المشاهد نت

النازحة أم عمار: “الموت في منزلي خير من التشرد في شوارع صنعاء”

الحديدة – حفصة عوبل:

“لم تنتهِ معاناتي كنازحة يمنية، ولا مخاوفي من رحلة البحث عن مكان يوفر لي ولأطفالي بعضاً من الأمان المفقود، فصنعاء بدأ ثقلها علينا يشتد، وهو ما يزيد آلامنا، نزحنا من بيوتنا لنعيش في الشارع”. تروي الثلاثينية أم عمار مأساتها مع النزوح، قائلة: “عندما وصلنا إلى صنعاء أدخلونا في مدرسة أبو بكر الصديق كمركز للنازحين، وهي المكان الذي خصص لنازحي الحديدة، على أن يكون مأوى لنا. لكن للأسف لم يكن هناك إنصاف للنازحين، ولا رعاية، كأننا في سجن، فقد كانت صفوف المدرسة باردة جداً، ولم نجد فرشاً ننام عليها”.

معاناة مع النزوح

بحسب الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بصنعاء، فإن إجمالي الذين نزحوا من محافظة الحديدة (غرب اليمن) إلى العاصمة صنعاء، خلال العام 2018، أكثر من مليون نازح، بعد أن اشتدت الحرب هناك بين الحكومة وجماعة الحوثي.

إجمالي الذين نزحوا من محافظة الحديدة (غرب اليمن) إلى العاصمة صنعاء، خلال العام 2018، أكثر من مليون نازح، بعد أن اشتدت الحرب هناك بين الحكومة وجماعة الحوثي.


حينها غادرت أم عمار مع طفليها مدينتها مع أحد باصات النقل إلى صنعاء، لتستقر في مخيم النزوح الذي تبدو التغذية فيه سيئة بعض الشيء، كما تقول.
“ولأنني أعاني من مرض مزمن، كان يجب أن أحصل على غذاء جيد حتى لا يزداد حالي سوءاً”، تضيف أم عمار.
ويفتقد المخيم الخدمات الأساسية، كالمياه غير المتوفرة، ما ضاعف من معاناة النازحين، إذ عجزوا عن الاعتناء بأطفالهم.
وتقول أم عمار: “أعاني من مرض القلب، ولديّ طفلان لا أستطيع الاعتناء بهما في ذلك المكان”.
وبعد عدة أشهر من وصول النازحين إلى صنعاء، تم توزيعهم على مدارس أخرى، ومن كان يريد أن يذهب للسكن في منزل خاص به، يُسمح له بذلك.

النازحة أم عمار: "الموت في منزلي خير من التشرد في شوارع صنعاء"
النازحة أم عمار في صنعاء


في ذلك الوقت قررت أم عمار أن تبحث عمن يساعدها في استئجار منزل يتوفر فيه الماء على الأقل، لتعيش به مع طفليها كإنسانة. وتقول: “استأجر لي أحد فاعلي الخير مسكناً يتكون من غرفة وحمام ومطبخ، في منطقة سعوان، لمدة 6 أشهر، بعدها لم أستطع دفع الإيجار، وتم طردي من المنزل مع طفليّ، حالياً أعيش في مكان قيد الإنشاء، لا أعرف من يملكه،  لكن أعلم أنني سأطرد منه بأية لحظة”.
وتضيف: لم أجد أين أسكن، فلم يعد يهمني سوى الأمان، فأنا أعيش في الشارع على الرغم من أني كنت أعيش في منزلي مكرمة في الحديدة، أريد الآن فقط أن أعود لمنزلي وأموت أنا وطفلاي تحت سقف منزلنا، خير لنا من أن نموت في أحد شوارع صنعاء.

إقرأ أيضاً  رغم العروض المغرية.. «الخضروات» بعيدة عن متناول الناس بصنعاء

“أريد العودة إلى منزلي”

يواجه النازحون في اليمن، حالة حادة من انعدام الأمن، ويعيشون حالياً حياة عابرة وغير مستقرة، تحفها المخاطر، ويكافحون من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية.
وبحسب الوحدة التنفيذية للنازحين، فإن 10% من اليمنيين نزحوا من مناطق إقامتهم، وأكثر من نصفهم في محافظات حجة، صعدة، تعز، عمران، أبين، والضالع، رغم أن هذه المحافظات تشهد أوضاعاً أمنية سيّئة.
ولأن الإحصاءات غير دقيقة، فلم يتم تحديثها، الأمر الذي يجعل آلاف النازحين خارج تغطية رعاية الجهات المختصة محلياً ودولياً.

النازحة أم عمار: "الموت في منزلي خير من التشرد في شوارع صنعاء"
سكن غير مجهز للنازحين في صنعاء


وترى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن من المُقدّر أن يكون عدد النازحين داخلياً في اليمن، قد وصل إلى حوالي 4 ملايين شخص، بحلول نهاية عام 2019، وتعطي آمالاً جديدة بأن يعود 1.2 مليون شخص من النازحين داخلياً، إلى مناطقهم الأصلية في جميع أنحاء البلاد.
وخلال العام الحالي سيكون هناك دعم لـ124,000 من أسر النازحين داخلياً، و11,000 لاجئ سيحصلون على مساعدة نقدية خاصة بالحماية، و40,000 من أسر النازحين سوف تتلقى مساعدة خاصة بالإيجار.
لكن أم عمار لا تريد دعماً، كل ما تتمناه أن تعود إلى منزلها حتى ولو كان ثمن ذلك الموت هي وطفلاها تحت سقف واحد “خير لنا من الموت في أحد شوارع صنعاء”، وفق ما تقول.

مقالات مشابهة