المشاهد نت

الزراعة ملاذ اليمنيين في زمن الصراع

يواجه المزارعون اليمنيون تحديات صعبة في ظل الظروف الراهنة (أ.ف.ب)

خلود الحلالي

أصيب القطاع الزراعي في اليمن بعدة أزمات، نتيجة الصراع الذي أنهك البلد وقطاعاته المختلفة طوال سنوات خمس، إذ دُمِّر عددٌ من الأسواق المركزية، وانقطعت الطرق بين المدن، ما أدّى إلى صعوبة توصيل المنتجات الزراعية لبيعها وتسويقها، وهو ما يعدُّ تحدياً أمام المزارعين.

ويعمل أكثر من مليوني يمني في الزراعة، يشكّلون أكثر من نصف القوى العاملة بالبلاد، ما يجعله قطاعاً مؤثراً في حياة المجتمع، في ظل انقطاع رواتب موظفي الدولة، وعودة جزء منهم إلى المهن الزراعية.

تأثير الاشتباكات في الزراعة

يقول الصحافي الاقتصادي عيسى الراجحي، من محافظة حجة شمالي اليمن، “تكبد القطاع الزراعي خسائر فادحة نتيجة الحرب، في المنشآت والبنية التحتية ومستلزمات الإنتاج”، موضحاً “غالبية المزارع دُمّرت، ومنها ما كان يعدّ من كبرى مزارع الشرق الأوسط، وحالياً لا يوجد سوى عشر منها ما زالت مستمرة بالإنتاج في ظروف صعبة. كما فقد أكثر من 40 ألف عامل وظائفهم”.

وأضاف الراجحي، في حديثه إلى “اندبندنت عربية”، “القطاع الزراعي تأثر سلباً بتوقف عمليات التصدير، إذ كان يعدُّ (حرض) أكبر منفذ للصادرات الزراعية اليمنية، لكن نتيجة تدميره توقف عن العمل، ومن ثمّ تعطلت الصادرات، وخسر القطاع مليارات الدولارات”.

تحديات المزارعين

من جانبه يرى المتخصص الاقتصادي علي مهيوب العسلي، أن المزارعين يواجهون “تحديات في ظل الظروف الراهنة”، على رأسها “دفع ضريبة الحروب القائمة في اليمن، فتقريباً بحدود 17 مليوناً فقدوا أمنهم الغذائي”.

يشار إلى أن نحو 57 في المئة من السكان يعملون بالزراعة، لكن انعدام الأمن أثر في إنتاجهم وتصريفه وتصديره، وكذلك الحرمان من الاستفادة من الميزة النسبية الناتجة عن التصدير إلى دول الجوار.

وأضاف العسلي، “أزمات المشتقات النفطية وارتفاعها المستمر تحدٍّ آخر للمزارع اليمني، إذ أسهمت في تلف المحاصيل خلال الأشهر الأولى من الأزمة . نتيجة لكل ذلك هجر مزارعون كثر المهنة، واتجهوا إلى حمل السلاح”.


 وواصل “بينما يعتمد جزء أساسي من الزراعة على الري، فإنّ ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وانعدامها، أبرز ما قصم ظهر المزارعين”، موضحاً “توصيل المياه من البئر الارتوازية إلى المزرعة يحتاج في الساعة الواحدة إلى أكثر من 40 لتراً من الديزل، لكن من دون فائدة، خصوصاً مع انعدام المياه”. ويبلغ سعر 20 لتراً من الديزل أكثر من ثمانية آلاف ريال (13.3 دولار)، وهو أكثر من ضعف السعر قبل اندلاع المعارك.

وأوضح، “التأثيرات التي ترتكبها الأزمة الحالية على القطاع الزراعي كبيرة، سواء كانت بصورة مباشرة أو غير مباشرة، إذ إن بعضها لحق بمنشآت زراعية، مثل مشاتل البن وارتفاع أسعار المشتقات النفطية والمدخلات مثل البذور والأسمدة، وعدم توفرها”.

إقرأ أيضاً  رداع.. ضحية جديدة في قائمة «تفجير المنازل»

وتابع، “نسبة الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي نحو 80 في المئة، إضافة إلى عزوف عديد من المزارعين عن الزراعة وتوقف تصدير المنتجات الزراعية، وما خلفه ذلك من تأثيرات على الأمن الغذائي في البلاد، وارتفاع أسعار السلع الغذائية، وعدم توفرها بصورة منتظمة، خصوصاً الحبوب والخضراوات والفاكهة، وحتى اللحوم والأسماك، ناهيك بعجز المستهلك عن الشراء، نتيجة ضعف القدرة الشرائية، وعدم توفر السيولة النقدية، وارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية، وعدم دفع رواتب الموظفين”.

التمويل الزراعي

وفي المقابل، جذبت الظروف الحالية بالقطاع الزراعي اهتمام نظيره المصرفي لتمويل مشروعات وبرامج زراعية، باعتباره قليل المخاطر وإنتاجيته مضمونة. قياساً على بقية القطاعات، يقول المتخصص المصرفي في التمويل الزراعي محمد الحمودي، “الزراعة ما قبل 2015 شهدت إهمالاً كبيراً من قِبل القطاع المصرفي، من دعم وتمويل وتشجيع، وذلك بحجة وجود تجارب فاشلة لبنوك مع بعض المزارعين، ما رسم صورة سلبية لدى المصارف ومؤسسات التمويل الأصغر، بأن فئة المزارعين سمعتهم الائتمانية سيئة”.

وأضاف الحمودي، الذي يعمل أيضاً في قسم التمويل الزراعي ببنك الكريمي، في حديثه إلى “اندبندنت عربية”، “درسنا السوق الزراعية ووجدناها خلال الأزمة هي الأنسب، لأن معظم القاطنين بالطريق اليمني من سكّان اليمن، ونتيجة نزوح كثير من الناس وتوقف أعمالهم في المدينة عادوا إلى العمل بالزراعة”.

وتابع، “التمويل الزراعي بدأ نشاطه فعلياً بداية 2016، وعندما أثبتت تجربتنا نجاح العمل مع المزارعين، من حيث التزامهم تجاه البنك وإقبالهم الكبير نحو التمويل، تحمّست مؤسسات وبنوك التمويل الأصغر، وبدعم من الصندوق الاجتماعي للتنمية”.

وحول طبيعة التدخل المصرفي مع المزارعين يقول الحمودي، “نعمل على شراء منظومات الطاقة الشمسية وشراء الحراثات والآلات والمعدات، وجميع المدخلات الزراعية مثل البذور المحسنة والأسمدة، وأيضاً البيوت المحمية وتقنيات الزراعة الحديثة، إضافة إلى شراء الماشية، وتمويل مشروعات الدواجن وإنتاج البيض”.

أمّا المبادرات والمنظمات الدولية والمحلية، ففي وقت تأزم القطاع الزراعي توقّع المزارعون اليمنيون دعماً منها، خصوصاً المعنية بالقطاعين الاقتصادي والزراعي، إلا أنه لم يكن بالشكل المتوقع أو المنتظر، إذ حصل البعض على البذور منها، وفق ما أفاد به الصحافي الراجحي، الذي شدد على “ضرورة أن يكون لهذه المنظمات دور أكبر من ذلك في توفير البذور المحسّنة والمضخات والطاقة الشمسية للمزارع اليمني”.

وفي المقابل يقول الحمودي، “توجد بعض المشروعات التي تنفذها وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة التابعة للصندوق الاجتماعي للتنمية بتدريب المزارعين على إدخال تقنيات الزراعة الحديثة وتربية الماشية بالطرق الحديثة أيضاً”.

نقلاً عن اندبندنت عربية

مقالات مشابهة