المشاهد نت

اليوم العالمي للعمل الإنساني… الوضع المعيشي في اليمن يزداد تفاقماً

مساعدات انسانية لليمن - ارشيفية

عدن – مكين العوجري:

بالتزامن مع اليوم العالمي للعمل الإنساني، والذي يصادف 19 أغسطس من كل عام، يشهد اليمن تقليصا كبيرا للمساعدات الغذائية والبرامج الصحية والإنسانية نتيجة نقص في التمويل وتعذر الوصول إلى آلية موحدة لتنسيق الجهود الإنسانية بين وكالات العمل الإنساني وأطراف الصراع في اليمن، حسب مسئولين في الأمم المتحدة والحكومة اليمنية.

وينذر هذا الوضع بتفاقم سوء الأوضاع المعيشية في اليمن في ظل استمرار الحرب بين أطراف محلية، وبدعم من قوى إقليمية جعلت من البلد أسوأ أزمة إنسانية حسب توصيف المنظمة الأممية.

 ويأتي خطر المجاعة وانهيار منظومة الخدمات الأساسية على رأس قائمة الآثار السلبية لتقليص برامج العمل الإنساني، حسب مسئول محلي في مكتب الأمم المتحدة في اليمن.،

حيث تشير تقارير وكالات الأمم المتحدة في اليمن أن الملايين من السكان مهددون بالمجاعة وتزداد هذه الخطورة مع تراجع الأعمال الإنسانية وارتفاع نسبة السكان الذين هم بحاجة للمساعدة إلى 80%.

وقد أحدث بالعفل تقليص البرامج الإنسانية والصحية خلال الأشهر الأربعة الماضية تدهورا في الوضع الإنساني على كافة المستويات، خصوصا في المناطق التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله (الحوثيين).

وقد قلصت عدد كبير من المنظمات الدولية والمحلية، أعمالها في تلك المناطق، ما يزيد من تفاقم الأوضاع، خصوصاً مع جائحة “كوفيد 19” التي تتعدى القدرات الصحية الهشة.

صعوبة الانتقال من العمل الإغاثي إلى الإنعاش المبكر

وفي اليوم العالمي للعمل الإنساني، يقول الدكتور إبراهيم المسلمي، مدير مؤسسة تمدين شباب مكتب تعز، إن العمل الإغاثي فيه الكثير من الجهد والإرهاق والوقت، حيث تصل أحياناً ساعات العمل اليومية لأكثر من 20 ساعة عمل نتيجة ضغوط العمل وضرورة سرعة الاستجابة الإنسانية للأوضاع الطارئة للنازحين والمتضررين من الحرب.

 لافتاً إلى أن فريق المؤسسة يعمل خلال فترة الدوام الرسمي وخارجه، فقد لا يجد إجازة أو عطلاً رسمية، وأغلب الأوقات خارج المنزل.

وأوضح المسلمي أن طبيعة الاحتياجات القائمة والوضع الراهن يمنع انتقالهم من العمل الإغاثي إلى الإنعاش المبكر وبرامج التعافي طويل الأمد.

وهذا بسبب سلوك النمط التقليدي في التدخلات الإنسانية الحالية بفعل استمرار الحرب والتدهور الأمني وارتفاع عدد الفئات التي تحتاج معونات إنسانية، حسب المسلمي.

ويشير إلى أن من التحديات التي تواجه عمال الإغاثة، صعوبة الوصول للمناطق الريفية، والنزوح المستمر، وتركز العمل حول الإغاثة المتعلقة بالمساعدات الغذائية والمساعدات النقدية والصحة والإصحاح البيئي، دون الالتفات لجوانب هامة كالتعليم والبنية التحتية.

الوصول للمحتاجين

واعتبر المسلمي أن تصاريح العمل الإغاثي، من الإجراءات التي لا بد منها حسب كل قطاع، مؤكداً أن العمل يسير بشكل مهني، لذلك يتم منحهم التصاريح المطلوبة خلال فترة قصيرة، بتعاون السلطات المحلية، بعد تزويدها بنسخة من مقترحات المشاريع والاتفاقيات الموقعة مع المانحين قبل أي تدخل من منهم بكل شفافية ووضوح.

ويختلف معه صلاح أحمد، عامل توزيع مساعدات في إحدى المنظمات الدولية العاملة في محافظة تعز.

 حيث يشير صلاح أن السلطة المحلية تتهاون في تقديم التسهيل للمنظمات العاملة في المجال الإنساني، لكنه يتفق معه في محدودية الدعم المقدم، مما يجعل المساعدات لا تشمل جميع المحتاجين في مناطق التوزيع.

تدخلات الأطراف العسكرية تعيق تنسيق الجهود الإنسانية

ويرى صلاح أن العمل الإنساني يحتاج إلى خطة استراتيجية تتبناها الحكومة مع الجهات الداعمة، من أجل انتشال الناس من الفقر والجوع والمرض.

 موضحاً أن كل منظمة تعمل وفق آلية عمل تختلف عن الأخرى.

 يقول صلاح “البعض يعتمد على كشوفات تقدم من المجتمع أو السلطة المحلية، والبعض يقوم بالبحث عن المستفيدين عبر النزول والتسجيل والتحقق من التسجيل”.

وقال رئيس اللجنة العليا للإغاثة الدكتور عبد الرقيب فتح،: “طالبنا الأمم المتحدة باتباع أسلوب اللامركزية في العمل الإغاثي من خلال إيجاد 5 مراكز إغاثية على مستوى الجمهورية اليمنية”، مشيراً إلى أن كل مركز يغطي عدداً من المحافظات، وتكون له استقلالية في التخطيط والتنفيذ، وإيجاد شراكة مع منظمات المجتمع المدني، لافتاً إلى أن تلك المقترحات لم تجد الاستجابة الفاعلة.

وأشار إلى أن استمرار ضعف الأعمال الإنسانية وعدم تحسنها، ناتج عن عدم فاعلية عمل المنظمات الدولية والتدخلات الإنسانية في العمل الإغاثي جراء تدخلات أطراف عسكرية بصورة عامة، وليس بسبب نقص في التمويلات.

مؤكداً أن اللجنة العليا دعت مراراً للانتقال من مرحلة التشخيص إلى مرحلة المعالجة، وستستمر الحكومة الشرعية في دعم المنظمات الأممية، واعتبارها شريكاً إنسانياً.

إقرأ أيضاً  عملة معدنية جديدة.. هل فشلت جهود إنهاء الانقسام النقدي؟

وكشف أن كل التمويلات التي تحصل عليها تلك المنظمات، تذهب إليها، وليس إلى الحكومة، مشيراً إلى أن اللجنة لا تشكك في تقارير الأمم المتحدة، ولكنها تؤكد وجود قصور في أداء المهام.

نقص في التمويل

وقال زيد العلايا، مسؤول الإعلام والاتصال في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إن اليمن لم تشهد من قبل حالة تتداخل فيها أزمة اقتصادية محلية حادة مع انخفاض حاد في التحويلات المالية وتخفيضات كبيرة في دعم المانحين للمساعدات الإنسانية، وسط انتشار جائحة كورونا وصراع مستمر.

 مشيراً إلى أن نقص التمويل يشكل المشكلة الأكبر التي تواجهها المنظمات العاملة في المجال الإنساني باليمن.

وكشف منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ، السيد مارك لوكوك، أن الجوع وكوفيد 19؛ وتصاعد الصراع وانهيار الاقتصاد، تعتبر من العوامل الرئيسية الأخرى التي أسهمت في الوضع الإنساني المتردي الحالي في اليمن، وقال إن “الوكالات الإنسانية على وشك الإفلاس مرة أخرى”. وهناك حاجة إلي أكثر من 2.3 مليار دولار أمريكي لتغطية الاستجابة الإنسانية في اليمن للفترة المتبقية من 2020.

وأوضح العلايا أن حدة القتال تعد العائق الأكبر أمام وصول المساعدات إلى مستحقيها في بعض المناطق التي تفرض قيوداً على وصول المساعدات، مشيراً إلى توصيات ومحادثات مستمرة مع جميع أطراف النزاع، لضمان استمرار تقديم المساعدات الإنسانية، بما فيها الغذائية، إلى المحتاجين، دون أي عوائق.

وقال إن الأمين العام للأمم المتحدة قدم اقتراحاً بوقف إطلاق النار والعمليات القتالية، والذي سيضمن تحسين عملية الوصول للمساعدات الإنسانية إلى كل من يحتاجها في جميع المناطق.

ونفى زيد العلايا تعليق أية منظمة أعمالها بشكل كامل، لكنها قلصت بعضها في البرامج بسبب نقص التمويل.

 حيث قال: “في شهر أبريل، تـم تقليص المساعدات الغذائية في المحافظات الشمالية من حصص كاملة شهرياً إلى حصص كاملة كل شهرين، وبذلك تم خفض المساعدات الخاصة بـ 9 ملايين شخص إلى النصف”، لافتاً إلى أنه من المتوقع إجراء المزيد من التخفيضات في المحافظات الشمالية والجنوبية مع حلول نوفمبر القادم.

الانحدار للمجاعة

سيؤدي خفض المساعدات المتوقع إلى تضرر نحو 5 ملايين شخص. وهذا سيؤدي إلى إضعاف الأمن الغذائي للأسر التي تصنف في المرحلة الرابعة في التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهذه الفئة على بعد خطوة واحدة من خط “المجاعة”، وهي مرحلة الطوارئ.

 ويواجه المصنفون فيها فجوات كبيرة في القدرة على شراء الأغذية. كما يتوقع أن تواجه هذه الفئة خطر الانحدار إلى المرحلة الخامسة في التصنيف المرحلي المتكامل المعروفة بمرحلة الكارثة: المجاعة.

 وتواجه الأسر المصنفة في هذا المرحلة نقصاً شديداً في الغذاء، وربما التضور جوعاً، بحسب العلايا.

ولفت العلايا إلى أن مدفوعات تحفيزية لـ10،000 عامل صحي على الخطوط الأمامية للاستجابة لوباء كورونا توقفت بالفعل، ما لم يتم الحصول على التمويل المطلوب في المستقبل القريب، فإن الاستجابة الكاملة لـCOVID في خطر.

وأشار إلى أن برامج المياه والصرف الصحي التي تخدم 4.7 مليون شخص، بدأت في الإغلاق والتقليل، وسيكون هناك انخفاض بنسبة 50٪ في دعم الوقود لدعم إمدادات المياه والكهرباء، مما سيقلل من قدرة استمرار عمل هذه الخدمات.

مضيفا أن الانخفاض بنسبة 50٪ في فرق الاستجابة السريعة، يضعف بشكل كبير من قدرة الاستجابة للطوارئ الصحية خصوصا الأمراض المنقولة بالمياه، بما في ذلك الكوليرا.

وكشف أن برامج المساعدة الغذائية العامة التي كانت تصل إلى أكثر من 13 مليون شخص شهرياً، خلال الربع الأول من عام 2020، قد تقلصت إلى 8.7 مليون شخص فقط منذ أبريل، وسيحرم حوالي 5 ملايين طفل من التطعيمات الروتينية.

 وفي أغسطس انخفضت برامج التغذية التي تستهدف أكثر من مليوني طفل ممن يعانون من سوء التغذية المعتدل والشديد، وتنتهي، فيما سيتم إغلاق 60٪ من مراكز التغذية العلاجية التابعة لمنظمة الصحة العالمية ولن يتم علاج 26٪ من الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد من قبل برامج اليونيسف.

 مشيراً إلى أن برنامج الصحة الأوسع نطاقاً، الذي يستفيد منه 19 مليون شخص، في طريقه إلى التوقف، بالإضافة إلى توقف الدعم عن 10٪ من المرافق الصحية في يونيو، وسترتفع هذه النسبة إلى 60٪ بحلول سبتمبر من العام الحالي.

وفي ظل تزايد فئات الاحتياج للمساعدات الإنسانية، تتراجع المعونات في بلد قد تطول الحرب الأهلية فيه، ما يفاقم الكارثة، إذا لم يتم وضع حدا للحرب.

مقالات مشابهة