المشاهد نت

اجتماع الرياض… محطة جديدة من خيبات أمل اليمنيين

صنعاء – حسان محمد:

لم يحمل جديداً اجتماع الرياض الذي دعت إليه المملكة العربية السعودبة، عقب التصعيد العسكري بين الحكومة والمجلس الانتقالي، والتي وصلت إلى السيطرة على جزيرة سقطرى، واشتداد المواجهات في أبين، وإنما أتى بخيبة أمل جديدة تضاف إلى خيبات تتوالى على رؤوس اليمنيين منذ سنين.
وكانت السعودية دعت لاجتماع ضم رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، ونائبه علي محسن، ورئيس مجلس النواب سلطان البركاني، ورئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، وهيئة مستشاريه وأعضاء هيئة رئاسة البرلمان، لإنهاء التصعيد الأخير مع المجلس الانتقالي، والعودة لتنفيذ اتفاق الرياض المتعثر.
وتفاوتت ردود أفعال اليمنيين ومواقفهم حول مخرجات الاجتماع حتى قبل انعقاده، فبينما كان البعض يحاول أن يبعث في نفسه الأمل بأن تكون المخرجات عند مستوى الأحداث والمخاطر المحدقة بالبلاد، فإن آخرين لم يعلقوا عليه الآمال، واعتبروا الهدف منه تطبيع الأوضاع الجديدة وشرعنتها.
ويرى المحلل السياسي الدكتور كمال البعداني، أن الذهاب إلى الرياض جاء استجابة لطلب السعودية، في المقام الأول، ولو لم تكن راغبة بذلك، فلن يستطيع أحد الوصول إلى الرياض، فقد منعت الجميع (رئاسة وبرلماناً وحكومة) من اتخاذ أي موقف مما حصل في سقطرى، والخوف حالياً على جبهة أبين بعد الموقف القوي الذي أبدته هناك القيادة العسكرية أمام اللجنة السعودية.
وكتب البعداني، في منشور على صفحته في “فيسبوك”: “عندما يكون الاجتماع في بيت الجاني الحقيقي، والذي يقف خلف كل ما أصابك من ضرر، فالتفاؤل هنا نوع من السذاجة والغباء، إنه اجتماع تحليل لا اجتماع تحرير”.

خيبة أمل

وجاءت كلمة رئيس الجمهورية، بحسب المراقبين السياسيين، ضعيفة ودون مستوى الأحداث، وأثار شكره للمملكة ودورها في اليمن سخط وغضب الموالين لحكومته باعتبارها شريكاً للإمارات في جرائمها في اليمن، وفي تمكين المجلس الانتقالي من السيطرة على المحافظات، وآخرها سقطرى.
ولم يذكر الرئيس دولة الإمارات في كلمته، ولا دورها في دعم ما سماه التمرد، واعتبر مشاهدة المدرعات والعتاد والمركبات العسكرية تقتحم مؤسسات الدولة، وتروع الآمنين، في جزيرة سقطرى المسالمة، منظراً يحز بالنفس ويبعث الأسف، لأن مكانها الطبيعي في عقبة ثرة، وجبال الحشا، وصرواح، ونهم، والبيضاء، وقاع الحوبان، حيث المعركة الكبيرة، مشيراً إلى أن الاحتكام إلى السلاح والقوة لتحقيق مكاسب شخصية، أو تمرير مشاريع فئوية، أو مناطقية أو حزبية، لن يكون مقبولاً.
واكتفى بدعوة “المجلس الانتقالي” إلى العودة إلى مسار تنفيذ اتفاق الرياض، وإيقاف نزيف الدم والتصعيد والاعتداءات، والعودة الصادقة والجادة لتنفيذ اتفاق الرياض.
رئيس مجلس النواب سلطان البركاني، وجه التحايا للمملكة ولقياداتها الذين أكد أنهم يسهرون الليل والنهار من أجل اليمن وإنهاء التوتر في هذه المنطقة، ويعملون بشكل صادق مع اليمن، ويهمهم أمنه واستقراره ووحدته وسلامة أراضيه.
وقال البركاني، في حوار مع صحيفة “الشرق الأوسط”: “الزيارة أمر طبيعي، وليس فيها ما يدعو إلى الشك لدى البعض الذين حاولوا التأويل والتفسير، نحن حلفاء، وذهابنا إلى المملكة من أجل مصلحة اليمن الذي تعمل الرياض من أجله، وأرجو ألا يساء الظن بقيادة الدولة ولا البرلمان ولا الحكومة لأنهم جادون في إسقاط المشروع الحوثي وإعادة اليمن لإطاره العربي والدولي”، إلا أن المحللين السياسيين يرون في الثناء على السعودية وشكر سلمان وابنه على جهودهما، بمثابة غسيل لجرائمها في اليمن، وشرعنة لاحتلال التحالف وتفتيته للبلاد، ووصايتها عليها.

نتائج متوقعة

نتائج الاجتماع كانت متوقعة من قبل الكثير من المتابعين للأوضاع في البلد، وقبل اللقاء كتب الدكتور البعداني: “من خلال التجارب العديدة السابقة نستطيع أن نقول لكم: إن نتيجة الاجتماع والتشاور معروفة من الآن، وهي إصدار بيان يحملون فيه الانتقالي المسؤولية عما حدث، ثم يقدمون الشكر والتقدير والعرفان لقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة على ما تبذله من دعم للحكومة، ويطالبونها في نفس الوقت بالضغط على الانتقالي من أجل تنفيذ اتفاق الرياض، وتقديم المزيد من التنازلات أولها الموافقة على تنفيذ الشق السياسي من اتفاق الرياض “تشكيل الحكومة وتعيين محافظ لعدن”، في خطوة قاتلة ومخالفة لاتفاق الرياض الذي ينص على تنفيذ الشق العسكري قبل السياسي”.
أما الدكتور فيصل علي، رئيس مركز يمانيون للدراسات، فيقول: “لا أتوقع من هادي ومدعوي حفلة السفير أن يكون لهم موقف يتعلق بالسيادة والحفاظ على الجمهورية اليمنية، ومن يجاملون السعودية لأجل “الهدمة واللقمة والشقة” على حساب الجمهورية والسيادة، ليسوا أهلاً لفعل ما يجب عليهم فعله”.
ويضيف علي، في منشور على صفحته في “فيسبوك”: الإمارات ليست أسوأ من السعودية في ما يتعلق بتقسيم الجمهورية اليمنية، وتحميلها المسؤولية وحدها ومنح شهادة براءة للسعودية عمل لاوطني، أتمنى أن أكون مخطئاً في تقديري، وأن يوفقهم الله لما يخدم البلد.

إقرأ أيضاً  رغم العروض المغرية.. «الخضروات» بعيدة عن متناول الناس بصنعاء

ضغوط لتعديل الاتفاق

تداولت وسائل إعلامية أن هناك ضغوطاً كبيرة من السعودية على الحكومة لتعديل اتفاق الرياض، والبدء بالشق السياسي، وهذا ما اعتبره المحللون السياسيون الهدف الخفي للاجتماع الذي لم يحضره المجلس الانتقالي كطرف في الصراع، إلا أنهم يؤكدون على رفض هادي الذي قال في كلمته “جاء قبولنا لاتفاق الرياض، وضرورة تنفيذه بشكل كامل دون انتقاء أو تجزئة، منبثقاً من قناعتنا الراسخة بأنه يمثل المخرج الآمن لإنهاء أسباب ومظاهر وتداعيات التمرد المسلح في العاصمة المؤقتة عدن، وبعض المناطق المحررة، وبما يغلب المصلحة الوطنية العليا، ويوحد الجهود لمواجهة الانقلاب الحوثي، واستيعاب الجميع في إطار الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية والمدنية، إلا أنه للأسف تعثر تنفيذه لفترة طويلة نتيجة استمرار الممارسات التصعيدية التي كان منها إعلان ما يسمى “الادارة الذاتية”، وما ترتب عليه، وكان آخرها ما شهدته محافظة أرخبيل سقطرى من تمرد على الدولة ومؤسساتها واعتداءات على مواطنيها الأبرياء المسالمين”.
وأكد البركاني أن اتفاق الرياض يعالج ما يخص المحافظات الجنوبية والشرقية، والخلاف مع المجلس الانتقالي، وباركه العالم، ولم نعد بحاجة لتوقيع اتفاقات أخرى كما يشيع البعض، لكننا سنعمل مع القيادة السعودية على ترجمته على أرض الواقع.
ويعتبر الصحفي جمال عامر ما يحدث نوعاً من صراع النفوذ بين السعودية والإمارات، ويوضح ضعف ابن سلمان أمام ابن زايد الذي انعكس على هادي وحكومته، وقد زاد من جشع الثاني ليكون هو اللاعب الأول في الجنوب، باعتباره الأقرب إلى واشنطن، والعلاقة به أقل كلفة سياسية.
قال عامر، في صفحته على “فيسبوك”: “خروج القوات من عدن وعواصم المدن وتسليم أسلحتها الثقيلة قبل تشكيل الحكومة، يعني سيطرة فعلية للرياض على عواصم المحافظات الجنوبية وتحويل كامل القوات إلى مجرد مقاتلين لخصومها، وهو ما لن يرضي أبوظبي التي انتزعت سقطرى، وبدأت على الأرض بالإعداد للسيطرة على حضرموت، مع نية المتابعة لتشمل بقية الجنوب”.

تهدئة جبهة أبين

لعل أبرز محطات الاجتماع، توجيهات رئيس الجمهورية للقوات المسلحة في محافظة أبين، بتوقيف العمليات العسكرية، وما أعقبه من هدوء نسبي بعد إعلان الجيش في محوري عتق وأبين، التزامه بتوجيهات رئيس الجمهورية، وإصداره بياناً عن بدء تنفيذ الهدنة، إلا أنه في اليوم نفسه أعلنت قيادات المجلس الانتقالي بحضرموت دعوات للتصعيد حتى تحقيق الإدارة الذاتية في كافة المحافظات الجنوبية.

مقالات مشابهة