المشاهد نت

مع دخول العام السادس من الحرب… الحوثيون و”الانتقالي” يرسمون ملامح المرحلة

عدن – أحمد عبدالله:

كل شيء بدا مختلفاً مع دخول الحرب في عامها السادس، بعد أن حاد التحالف العربي بقيادة السعودية، عن أهدافه المعلنة في 26 مارس 2015.
وأول تلك الأهداف التي لم تتحقق حتى اليوم، استعادة الدولة التي انقلب عليها الحوثي، في سبتمبر 2014.
ورافق هذا الفشل في تحقيق الهدف الأهم الذي لأجله شكل تحالف من 10 دول عربية، تشكيل جماعات مسلحة تابعة لأطراف في التحالف، وخصوصاً الإمارات التي تلعب دوراً من خلال ذراعها السياسية في عدن، المجلس الانتقالي الجنوبي، وغطائه العسكري المتمثل بالحزام الأمني.
هذه الأجندات الخاصة لدولتي التحالف العربي، السعودية والإمارات تحديداً، هيأت الظروف للحوثيين في استعادة قوتهم وترتيب صفوفهم للانقضاض لاحقاً على المواقع التي سيطرت عليها القوات الحكومية في 2015 و2016، والسيطرة عليها مجدداً، كما حدث في نهم الواقعة شرق العاصمة صنعاء، ومحافظة الجوف (شمالي شرق البلاد).
وبدلاً من هزيمة الحوثيين، وإعادة الحكومة إلى العاصمة صنعاء، باتت الجماعة هي المبادرة في شن هجماتها على القوات الحكومية، وتحقيق انتصارات عجزت عنها في السنوات الأولى للحرب.

ما أسباب فشل استعادة الدولة؟

سبب التناقض الذي ظهر على أهداف التحالف، وما يجري على الأرض، وفق أستاذ إدارة الأزمات والصراعات بجامعة الحديدة، الدكتور نبيل الشرجبي، هو عدم وجود رؤية للتخطيط للحرب والخروج منها، فضلاً عن وجود صراعات خطيرة أثرت على سير ومجمل العمل العسكري للتحالف، إلى جانب سوء إدارة المعركة من قبل السلطة اليمنية، والفساد الذي ينخر كافة مفاصلها.
ويقول الشرجبي لـ”المشاهد” إن ما أسهم بالتسبب في ما نحن فيه الآن، هو ضعف عملية الرقابة على كل قرارات الحكومة، التي تمكن الحوثيون من اختراقها، إضافة إلى غياب شبه كامل لعمليات التنسيق بين كل الأطراف لتوحيد المعركة، مما أوجد مسارات مختلفة ومتضاربة لسير العملية العسكرية.
وفوق كل ذلك، ظهرت الرؤى المختلفة لكل طرف في التحالف العربي، إذ رأى أحدهم أن حماية حدوده لها أولوية، وآخر يعتقد أن تأمين تواجد في بعض المناطق أو الموانئ، هو الأهم، وظلت الحكومة بسلبيتها وتواكلها كلياً، بعيدة عن كل هذا، رغم قدرتها على تحديد الأولويات، وإنهاء المعركة، بحسب الشرجبي.
ويتفق الكاتب الصحفي جمال حسن، مع ما طرحه الدكتور الشرجبي، مؤكداً أن التحالف منذ البداية دخل الحرب في اليمن من أجل مصالحه الخاصة، وليس من أجل مصالح اليمنيين، وبذلك لا يمكن الحديث عن وجود انحراف في مساره، والذي تتضح معالمه بالوضع الجديد الذي يتشكل في البلاد.
ويضيف حسن لـ”المشاهد”: “كان واضحاً منذ البداية أن الضرب الجوي لطيران التحالف العربي، ركز على تدمير ما كان ينتمي لبنية الدولة، ثم رسم حدود للحرب، ربما تغيرت مع تدخلات المجتمع الدولي”.
وما حدث، وفق حسن، يثير بعض الأسئلة حول وجود تعارض في المصالح بين الحليفين الرئيسيين: السعودية والإمارات، لكنه أيضاً يحمل الأطراف السياسية المؤثرة داخل الحكومة، مسؤولية ما يحدث، لعملهم ضمن حدود ضيقة ومصالح أو قيادات معينة، وهو ما جعل شكل التدخل يتخذ هذا المسار.

إقرأ أيضاً  التغلب على النزوح من خلال حياكة المعاوز

واقع مختلف على الأرض

تعيش اليمن، اليوم، في ظل انقسامات واضحة، ووجود سلطات مختلفة وكيانات موازية، فالحوثيون يسيطرون على الوضع في صنعاء وأغلب محافظات الشمال، بينما ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي يتحكم بالمشهد في بعض محافظات الجنوب.
بينما تقاسمت الإمارات، أحد قطبي التحالف العربي، النفوذ في اليمن مع القطب الآخر، ممثلاً بالسعودية، وتركز نفوذ الأولى على المحافظات الساحلية، والأخرى على المناطق القريبة من حدودها، والتي تؤمن لها بعض ما تهدف إليه، كالمهرة التي تريد عن طريقها مد أنابيب للنفط لتصديره، والخلاص من كماشة إيران التي تشرف على مضيق هرمز الذي يمر عبره أغلب الذهب الأسود التابع لدول الخليج.
ومع الدعوات المتكررة لإيقاف المعارك في اليمن، والتفرغ لمواجهة فيروس كورونا المستجد الذي ذهب ضحيته أكثر من 20 ألف شخص حول العالم، يعتقد الشرجبي أن خيارات التحالف أصبحت محدودة جداً للقيام بأي عمل عسكري، لأنه أصبح الآن مرفوضاً بقوة.
ويتوقع الشرجبي أن تزيد الأيام القادمة من التعقيدات، مؤكداً أن كل ما يمكن عمله حالياً أو في المستقبل على المدى المتوسط، هو أن ينتصر التحالف والحكومة سياسياً بخطة تحفظ ماء الوجه لهم.
ولا يستبعد، في الوقت ذاته، استمرار الوضع على ما هو عليه لبدايات العام 2022، وهو العام الذي كان التحالف حدده في مناسبات سابقة لانتهاء الحرب في اليمن. متسائلاً: “ولا ندري على أي وضع ستنتهي الحرب بحال البلاد؟”.

متغيرات جديدة

وبالنظر لما يجري على الأرض، ومحاولة الحوثيين التقدم في جبهات قتالية بعد سيطرتهم على الجوف، يؤكد حسن أن هناك حدوداً لا يجب تجاوزها أو تغييرها، سواء في الساحل أو في مأرب، لكن الحوثيين سيحاولون تغيير هذا الواقع.
ولأجل ذلك يتوقع، في معرض حديثه، أن تؤثر أزمة كورونا على مجرى الحرب، بخاصة بعد وجود ترحيب من قبل الأطراف اليمنية بدعوات إيقاف المعارك. متابعاً: “هناك تأثير قوي سيضرب العالم والمنطقة نتيجة ما يحدث الآن، إذ إن هناك أزمة كساد غير مسبوقة خلال هذا القرن، ربما نشهدها، ويمكن أن تنعكس أيضاً على طبيعة التدخلات وما يجري في اليمن”.
وأمام كل تلك المجريات، يقول حسن إننا سنواجه أزمة كبيرة خلال العام القادم، ستتأثر بها اليمن كثيراً، بسبب الحرب فيها المستمرة منذ 5 سنوات، فالأمر يتعلق بالوضع الاقتصادي نتيجة لما يحدث في العالم بسبب “كورونا”.
وبالنسبة للتحالف، يرى أن هذا الوضع ملائم له، فقد أصبحت اليمن أكثر عزلة، ومشرذمة، ومقسمة إلى كانتونات حكم ذاتي، فيما الحكومة ليست أكثر من ديكور، إضافة إلى موت حركات سياسية وزعامات أحرقتها الحرب. ويتطلب القادم روحاً جديدة، لكن الحوثي يبدو الطرف الأكثر تماسكاً وقوة بين أطراف النزاع في البلاد، حد قوله.
وطوال سنوات الحرب تعرضت البنية التحتية في اليمن لتدمير شبه كلي، وعاش المواطن أزمات مختلفة بعد انهيار الاقتصاد في البلاد، وأخذ اليمني نصيبه كذلك من كثير من الأوبئة التي تسببت بوفاة العشرات، كالكوليرا، في ظل انعدام أدنى الخدمات الصحية.

مقالات مشابهة