المشاهد نت

المهمشون … كيف سيواجهون كورونا ؟

صنعاء – عبدالواحد السُّماعي:

في الوقت التي تكافح فيه أقوى الأنظمة الصحية في العالم، جائحة فيروس كورونا، بأحدث التقنيات الطبية المتطورة، يعاني أغلب اليمنيين، وخصوصاً فئة المهمشين منهم، من نقص حاد لأدنى الوسائل لمكافحة الفيروس، وهي وجود الماء لغسل اليدين.
وتعيش فئة المهمشين وضعاً مأساوياً في اليمن، بسبب الحرب وتداعياتها التي امتدت لتشمل اليمنيين كافة، لكن هذه الفئة تأثرت بالحرب بشكل كبير جداً.
“ليس لدينا ماء ولا كهرباء ولا مجاري، كأننا لسنا يمنيين”، بهذه الكلمات تحدثت سبولة محمد (45 عاماً)، إحدى نساء فئة المهمشين التي تعيش في خيمة بمحوى يقع في منطقة الحصبة، شمالي العاصمة صنعاء.
في صبيحة كل يوم تستيقظ سبولة مبكراً، وتوقظ بناتها للذهاب إلى أحد المساجد المجاورة للمحوى الذي تعيش فيه، لجلب المياه، بسبب عدم توفر المياه في الخيام التي يعيش فيها المهمشون (أو من يسمون الأخدام).
وسجلت اليمن أولى الإصابات بفيروس كورونا الجديد، في مدينة الشحر التابعة لممحافظة حضرموت، في 10 أبريل الجاري.

المهمشون ... كيف سيواجهون كورونا ؟
المهمشون في صنعاء

وضع كارثي في مخيمات المهمشين

يوجد العديد من الأسر التي تسكن داخل هذا المحوى، بعد أن حرمتهم الظروف المادية الصعبة من إيجاد مساكن مناسبة تؤويهم، فكانت تلك الخيام المصنوعة من الطرابيل والكراتين وبعض الأقمشة الممزقة والمهترئة، ومخلفات البناء المتراصة بشكل عشوائي.
وتفتقر الخيام إلى أبسط خدمات الصرف الصحي، إذ تنبعث من أوساطها الروائح الكريهة، ويكتفي القاطنون فيها بالقيام بعمل حفرة صغيرة بجانب كل خيمة لقضاء حاجتهم.
يقول محفوظ محمد (36 عاماً): “نحن لا نملك خياراً. أنا أعلم أن هذا الوضع يسبب الأمراض لي ولأسرتي، ولكن هل لديكم حل آخر؟”.

تُعتبر فئة المهمشين أكثر عرضة للإصابة بهذا الوباء، بسبب التمييز والعوائق التي تحول دون حصولهم على المعلومات والخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية والإدماج الاجتماعي والتعليم.


عندما سأل “المشاهد” خالد هراري (33 عاماً) عن الوسائل التي اتخذها لتجنب الإصابة بفيروس كورونا، أجاب: “أيش من وسائل! نحن نبحث عن قيمة الأكل والشرب كل يوم. الأمر الآخر لا أحد يكترث لشأننا. عندما نذهب إلى أي مستشفى لطلب العلاج، يتم التعامل معنا بنظرة أخرى مختلفة عن كل المواطنين. هذا في الوضع العادي، وتخيل لما يوصل كورونا عندنا، صدقني لن يعالجوا واحداً منا”.
تُعتبر فئة المهمشين أكثر عرضة للإصابة بهذا الوباء، بسبب التمييز والعوائق التي تحول دون حصولهم على المعلومات والخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية والإدماج الاجتماعي والتعليم.
ويشكل فيروس كورونا الذي يتفشى بسرعة في دول العالم، خطورة خاصة على هذه الفئة التي تعيش في أماكن مغلقة داخل المدن المكتظة بالسكان. ويعيش الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ في بيئات سكنية منفصلة تماماً عن باقي المجتمع، حيث يواجهون الإهمال وسوء المعاملة ونقص الرعاية الصحية، ونقص المعلومات اللازمة والضرورية لكي يتمكنوا من حماية أنفسهم من هذا الوباء.

إقرأ أيضاً  مواجهات عسكرية شمال لحج

اتحاد بلا دور

حاول “المشاهد” التواصل مع رئيس الاتحاد الوطني للمهمشين باليمن، وممثل المهمشين في مؤتمر الحوار الوطني، نعمان الحذيفي، لمعرفة أكثر حول الإجراءات التي اتخذها الاتحاد لمواجهة هذا الوباء، ولكنه اعتذر، قائلاً إنه خارج البلاد في الوقت الحالي، محيلاً أمر التواصل مع مدير مكتبه في صنعاء مرتضى الزكري، الذي أوضح أن الاتحاد لا يقوم بأي إجراءات لمواجهة هذا الوباء.
وقال: “نحن حالياً في صنعاء لا نعمل أية وسائل خاصة بهذا الخصوص كاتحاد للمهمشين، والأمر يخضع لسياسة السلطة القائمة في صنعاء”.

مخاوف أممية

وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن اليمن بعد 5 سنوات من الصراع، لاتزال تمثل أكبر أزمة إنسانية في العالم، مع وجود أكثر من 24 مليون شخص ممن هم بحاجة للمساعدة، وأكثر من 3.6 مليون شخص في عداد النازحين.
وحذرت مفوضية اللاجئين من تعرض المجتمعات النازحة والمهمشة لمخاطر متزايدة في حالة تفشي فيروس كورونا، نظراً لوضعهم غير المستقر وظروفهم المعيشية والصحية المزرية.
وقالت مديرة منظمة أطباء بلا حدود في اليمن والعراق والأردن، كارولين سيغين، لوكالة “فرنس برس”، إن اغلب اليمنيين لا يمكنهم الحصول على مياه نظيفة، وبعضهم لا يمكنهم الحصول على الصابون.
وأضافت: “يمكننا أن نوصي بغسل اليدين، ولكن ماذا لو لم يكن لديك أي شيء لتغسل يديك به؟!”.

مقالات مشابهة