المشاهد نت

هل يدفع تصعيد الحوثيين في “مأرب” الحكومة للضغط نحو استئناف معركة الحديدة؟

عدن – سامي عبدالعالم:

أنهى المبعوث الأممي إلى اليمن، زيارة خاطفة إلى الرياض، ليوم فقط، في مسعى لتنظيم لقاء بين ممثلين عن الحكومة وجماعة الحوثيين في محاولة لإحياء المسار السياسي شبه المجمد.
ورفض الرئيس عبد ربه منصور هادي، مقابلته، احتجاجاً على صمت الأمم المتحدة تجاه ما تصفه الحكومة بالتصعيد الحوثي في محافظتي مأرب والجوف (شرق اليمن)، واستغلالاً لاتفاق الحديدة المبرم في السويد.
وقد أبدت الحكومة موقفها وعزمها إنهاء التزامها باتفاق ستوكهولم، رداً على التصعيد العسكري للحوثيين.
وعلى الرغم من اختتام غريفيث زيارته للرياض بتصريح عبر فيه عن الرفض للتصعيد والهجوم الحوثي على مأرب، لكن قيادة الحكومة لا تبدو أنها اقتنعت بذلك، وزادت دعوات من أعضاء مجلسي النواب والشوري لقيادة الحكومة بالعودة إلى الداخل، وإنهاء اتفاق السويد، واستئناف معارك تحرير الحديدة وبقية المحافظات التي لاتزال تحت سيطرة الحوثيين.
وحول تفسيره لتلك الدعوات، يقول لـ”المشاهد” الدكتور عبدالكريم سلام، وهو سياسي وخبير اقتصادي، إن تلك الدعوات والمطالبات من النواب وأعضاء مجلس الشورى، تأتي من أجل تخفيف الضغط على مأرب، وحشد الضغط الدبلوماسي على الحوثيين من جهة، وربما يعبر عن إخفاق تنفيذ اتفاق الرياض من جهة أخرى. لكنه يشير إلى أن إنهاء اتفاق ستوكهولم لا يتطلب دعوة، بقدر ما يقرره الطرف القوي على الأرض. وهذه المسألة مرتبطة بتوافق الأطراف التي يفترض أنها تواجه الحوثيين، ومدى توحيد جبهتها وتناغم مواقفها التي تبدو حتى اللحظة على خلاف.

تلويح مكرر بإنهاء اتفاق ستوكهولم

ليست المرة الأولى التي تلوح فيها الحكومة اليمنية بوقف العمل باتفاق ستوكهولم واستئناف معركة تحرير مدينة وميناء الحديدة.

الضغوط على مأرب، تدفع بقوة نحو إعادة طرح ملف الحديدة من قبل الحكومة التي تبدو في حالة تذمر شديد من الأمم المتحدة، وفي حالة تحفز تنذر بتفاقم المشكلات مع المبعوث الأممي مارتن غريفيث.


تهديدات، تشبه عملية تنفيس عن غضب فقط. فالحكومة ترزح تحت ضغوط غير مسبوقة على وقع تصعيد جماعة الحوثيين عملياتها العسكرية في مأرب.
تلك الضغوط على مأرب، تدفع بقوة نحو إعادة طرح ملف الحديدة من قبل الحكومة التي تبدو في حالة تذمر شديد من الأمم المتحدة، وفي حالة تحفز تنذر بتفاقم المشكلات مع المبعوث الأممي مارتن غريفيث.
وقد حذرت الحكومة، على لسان وزير خارجيتها محمد الحضرمي، من أنها لن تقف مكتوفة الأيدي حيال استغلال جماعة الحوثي لاتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة، وتحشيدها في محافظتي الجوف ومأرب.
وأعلنت الخارجية أن استمرار عمل بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة ” أونمها”، بات أمراً غير مجدً.
وترى الحكومة أن هذه البعثة لم تحقق أي شيء يذكر، وأنها مقيدة تحت رحمة الحوثيين الذين يستمرون في تقويض تنفيذ مقتضيات اتفاق الحديدة.
واتهمت الخارجية جماعة الحوثي بتقويض عمل البعثة الأممية، وتقييد حريتها وحركتها، ورفض إزالة الألغام أو فتح الممرات الإنسانية أو السماح لدوريات الأمم المتحدة بالتحرك داخل مدينة الحديدة.

بعثة أمنية معطلة

من وجهة نظر الحكومة، يجب نقل مقر البعثة الأممية إلى مكان محايد في الحديدة، وتأمين عملها بما يضمن تنفيذ ولايتها المحددة بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم ٢٤٥٢.
والواقع أن ملف الحديدة لم يعد يحظى بأي اهتمام دولي، كما في السابق.
كما لم يعد أحد يحفل كثيراً بالبعثة الأممية، وتقول الخارجية إن البعثة لم تتمكن من التحقيق في استهداف الحوثيين لضابط الارتباط الحكومي العقيد محمد الصليحي، والذي يفترض أن يحظى بحماية البعثة.
وتضيف أن الحوثيين رفضوا التحقيق، وقاموا بتفجير نقطة المراقبة التي تم فيها الاستهداف لتقويض أية عملية تحقيق من قبل الأمم المتحدة.
وطالبت الحكومة مجدداً بضرورة التحقيق الشفاف والشامل في استهداف ضابط الارتباط الحكومي العقيد الصليحي.

خروقات واسعة واتهامات متبادلة

وتشهد الحديدة خروقات واسعة النطاق، وتبادل اتهامات بين القوات المشتركة المحسوبة على الحكومة وجماعة الحوثيين.
وذكرت وزارة الخارجية في صفحتها على “تويتر”، أن خروقات الحوثيين لوقف إطلاق النار في الحديدة، تصاعدت وتيرتها بشكل كبير، إذ بلغت ٧٣٧٨ خرقاً، خلال شهر يوليو الماضي، نتج عنها خسائر بشرية بلغت ٩٧ شخصاً، بينهم ١٤ شهيداً و٨٣ جريحاً، منهم 3 مدنيين.
وتقول الحكومة إن الحوثيين مستمرون باستخدام الحديدة كمنصة لهجمات الطائرات بدون طيار والزوارق المفخخة والمسيرة عن بعد، وكذا استغلال اتفاق الحديدة للتحشيد في محافظتي الجوف ومأرب.

إقرأ أيضاً  «بسمة العيد 3» تُواسي الأطفال المحتاجين بعدن

حكومة مقيدة

وعلى وقع التصعيد العسكري في مأرب من جانب الحوثيين، من المرتقب بروز تحرك موازٍ للحكومة، خصوصاً بعد عودة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، من رحلة علاجية في الولايات المتحدة، إلى العاصمة السعودية الرياض.
ملفات شائكة متعددة تثقل كاهل حكومة تصريف الأعمال، والتعقيدات الميدانية التي تواجه مسار تنفيذ اتفاق الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، إضافة إلى الضغط العسكري في جبهات مـرب والجوف والبيضاء من قبل الحوثيين.

ملفات شائكة متعددة تثقل كاهل حكومة تصريف الأعمال، والتعقيدات الميدانية التي تواجه مسار تنفيذ اتفاق الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، إضافة إلى الضغط العسكري في جبهات مـرب والجوف والبيضاء من قبل الحوثيين.


ولجأت الخارجية إلى المناورات بشأن اتفاق الحديدة، بخاصة بشأن التهديد الذي يحيط بمأرب . على أن نقاشات تدور بين مسؤولي الحكومة حول إمكانية القيام بتحرك يكسر الضغط العسكري الحوثي على مأرب.
ويقول مصدر مطلع إن الحكومة تريد القيام بتحرك عسكري في الحديدة، لكنها لا تضمن انصياع القوات المشتركة هناك لتوجيهاتها.
وعلى الرغم من مطالبة طارق صالح، عضو قيادة القوات المشتركة، الحكومة بإعلان فشل اتفاق ستوكهولم وإسقاط العمل به، إلا أن القوات هناك، والمكونة من ألوية العمالقة الجنوبية وألوية تهامية، إضافة إلى ألوية شكلها طارق صالح، تأتمر بأمر التحالف، وبخاصة الإمارات.

تداعيات إنسانية

ومما يثير حفيظة الحكومة، الصمت من جانب الأمم المتحدة والمبعوث الأممي مارتن غريفيث، تجاه التصعيد العسكري من قبل الحوثيين على مأرب.
ويثار على نطاق واسع، هذه الأيام، الموقف الأممي إبان عملية تحرير الحديدة، وكيف قام غريفيث والأمم المتحدة بضغوط وتحركات لإيقاف المعركة في ذروة تفوق القوات الحكومية، متذرعين بالمسألة الإنسانية.
كان السبب الرئيسي لوقف العملية، الحيلولة دون وقوع خسائر في صفوف المدنيين.
في الوقت الراهن تتعرض آلاف الأسر لمخاطر متعددة بسبب التصعيد العسكري من قبل الحوثيين على مأرب. وهناك آلاف النازحين في مأرب عرضة للخطر، وفي حالة نزوح جديد.
ويلقي ناشطون ومنظمات حقوقية باللوم على المبعوث غريفيث والأمم المتحدة لعدم اتخاذهم أي موقف على منوال ما قاموا به سابقاً في الحديدة.
وفي أحدث إحصائية لها، قالت منظمة الهجرة الدولية، إن ٣٣٤ أسرة نزحت بسبب تصاعد القتال في محافظة مأرب، خلال أسبوع، منذ مطلع سبتمبر ٢٠٢٠م.
من أصل ٥٤٣ أسرة نزحت داخلياً في شبوة والحديدة ومأرب، تمثل المعارك في مأرب سبباً رئيسياً للنزوح الداخلي، وباتت مأرب أكبر محافظة حالياً تعاني من حالات النزوح.
مخيمات النازحين في مأرب، التي تفوق ٩٠ مخيماً، تعد من أكبر المتضررين جراء التصعيد العسكري من قبل الحوثيين.
إن مخاطر جمة تتهدد كتلة بشرية واسعة تدفقت خلال السنوات الماضية نحو مدينة ومحافظة مأرب، في ظل استمرار التحشيد من قبل جماعة الحوثيين التي تهدد باجتياح مأرب.
وأمام مسؤوليتها، سيكون على الحكومة القيام بتحركات قوية لتأمين مأرب والمدنيين هناك، إضافة إلى مئات الآلاف من المواطنين من المحافظات الأخرى، ممن توافدوا على مأرب، واستقروا فيها، دون انتظار موقف أممي يضع اعتباراً لحساب الوضع الإنساني في حال استمرار الضغط العسكري على مأرب.
ومن بين الخيارات المتاحة أمام الحكومة لتخفيف الضغط على مأرب، من المتوقع تفعيل المعارك في جبهات أخرى، من بينها الحديدة.

مقالات مشابهة