المشاهد نت

بيع “الأراك ” مهنة مربحة للشباب في لحج

المساوك -

لحج – محيي الدين الصبيحي:

صباح كل يوم، ينطلق عبده علي ناصر (20 عاماً)، وهو حامل “شريمه” (المنجل)، إلى “وادي عبل”، أشهر أودية المنطقة، حيث توجد شجرة الأراك بكثافة، ليجز منها ما أمكنه حمله، ثم يعود إلى قريته عبل ببلدة الصريح (120كم شمال مدينة الحوطة) العاصمة الإدارية لمحافظة لحج (جنوب اليمن).
وتستخدم أعواد شجرة الأراك كسواك لتنظيف الأسنان، كما يقول، مضيفاً أن عملية استخراج عود الأراك المنتشر على طول الوادي البالغة مساحته 12كم، تجعله يواجه مصاعب جمة، ومنها أن الآلة التي يقطع بها العود بدائية، وهو الأمر الذي يتسبب في جرح يده مرات عديدة. لكن ذلك لا يهم طالما يعود عليه وعلى أسرته بالنفع.

شجرة الأراك خصائص كيميائية، وفق دراسات أجريت في الجامعات الألمانية، بطلب من الباحثين المهتمين بتطوير معاجين الأسنان، والذين وجدوا أن عود الأراك يحتوي على عنصر الفلورين، وهو عنصر مقاوم للتأثير الحامضي، وعنصر الكلور الذي يزيل الصبغات، فضلاً عن سلفايوريا، وهي مادة تقاوم البكتيريا.


وتعطي أوراق شجرة الأراك التي تمتد جذورها تحت الأرض، طعماً طيباً ورائحة زكية عند تذوقها، إذ إنها تثمر في الصيف على شكل عناقيد كعناقيد العنب.
ولعود شجرة الأراك خصائص كيميائية، وفق دراسات أجريت في الجامعات الألمانية، بطلب من الباحثين المهتمين بتطوير معاجين الأسنان، والذين وجدوا أن عود الأراك يحتوي على عنصر الفلورين، وهو عنصر مقاوم للتأثير الحامضي، وعنصر الكلور الذي يزيل الصبغات، فضلاً عن سلفايوريا، وهي مادة تقاوم البكتيريا.
وأوصى مجمع معالجة الأسنان في ألمانيا، مصانع معاجين الأسنان، بإضافة هذه المادة إليها.

مردود مالي جيد

يبيع ناصر أعواد الأراك لزبائنه في بلدة حيفان بمحافظة تعز (جنوبي غرب اليمن)، منذ 4 سنوات، من خلال إرسال الكميات إلى عدن عبر إحدى سيارات النقل، ويقوم المتعامل معه بإرسال المبلغ المتفق عليه مع سائق تلك السيارة، كما يقول، مضيفاً أن سعر الأراك يختلف بين النوع الحار والبارد، كون الحار فائدته تفوق البارد، وهو أغلى، حيث يبلغ سعر المتر منه بين 1000 و1500 ريال يمني، أما البارد فيتراوح سعر المتر بين 500 و1000 ريال. علماً أن إنتاجيته تختلف بين يوم وآخر، بحسب القدرة على العمل، فيوماً تصل قيمة إنتاجه 10 آلاف ريال، ويوماً أقل، ويوماً بأكثر.
ويقول ناصر لـ” المشاهد” إن هذه المهنة لها مردود مناسب له، كون الشجر يوجد بجوار منزله، ويسير نحوه خطوات قليلة، ويساعد أهله في توفير بعض احتياجاتهم واحتياجاته الشخصية.
وعلى طول الوادي وبين الأراضي الزراعية بوادي عبل، تنتشر شجر الأراك، بعضها في جوانب مجرى السيل، وبعضها في الأراضي الزراعية، وجميعها متاحة للجميع، ويسمح جميع مالكي الأراضي الزراعية بالكسب منها دون عائد، تشجيعاً للشباب الذين يمتهنون هذه المهنة في ظل الظروف الصعبة في الوقت الراهن، وانعدام فرص العمل. ويختلف حجم العاملين من أبناء المنطقة بهذه المهنة، كون البعض يقطعها ويبيعها في أوقات الحاجة، فيما يتشبث زهاء 22 شاباً بشكل مستمر في الاعتماد عليها كدخل يساعد على توفير بعض مصاريف الحياة اليومية لهم ولأسرهم.

رمضان أفضل

ووفقاً للخبير الزراعي فيصل عبده سالم راشد، فإن شجرة الأراك في المنطقة تحظى بعناية من قبل السكان، لقداستها الدينية، حتى قبل امتهان الشباب بيع الأراك كان يحظر قطعها أو استخدامها كحطب وقود للسكان أو لأغراض أخرى، وكان يستخرج منها العود كل جمعة أو في مناسبات رمضان، وترسل كهدايا للمساجد، وكذا الأقارب والأصدقاء.
وما يميز الأراك أن الجميع يقطعها باستمرار دون التأثر بانقطاع الأمطار، رغم أن الجفاف يؤثر على جودتها، بخلاف مواسم الأمطار التي يكون فيها العود طرياً، ويجد الشباب منه إيراداً مناسباً عن الأوقات الأخرى، بحسب سالم.
ويتابع: “البائعون يعتبرون شهر رمضان هو أفضل وأكثر الأوقات التي يزدهر فيها بيع عود شجر الأراك، للأثر الديني الذي حثت عليه السنة النبوية نحو السواك كمطهرة للفم ومرضاة للرب، ناهيك عن فوائده الصحية العديدة، ولذا يعد رمضان هو الموسم الذي لا يبخس أي شاب يمتهن هذه المهنة، ولذا تجدهم كثيري العمل في بيع الأراك طوال أيام شهر رمضان، كون مردودها يختلف عن الأشهر الأخرى”.

إقرأ أيضاً  تكحيل العين…طقس رمضاني مهدد بالاختفاء في صنعاء

فرص متاحة للشباب

في ظل البطالة والفقر اللذين زادت وتيرتهما وحدتهما في السنوات الأخيرة، وتفاقم المعاناة، وجد الكثير من الشباب في المنطقة مبتغاهم في توفير فرصة عمل لهم ولو بالنزر اليسير من المردود من خلال شجر الأراك الذي يقطع منه معظم الشباب ثم يقومون ببيعه في أسواق عدن، وإرساله مع بعض الحجاج والمعتمرين لبيعه لهم في السعودية، ويجنون منه أرباحاً متفاوتة، بحسب الإعلامي حسن زهري.
ويقول سعيد محسن لـ” المشاهد” ، وهو طفل في الـ13 من عمره، ومصاب بمرض “الأنيميا المنجلية”، وفقد والده بذات المرض منذ سنوات، إنه ينهي يومه الدراسي، ويتجه بعدها مباشرة برفقة أمه وأخ له، مصاب بذات المرض، لقطع الأراك من الشجر المحيط ببيتهم المكون من سعف النخيل وبعض الأشجار، وسط ظروف اقتصادية صعبة.
ويضيف: “أحاول أنا وشقيقي مساعدة أمي من خلال قطع وبيع هذا الشجر على بعض الشباب، ليتم بيعه بعدها في عدن، لكنني أنا وشقيقي المصابان بهذا المرض، نمرض سريعاً، ولا نقدر أن نحتمل مطلقاً العمل، حيث الجهد يكلفنا عدم الاستطاعة على الحركة أسبوعاً أو أكثر، لكننا مضطرون لمساعدة والدتنا في توفير مصاريف العيش والعلاج في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها”.
ويختلف الربح من يوم إلى آخر، وفق الطفل محسن، مؤكداً أنهما عندما يعملان مع أمهما يوفرون مردوداً أفضل يصل أحياناً إلى 10 آلاف ريال، وأحياناً 20 ألفاً. لكن عندما تعاودهما أعراض المرض تعمل أمهما بمفردها، ويكون المردود أقل بكثير.

مخاوف من الانقراض

ويشكو سكان بلدة الصريح من الحفر غير المنظم والعشوائي لشجرة الأراك، والذي يهدد بالقضاء عليها جراء عدم الاكتراث بمخاطر الجرف العشوائي لهذه الشجرة، والذي قد يقضي على أهميتها الاقتصادية لشباب البلدة، خصوصاً وأن الجميع من مالكي هذه الشجرة ومن تقع في أراضيهم يسمحون بقطعها دون مقابل، لاستفادة العشرات من شباب البلدة منها.
ويرى جمال حسن، أحد سكان المنطقة في حديثه لـ” المشاهد” ، أن مهمة كهذه تحتاج لوعي من أبناء المنطقة أنفسهم، للحفاظ على هذه الشجرة من الانقراض بسبب الحفر العشوائي لها، حيث يعمد بعض من يقومون بالحفر إلى قطعها من منبتها الرئيس الذي يتسبب في موتها وانتهائها، وعدم استفادة الكثيرين منها لسنوات.
ويقول حسن: “الكثير من شباب المنطقة قاموا بتكوين أنفسهم من خلال استثمار هذه الشجرة التي صارت مورداً رئيساً لهم في تسيير نمط الحياة، وكون المنطقة غنية بهذه الشجرة تحتاج إلى مبادرة مجتمعية واسعة لصيانتها وتنظيم عملية بيعها خلال المواسم التي تكون فيها أعواد هذه الشجرة جاهزة للحصاد والبيع بمردود يتناسب مع الواقع المعيشي للعاملين بمهنة بيع السواك”.
وبالإضافة لقداستها الدينية، تعد شجرة الأراك من الأشجار التي يعتمد عليها الكثير من السكان كطب بديل، حيث إن نبات الأراك تكمن فوائده في سيقانه السطحية التي تستخدم في صنع سواك الفم، ويعالج مشاكل الأسنان واللثة، كما يستخدم بعض السكان شجر الأراك لعلاج العديد من الأمراض كمشاكل المعدة وغازات البطن وآلام الظهر والبواسير.

مقالات مشابهة