المشاهد نت

“كورونا” يوقف الحرب… هل تصمد الهدنة المؤقتة في اليمن؟

صنعاء – مكرم عبدالملك:

تتكرر المبادرات الأحادية الجانب للتحالف العربي الذي تقوده السعودية بإيقاف إطلاق النار، رغم عدم التزام الحوثيين بها في السابق، وتلويحهم حالياً بعدم الامتثال لها.
الإعلان عن وقف إطلاق النار لمدة 15 يوماً، بهدف مواجهة فيروس كورونا، تزامن هذه المرة مع التقدم الميداني الذي حققته القوات الحكومية مؤخراً في منطقة قانية بمحافظة البيضاء (وسط اليمن)، وخب والشعف في الجوف (شمال شرق)، وصرواح مأرب(شرق).
هذه المبادرات تعيد إلى الأذهان ما حدث سابقاً في محافظة الحديدة (غرب البلاد)، من توقف للقتال، رغم أن المدينة كانت قاب قوسين أو أدنى من السيطرة عليها من قبل قوات الحكومة، قبل عام ونيف.
“ما أشبه الليلة بالبارحة!”، يقول الصحفي محمد شبيبة، في إشارة لما حدث في مدينة الحديدة، التي كانت على موعد مع إعادة السيطرة عليها.
حينها تدخل معبوث الأمم المتحدة لدى اليمن، مارتن غريفيث، وطلب هدنة، داعياً خلالها إلى جولة مفاوضات بين الحكومة، وجماعة الحوثي.
ويضيف شبيبة، في منشور له على “فيسبوك”: “فعلاً سكت الرصاص، وتمت المفاوضات، وتصافح الفريقان، والتقطوا صوراً تذكارية ممزوجة بمشاعر حارة..! أذابت شتاء السويد القارس”.
ويشير إلى أن تلك المفاوضات التي وصفها بـ”المشؤومة”، أفضت إلى بقاء مدينة الحديدة تحت سيطرة جماعة الحوثي، وكسرت يد الحكومة، حتى لا تستطيع قطع شريان تغذية الجماعة، حسب تعبيره.
ويقول: “يومنا يُشبه أمسنا، والمبعوث نفسه يتدخل في هذه الأثناء التي يزحف فيها الجيش الحكوحي، ورجال القبائل، في اتجاه البيضاء، والجوف، وصرواح، وقانية، ويحرزون عدة انتصارات، فيطلب المبعوث الأممي نفسه وقف إطلاق النار، ويدعو إلى جولة جديدة من المفاوضات…!”.

“كورونا” يوقف الحرب

تهدف مبادرة قيادة تحالف دعم الحكومة في اليمن، لوقف إطلاق النار لمدة أسبوعين، استجابة لدعم جهود المبعوث الأممي مارتن غريفيث لمواجهة جائحة كورونا في اليمن، وعقد اجتماع بين الحكومة اليمنية والحوثيين وفريق عسكري من التحالف، لمناقشة مقترحاته بشأن التوصل لوقف دائم لإطلاق النار في اليمن، وخطوات بناء الثقة، وفق تغريدة لسفير المملكة العربية السعودية في اليمن، محمد آل جابر، عقّب على إعلان وقف إطلاق النار.
ودعا الحوثيين إلى الاستجابة للمبادرة بهدف رفع المعاناة عن الشعب اليمني، وإثبات عدم ولائهم لإيران، أو تحمل مسؤولية رفضه أمام الشعب اليمني الأصيل الذي لم ولن يقبل التبعية لأحد.
وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، نايف الحجرف، عن أمله في إسهام هذا الإعلان في تهيئة الظروف الملائمة لتنفيذ دعوة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن، لعقد اجتماع بين الحكومة والحوثيين. وعبر عن دعم المجلس لمساعي السلام في اليمن، وفق الموقع الرسمي للمجلس.
وأكد الحجرف دعم مجلس التعاون لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء العالم، لتركيز الجهود على مكافحة انتشار فيروس كورونا.
ورحب أحمد أبو الغيط، الأمين العام العام لجامعة الدول العربية، بإعلان تحالف دعم الحكومة، بقيادة المملكة العربية السعودية، وقفاً لإطلاق النار يُغطي جميع مناطق العمليات في اليمن، لمدة أسبوعين، مطالباً الطرف الحوثي بإظهار الالتزام والتجاوب مع هذه المبادرة التي تُمثل فرصة نادرة لوقف نزيف الدم في اليمن.
إلى ذلك، أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني الدكتور معين عبدالملك، الخميس الماضي، أن مبادرة التحالف العربي، تستكمل موقف الحكومة المستجيب لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، وتأكيداً على جدية الالتزام بتوحيد الجهود في مواجهة مخاطر فيروس كورونا المستجد.
وقال عبدالملك، في تغريدات على حسابه في “تويتر”، إن “وقف إطلاق النار يعد فرصة جادة لتأمين الشعب اليمني من مخاطر فيروس كورونا، وليس فرصة للابتزاز واستغلال حاجات الشعب ومخاوفه”، معرباً عن أمله في أن يستجيب الحوثيون لمقتضيات الهدنة الإنسانية، وألا يمضوا أكثر في طريق الدم والنار.
من جانبه، عبر غريفيث عن امتنانه للمملكة العربية السعودية وتحالف دعم الشرعية، لتمييزهم لحساسية المرحلة التي يمر بها اليمن، وتجاوبهم مع الطبيعة الحرجة لهذه المرحلة.
وقال: يجب على الأطراف أن تستغل هذه الفرصة، وتتوقف فوراً عن كل الأعمال العدائية بشكل عاجل، وتمضي قدماً نحو تحقيق سلام شامل ومستدام”، وفق “العربية”.

إقرأ أيضاً  اقتصاديون ومواطنون: الوضع المعيشي «لم يعد يطاق»

رفض حوثي

بالمقابل، اعتبر ناشطون حوثيون أن الهدف من مبادرة ال‏تحالف العربي هو من أجل إعادة ترتيب وضع قوات الحكومة في مأرب، لمنع تقدم الحوثيين إلى مأرب، لكن لا مناص، حسب قولهم.
القيادي البارز في جماعة الحوثي، محمد البخيتي، قال إن ما أعلنت عنه السعودية، أمس الأول، ليس هدنة، بل إعلان لاستمرار الحرب، لأنها تستخدم قواتها العسكرية “البرية والبحرية والجوية” لفرض الحصار الذي يعد أكثر ضرراً على اليمن من الحرب نفسها.
وأضاف البخيتي: “إن إعلان السعودية لا يعبر عن رغبة في السلام، فبعد مرور 5 سنوات من العدوان والحصار وتبدل موازين القوى لصالح اليمن وانشغال العالم بمواجهة وباء كورونا، تعلن السعودية عن هدنة جزئية لمدة أسبوعين، لكي تعيد ترتيب صفوف مقاتليها في مأرب، وهذا يعد ضحكاً على الذقون”.
بدوره، قال عضو ما يسمى “المجلس السياسي الأعلى” التابع للحوثيين، محمد علي الحوثي، إن جماعته سلمت للمبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث، رؤيتها لوقف نهائي للحرب، مبنية على حلول مكتملة.
وأكد الحوثي أن الحلول المجتزأة أو الترقيعية لا يمكن القبول بها، في إشارة للمبادرة التي قدمها التحالف العربي مؤخراً، والتي لاقت ترحيباً إقليمياً ودولياً.

رؤية حوثية للحل

وتقدم الحوثيون بمبادرة إلى المبعوث الأممي، أمس، بناءً على طلب المبعوث، بشأن رؤيتهم للحل الشامل لإنهاء الحرب باليمن.
وتدعو الوثيقة لإعلان الوقف الشامل والنهائي للحرب باليمن، وإيقاف كل الأعمال العسكرية البرية والبحرية والجوية، وأن يدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بأثر مباشر فور توقيعها في جميع محاور القتال.
وتطالب الوثيقة بإنهاء ما وصفته بـ”الوجود الأجنبي” في كل الأراضي اليمنية، وإنهاء أي وجود عسكري يمني في الأراضي السعودية، بالإضافة إلى فتح جميع المطارات في اليمن، وإعادة فتح المنافذ البرية والبحرية.
كما تدعو الوثيقة الحوثية إلى أن تنطلق عملية سياسية يمنية يمنية تؤسس لمرحلة انتقالية جديدة تقوم على ضمان وحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه، وأن يقدم كل طرف مقترحاته ورؤاه بشأن العملية السياسية لمبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن.
وثيقة الحوثيين تنص على أن تدعو الأمم المتحدة الأطراف المعنية إلى طاولة حوار تحدد مكانه وزمانه، وأن يلتزم مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بعقد الحوار في أجواء حرة ومستقلة، وأن تطرح مخرجات العملية السياسية لاستفتاء شعبي وفقاً للدستور اليمني.
ويخشى كثيرون في الحكومة من أن الحوثيين سيفاوضون من أجل سلام المنتصر، ويصبحون أقل استعداداً لقبول بعض التنازلات العسكرية الأمنية وتقاسم السلطة التي يسعى لها خصومهم الكثر.
وعلى الرغم من موقفها الضعيف، ستحجم الحكومة عن المطالب الحوثية المتطرفة، ومن المرجح ألا تفضل أي حل يكون فيه الحوثيون في موقف المنتصر، حسب مراقبين.

مقالات مشابهة