المشاهد نت

الائتلاف الوطني الجنوبي على خطى “الانتقالي”… فرض الندية من بوابة الجماهير

من فعالية الئتلاف الوطني في محافظة شبوة

عدن – سامي عبدالعالم :

في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت، دشن الائتلاف الوطني الجنوبي مسيرة جماهيرية نظمها وسط مشاركة الآلاف، وسيكون الـ24 من أغسطس 2020، يوم مسيرته في سيئون، يوماً مميزاً في تاريخ الائتلاف الذي تأسس حديثاً. يخطو الائتلاف بثبات لفرض نفسه طرفاً في المشهد الجنوبي، نداً للمجلس الانتقالي الجنوبي.

والواقع أن تحركاته تكتسب مزيداً من الأهمية، وتخلق حيوية جديدة في المشهد الجنوبي، مع ظهور منافس صاعد. كما تظهر للعلن خارطة نفوذ القوى المتصارعة على الساحة الجنوبية، والمعروفة سلفاً، تأكيداً لحضور الحكومة وحلفائها، كحزب الإصلاح، في شبوة وحضرموت الوادي والصحراء وأجزاء من أبين وسقطرى والمهرة، مقابل سيطرة “الانتقالي” في عدن وأجزاء من الضالع ولحج.يمكن القول بأن الائتلاف الوطني الجنوبي حقق انطلاقة قوية لتكريس اسمه، ولكن السؤال: هل يبني الائتلاف تكتلاً جنوبياً يمثل شريحة واسعة من الجنوبيين الذين لا يجدون في الانتقالي الجنوبي معبراً عنهم، أم أنه يبني إطاراً لتعزيز نفوذ رئيسه أحمد العيسي؟

في عدن وأجزاء من الضالع ولحج.يمكن القول بأن الائتلاف الوطني الجنوبي حقق انطلاقة قوية لتكريس اسمه، ولكن السؤال: هل يبني الائتلاف تكتلاً جنوبياً يمثل شريحة واسعة من الجنوبيين الذين لا يجدون في الانتقالي الجنوبي معبراً عنهم، أم أنه يبني إطاراً لتعزيز نفوذ رئيسه أحمد العيسي؟

دشن الائتلاف برنامجاً في طور التشكل، انطلاقاً من القاعدة الشعبية، وقد بدأ بالخطوة الأسهل والأهم في الوقت نفسه، وهي الجماهير.منذ أواخر يوليو وخلال أغسطس، برز اسم التحالف في المشهد الجنوبي، من خلال تنظيم مسيرات في 4 مناطق ومدن: في لودر كبرى مديريات أبين، وفي حديبو عاصمة محافظة سقطرى، ومسيرة في عتق عاصمة محافظة شبوة، وأخرى في سيئون بحضرموت.وقد كان لكل فعالية وقع مختلف وخطاب مختلف أيضاً ضمن شعار عام داعم للحكومة واليمن الاتحادي واتفاق الرياض، ورفض احتكار تمثيل الجنوب من قبل أي طرف.

مسارات جديدة في الجنوب

على طريقة المجلس الانتقالي الجنوبي، بدأ الائتلاف الوطني الجنوبي الرافض لانفصال الجنوب والمؤيد لمشروع الدولة الاتحادية من ٦ أقاليم، من خلال الإعلان عن فروع له في عدد من المحافظات في الجنوب.كما باشر في لملمة صف قيادي يشمل القوى المناوئة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وهو يبدو كمحاولة تتشكل داخل منظومة قيادة الحكومة، مضافاً إليها عزيمة أحمد العيسي، رئيس الائتلاف، وطموحاته التي بدأت بالإعلان عن نفسها وعدم الاكتفاء بتحريك الأمور من الظل.خلال التظاهرات الحاشدة التي نظمها الائتلاف الجنوبي، رفعت صور الرئيس هادي، وإلى جانبها صور العيسي، دون مسوغ كافٍ.ويعرف الجميع أن قوة سياسية كحزب الإصلاح بقاعدته الجماهيرية، هو أبرز طرف في الائتلاف يعطي فعالياته زخماً جماهيرياً، على أن ذلك لا يقلل من قدرة العيسي كطرف ذي نفوذ في الجنوب، وصاحب تطلعات سياسية.

أين تكمن نقاط القوة؟

يكتسب وجود الائتلاف كإطار ما فرصة لكسب جانب سياسيين وناشطين وجمهور في الجنوب لطالما شعروا بالضيق لعدم إحساسهم بالانتماء، ولكونهم لا يشعرون أن الانتقالي الجنوبي يعبر عنهم. كما أن نزعة “الانتقالي” في الماضي القوية نحو إلغاء القوى الأخرى أو عدم الاعتراف بها، أوغرت صدور كثيرين.سياقات متعددة للخلافات في الجنوب تصب في صالح وجود إطار آخر يتمتع بالإمكانيات اللازمة، وهو ما يتطلب خطة جيدة للبناء التنظيمي وفرض

ثمة ما يشير إلى أن مسار الائتلاف قد ينجح ويحالف الحظ قياداته نظراً للحاجة الماسة إلى وجود بديل مناسب عن القوى السياسية.والواضح أن ظهور الائتلاف نداً لـ”الانتقالي”، مثل آلية بديلة بدافع الضرورة

الذات.وهذا بحد ذاته يتمحور حول استراتيجية الائتلاف الذي نشأ حديثاً، وفي الوقت الضائع، ومدى قدرة قيادته على بنائه بشكل سليم دون تداخل مع شخصية رئيس الائتلاف ومؤسسه ومصالحه وأهدافه.ثمة ما يشير إلى أن مسار الائتلاف قد ينجح ويحالف الحظ قياداته نظراً للحاجة الماسة إلى وجود بديل مناسب عن القوى السياسية.والواضح أن ظهور الائتلاف نداً لـ”الانتقالي”، مثل آلية بديلة بدافع الضرورة، فرضت نفسها بعد انغلاق الأفق أمام العمل السياسي، وتجميده في محافظات الجنوب بفعل هبة “الانتقالي”، وظهوره القوي في الميدان، وتوجهه نحو التضييق على الأحزاب، وهو أمر معلوم لجهة سياسة الإمارات في اليمن، وباعتبارها الطرف الذي يقف خلف “الانتقالي”.

أطر جديدة لأحزاب قديمة

من يلاحظ مسار الصراع السياسي في الجنوب، سيرى بوضوح كيف يتركز حول نقطة أساسية تتعلق بطرف يسعى لانفصال الجنوب، وطرف آخر يؤيد خيار الدولة الاتحادية.لكن المثير للاهتمام أن الأطر السياسية الصاعدة كالمجلس الانتقالي الجنوبي والائتلاف الوطني الجنوبي، ما هي في حقيقة الأمر سوى أطر تحمل مسميات جديدة، فيما تحركها من الداخل أجندات الأحزاب القديمة نفسها.فالمجلس لانتقالي الجنوبي من الداخل خليط أبرز ما فيه الحزب الاشتراكي، وجناح من المؤتمر الشعبي، وتوجهات أخرى، من بينها الرابطة، وهي جماعة يتزعمها عبدالرحمن الجفري، إضافة إلى قوى جديدة. وبالمثل يشكل الإصلاح وجناح آخر من المؤتمر الشعبي القوة الأساسية في الائتلاف الوطني الجنوبي.

إقرأ أيضاً  تعز…تسجيل وفيات بالكوليرا

ظروف مواتية لتشكل قوى جديدة

عند الإعلان عن الائتلاف الوطني الجنوبي بدا أن جزءاً أساسياً من خطابه يركز على المطالبة بوضع اعتبار له في الحكومة القادمة.أطراف كثيرة في حضرموت وعدن ومحافظات جنوبية، والحراك التهامي، جميعهم ظهروا يطالبون بحصتهم في تشكيلة الحكومة، سواء حدث ذلك من تلقاء أنفسهم أو بدفع من طرف ما في الرئاسة أثناء مشاورات الرياض، تتجلى الظروف الراهنة لتشكل مجالاً واسعاً لتوافق المصالح بين قوى وأطراف كثيرة في الجنوب من صالحها التكتل في إطار سياسي ينافس ويزاحم “الانتقالي”.قد تكون بداية الفكرة أشبه بصفقة آنية، لتلبية حاجة لدى العيسي نفسه، الذي يعتبر نفسه لاعباً رئيسياً له ثقله، وإن بدا منفرداً، والذي تبين خلال مشاورات الرياض أنه لا يمكنه الحصول على مقعد تفاوضي، كونه لا يمثل قوة على الأرض.تتألف قيادة الائتلاف حالياً من وزراء وقادة سياسيين في الحكومة والإصلاح وشخصيات اجتماعية جنوبية. ولايزال الائتلاف يخطو أولى خطواته، لكن الظروف مواتية وقد تصب في صالحه.إن أخطر ما يواجه هذا الإطار الجديد أن ظروف نشأته تتشابه كثيراً مع حالة الصفقة العابرة، إضافة إلى تجربة مؤسسه ورئسه أحمد العيسي، وهو تاجر ورجل أعمال له نفوذ سياسي، لكن طابع أدائه على هذا الجانب لم يتسم بالديمومة والسعي لتحقيق استراتيجية سياسية كالتي تعمل عليها القوى السياسية، بما في ذلك قيادة “الانتقالي”. كما أن خطورة الخلط بين النشاط السياسي والمصالح التجارية بالنسبة للعيسي، تمثل تهديداً آخر لمستقبل الائتلاف.أضف إلى ذلك وجود أهداف تخص العيسي نفسه، قد تفترق في مرحلة ما مع القادة الآخرين من السياسيين.

رصيد مجاني للائتلاف الوطني الجنوبي

على الرغم من محاولة عدد محدود من ناشطي “الانتقالي”، التقليل من شأن المظاهرات والفعاليات الجماهيرية للائتلاف الوطني الجنوبي، والقول بأنها مجاميع تابعة للعيسي والإصلاح وهادي وعلي محسن نائب رئيس الجمهورية، وإنها لا تجد شعبية حقيقية في الجنوب، على العكس تماماً تركت الفعاليات وقعاً قوياً لدى “الانتقالي” وقادته.وأظهرت فعاليات الجماهير  قوة لا يستهان بها في عمق الجنوب، تهتف لليمن والوحدة.وسرعان ما اعتبر

تحول بعض قياداته إلى ممارسة السطو والنهب، وغيرها، جعلت الشارع الجنوبي يفقد ثقته، وجعلت “الانتقالي” يخسر رصيده وجزءاً كبيراً من شعبيته.إن أي إطار سياسي صاعد في الجنوب يمتلك أعظم فرصة، مبنية على إخفاق “الانتقالي” نفسه

كثيرون أن هذا التوجه الجنوبي حقيقي بدافع التجربة السيئة في إدارة الوضع في عدن وبعض المناطق تحت سيطرة الانتقالي الجنوبي.عمليات النهب والسلب للأراضي العامة والخاصة في عدن خاصة، وبعض أعمال القتل والعنف وعدم استقرار الأوضاع، وفشل السيطرة على تصرفات المجاميع المسلحة داخل “الانتقالي”، وتحول بعض قياداته إلى ممارسة السطو والنهب، وغيرها، جعلت الشارع الجنوبي يفقد ثقته، وجعلت “الانتقالي” يخسر رصيده وجزءاً كبيراً من شعبيته.

إن أي إطار سياسي صاعد في الجنوب يمتلك أعظم فرصة، مبنية على إخفاق “الانتقالي” نفسه.من هنا تتوفر فرصة ازدهار لائتلاف الوطني الجنوبي، وقد حقق أول أنشطته هدفاً هاماً، وهو كسر حاجز الرهبة في الجنوب من خلال تدفق جماهيري هتف باسم اليمن ووحدته، وتوشح علم الوحدة.. وقد كان كل ذلك من المحظورات.وتأكيداً، ظهر رئيس الائتلاف الوطني الجنوبي في اجتماع له مع قيادات الائتلاف، ومن خلفه صورة لباب اليمن.

خطورة المزيد من الاستقطابات

يستند الانتقالي الجنوبي إلى قوات عسكرية وعشرات الألوية تم تشكيلها بتمويل من الإمارات خلال السنوات الماضية، ويعتمد على شعبية تتراجع نوعاً ما بفعل إخفاقاته وأخطاء بعض قياداته الميدانية، لكن ذلك لا يمكن اعتباره نقطة تفوق حاسمة.فالائتلاف الوطني الجنوبي، وكونه إطاراً من داخل قوى وأجنحة السلطة، يمثل نهجه الأساس دعم الحكومة، وبالتالي يمكن وصفه كإطار جديد لتكتل قوة سياسية داعمة ومساندة للشرعية والجيش الوطني.على أنه لا يستبعد في المستقبل أن يذهب نحو إنشاء تشكيلات مسلحة خاصة به، بحسب اتجاهات الصراع داخل الجنوب، وهو صراع متجذر، خصوصاً بين أبين والضالع.وحيث اتسم نهج الانتقالي الجنوبي بتشكيل أطر كبديل للدولة، كمجلس وطني جنوبي، ومجلس اقتصادي، والمضي في تشكيل وإعلان قيادات في المحافظات والمديريات، وعلى كل المستويات، من غير المستبعد أيضاً أن تعمل القوى المناوئة له على القيام بخطوات مماثلة لتأمين نفسها في مختلف مناطق ومديريات الجنوب.وذلك أخطر ما يمكن أن يصل إليه الوضع، حيث ينقسم المجتمع ويتخندق الكل على مستوى القرى والأرياف والمدن، ما يجعل الصراع وموجات الاقتتال دون نهاية محددة، وهو ما يعني أن اتفاق الرياض قد يمثل مخرجاً أفضل للجميع للحيلولة دون مصير قاتم.

مقالات مشابهة