المشاهد نت

رائدات يمنيات تصدرن العام 2020 في الدفاع عن حقوق الإنسان

عدن – بديع سلطان:

الوضع المأساوي للحقوق والحريات في اليمن؛ دفع العديد من القياديات اليمنيات ورائدات العمل الحقوقي في البلاد، إلى الاهتمام بواقع المرأة اليمنية، والحريات عامةً، منهن الحقوقيتان هدى الصراري وياسمين القاضي.ولم تدافع تلك الرائدات الحقوقيات عن أوضاع المرأة في اليمن فحسب، بل تزعمن الكثير من المطالب الحقوقية والقضايا الإنسانية الأخرى.ومن القياديات، المحامية والناشطة الحقوقية، هدى الصراري، الفائزة بالعديد من الجوائز العالمية، نظير مواقفها وجهودها في هذا المجال.وفازت الصراري في الـ19 من فبراير 2020، بجائزة “مارتن إينالز”، التي تمنحها 10 من أبرز المنظمات الحقوقية حول العالم، للمدافعين والمدافعات عن الحقوق، الذين برزوا من خلال التزامهم وشجاعتهم، معرّضين حياتهم للخطر في أغلب الأحيان.

كشف السجون السرية

حصلت الصراري على الجائزة عقب كشفها عن سجون سرية تديرها دولة الإمارات في عدن.وتقول وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، إن هدى الصراري استحقت الجائزة بالفعل. وتذكر الوكالة اللحظة التي رأت فيها شجاعة الصراري خلال مقابلة مصوّرة مع “أسوشيتد برس”، في يوليو 2017، وهي تتحدث عن السجون السرية التي تديرها الإمارات في جنوب اليمن.

رائدات يمنيات تصدرن العام 2020 في الدفاع عن حقوق الإنسان
الناشطة الحقوقية هدي الصراري

وكانت “هيومن رايتس ووتش” و”أسوشيتد برس” أعدتا تقارير مطولة عن هدى، أكدتا من خلالها أن توثيق هذه الانتهاكات ما كان ليحصل لولا جهود الصراري وشجاعتها.وأشارت الوكالة الإخبارية والمنظمة الحقوقية، في تقاريرهما، إلى أن الصراري أمضت أكثر من عقد في العمل في منظمات حقوقية ونسوية يمنية، في ظل ما يواجهه الناشطون، والصحفيون، وبخاصة المدافعين عن حقوق الإنسان في اليمن، من أخطار دائمة في جميع أنحاء البلاد.وأكدت التقارير تعرض العديد من الحقوقيات اليمنيات للمضايقات، والاعتداءات الجسدية، والاحتجاز، وحتى الاغتيال، لمجرد قيامهن بعملهن.

ومن منزلها في مدينة عدن الساحلية الجنوبية، تصف المحامية هدى الصراري للوكالة الأمريكية، المخاطر التي تواجهها بأنها “كبيرة”، مشددةً على أنها لن تستسلم رغم المخاطر، وأنها ستواصل الكفاح من أجل حقوق الضحايا في جميع أنحاء اليمن.وتعتبر منظمات دولية كثيرة أنه لولا الصراري وأمثالها لكانت السجون السرية في اليمن لاتزال “سرية”.ولم تتوقف الصراري عن النضال من أجل حقوق اليمنيين الأساسية، رغم التهديدات بالقتل، وحملة تشهير شعواء ضدها نظمتها مليشيات مدعومة من الإمارات، وخسارة ابنها المراهق، في مارس 2019، بين الضحايا المدنيين للنزاعات المسلحة في عدن.


مكافحة تجنيد الأطفال


امرأة يمنية أخرى تجاوزت واقع الأوضاع في البلاد، وأعلنت شجاعتها عبر دفاعها عن حقوق المرأة وحرياتها، وهي الإعلامية ياسمين القاضي.فمنذ حصولها على شهادة الصحافة، كانت القاضي من أوائل النساء اللواتي كتبن مقالات في الصحف المحلية، خلال احتجاجات الربيع العربي المؤيدة للتغيير السياسي في صنعاء، وعندما اندلعت الحرب في 2015 أنشأت مع شقيقتها انتصار، مؤسسة مأرب للبنات.ومن خلال مؤسستها تعمل مع كبار مسؤولي الجيش لمكافحة تجنيد الأطفال، وحصلت على التزام الجيش بالإفراج عن أي طفل تم تجنيده أو احتجازه.

وعززت الدعم للنساء النازحات بسبب النزاع، بالتنسيق مع المجتمعين المحلي والدولي، كما رفعت الوعي من خلال المشاركة في إنتاج فيلم عن الآثار السلبية للنزوح على النساء والأطفال.ولاتزال ياسمين تقيم في اليمن، في ظل مجتمع لا يشجع النساء على العمل في الأماكن العامة، إلا أنها عملت على تغيير العادات الاجتماعية، وأصبحت نموذجاً يحتذى به في مجتمعها. كما تشجع تمكين المرأة والمشاركة الفعالة في المجتمع المدني وعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، وذلك داخل اليمن وخارجه.


جائزة الشجاعة الدولية


نشاطات القاضي، أهلتها لنيل جائزة الشجاعة الدولية المقدمة من وزارة الخارجية الأمريكية، في الـ5 من مارس الجاري. وهي الجائزة التي تقدم للناشطات والرائدات في المجال الحقوقي النسوي، كل عام.وتأتي جائزة الشجاعة الدولية المقدمة من وزير الخارجية الأمريكي، لتعترف بفضل النساء في جميع أنحاء العالم، اللواتي أظهرن شجاعة وقيادة استثنائيتين في الدفاع عن السلام والعدالة وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، واللاتي غالباً ما يتعرضن لمخاطر، ويقدمن تضحيات شخصية كبيرة.ومنذ انطلاق الجائزة في 2007، اعترفت وزارة الخارجية بجهود 146 امرأة من 77 دولة.وتأتي المشاركة عبر ترشيح البعثات الدبلوماسية الأمريكية في الخارج، لامرأة شجاعة من داخل البلدان المضيفة لها. وتشارك الفائزات ببرنامج الزائر الدولي القيادي “آي في إل بي”، حيث يجبن مدناً مختلفة في أنحاء الولايات المتحدة، قبل العودة ثانية إلى لوس أنجلوس، لينتهي برنامجهن في 16 مارس الجاري.

إقرأ أيضاً  الإصابة بالسرطان في ظل الحرب
رائدات يمنيات تصدرن العام 2020 في الدفاع عن حقوق الإنسان
اثناء استلام الناشطة الحقوقية ياسمين القاضي للجائزة الشجاعة الصحفية – صورة ارشيفية


انتهاكات الحرب


وتنوعت الانتهاكات الحقوقية التي تطال المرأة اليمنية، منذ نحو 5 سنوات، في ظل الحرب، إذ تعددت ما بين التحريض والضرب والصعق بالكهرباء، وإجبار بعضهن على التجنيد وحمل السلاح، في شكل أشبه بإبادة جماعية وجرائم حرب، وسط تغاضي الكثير من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، عن العديد من تلك جرائم التي تُصنف ضد الإنسانية.وفي نهاية نوفمبر الماضي، وثّق التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، 129 جريمة قتل لنساء، وإصابة 122 أخريات جراء القصف والألغام، علاوة على اختطاف 23 امرأة.ووصف التحالف تلك الممارسات بأنها “أبشع” أنواع الانتهاكات التي شملت التشويه والتحرش الجسدي واللفظي، واستغلال المرأة في الأعمال الأمنية وغيرها، وحرمانها من التعليم والعمل، وإجبارها على الزواج المبكر.


اختطاف وتعذيب واستغلال


وقالت المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر، في بيانٍ أصدرته بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، إن أطراف الصراع في اليمن ترتكب انتهاكات خطيرة بحق النساء، خاصةً في صنعاء، مشيرةً إلى العشرات من النسوة هناك.وأكّدت المنظمة، أن المتصارعين يمارسون، وبشكل غير مسبوق في تاريخ البلاد، أبشع أنواع التعذيب بحق النساء المختطفات.

وتعد الألغام المضادة التي يزرعها الحوثيون، من أهم الوسائل التي تحصد أرواح النساء، كما غيرهن من الشعب اليمني. وتعرّضت نساء كثيرات لإعاقات دائمة جرّاء ذلك.وبحسب تقرير صدر عن منظمة “رايتس رادار” الحقوقية، فإنّ سيدات تعرضن من قِبل جماعة الحوثي لحالات عنف وتحرش لفظي وجنسي وانتهاكات جسدية وصلت حد الاغتصاب والقتل وحالات زواج قاصرات، بالإضافة إلى حالات إصابات واحتجاز غير قانوني، وكذا الحرمان من التظاهر والوقفات الاحتجاجية، وإعاقة المرأة عن الحصول على حقوقها في التعليم والرعاية الصحية.وبيّن التقرير أن نحو 20 ألف انتهاك ضد اليمنيات، ارتكبتها  جماعة الحوثي، بعد 3 سنوات من الانقلاب، وتضمّن ذلك عمليات قمع مروعة، وهدراً لكرامة المرأة اليمنية، وحرمانها من أبسط الحقوق.وفرض الحوثيون الإقامة الجبرية على مئات الناشطات والقيادات النسائية، وتم تهديدهن بالقتل في حال مخالفتهن لذلك، حيث يختطف الحوثيون، النساء، ويُجبرون أسرهن على تزويجهن بالقوة لمقاتليهم، كما يتم استغلال النساء، وغالبيتهن من الأرامل، والزج بهن في أنشطة عسكرية تخالف تقاليد اليمنيين وأعرافهم.وفي جريمة أخرى كُشف النقاب عنها في أكتوبر الماضي، تعرّضت 35 امرأة في صنعاء للاختطاف من قبل جماعة الحوثي، بحجة مواجهة الحرب الناعمة، حيث اقتحمت فرق تابعة للمليشيات، المنازل، واختطفت نساء بعضهن تصل أعمارهن إلى 50 و60 سنة، مع مصادرة الأموال والمجوهرات، وتلفيق تهم مشينة لهن.

مقالات مشابهة