المشاهد نت

تجمعات عيدية افتراضية بسبب كورونا

صنعاء – حسان محمد:

رتب حمدي وضعه لقضاء إجازة عيد الفطر المبارك مع زوجته وأولاده، عند أحد أصهاره في ضواحي مدينة صنعاء، غير مبالٍ بالتحذيرات والإرشادات التي تقدمها الجهات الصحية والمجتمعية والحكومية، بالبعد عن التجمعات، والحد من الزيارات العائلية، بسبب تفشي فيروس كورونا في اليمن، لكن في اليوم السابق للعيد، أرسل صهره بمبلغ مالي كعيدية لكريمته، وأخبرهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن خطورة الوضع الحالي، وأهمية البقاء في المنزل.
من خلال الحوالة المالية، فهم حمدي أن صهره متخوف من الزيارة، والتجمع الأسري، حتى قبل أن ينبهه بخطورة وسرعة تفشي الوباء، والتلميحات الأخرى التي أوردها خلال الدردشة معه على “واتساب”، كما يؤكد لـ”المشاهد”.

اعتذار عن عدم استقبال ضيوف العيد

يقدس الناس في اليمن صلة الرحم، والزيارات العائلية، وخصوصاً في الأعياد التي لا تكتمل الفرحة فيها إلا بتجمع الأسرة، مما جعل بعض الأسر تستمر في القيام بالزيارات، وبمراسيم العيد كاملة، متحدية كل المخاطر، إلا أن عمار سعيد اعتذر بلباقة عن عدم استقبال واستضافة شقيقه خلال أيام العيد، وأخبره في اتصال هاتفي أن التجمع يمثل خطورة على كلا الأسرتين، على الرغم من أن الكثير من الناس اعتبروا الاعتذار عن عدم الزيارات العيدية سلوك مبالغ فيه، ولا يمكن لهم رفض الزيارة مهما كانت العواقب.
يقول سعيد لـ”المشاهد”: “الوباء خطير، وقد تتسبب الزيارة بنقل الفيروس والوفاة، ويجب عدم التهاون بالتقيد بنظام العزل، ولست وحدي من اعتذر عن عدم الزيارات العائلية، وتجمعات الأهل والأصدقاء، فالكثير من الناس قاموا بالأمر ذاته، على الرغم من الإحراج الناتج عن رفض الزيارة، واعتبار البعض أن هذا التصرف مهيناً لهم”.
ويرى أن المجتمع اليمني كريم، ومستعد للتضحية بنقل العدوى إلى الأسرة، مقابل استقبال وإكرام الضيف، وأن بعض الأسر استقبلت زيارات على الرغم من عدم قناعتهم وتخوفهم من المرض.

أعياد افتراضية

بسبب “كورونا” تضاعفت إجراءات ومخاوف التنقل داخل كل محافظة أو بين المحافظات، وخصوصاً التي تجتاز منافذ خارطة سيطرة الحكومة والحوثيين، وقضت على أبرز مظاهر العيد، المتمثلة بعودة أفراد الأسرة من المحافظات التي يعملون فيها، إلى المحافظة الأم، لتتجمع في بيت الأب، للاحتفال معاً.
وللتغلب على حواجز “كورونا”، صارت مواقع التواصل الاجتماعي تجمع ما فرقه الوباء، وتمثل نافذة للتقريب بين الإخوة والأهل في زمن الشتات.

تضاعفت إجراءات ومخاوف التنقل داخل كل محافظة أو بين المحافظات، وخصوصاً التي تجتاز منافذ خارطة سيطرة الحكومة والحوثيين، وقضت على أبرز مظاهر العيد، المتمثلة بعودة أفراد الأسرة من المحافظات التي يعملون فيها، إلى المحافظة الأم، لتتجمع في بيت الأب، للاحتفال معاً.


ولهذا أنشأ عبدالباسط محسن الذي يتوزع إخوته بين عدة محافظات، مجموعة خاصة على “واتساب” لأفراد العائلة، للتواصل وتبادل الحديث والتهاني، ومناقشة كل ما يتعلق بالأسرة.
ويوضح محسن لـ”المشاهد” أن مواقع التواصل الاجتماعي قربت المسافات، وتجاوزت المشاكل والحدود، لكنها لا يمكن أن تكون بديلة للزيارات وما تبعثه من أجواء الألفة والمحبة، ورؤية أطفال العائلة يمرحون بالملابس العيدية، ويرسمون لوحات فنية جميلة بضحكاتهم وفرحتهم.
ولم يستطع محمد الشبواني الذي يعمل في دولة قطر، العودة إلى صنعاء لقضاء شهر رمضان المبارك وإجازة العيد، مع والدته وإخوته، على الرغم من أنه كان قد وعدهم بذلك في العام الماضي، لكن تفشي فيروس كورونا جعله لا يتمكن من الإيفاء بوعده.
لم يزر الشبواني والدته الكبيرة في السن، منذ 5 سنوات، بسبب الحرب والمواجهات العسكرية، وكان مصمماً هذا العام على زيارتها، لكن فيروس كورونا جعل السفر إلى اليمن مستحيلاً، كما يقول لـ”المشاهد”.
ويضيف أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت ملاذه الأخير للتواصل مع والدته وإخوته، واستطاع من خلال تطبيق الإيمو أن يشاركهم أجواء وفرحة العيد بالصوت والصورة.

إقرأ أيضاً  شراء الملابس المستعملة للاحتفال بالعيد

تكتم عن الإحصائيات

تسارعت وتيرة تفشي وباء كورونا بشكل متسارع، خلال الفترة الأخيرة، وسط توقعات بارتفاع كبير نتيجة للزيارات العيدية، فيما يشكك الناس بأرقام الإصابات المعلنة من قبل الجهات الرسمية، حيث أعلنت اللجنة الوطنية العليا لمواجهة وباء كورونا التابعة للحكومة، في حسابها على “تويتر”، يوم 26 مايو الماضي، أن عدد الإصابات بلغ 249، ووصلت حالات الوفاة إلى 49 حالة، وتعافى 10 أشخاص.
فيما تمارس سلطة الأمر الواقع سياسة التعتيم التام عن أعداد الإصابات، على الرغم من أرقام الوفيات المتزايدة كل يوم، في أمانة العاصمة صنعاء وحدها، والتي يكشف عنها الأهالي على مواقع التواصل الاجتماعي والمصادر الإعلامية والمجتمعية.
واكتفت وزارة الصحة بصنعاء بالإعلان عن حالة وفاة واحدة لمهاجر صومالي، وإصابة شخص قادم من محافظة عدن، إلا أن وسائل إعلام نقلت عن مصدر طبي حضر اجتماعاً خاصاً بـ”كورونا”، في وزارة الصحة العامة والسكان، أن وزير الصحة الدكتور طه المتوكل، أكد في الاجتماع أن عدد الإصابات في صنعاء كثيرة، وبالآلاف، لكن الوزارة لا تعلن عن الإحصائيات حتى لا تثير موجة من الخوف والهلع بين الناس، وترتفع أسعار المواد الغذائية، ويفقد الناس، وبالذات الذين يعملون في مهن محدودة ويومية، أعمالهم، مما سيُحدث انفجاراً كبيراً في أعداد الفقراء، وموجات جديدة من الجوع.
لكن هذا التكتم يثير كثيراً من التساؤلات والتعجب في أوساط الناس، ويجعلهم يشككون بمصداقية وزارة الصحة، ويرون أن الشفافية في نقل الوضع ستجعل المواطنين أكثر حرصاً على اتباع الإجراءات الوقائية والتقيد بها.

مقالات مشابهة