المشاهد نت

نخيل حضرموت لا تجود بالتمر

نخيل مزارع حضرموت ـ المشاهد

المكلا – عبدالمجيد باخريصة:

قبل قدوم رمضان من كل عام، تبدأ أسعار التمور بالارتفاع، حتى تصل إلى ذروتها في اليوم الأول منه، الأمر الذي يعجز معه الكثير من الناس عن شرائه.
ووصل سعر الكيلو الواحد من التمر 1200 ريال، بزيادة 300 ريال عن الأول من شهر شعبان.
ويتم استيراد التمور من الخارج، نتيجة لعدم الاهتمام بشجرة النخيل في اليمن، وإهمال المزروع منه.
وعلى الرغم من وجود مزارع للنخيل في وادي حضرموت (شرق اليمن)، إلا أن أشجاره تتعرض لتهديدات مرضية وتدخلات بشرية وضعتها في قائمة الخطر الشديد، دونما مجيب لنداءات حمايتها.
وتمثل أشجار النخيل أبرز محصول زراعي تشتهر به محافظة حضرموت، من حيث الجودة والكثرة وتعدد الأنواع.
ولطالما تردد اسم النخلة على ألسن شعراء حضرموت الأوائل، بين مادح لها ومحذر من التفريط بها، كونها غذاء رئيسياً للسكان منذ آلاف السنين.

لماذا تراجع إنتاج التمور؟

يساعد مناخ وادي حضرموت الحار، على إمكانية زراعة النخيل. لكن زراعته تصطدم بعدم اكتراث الجهات الرسمية بتشجيع المزارعين.
وتكبد عدد من المزارعين في حضرموت الوادي، هذا العام، خسائر كبيرة نتيجة تعرض النخيل لحشرة “سوس النخيل الحمراء” التي تؤدي إلى يباسها وموتها.
واشتكى عدد من المزارعين لـ”المشاهد”، أن المئات من أشجار النخيل انتهت بسبب حشرة سوس النخيل الحمراء، مضيفين أنهم عاجزون عن مكافحة هذه الحشرة التي تهدد بالقضاء على كافة أشجار النخيل في مديريات حضرموت الوادي.
وتعمل حشرة السوس الحمراء على اختراق جذع النخلة عن طريق الثقوب الموجودة في الجذع، وتضع بيضها ليتحول إلى يرقات تتغذى على أنسجة النخلة، مما يضعفها، وبالتالي يضعف الإنتاج، وتصغر الثمار، وتكون بعدها مهددة بالسقوط نتيجة لتآكل جذعها.
انتشار كثير من الآفات التي لم تتم مكافحتها بشكل مدروس وجيد، أدى إلى موت وضعف نمو كثير من أشجار النخيل، بالإضافة إلى نقص ورداءة الإنتاج كحشرتي سوسة النخيل الحمراء ودوباس النخيل.
ومنذ منتصف التسعينيات تحديداً، بدأ تدهور النخيل ونقص أعداده بشكل ملحوظ ومستمر، نتيجة للزحف العمراني على مزارع النخيل، وعدم وجود قوانين تحد من هذا الزحف، ما أدى إلى قتل أعداد كبيرة جداً من شجرة النخيل.
وتسببت كارثة سيول عام 2008م، في جرف كثير من أشجار النخيل، إذ جرفت السيول بوادي حضرموت فقط 507857 نخلة، وفقاً لإحصائية مكتب الزراعة بوادي حضرموت.
ومعظم مزارع النخيل فيها أشجار قديمة وطويلة ومتزاحمة، ما أدى أيضاً إلى ضعف الإنتاج وصعوبة خدمة رأس النخلة، إضافة إلى قلة الأيدي العاملة التي تعمل في خدمة النخيل، وهروب الشباب من هذا العمل باتجاه محاصيل أخرى أكثر ربحاً.
وعمل توقف استيراد فسائل الأصناف الممتازة الخارجية الخالية من الآفات، وعدم إكثار الأصناف الممتازة المحلية بالطرق الحديثة (إكثار الأنسجة)، على تدني نسبة الأصناف الممتازة بحضرموت إلى 4,7%.

إقرأ أيضاً  المرأة الريفية.. حضور متزايد في الزراعة 

النخيل في تاريخ الوادي

أثناء المجاعة التي حصلت في حضرموت، إبان الحرب العالمية الثانية، لعب التمر دوراً هاماً في إنقاذ كثير من الناس من الموت نتيجة الجوع، نظراً لاحتوائه على حاجة الجسم من الغذاء، وعدم تلفه بسهولة.
كانت أعداد النخيل بحضرموت تحتل المرتبة الأولى من بين أعداد النخيل باليمن، إذ يشكل 47,2% من إجمالي أعداد النخيل بالبلاد، قبل منتصف التسعينيات من القرن الماضي.
ووفقاً لإحصائيات وزارة الزراعة والري، فإن عدد أشجار النخيل في اليمن 4 ملايين و680 ألف نخلة، 67% منها أشجار مثمرة، حتى العام 2014، إذ كانت تنتج 50 ألف طن سنوياً. وتقدر الأراضي المزروعة بالنخيل بـ23 ألف هكتار، وفقاً لتلك الإحصائيات.
ويوجد بوادي حضرموت 107 أصناف من أشجار النخيل، لكن نسبة الممتاز منها 4,7% (5 أصناف)، وهناك أصناف انقرضت مثل إصبع العروس، وأصناف بدأت تنقرض مثل المجيحي والهجري، وفقاً للمسح الميداني لأصناف النخيل بحضرموت، 2004 م.
واهتم القدماء في الوادي بخدمة النخيل، ما كان يرفع من إنتاجيتها وجودتها، حيث بلغ متوسط إنتاج النخلة الواحدة حوالي 100 كيلوجرام، في حين تدنى في الآونة الأخيرة بمتوسط 38 كيلوجراماً للنخلة الواحدة.
واستخدمت مكونات النخلة في كثير من الصناعات، كالحبال والأدوات المنزلية، فيدخل الكرب والليف والسعف في كثير من الصناعات، مثل الكراسي وصناعة الخشب المضغوط وصناديق نقل الخضار.

انتقال السوس من دول مجاورة

مدير عام مكتب الزراعة بوادي حضرموت، … باموسى، أوضح أن المكتب قام بحملات مكافحة حشرة السوس، ومحاولة الحد من انتقالها إلى مزارع أخرى، لافتاً إلى قيامه بأعمال مكافحة كيميائية، وعمل “المصائد الفرمونية” لجذب الحشرات وقتلها.
وعزا باموسى، في حديثه لـ”المشاهد”، سبب انتشار الحشرة في بعض المزارع بوادي حضرموت، إلى قيام بعض المزارعين بتهريب فسائل نخيل من دول مجاورة، تحمل حشرة السوس.
وأكد أن بداية ظهورها كان عام 2013م، في منطقة العقاد بمديرية القطن، وانتشرت في مديرية شبام ثم سيئون وحورة وتريم.
وأشار إلى أن مكتب الزراعة نفذ في السابق أعمال المسح والتحري والتفتيش عن الآفة في مديرية القطن، وقام بعمل مشروع طارئ لتدريب المزارعين لمكافحة هذه الآفة، وتوفير 3 آلات “حقن المبيدات”، بدعم من برنامج الغذاء العالمي. لكن مشروع مكافحة الحشرة توقف نتيجة اندلاع الحرب في اليمن، عام 2015م، وأدى ذلك -حسب باموسى- إلى انتقال الحشرة في مزارع نخيل جديدة.
وعن التحرك للحد من عمليات التجريف، قال إن الحرب أدت لتعطل قوانين تحمي الزراعة، منها قانون البيئة الذي ينص على عدم البناء في الأراضي الزراعية، إلا للأغراض الزراعية.

مقالات مشابهة