المشاهد نت

من مدرس إلى بائع خضروات

التربوي محمد الصغير مهدي

صنعاء – قاسم الشاوش :

للحرب جوانب معاناة لا تلتفت إليها الأنظار المنشغلة بأحداث المعارك الصاخبة، ولها ضحايا مطمورون تحت غبار الأخبار المثيرة كون أوجاعهم لا تملك مزايا الإثارة اللافتة للإنتباه.

أناس كثيرون انقلبت حياتهم إلى جحيم على هامش الحرب وتأثيراتها الاقتصادية، جحيم لا ضجيج فيها ولهذا يظل المعذبون بها خارج دائرة الاهتمام رغم ضخامة عددهم. أوضح مثال على هؤلاء هم موظفو القطاع الحكومي الذين انقطعت مرتباتهم منذ أربع سنوات.

(محمد الصغير مهدي) رجل أربعيني من أبناء محافظة ريمة، كان قبل الحرب يعيش مع أسرته حياة طبيعية، فهو يعمل مدرسا حكوميا في إحدى مدارس العاصمة صنعاء بمقابل راتب شهري هو مصدر دخله الوحيد.

بعد قرابة عشرين عاما من الخدمة في قطاع التعليم، وجد نفسه بلا راتب يقتات منه هو وأسرته المكونة من زوجة وأربعة أبناء يسكنون منزلا بالإيجار في مدينة صنعاء.

بصوت حزين يقول: “كنا سعداء رغم أن الراتب بالكاد يكفيني أنا وأسرتي التي أنا عائلها الوحيد، اندلعت الحرب وبدأت الحياة تقسو علينا يوما بعد يوم نتيجة الغلاء وتدهور العملة اليمنية، ثم جاء انقطاع الراتب لنصير عاجزين عن توفير أبسط متطلبات الحياة في حين استمر ارتفاع الأسعار وإيجارات المنازل بشكل جنوني تفاقمت معه المعاناة والوضع السيئ الذي نعيشه”.

بسبب ظروف الحرب تعطلت أغلب المصانع الشركات، و رغم ذلك كان على محمد البحث عن مصدر رزق بديل. يقول محمد: “حاولت البحث عن عمل دون جدوى، أصبحت لا أجد حتى ثمن الخبز لإطعام أسرتي، لكني لم أيأس. اخترت مهنة بيع الخضار لرخص ثمنها وحاجة الناس لها. فذهبت لأحد أقاربي واقترضت منه مبلغا من المال لأبدأ به مشوار بيع الخضروات بالتجزئة. في الصباح أذهب لعملي كمدرس، وأعود لبيع الخضار من الظهيرة إلى المساء، هو وضع مرهق ولكن الحمدلله، أعمل جاهدا لإيجاد لقمة العيش لأسرتي، وأحرص على أن يواصل أبنائي تعليمهم فهذا واجبي كأب و كمعلم.

إقرأ أيضاً  غياب الوعي بالتغذية العلاجية في اليمن 

يؤكد محمد أنه لا يحصل على أي مساعدات إغاثية من تلك التي توزعها المنظمات الإنسانية للمحتاجين. أما إيراد محل الخضروات فهو بالكاد يغطي الاحتياجات الأساسية لعائلته، فيما تظل حالة الفقر قائمة وتحرمهم من أشياء كثيرة، بصوت تخنقه الدموع يقول محمد: “مات والدي قبل عام في القرية ولم أستطع زيارته أو المشاركة في دفنه لأني لا أملك تكاليف السفر إلى محافظة ريمة ثم إلى قريتنا المنعزلة. فسلمت أمري لله.

محمد هو واحد من بين مئة و ستين ألف مدرس يمني انقطعت رواتبهم منذ أربع سنوات، يختم كلامه بأمنية واحدة: “أتمنى من الله أن تنتهي الحرب لنخرج من هذا الوضع المؤلم وتتحسن الظروف أو تعود كما كانت قبل الحرب.

تنشر هذه القصة بالتزامن مع نشرها في منصة ” صوت إنسان “ “وفقا لإتفاق بين المشاهد والوكالة الفرنسية لتنمية الاعلام CFI

مقالات مشابهة