المشاهد نت

الإصابة بفيروس كورونا… الشائعات تحرق أعصاب اليمنيين

صنعاء – حسان محمد:

“عمد شاب مصاب بكورونا إلى الفرار من غرفة الحجر الصحي بمستشفى ابن سينا بالمكلا، بعد خضوعه للفحص بمستشفى البرج، وثبوت إصابته”، كانت تلك أول الشائعات التي تداولتها المواقع الإلكترونية في الثالث من مارس المنصرم، حول ظهور أول إصابة بفيروس كورونا في اليمن، لشخص عائد من إحدى الدول، وتناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي.
وعلى الرغم من أن الأخبار لم تشر إلى اسم الشخص، ومصدر الخبر، أو اسم الدولة التي عاد منها، إلا أنها لقيت رواجاً واسعاً، حتى نفى المستشفى ومكتب الصحة بحضرموت، الخبر، وأكدا أنه لا وجود للحادثة.
وكان لموظفي الأمم المتحدة نصيب من الشائعات، باعتبارهم الأشخاص الأكثر تنقلاً وسفراً بين اليمن وبلدان أخرى، حيث نقلت مصادر مجهولة إصابة موظف في منظمة تابعة للأمم المتحدة، ونقله إلى الحجر الصحي بالمستشفى الجمهوري بصنعاء، لكن بعد أن اختلط بعدد من المسؤولين والعاملين في المنظمات المتواجدين داخل أحد المباني السكنية في منطقة حدة جنوبي صنعاء.

تشكيك واستغراب

وترددت آخر هذه الإشاعات عبر ناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي، يوم 2 أبريل الجاري، بعد خبر نشره رئيس مجلس إدارة وكالة “سبأ” التابعة للحوثيين، في تغريدة على “تويتر”، عن حالة مصابة بفيروس كورونا في صنعاء، تناقلته منه وسائل إعلام محلية وخارجية، لكن سرعان ما نفت ذلك وزارة الإعلام التابعة للحوثيين، في مؤتمر صحفي.
وأثارت هذه الشائعة التي كانت الأقوى تأثيراً بين ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، الخوف لدى الكثيرين، كونها صدرت عن صحفيين معروفين بالمصداقية في نقل الأخبار.
ولامست تصريحات سابقة لرئيس فريق منظمة الصحة العالمية للوقاية من الأخطار المعدية، عبدالنصير أبو بكر، لشبكة CNN، هذه المخاوف، حيث عبر عن استغرابه من عدم تسجيل حالات إصابة في اليمن وسوريا وليبيا (سجلت سوريا وليبيا حالات إصابة في ما بعد).
وقال أبو بكر: “منظمة الصحة تشعر بالقلق، لأن الدول التي لم تسجل إصابات بالفيروس تمتلك بنية صحية ضعيفة، ونظام مراقبة هشاً”، متوقعاً “حدوث انفجار في عدد الحالات”.

بات كورونا جزءاً من المكايدة السياسية بين حكومتي عدن وصنعاء، وصارت الشائعات نوعاً من الحروب المتبادلة بين الطرفين، وحمل كل طرف الآخر مسؤولية سلامة المواطنين في حال انتشار الفيروس.

حرب الشائعات

وبات كورونا جزءاً من المكايدة السياسية بين حكومتي عدن وصنعاء، وصارت الشائعات نوعاً من الحروب المتبادلة بين الطرفين، وحمل كل طرف الآخر مسؤولية سلامة المواطنين في حال انتشار الفيروس.
واعتبرت جماعة الحوثي أن الحكومة مسؤولة عن ظهور الفيروس، لاستقبالها العائدين إلى اليمن من المنافذ البرية ومطار عدن، من دون اتخاذ التدابير الوقائية، وإخضاعهم للحجر الصحي، واتهمتها بتجهيز مستشفى الصداقة بعدن، لنقل الإمارات المصابين على أراضيها إلى اليمن.
وردت وسائل إعلام تابعة للحكومة، على جماعة الحوثي، بشائعة تؤكد وجود عدد من الإصابات في صفوف الجماعة، قادمة من إيران، تتواجد في مستشفى عبدالقادر المتوكل بصنعاء، ما دفع إدارة المستشفى إلى المسارعة في نفي هذه الأخبار، وأنها ستبلغ وزارة الصحة فوراً إذا ظهرت أية إصابة.

نقل الشائعات عن حالات إصابة بكورونا في اليمن، لم يقتصر على مواقع إلكترونية محلية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وإنما انساقت خلفها ونقلتها فضائيات ووسائل إعلام خارجية لها ثقلها على الساحة الإعلامية، ووكالات أنباء عالمية، على الرغم من تصريحات وزارتي الصحة بصنعاء وعدن، وتأكيدات منظمة الصحة العالمية، المتكررة بخلو اليمن من الوباء.


وأثارت قضية إصابة رجل قادم من جمهورية مصر، كان على متن رحلة للنقل البري، بعد إجراء الفحوصات الطبية عليه في نقطة الهنجر غرب مدينة تعز، قلقاً واسعاً في أوساط الناس، لاسيما أن مدير مكتب النقل بالمحافظة هو من أعلن عنها، إلا أن مكتب الصحة نفى الإصابة، وأكد أنه تم إجراء الفحوصات على الشخص المشتبه به، وكانت النتيجة سلبية، ونُقل الشخص وبقية الركاب إلى الحجر الصحي، كإجراء احترازي.
ومن الغريب أن نقل الشائعات عن حالات إصابة بكورونا في اليمن، لم يقتصر على مواقع إلكترونية محلية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وإنما انساقت خلفها ونقلتها فضائيات ووسائل إعلام خارجية لها ثقلها على الساحة الإعلامية، ووكالات أنباء عالمية، على الرغم من تصريحات وزارتي الصحة بصنعاء وعدن، وتأكيدات منظمة الصحة العالمية، المتكررة بخلو اليمن من الوباء.

إقرأ أيضاً  توقف الزراعة في بساتين صنعاء القديمة 

غياب الثقة

إن عدم وجود ثقة بين المواطن والحكومة، يساعد على انتشار الشائعات والغموض الذي يلف قضية مهمة، تمس حياة الناس، متسببة بقلق بينهم. وهذا ما تؤكده دراسة أكاديمية بعنوان “الإشاعة في الصحافة الإلكترونية وتأثيرها على المجتمع”، توضح أن مدى انتشار الشائعة مرتبط بعاملين أساسيين، هما: الغموض والأهمية.
ويقول الصحفي إبراهيم الأشموري: “تتسابق المواقع الإلكترونية على ترويج الشائعات للحصول على عدد أكبر من القراءات، دون احترام لعقول الجمهور، وأسهم التفريخ الكبير وغياب المهنية في فبركة الأخبار ونقل الشائعات، كما يحصل مع أخبار كورونا.
وتدار المواقع الإخبارية الإلكترونية غالباً من قبل أشخاص لا علاقة لهم بمهنة الصحافة، ولا يوجد قانون ينظم عملها في اليمن، ولا عقوبات رادعة لنشر الإشاعات، والتسبب بإقلاق المجتمع واضطرابه، بالإضافة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت منبراً لنقل وتداول الشائعات، كما يؤكد الأشموري.
وبحسب دراسات طبية، فإن القلق والاضطراب النفسي الناتج عن تداول الشائعات، يتسبب بمخاطر صحية كبيرة على جسم الإنسان، ويؤدي نشر الأخبار الكاذبة عن فيروس كورونا، إلى إضعاف المناعة التي تعد خط الدفاع الأول في مواجهة الفيروس، مما يجعل صحة المصاب تتدهور بشكل متسارع، ويفقد قدرته على المقاومة.

مقالات مشابهة