المشاهد نت

النازحون في رمضان… مساعدات لا تكفي

نازحون في مأرب - المشاهد

مأرب – عارف الواقدي:

غابت فرحة النازحين في محافظة مأرب، بشهر رمضان هذ العام، الذي حل مع مأساتهم جراء كارثة السيول، ومنهم ناصر محمد حسين شريان، الذي فقد أسرته في السيول التي اجتاحت المحافظة، منتصف أبريل الماضي.
ويقول ناصر، وهو نازح في مخيم السويداء للنازحين بمأرب، لـ”المشاهد”: “رمضان هذا العام يحل علينا ضيفاً ثقيلاً أوجعني بشكل كبير جداً، وكذا الآلاف الأسر النازحة غيري”، مضيفاً: “فقدت أسرتي، زوجتي وأطفالي الأربعة، في السيول التي اجتاحت المخيم، وها أنا أعيش مع الحزن والأسى بعد فراقهم”.
ومثله قاسم محمود، الذي نزح من مديرية نهم، الواقعة شرقي العاصمة صنعاء، إلى مأرب، قبل 5 سنوات، ومن حينها لم يشعر بفرحة.
وقال قاسم: “نزحنا منذ 5 سنوات إلى مخيم الخانق، ومع تعرضه للقصف من قبل الحوثيين، في شهر مارس الماضي، انتقلنا إلى هذا المخيم، وهكذا من مخيم إلى آخر، نتنقل ويرافقنا الوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي، وها هو رمضان حل علينا ولا نجد من ينتشلنا من هذا البؤس ومن جحيم النزوح”.

قرابة مليونين ونصف المليون نازح شردتهم الحرب، يفتقرون لأبسط مقومات الحياة، سوى ما تقدمه المنظمات من مواد إغاثة وإيواء.


ويضيف: “نزحنا من مناطق المواجهات بين المتقاتلين إلى هنا، وفقدنا كل سبل العيش والحياة بكرامة، وأصبحنا نقتات على ما تجود به المنظمات من إغاثات لا تفي بحوائجنا، خصوصاً في شهر رمضان الذي يحتاج الكثير من المواد”.
مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمحافظة مأرب، سيف مثنى، تحدث عن وضع مأساوي يلقي بثقله على الآلاف من الأسر النازحة في مخيمات النزوح، قائلاً لـ”المشاهد” إن مأرب استقبلت على مدى السنوات الماضية، قرابة مليونين ونصف المليون نازح شردتهم الحرب، يفتقرون لأبسط مقومات الحياة، سوى ما تقدمه المنظمات من مواد إغاثة وإيواء، مؤكداً أنهم في الوحدة التنفيذية يعملون جاهدين على المتابعة والتنسيق وتوحيد الجهود مع المنظمات في التوزيع العادل للإغاثات بحيث تشمل كل مخيمات النزوح، وتساعد النازحين في التخفيف من المعاناة التي تكتنفهم.

مساعدات لا تكفي

أكد مثنى أن محافظة مأرب، يوجد فيها 134 مخيم نزوح، منها مخيم الجفينة للنازحين، الذي يعد أكبر مخيم نزوح في اليمن على الإطلاق، بحسب شهادة (IOM)، والذي يحوي أكثر من 6500 أسرة نازحة، لافتاً إلى أن النازحين في المخيمات لا يتجاوزون 20% من إجمالي عدد النازحين الذين استقبلتهم المحافظة، ويعيشون في منازل في المدينة، وفي الأرياف، ومناطق شتى بالمحافظة.
وعن المساعدات والإغاثات التي تقدّم للنازحين، أوضح أنها لا تفي باحتياجات أغلب النازحين، أي ما نسبته أقل من 50% من إجمالي عدد النازحين جراء النزوح الكبير الذي شهدته المحافظة، لكنهم في الوحدة التنفيذية، بحسب ما يقول، يعملون جاهدين على أن تصل هذه المساعدات إلى كل أسرة نازحة في كل مخيم، خصوصاً في هذا الشهر الكريم الذي تتضاعف فيه حاجة الأسر النازحة إلى المواد الغذائية.
وأكد أن الوحدة تعمل مع عشرات الفرق التابعة لها على مستوى المديريات والمخيمات في المحافظة، من أجل الوصول إلى أقصى ما يمكن في تلبية احتياجات النازحين.
أوضاع معيشية صعبة يعيشها النازحون في مختلف مخيمات النزوح بمحافظة مأرب، وفق ما قاله لـ”المشاهد” المدير التنفيذي لائتلاف صنعاء للإغاثة والتنمية (SCRD)، أمين الشامي، مضيفاً أن دورهم كمنظمات هو تقديم يد العون والمساعدة لهؤلاء النازحين، كونهم في أمس الحاجة إلى الدعم والمساعدة للتخفيف من معاناتهم، مشدداً على ضرورة التعاون والمشاركة بين المنظمات في تقديم المساعدات والخدمات للنازحين، خصوصاً مع هذا الشهر الكريم.

ماسأة النزوح تتكرر في محافظات أخرى

ويتركز النازحون، بحسب تقارير حقوقية سابقة، في 5 محافظات يمنية، هي مأرب، عدن، لحج، تعز، وحجة، ويبلغ عدد النازحين في هذه المحافظات أكثر من 4 ملايين ونصف المليون نازح، تتصدرها محافظة مأرب، التي استقبلت ما يقارب مليونين ونصف المليون نازح، خلال الأعوام الستة الماضية. ففي مخيمات السويداء، والميل، والخير بمأرب، يعيش أكثر من 7000 نازح من مختلف المحافظات اليمنية، معظمهم نازحون من محافظات صنعاء، والجوف، ومأرب، بحسب الشامي، مؤكداً أن مخيم الزبرة، الواقع بمديرية مدغل، في الشمال الغربي من محافظة مأرب، أحد المخيمات التي كانت وجهة نازحي مجزر، والخانق، وهم يعيشون وضعاً معيشياً متردياً ينتظرون معه تدخلات المنظمات الدولية في مجال الإيواء وتوفير سكن مناسب لهم وتقديم المساعدات الإغاثية الغذائية لتخفيف معاناتهم مع حلول شهر رمضان المبارك.

يتركز النازحون، بحسب تقارير حقوقية سابقة، في 5 محافظات يمنية، هي مأرب، عدن، لحج، تعز، وحجة، ويبلغ عدد النازحين في هذه المحافظات أكثر من 4 ملايين ونصف المليون نازح، تتصدرها محافظة مأرب، التي استقبلت ما يقارب مليونين ونصف المليون نازح، خلال الأعوام الستة الماضية.


ولا يقتصر الحال المأساوي للنازحين في المعيشة الصعبة على مخيمات مأرب للنازحين البالغة، وفق الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في المحافظة، 134 مخيماً، بل تعيش آلاف الأسر النازحة في مخيمات نزوح في محافظات أبين، وعدن، ولحج، وحجة، المأساة ذاتها، كما هو حاصل مع نازحي الحديدة في محافظتي عدن، ولحج (جنوبي البلاد).
ويقول عبدالكريم، النازح في مخيم الحديدة بمحافظة لحج، لـ”المشاهد”: “لا دخل لنا في ظل ما نعانيه من نزوح وتشرد، ليس لدينا أي مصدر للدخل، سوى ما نحصل عليه من مواد غذائية من المنظمات، نعتمد عليها بشكل كلي في حياتنا مع النزوح”.
وتتنوع هذه المساعدات، بين الدقيق، الأرز، السكر، الزيت، الفاصوليا، يضاف إليها قليل من المعكرونة والحليب والتمر في شهر رمضان، لكنها لا تفي بثلث ما يحتاجون، حسب قوله.
وتابع: “كنا نستقبل رمضان بفرحة وسعادة كبيرة، ونحضر لاستقباله الكثير من الاستعدادات، لكن اليوم نستقبل أو استقبلنا رمضان في طوابير طويلة أمام المنظمات التي تقوم بصرف الإغاثات والمساعدات الإنسانية، من أجل الحصول على ما نسد به رمقنا ورمق أطفالنا من الجوع، ويساعدنا في التغلب على الوضع المعيشي الصعب”.
ووفقاً للوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمحافظة حجة (شمالي غرب البلاد)، فإن قرابة 120 أسرة نازحة، تتكون من 726 فرداً، في مخيم وعلان للنازحين، الذي يضم نازحي بني الحداد بمديرية حرض الحدودية، يعيشون حياة معيشية صعبة تفتقر لأبسط مقومات الحياة مع حلول شهر رمضان المبارك، إذ يعتمدون، بحسب النازح مبارك صالح، على ما يقدم لهم من مساعدات في تسيير حياتهم، بما في ذلك خلال هذا الشهر الكريم.

إقرأ أيضاً  من طقوس العيد.. «الحناء الحضرمي» صانع بهجة النساء

صور متعددة للبؤس

ومع كل هذا البؤس الذي يعيشه النازحون في المخيمات، وترافقه ثلاثية الفقر والتشرد والألم، تبقى هذه المخيمات صورة حية من المعاناة والمأساة التي تكتوي بها الأسر والأمهات والأطفال النازحون، يبحثون في رحلة جديدة عن الأمن والغذاء وأدوات المأوى والمياه في قطع أرض خاوية يطلق عليها مسمى “مخيمات”.
ويؤكّد وكيل وزارة حقوق الإنسان، المحامي نبيل عبدالحفيظ، في تصريح لـ”المشاهد”، أن معاناة النازحين في عدد من مخيمات النزوح في العديد من المناطق والمحافظات اليمنية، تتفاقم كونهم محرومين من الكثير من الخدمات الضرورية، خصوصاً الغذاء والمأوى، مشيراً إلى أن الحديث عن النازحين هو الحديث عن مأساة 3 ملايين ونصف المليون إلى 4 ملايين إنسان، هم ضحايا الحرب التي أجبرتهم على التشرد والنزوح من منازلهم.
وقال عبدالحفيظ إن “الحكومة تعمل جاهدة، وفي حدود ما يمكن، في تقديم العون لهذه الأسر النازحة عبر 3 مساقات، يأتي المساق الأول عبر جهات حكومية تتمثل بالمجالس المحلية ومكاتب الوزارات، من أجل تقديم الخدمات التي يجب ان تقدمها للنازحين بقدر ما تستطيع لعديد من الأسباب، أبرزها عدم تواجدها في البلد نتيجة عملها من خارج البلد جراء الحرب التي شنتها جماعة الحوثي، فيما المساق الثاني يتمثل عبر الدفع بالعاملين في اللجنة العليا للإغاثة من خلال عملهم مع العديد من المنظمات الدولية، منها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والهلال الأحمر الإماراتي والكويتي، وغيرها من الجهات التي تتفاعل مع اللجنة بالتحرك السريع في إطار هذه المخيمات. والمساق الثالث يتمحور في الجلوس الدائم مع المنظمات الدولية عبر وزارات التخطيط والتعاون الدولي، وحقوق الإنسان، والخارجية، والتي تعمل على تقديم تقارير عن النازحين، وذلك لدفع هذه المنظمات للقيام بدورها تجاه النازحين، بالإضافة إلى الدور الذي تقوم به في اللقاءات التي تجمعها بشكل سنوي بالدول المانحة في مؤتمر أصدقاء اليمن”.

مقالات مشابهة