المشاهد نت

نشطاء يطالبون انهاء الحرب وإيفاء المانحين بتعهّداتهم

متابعات – مجد عبدالله :

في اليوم الذي سبق مؤتمر المانحين المزمع عقده في 2 حزيران/يونيو برعاية الأمم المتّحدة والمملكة العربيّة السعوديّة، قدّم نشطاء يمنيّون لهم خبرة مكثّفة في العمل الميداني والحقوقي إحاطةً إعلاميّةً عبر الإنترنت بهدف مشاركة الإعلام والرأي العام بما يجري في اليمن على الأرض على ضوء انتشار فايروس كورونا واستمرار التصعيد العسكري. واغتنم المشاركون والمشاركات فرصة الإحاطة لدعوة الجهات المانحة التي ستجتمع غداً، بغياب تمثيل المجتمع المدني اليمني، إلى الاستمرار في دعم القطاعات الإنسانيّة في اليمن، بما فيها القطاع الصحي والغذائي والتنموي، ودعم الاستجابات المخصّصة لمواجهة تفشّي داء كوفيد-19، لكن دون إغفال أولويّة صبّ الجهود في اتجاه الضغط على أطراف النزاع لإنهاء الحرب. وإلا، “لن ينفع شيء بعد انقراض شعبٍ بأكمله بسبب تفشّي كورونا والوبائيّات الخطرة المنتشرة”، كما أنذرت الدكتورة اليمنيّة ذكرى النزيلي في إحاطتها اليوم.    

لم يقصد المتحدّثون والمتحدّثات من مشاركاتهم الإضاءة على الوضع الإنساني والحقوقي الكارثي في اليمن وحسب، إنّما أرادوا انتهاز الفرصة لتذكير الدول والجهات المانحة بضرورة دعم اليمن في هذه المرحلة الدقيقة والأهم، الإيفاء بتعهّداتهم والإسراع بتنفيذها، خشية تكرار تجارب الإخلال بالالتزامات والتباطؤ السابقة. وقد شدّدوا جميعاً على ضرورة الضغط على المسؤولين وأطراف النزاع، في الجنوب والشمال معاً.  

الدكتورة ذكرى النزيلي، طبيبة يمنيّة متخصّصة بطبّ الأطفال ومستشارة أولى في مجال الصحّة العامة، أسفت في مداخلتها على عدم تنفيذ الاستراتيجيّة الوطنيّة الشاملة التي قدّمتها هي وزملاؤها لمواجهة جائحة كورونا، مع العلم أنّها قوبلت في البداية “بالترحيب والإشادة”، مستغربةً تجميدها، واصفةً ما حدث بأنه نتيجة: “المهاترات السياسية والتشتت المؤسّسي وعدم وجود القيادة الرشيدة الموحّدة وعدم وجود قيادة قويّة لوزارة الصحّة ملمّة بالوضع الوبائي والصحّي وتبعات إهماله، مع وجود وضع مميع بالجنوب سواء من قياداته أو منفّذيه ووجود وضع ديكتاتوري ومنغلق في الشمال غير معترف بالوباء عالمياً.” 

  ولتقريب الصورة أكثر، وصف المتّحدثون والمتحدّثات الأربعة ما يجري فعليّاً في اليمن: فأخبرت الأستاذة نجيبة النجّار، مديرة البرامج في مركز “أس أو أس لتنمية قدرات الشباب” وعضو مجموعة “التوافق النسوي للسلام والأمن”، عن تجربة إصابتها بمرض الشيكونغونيا الذي انتشر في عدن، وكيف أنّها طرقت أبواب جميع المستشفيات بغير جدوى. وقالت:  

“عشتُ أياماً صعبة وأنا أعاني من المرض بدون طبيب يعاين حالتي. وبجهد من الأصدقاء تواصلتُ مع طبيب عبر مواقع التواصل الاجتماعي فوصف لي أدوية أخدتها وبدأت أتماثل للشفاء. فما بالكم بالمواطنين الآخرين الذين لا يعرفون أطباء؟ كيف سيكون مصيرهم؟ الموت. وذلك بسبب إغلاق جميع المستشفيات في وجوههم”.   

إقرأ أيضاً  تسجيل إصابات بالكوليرا في أبين

ونجّار أيضاً اضطرّت إلى إغلاق الكثير من البرامج التي تعمل عليها، لصالح التركيز على مواجهة الجائحة، وتكثيف الجهود التي تبذلها هي ونساء أخريات على حملات المناصرة واللّقاءات مع أطراف الصراع والمجتمع الدولي لإيقاف الحرب واستئناف العملية السياسية لمواجهة فايروس كورونا.   

أمّا الأستاذ وليد الحاج، رئيس “مؤسّسة بادر للتنمية”، فأخبر كيف كان يتحدّث مع أحد جيرانه حول أهميّة الوقاية والتباعد الاجتماعي، فتذكّر امتيازاته حين قال له جاره: “طفلي الذي لا يتجاوز عمره الـ9 سنوات يقف في طابور خاص للحصول على الماء لمدّة تصل إلى 3 ساعات ليحصل فقط على 40 ليتر من المياه الصالحة للاستخدام”. 

الأستاذ نبراس أنعم، مختص النزاعات وبناء السلام، شرح المستجدّات العسكريّة الميدانيّة الأخيرة وتداعياتها السياسيّة على أطراف الصراع المحليّة والإقليميّة، لافتاً إلى “أنّ حالة خلط الأوراق التي أقدمت عليها جماعتا أنصار الله والمجلس الانتقالي الجنوبي بتصعيدهما الأخير  تهدف الى إيجاد “شرعية” يمكن اكتسابها من خوف المواطنين من تفشي فايروس كورونا.” وأضاف “صحيح أن استمرار حالة التصعيد العسكري في اليمن – في ظل تعاظم اتّساع رقعة انتشار الفايروس- هو شيء مأساوي، ولكنه ليس مفاجئاً، حيث لا يوجد دليل يُذكر على أن الأوبئة والأزمات التي توالت على اليمن منذ بدء الصراع وحتى اليوم قد وضعت حداً لواقع الحرب.”  

خلال الإحاطة، ذكّر المشاركون والمشاركات بأنّ القطاع الصحّي منهار بالفعل نتيجة سنوات الحرب والاستهداف المباشر والتوهين؛ وأنّ 80% من سكّان اليمن يعتمدون اليوم على المساعدات الإنسانيّة؛ و20 مليون يعانون من انعدام الأمن الغذائي؛ وأكثر من نصف السكّان لا يستطيعون الوصول إلى مصادر المياه المُحسّنة، علماً أنّ المديريّات في اليمن تعاني من نقص حاد في عدد الأطبّاء، الذين إمّا هُجّروا أو اعتكفوا بسبب نقص المعدّات وأدوات الحماية الشخصيّة، وتعتمد على الدعم في مجال صرف الصحّي.

جاء خطر كورونا ليُضاف إلى مخاطر الأوبئة الأخرى المنتشرة في اليمن، كحمّى الضنك والحصبة والكوليرا، والتي فاقمتها الفيضانات التي عمّت مناطق عدّة في البلاد، والتي ستعاظمها أيضاً ظروف عيش أكثر من 3 ملايين نازح يبدو التباعد الاجتماعي وشروط النظافة العامّة أقرب إلى حلم بالنسبة إليهم. وكلّ ذلك يُرافَق مع انتهاكات متزايدة وممارسات تقييد متصاعدة على أبسط الحريّات وحقوق النساء البديهيّة.  

مقالات مشابهة