المشاهد نت

زكاة الخُمس… رفض للتمييز بين أفراد المجتمع الواحد

الحوثي الأب وعبدالملك الحوثي وحسين شقيقه - صورة ارشيفية

صنعاء – حسان المحمودي:

تتسع الفجوة بين الشارع اليمني وجماعة الحوثي، وتزيد مشاعر الرفض لسياستهم، وأفكارهم التي حولت البلد إلى غنيمة، وتستغل كل فرصة وكل حدث لجباية المال العام وأموال المواطنين، وفق ما يقول عمر النابهي، أحد سكان صنعاء.
وجاءت اللائحة التنفيذية التي أعدتها الجماعة للقانون رقم 2 لعام 1999 بشأن الزكاة، لتعزز الرفض المجتمعي لها، كونها تساعد على التمييز بين المجتمع الواحد من خلال فرض الخُمس على جزء كبير من المجتمع دون غيرهم من الحوثيين الذين ينسبون أنفسهم إلى الرسول الكريم.
أحقية الجماعة بالخُمس ليست وليدة المرحلة، وهي متجذرة في معتقداتهم، وحاول مندوبوهم في مؤتمر الحوار إقرارها في مشاريع القوانين والدساتير القادمة للدولة، لكنها لقيت رفضاً قاطعاً من جميع المكونات الأخرى.
ولدى وصولهم إلى الحكم بعد انقلابهم على الحكومة في 21 سبتمبر 2014، سنحت لهم الفرصة لتمريرها في اللائحة التنفيذية للقانون في الوقت الراهن.
لكن اللائحة التي تم تسريبها من وزارة الشؤون القانونية، لقيت استنكاراً ورفضاً واسعين على المستويين الرسمي والشعبي، وتحولت إلى قضية تبين زيف ادعاءات الجماعة بالمساواة والمواطنة المتساوية.

شرعنة للنهب والعبودية

تنص المادة 47 من اللائحة التنفيذية المستحدثة، على وجوب الخُمس (20%) في الركاز والمعادن المستخرجة من باطن الأرض أو البحر، أياً كانت حالتها الطبيعية جامدة أو سائلة، كالذهب، الفضة، النحاس، الماس، العقيق، الزمرد، الفيروز، النفط، الغاز، الماء، الملح، الزئبق، الأحجار، الكري، النيس، الرخام، وكل ما له قيمة من المعادن الأخرى، وكل ما استخرج من البحر كالسمك واللؤلؤ والعنبر وغيره، وفي العسل إذا غنم من الشجر أو الكهوف.
على أن يصدر رئيس هيئة الزكاة، بعد موافقة المجلس، قراراً بتنظيم عملية تقرير وتحصيل واحتساب زكاة الركاز والمعادن والمنتجات المائية.

اعتبر البرلمان ما أقدم عليه الحوثيون تمادياً من قبل سلطة لا تتمتع بأية مشروعية بإعلان قواعد وإجراءات غير مسبوقة تبيح لها استقطاع 20% من جميع عوائد الشعب اليمني وثرواته الطبيعية لصالح فئة محددة.


واستحوذ “بنو هاشم” على كل المصارف، وفق ما جاء في اللائحة التنفيذية المسربة، التي قسمت الخُمس إلى 6 مصارف، السهمان الأول والثاني الخاصان بالله والرسول سيكونان تحت تصرف ولي الأمر (الحوثيين حالياً)، والسهم الثالث لذوي القربى من بني هاشم الذين حرمت عليهم الصدقة، أما السهم الرابع فيصرف لليتامى المسلمين، بمن فيهم بني هاشم، ويصرف الخامس لمساكين بني هاشم وبقية الفئات، والسهم السادس يخص ابن السبيل من بني هاشم أو غيرهم من سائر المسلمين.
ورداً على اللائحة، اعتبر البرلمان ما أقدم عليه الحوثيون تمادياً من قبل سلطة لا تتمتع بأية مشروعية بإعلان قواعد وإجراءات غير مسبوقة تبيح لها استقطاع 20% من جميع عوائد الشعب اليمني وثرواته الطبيعية لصالح فئة محددة.
وأكد مجلس النواب، في بيان صحفي، أن كل ما يصدر عن الجماعة معدوم ولا قيمة له، وعمل مجرم وعنصري يراد منه استكمال آخر حلقات الانقلاب على الثورة والجمهورية والديمقراطية ومبادئ العدالة الإنسانية والمواطنة المتساوية، للعودة بالوطن إلى العهد الإمامي الكهنوتي البغيض قبل العام 1962م، واستعباد الشعب اليمني، وإفقاره وتجهيله ومصادرة كل ثرواته، والقضاء على كل مكاسب ثورتي سبتمبر وأكتوبر ويمن الـ22 من مايو.
واعتبر اللائحة سلوكاً عنصرياً ممنهجاً وامتهاناً للشعب اليمني، وخرقاً فاضحاً لكل المواثيق الدولية وقيم المساواة والعدالة الاجتماعية، وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية للقضاء على كافه أشكال التمييز العرقي المعلنة في 21 ديسمبر عام 1965 الموقعة عليها بلادنا عام 1978، وبقية المواثيق الدولية الأخرى، المُجرمة لكل أنواع العنصريات، وتخالف مفاهيم وتعاليم جميع الديانات السماوية، وفي مقدمتها الدين الإسلامي الذي يكرم الإنسان، وينادي بالعدالة والمساواة وحفظ حقوق وحريات كل الناس بغض النظر عن جنسهم أو لونهم ومعتقداتهم.
وتلبية للمطالب الرسمية والمجتمعية والشعبية الداعية إلى رفض ما سنته جماعة الحوثي، أوضح البرلمان أنه بموجب صلاحياته الدستورية سيناقش عند أول اجتماع له، مشروع قانون تجريم التمييز بكل أشكاله.
هيئة علماء اليمن اعتبرت اللائحة الصادرة عن جماعة انقلابية تمردت على مؤسسات الدولة، باطلة، ولا مستند لها من كتاب الله ولا من سنة رسوله، وتتصادم مع نصوص الدستور اليمني النافذ والقوانين اليمنية، وذريعة لنهب أموال الشعب اليمني.
وقالت الهيئة، في بيانها: الزكاة حسمتها نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، وحددت الأموال التي تؤخذ منها، وأصناف مصارفها، ولم تبقِ مجالاً لذي هوى أو مطامع، وما حددته لائحة الحوثيين بوجوب الخُمس في الركاز والمعادن وغيرها من الثروات والأموال، وجعلت لبني هاشم قسماً فيه، لا يوجد له مستند شرعي في القرآن، ولا السنة، وهو مخالف لما اتفق عليه جمهور العلماء، ويهدف لتمكين فئة في المجتمع من الاستئثار بالثروة العامة للشعب اليمني، وأكل أموال الناس بالباطل.

إقرأ أيضاً  خطورة المخدرات في «لقمة حلال»
زكاة الخُمس… رفض للتمييز بين أفراد المجتمع الواحد
قيادات هاشمية في اليمن


وأشارت إلى أن اللائحة جزء من سياسات الحوثيين لتجريف الهوية اليمنية، وفي مقدمتها التشريعات والقوانين اليمنية النافذة، وجريمة تفضي إلى تقسيم المجتمع على أسس سلالية عنصرية تخالف الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وتدمر حقوق وأواصر الأخوة بين أبناء الشعب اليمني.

بيانات منددة

ووصف حزب التجمع اليمني للإصلاح، الوثيقة بالعنصريّة التي تكرس التمييز، وتفرز المواطنين، وتمنح المتمردين الامتيازات على أسس عرقية وسلالية، وتعبر عن إصرار الجماعة على نهب أموال اليمنيين وثرواتهم لتمويل استمرار حربها ضد الشعب اليمني، والذي يمثل خيارهم الوحيد لفرض مشروعهم السلالي العنصري.
وقال الإصلاح، في بيان صادر عنه: “النظام الجمهوري الذي ارتضاه اليمنيون وناضلوا لأجله عقوداً طوالاً، هو مصير وحياة البلاد التي لا رجعة عنها، وكل الدعوات العنصرية والأفكار والتشريعات المريضة التي يحن لها البعض خارج المرجعيات والثوابت الوطنية؛ لا مجال أمامنا إلا إسقاطها ومن يقفون خلفها، فما تطرحه الجماعة من تقسيمات وممارسات وأفكار بالية تفرز الشعب إلى يمنيين وهاشميين، من شأنه تدمير ما تبقى من وشائج النسيج الاجتماعي، ولا حل لليمن إلا في دولة المساواة في الحقوق والواجبات”.
وأضاف: “سعت هذه الجماعة، وعبر تاريخ طويل، لفرض مشروعها العنصري لتشويه تاريخ اليمن وطمس معالمه الحضارية، وتشويه الإسلام الحنيف ورسالته العظيمة القائمة على مبادئ المساواة والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية من خلال محاولات إضفاء الشرعية الدينية على ما جاءت به نظريتها في الاصطفاء الإلهي، وما تستلزمه من دعاوى التفضيل العرقي، وادعاء الامتيازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والدينية”.
وأكد التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية اليمنية، أن اللائحة تعدٍّ جديد على سلطات الدولة الدستورية و التشريعية، وتكريس فاضح لنهجها السلالي، وإعلان صارخ للتمييز العنصري ضد اليمنيين، وجريمة تضاف إلى سجلاتها، وتهدف لإعادة نظام الإمامة، وتاريخها التدميري البغيض.
وأشار التحالف، في بيان صحفي، إلى أن جماعة الحوثي عمدت، طيلة السنوات الماضية، إلى إحياء المفاهيم العنصرية المتخلفة على مختلف الأصعدة، وصولاً إلى إصدار قرارات لتنفيذها، مستغلة انشغالات اليمنيين في مواجهة أزماتهم الإنسانية التي نشأت بسبب الحرب التي فرضتها عليه منذ 6 أعوام، لفرض أفكارها القائمة على مفاهيم الاصطفاء المزعوم والتمايز السلالي، والذي تمنح نفسها بموجبه أحقية الحكم حصراً من دون اليمنيين.

رفض حكومي

واتسقت المواقف الحكومية الرافضة والمنددة باللائحة، مع أصوات النشطاء والسياسيين، باعتبار المشروع عنصرياً، حيث قال رئيس الوزراء في الحكومة معين عبدالملك، في تغريدة على “تويتر”: “نشر الحوثيين لما أطلقوا عليه قانون الزكاة القائم على التمييز، لا يكشف فقط عمق إيغال هذه الجماعة في تمزيق نسيج المجتمع، ورفضها لقيم المواطنة المتساوية، بل يوضح أيضاً مدى استخفافها بالشعب وبالعالم، وبكل فرص ودعوات السلام”.
ويوافقه الرأي وزير الأوقاف أحمد عطية، الذي يقول: “ما شرعه الحوثيون يقوم على فرز عنصي، ويريد أن يؤسس لنهب ثروات اليمن المدفونة، وما بأيدي المواطنين، بعد أن نهبوا البنك المركزي وكافة إيرادات الدولة”.
ويوضح عطية، في تصريحات إعلامية، أن آية الخُمس وردت في غنائم الحرب بين المسلمين والكفار، ولا يوجد في عصرنا حرب ولا غنائم وأنفال، أما الثروات في باطن الأرض فتعد ملكاً للدولة ومؤسساتها، وكل أبناء الشعب، وليس لجماعة بعينها، لكن الحوثيين يريدون جلب أكبر قدر من أموال الشعب، والسيطرة عليهم، فبدون المال لن تطول فترة حكمهم.

تعالت الأصوات للوقوف في وجه شرعنة نهب أموال البلد ومواطنيه، والفرز الطبقي للمجتمع، حيث دعا مجلس النواب الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص والدول دائمة العضوية وبقية الدول الفاعلة والمهتمة بالشأن اليمني وجميع المنظمات الحقوقية العالمية، للعمل مع الشعب اليمني وشرعيته الدستورية وانهاء الممارسات العنصرية لهذه الجماعة التي بلغت حد تخويل نفسها إصدار وثائق لتقنين العبودية وترسيخ الفصل والتمييز العنصري.


وأمام التشريعات الجديدة تعالت الأصوات للوقوف في وجه شرعنة نهب أموال البلد ومواطنيه، والفرز الطبقي للمجتمع، حيث دعا مجلس النواب الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص والدول دائمة العضوية وبقية الدول الفاعلة والمهتمة بالشأن اليمني وجميع المنظمات الحقوقية العالمية، للعمل مع الشعب اليمني وشرعيته الدستورية على إنهاء الممارسات العنصرية لهذه الجماعة التي بلغت حد تخويل نفسها إصدار وثائق لتقنين العبودية وترسيخ الفصل والتمييز العنصري.
وشددت المكونات الحزبية والشعبية على تجريم كل أشكال العنصرية، وصنوف التمييز الطبقي، وكل ما من شأنه أن يتعارض مع قيم العدالة والمساواة وحق المواطنة ومبدأ الإخاء الوطني.
ودعت جميع أبناء شعبنا وقواه السياسية والاجتماعية إلى مزيد من الاصطفاف، وتوحيد الجهود لاستعادة الدولة والنظام الجمهوري، والانتصار لمبادئ وأهداف الثورة اليمنية التحررية.
ولم يعلق الحوثيون على ما ورد في اللائحة التنفيذية للقانون رقم 2، حتى الآن، رغم ما يدور حولها من انتقادات رافضة لها.

مقالات مشابهة