المشاهد نت

لماذا يفشل الشباب في إدارة مشاريعهم الصغيرة؟

صورة تعبيرية

صنعاء – إبراهيم يحيى :

انتهى المطاف بالشاب اليمني فوزي الشروحي، إلى السجن المركزي بصنعاء، بعد عجزه عن تسديد القرض الذي حصل عليه بهدف إنشاء مشروعه الخاص، والمتمثل في مخبز افتتحه في شارع التلفزيون شمال العاصمة صنعاء.
ولم يكن أمام ضامن فوزي التجاري سوى الزج به في السجن، كونه لم يستطع أن يلتزم بتسديد القرض المقدر بـ3 ملايين ريال يمني (4 آلاف دولار أمريكي)  لإحدى شركات التمويل.
عمل فوزي بالمخبز  7 أشهر فقط، قبل أن تهاجمه خسائر كبيرة، الأمر الذي تسبب بفشل المشروع.
ويقول إن سبب الفشل يعود إلى ارتفاع أسعار الدقيق والقمح، التي ترتفع بشكل كبير، بالإضافة إلى ضعف الإقبال في الشراء ونقص الخبرة، فضلاً عن ارتفاع نسبة الفائدة، إذ إن التأخير في تسديد قسط من القرض يرفع نسبة الفائدة.
إزاء ذلك الفشل لم يكن أمام فوزي سوى بيع المعدات الخاصة بالمخبز، في حراج الصافية وسط صنعاء، بسعر بخس، ولم تفِ بتسديد ما تبقى من قرض التمويل.

لماذا يفشل الشباب؟

ويعتمد الاقتصاد الوطني على المشاريع الصغيرة والأصغر، بشكل كبير، حيث تمثل 97% من إجمالي المشاريع في اليمن، بحسب يونس السوسوة، مدير عام الصناعات الصغيرة والمتوسطة بوزارة الصناعة والتجارة بصنعاء.
لكن محمد الصايدي عندما فكر في إنشاء مشروع للوجبات السريعة بشارع الدائري، بالقرب من جامعة صنعاء، بعد اقتراصه 4 ملايين ريال (5300 دولار)، فشل في الاستمرار به.
وعقب 4 أشهر من افتتاح المشروع، واجه الصايدي خسائر كبيرة، ما اضطره إلى إقفال المحل وبيع المعدات بأسعار رخيصة، كما يروي لـ”المشاهد”.
ويقول: “أصبحت عاطلاً عن العمل، ولا يوجد لدي أي دخل”، مضيفاً: “كل ذلك أدى إلى تفكك أسرتي، والآن إخوان زوجتي يطالبونني بإعادة الذهب الخاص بأخواتهم”.
ويرجع الصايدي فشل المشروع إلى عدم وجود خبرة له في هذا المجال، إضافة إلى ارتفاع أسعار الإيجارات في هذا الشارع، وضعف القوة الشرائية بسبب الوضع الاقتصادي والحرب.
وتعيد الدكتورة كفاح الخالدي، أستاذة علم الاقتصاد بجامعة دار السلام الخاصة، أسباب فشل المشاريع إلى ضعف الدعم الفني من الجانب الحكومي أو القطاع الخاص، كعمل دورات في إدارة المشاريع ودراسات الجدوى للشباب المقبلين على افتتاح مشاريع صغيرة ومتوسطة، مؤكدة لـ”المشاهد” أن عدم وجود أي دعم حكومي مادي للشباب يؤدي إلى فشل مشاريع كثيرة للشباب، فمثلاً في الأردن يتم عمل ورش تدريبية للشباب قبل دخولهم في مشاريع جديدة.
تقديم الدعم النقدي يرافقه متابعة مستمرة من أجل معرفة جوانب القصور وتقديم الاستشارات من قبل خبراء ومتخصصين لنجاح المشروع، مما أسهم في نجاح كبير للمشاريع الخاصة في الأردن، وانخفاض البطالة، وتحقيق استقرار اقتصادي، كما تقول الدكتورة الخالدي.
ويرى السوسوة أن من أسباب فشل المشاريع في اليمن انعدام الخبرة في العديد من النواحي الفنية والتسويقية، إضافة إلى عدم وجود دراسات جدوى لهذه المشاريع، ونقص التمويل، وعدم اختيار المكان المناسب للمشروع.

إقرأ أيضاً  غياب الطب النفسي يدفع مرضى الأرياف نحو «الشعوذة»

فوائد مرتفعة للقروض

عدد المشاريع الأصغر على مستوى الجمهورية اليمنية، 21.801 مشروعاً، تصدرتها أمانة العاصمة (3388 مشروعاً)، والمشاريع الصغيرة 5322 مشروعاً، والمشاريع المتوسطة 531 مشروعاً على مستوى الجمهورية اليمنية.

وتشير آخر الإحصائيات عام 2015، إلى أن عدد المشاريع الأصغر على مستوى الجمهورية اليمنية، 21.801 مشروعاً، تصدرتها أمانة العاصمة (3388 مشروعاً)، والمشاريع الصغيرة 5322 مشروعاً، والمشاريع المتوسطة 531 مشروعاً على مستوى الجمهورية اليمنية، بحسب تأكيد السوسوة لـ”المشاهد”.
ويصل رأسمال المشاريع الصغيرة جداً، مليون ريال، ويصل العاملين فيها إلى 4 عمال، والمشاريع الصغيرة التي تتطلب من 4 إلى 9 عمال، يتراوح تمويلها بين مليون و20 مليون ريال، والمشاريع المتوسطة يعمل بها ما بين 10 و50 عاملاً، وبرأسمال بين 20 مليوناً وأقل من مليار ريال، بحسب السوسوة.
وتقوم بعض البنوك وشركات التمويل برفع نسبة الفائدة على القروض بشكل كبير، بحسب أحمد سعد، مسؤول التمويل بإحدى البنوك التجارية، مؤكداً لـ”المشاهد” أن عدم وجود متابعة وتقييم هذه المشاريع يتسبب بخسارة وفشل المشاريع، ما يترتب عليها حبس صاحب المشروع أو القيام ببيع الذهب أو مصادرة الأملاك التي وضعها كتأمين للتمويل.

إهمال حكومي

ويكمن الحل في عمل دورات تأهيلية للعاملين في هذه المشاريع، بالإضافة إلى عمل حاضنات للمشاريع الصغيرة، بحسب السوسوة، قائلاً: “هذا ما نطمح إلى عمله في الوزارة”.
لكن سعد يؤكد عدم وجود تمويل حكومي في اليمن للمشاريع، بعكس ما هو موجود في كثير من دول العالم، فمثلاً في الهند يتم دعم المشاريع الصغيرة، وبشكل كبير، من قبل الدولة، وبنسبة أرباح قليله جداً، لتخفيف الضغط على الوظائف الحكومية، لأن هذه المشاريع تعمل على رفد الاقتصاد الوطني بشكل كبير، والتخفيف من البطالة، حيث يفضل المواطن في الهند العمل في مشروعه الخاص، بدلاً من العمل الحكومي.

مقالات مشابهة