظات الشرقية والجنوبية، والتي بها مناطق غنية بالثروة، وبذلك يتوسع نفوذهم مجدداً بعد استعادة التحالف لها وسيطرته عليها، لكن إمكانية حدوث ذلك، وقدرتهم على تحقيقه، ستكشفها الأيام، وربما الأشهر القادمة.

مقالات مشابهة