المشاهد نت

مشروع في تعز للحد من نسبة الامية في أوساط النساء

منيرة في مركز التدريب

تعز- مجيد الضبابي :

تتردد عشرات النساء والفتيات الأميات على منزل منيرة حسان الخليدي (32 عاما) في منطقة الضباب محافظة تعز لتلقي دروس في القراءة والكتابة والحساب وتعلم مهارات الخياطة والتطريز.

مبادرة ذاتية أطلقتها منيرة قبل سنوات وحولت منزلها إلى مكان لتعليم النساء في منطقتها ابجديات القراءة والكتابة مبادرة اضاءت مساحة من واقع مظلم ساده الفقر والجهل وفرضته الحرب، وخطوة تعتبر بارقة أمل للحد من نسبة الامية في أوساط النساء رغم المعاناة والحرمان والواقع الاجتماعي والمعيشي للمواطن الذي القى بظلاله على حرمان الفتاة حقها في التعليم.

مشروع في تعز للحد من نسبة الامية في أوساط النساء
نساء في مركز تدريب على الحرف اليدوية

تقول منيرة: “نحن بنات الريف هُضمت كامل حقوقنا في التعليم فقد كنت أنا الوحيدة التي تخرجت من المدرسة بشهادة ثانوية عامة، وكان لي حلم بمواصلة الدراسة الجامعية واتخصص صحافة لأسلط الضوء على معاناة الناس لكن تبخر هذا الحلم”، وتُرجع منيرة السبب لكلمة (عيب) وأخواتها بمبرر يكفي أنه لديك ثانوية.

استقرت منيرة لفترة في البيت اشغلت نفسها بتدريس الأطفال مقابل مبلغ رمزي نهاية كل شهر، قبل أن تلتحق بالمعهد العالي للمعلمين بتعز تخصص علوم قرآن وتخرجت عام 2013م.

ولعدم وجود وظائف قررت فتح مركز تعليم محو الامية للنساء ساعدها أخوها في التنسيق مع إدارة محو الأمية وتعليم الكبار بمكتب التربية والتعليم بتعز تضمن خلاله درجة وظيفية وبالفعل بدأت التدريس بمدرسة محمد الدرة بذات المنطقة حوالي عامين لكن الحرب أجبرت المدرسة على الإغلاق.

إصرار عجيب

حولت منيرة منزلها إلى مدرسة لتعليم النساء في زمن الحرب وجندت نفسها لتعليم نساء منطقتها، كمبادرة في ظل ظروف صعبة تمر بها البلاد لكنها حطمت كل القيود واشعلت الضوء في عتمة الليل.

تستقبل منيرة بمنزلها في كل عام 50 امرأة، وتستغرق ثلاث سنوات للتخرج تكون خلالها النساء قد تعلمن القراءة والكتابة والحساب وأمور دينية، فخلال ست سنوات استقبلت 300 امرأة من القرى القريبة لها بمنطقة الضباب، بمتوسط عمر (25-55) اضافة إلى تعليم 100 فتاة مهارات الخياطة و30 فتاة مهارات التطريز بمتوسط عمر (18-30).

اهمال

مشروع في تعز للحد من نسبة الامية في أوساط النساء

تقول منيرة: “لم أحصل على دعم مالي من أي جهة سوى مبلغ رمزي مكافئة نهاية كل سنة من مكتب التربية، وفي البداية كنت أخذ مبلغ 200 ريال شهرياً من كل امرأة، فهناك اقبال كبير ومتزايد لكن البيت لا تسمح باستيعاب المزيد ولا توجد إمكانيات ودعم من قبل مكتب التربية الذي اكتفى بدوره الاشرافي فقط ومتابعة خطة المنهج المقدم منه لمحو الأمية وتعليم الكبار.

إقرأ أيضاً  بعد تعز.. تزايد الإصابات بـ«الكوليرا» في صنعاء

وتتابع قائلة: “مع الحرب الدائرة والوضع بتعز أجد صعوبة في استخراج المنهج المقرر لمحو الامية من مكتب التربية واستمر في المعاملة احياناً اسبوعين لأنه يوقع موظف وأخر غائب”.

شغف كبير

رغم كل المعاناة وشحة الإمكانيات نجد منيرة شغوفة بتعليم النساء وأصبح واقعها اليومي مرتبط بهن، حتى أنها تعلمت اشياء كثيرة لأجلهن، وزاد احترام الناس لها ومباركتهم لمبادرتها، “كسبت احترام النساء وحبهن، تعلمت منهن كيف للمرء أن يخدم مجتمعه، تعلمت الخياطة، التطريز، لأجلهن، فقد اكتسبت مهارات دون أن اشعر” حد وصفها.

عاتكة قاسم (50 عاماً) أمي، هي إحدى النساء اللاتي تعلمن على مدى ثلاث سنوات في منزل منيرة تقول: “الحمد لله تعلمت اقرأ واكتب والأن كما ترى أقرأ اسمائكم أنت واخوانك في التلفون وأرسل لكم رسائل واحفظ جزء (عمّ) من القرآن وقليل من الجزء الثاني.

تضيف عاتكة: “الاستاذة منيرة تحرص أنها تعلم كل واحدة حتى بمفردها وتحبب لهن الدرس، كما أنها خفيفة دم وتجعل كل من تأتي للدراسة تواصل ولا تغيب أو تهمل في حل الواجب، وقد كنت أحسن طالبة مجتهدة واجاوب على كل سؤال وحتى انها جعلتني مسؤولة عليهن”.

لتبديد واقع الجهل والظلام جاءت مبادرة منيرة الوحيدة في المنطقة لأنها كما تصف نحن بنات الريف مهضوم حقنا في كل شيء حتى في التعليم فنجد هنا من تقول ليتني كنت متعلمة واخرى تقول نفسي أدرس، ونفسي اقرأ من المصحف وهكذا كلها أمنيات في قلوب بعض الأمهات والأخوات لكن لم يجدن من يحقق لهن هذه الأماني.

طموح

مشروع في تعز للحد من نسبة الامية في أوساط النساء

تسعى منيرة لتطوير المبادرة بتوفير وسائل تعليم حديثة وطرق تدريس مناسبة تمكن النساء التعلم بسهولة، وإلى توفير مكائن خياطة للأمهات لتعلم الخياطة، كما أنها تحلم ببناء مركز خاص لمحو أمية النساء، وإقامة حفل سنوي يحضره مختصين ورجال أعمال وتسليط الضوء على المركز والمبادرة. وتتمنى تنفيذ هكذا مبادرات في قرى المنطقة، والذي سينعكس ايجاباً على المرأة، فالعلم يمنحها مكانة اجتماعية ويرفع وعيها بأن تكون عنصر فاعل في الأسرة والمجتمع.

تنشر هذه القصة بالتزامن مع نشرها في منصة ” صوت إنسان “ “وفقا لإتفاق بين المشاهد والوكالة الفرنسية لتنمية الاعلام CFI

مقالات مشابهة