المشاهد نت

العيد يتحول إلى مأتم كبير… ما الذي يحدث في عدن؟

مقبرة في مدينة عدن

عدن – بديع سلطان :

لم يعد العيد في مدينة عدن (جنوب اليمن) بنفس البهجة والمتعة التي كانت تتميز بها الأعياد السابقة.

فجميع مظاهر الفرح والابتهاج اختفت في المدينة التي تعيش منذ أكثر من شهر تحت انتشار الأوبئة وتزايد عدد الوفيات، حيث أصبحت عدن أشبة بصالة عزاء مفتوحة.

المؤشرات الطبية تؤكد أن أغلب الوفيات المتزايد عددها في مدينة عدن أكثرها قضت بفيروس كورونا، فبيانات مصلحة الأحوال المدنية التي اطلع عليها “المشاهد” كانت تشير خلال أيام وليالي شهر رمضان المبارك إلى متوسط مرتفع في أعداد تصاريح الدفن التي تصدرها المصلحة، يصل إلى أكثر من 60 حالة وفاة كل يوم، وصلت في أواخر الشهر الفضيل إلى حدود 90 وفاة يومياً.

وهو ما أكده العامل في مقبرة الرضوان بمديرية صيرة، محمد عبيد لـ”المشاهد” أنه تم دفن 21 جثة هذا الشهر خلال 12 ساعة فقط، حسب عبيد.

فلا تكاد تجد أسرة في مدينة عدن إلا وفقدت أحد أقربائها، فالعيد في المدينة تحول بنهكة الحزن والدموع والفقدان بدلًا من طقوس الفرح التي اعتاد عليها أبناء عدن، من خلال الاحتفاء بالعيد من خلال زيارات السواحل والأماكن الترفيهية وإقامة الاحتفالات الغنائية، فقد أغلقت مدن الملاهي الكبرى في المدينة أبوابها، وهي التي كانت تنظر لموسم الأعياد بأنه فرصة مميزة للربح المادي مع التدفق الكبير للمواطنين والعائلات عليها وكذلك صالات الأفراح.

ويقول مفيد الحريري، منسق الرحلات الجماعية في مدينة ملاهي الكمسري بمديرية الشيخ عثمان بعدن لـ”المشاهد”: إن مدينة الملاهي أغلقت أبوابها هذا العيد، منعاً للتجمعات التي تشهدها الملاهي عادةً في مثل هذه المناسبات.

وأكد الحريري أن “الإغلاق جاء حفاظاً على صحة المواطنين، من انتشار أية أمراض أو أوبئة، مشيراً إلى أن إغلاق الملاهي سيستمر حتى انتهاء الجائحة التي تمر بها مدينة عدن؛ وحتى تستقر الأوضاع الصحية في المدينة.”

ماذا يحدث في عدن ؟

الأرقام التي أعلنتها السلطات المحلية في محافظة عدن حسب الكثير من المواطنين الذين استطلع آراءهم “المشاهد” الذين أكدوا أن عدد الوفيات بنفس أعراض فيروس كورونا أضعاف ما أعلن عنه رسميًا وهي 40 حالة.

الأعداد المهولة من الوفيات والتي تستقبلها مقابر مدينة عدن ربما لم يتم دمجها في تلك الأرقام الخاصة بكورونا والصادرة عن لجنة مواجهة الفايروس، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات حول حقيقة ما يحدث في عدن.

مديرة عمليات منظمة أطباء بلا حدود في اليمن، كارولين سيغوين، التي صرحت لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية، ورصده “المشاهد” الجمعة الماضية، قالت إن معدل الوفيات في منشآت المنظمة التي تعالج مرضى كوفيد-19 في عدن “مرتفع جداً جداً”، وأن عددًا كبيرًا من الأشخاص الذين وصلوا إليها “كانوا يحتضرون أو موتى بالفعل”.

وأضافت المنظمة، التي تتولى تسيير وإدارة مركز الحجر الصحي الرئيسي في عدن، في بيان لها الأسبوع الماضي، تلقى “المشاهد” نسخةً منه: إن العدد الكبير للوفيات في مركز علاج كوفيد-19 في عدن “ينبئ بكارثة أوسع تتكشف في المدينة”.

كما ان منظمات دولية تعمل في عدن حالياً، تنفي فرضية وجود أمراض وأسقام أخرى إلى جانب كورونا.

إقرأ أيضاً  «معارض رمضانية» تخفف معاناة المواطنين بحضرموت

من جهته قال الأخصائي في مجال الأمراض المعدية والاستشاري يمستشفيات عدن، الدكتور مثنى العقيلي تحدث لـ”المشاهد” عن وجود وباء في عدن أشد فتكاً من كورونا ذاته.

ودلل الدكتور العقيلي على حديثه في أن كورونا حين يصيب الإنسان يظل في جسده وجهازه التنفسي أياماً قبل أن يقضي عليه ويقتله، بينما الملاحظ على حالات الوفيات المتزايدة التي تعيشها عدن أنها تموت خلال ساعات فقط من الإصابة بها.

العيد يتحول إلى مأتم كبير… ما الذي يحدث في عدن؟

ورجح الأخصائي العقيلي أن يكون الوباء المستشري في مدينة عدن هو وباء مرتبط بالأمطار والسيول التي شهدتها المدينة قبيل شهر رمضان بيوم واحد، وما نتج عنها من طفح المجاري وتفشي العديد من الأوبئة والأسقام كحمى الضنك والمكرفس والملاريا، أو ما تعرف “بالحميات”.

لكن أخطر تلك الأمراض، وفق الدكتور العقيلي، هو مرض الالتهاب الرئوي الذي يحتمل أن يكون هو المسئول الأول عن حالات الوفيات المتزايدة في عدن.

وتؤيد فرضية الدكتور العقيلي ما ذهب إليه عدد من المختصين والأطباء حين أعلنوا في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، رصدها “المشاهد” وجود وباء في عدن تشترك أعراضه مع أعراض الحميات وفيروس كورونا والالتهاب الرئوي.. مشيرين إلى أن وباء كورونا موجود بالفعل في عدن، كما هي بقية الأوبئة والأسقام المعروفة “بالحميات”.

عدم التزم بالإجراءات الوقائية

رغم الإعلان من قبل السلطات المحلية عن عدة اجراءات احترازية وقائية لمواجهة فيروس كورونا في محافظة عدن فيما يخص التباعد الاجتماعي وخاصة فيما يتعلق بصلاة العيد والتي أقرتها وزارة الأوقاف والإرشاد في الحكومة، تلقى “المشاهد” نسخةً منه، إلى أداء صلوات العيد في المنازل، كما هو شأن جميع صلوات الجماعة والجمعة، بسبب جائحة الحميات وفيروس كورونا والأوبئة المنتشرة إلا أن البعض لم يلتزم.

فتعميم وزارة الأوقاف اليمنية لم ينفذ بحذافيره، ففي عدن لم تقم صلوات العيد في المصليات والملاعب والمساحات المفتوحة، لكنها أقيمت في المساجد التي لم تغلق أبوابها طيلة شهر رمضان رغم انتشار وباء الحميات في المدينة.

ففي مديرية البريقة مثلاً حصل “المشاهد” على نسخةٍ من فتوى لإمام الجامع الكبير في المديرية، التوجه، لأداء صلاة العيد في المساجد، كلٌ بحسب منطقته، بدلاً من أداء صلاة العيد في ملاعب النوادي والمساحات الواسعة والمفتوحة في المناطق والأحياء السكنية، وهو ما اعتبره ناشطون بأنه “تحايل” على توجهات الدولة ممثلة بوزارة الأوقاف، إذ أن التجمعات والازدحام لن ينتهي بتغيير مكان الصلاة من المصليات العامة إلى المساجد، بل على العكس تمامًا، قد تزيد الصلاة في المساجد من تكدس المصلين، خاصةً وأن كثيرًا من المواطنين يحرص على أداء الصلاة مهما كانت الموانع، غير آبهٍ بالأوبئة والأمراض.

مواطنون أكدوا لـ”المشاهد” أن المساجد في مديرية البريقة لم تنفذ الإجراءات الوقائية لمواجعة كورونا وهو اعتبروه سببًا للانتشار الأكبر لفيروس كورونا في المديرية من بين بقية مديريات محافظة عدن.

وأضاف الحميقاني أن المساجد السلفية استمرت في أداء الصلوات وأصرت عليها بشكل جماعي، مما حوّل المساجد إلى بؤر لانتشار عدوى الحميات والأوبئة التي تضرب عدن حاليًا، مؤكدًا إن عدم مبالاة واستهتار القائمين على المساجد كان سببًا مباشرًا في أعداد الوفيات المتزايد.

مقالات مشابهة