المشاهد نت

ذمرين… من طالب مرفوض في كلية الهندسة في اليمن إلى مطور الخلايا الشمسية في اليابان

البرفسور مروان ذمرين

صنعاء – علي المليكي :

يتبوأ البروفيسور اليمني مروان ذمرين، حالياً، منصب إدارة مركز أشباه الموصلات المشترك بين جامعة أوساكا اليابانية الحكومية وشركة تويو ألمنيوم إحدى كبريات شركات الطاقة المتجددة في اليابان. ذمرين كان قد عمل مع الشركة ذاتها في مجال الطاقة الشمسية في السنوات الـ9 الماضية. فقد كان ابتدأ عمله في الشركة رئيساً لوحدة أبحاث الخلايا الشمسية من 2011 حتى 2015، ثم عضو مجلس إدارة الشركة باعتباره كبير الخبراء الباحثين في تطوير صناعة الخلايا الشمسية، حتى أغسطس 2020.

وعند العودة بالذاكرة إلى الوراء قليلاً، نجد ذمرين لايزال يتذكر محطات عهد طفولته. لنكتشف أن البروفيسور الذي نشأ بجوار قلعة القاهرة في مدينة تعز، صار من كبار خبراء صناعة الطاقة الشمسية في العالم، ومسجلاً أكثر من 40 براءة اختراع في هذا المجال. ومن جامعة أوساكا الحكومية، لايزال يتذكر رائحة خبز “الخمير” وأكلة “الطرمبة” التي تشتهر بها أسواق مدينة تعز.

مرحلة الطفولة

ولد ذمرين في حي الأشرفية بتعز، في 1975. بعدها انتقل إلى حارة المغربة جوار قلعة القاهرة في المدينة نفسها. حيث درس الابتدائية في مدرسة أروى، وكان التعليم حينها مختلطاً إلى الصف الرابع الابتدائي. وتابع تعليمه الابتدائي في مدرسة خالد بن الوليد في المدينة ذاتها.

ويقول ذمرين لـ”المشاهد”: “هناك مدرسون تركوا بصمة في حياتي، ولهم الفضل في تغيير أشياء في حياتي، وطريقة التفكير، لكني للأسف لا أتذكر الأسماء”.

أحب ذمرين اللغة العربية في الابتدائية والإعدادية، وكان لها اهتمام واسع عنده. ويقول: “كنت مولعاً بالقراءة خارج المقرر الدراسي في ما يخص اللغة العربية. كنت أحب الشعر والأدب والبلاغة”. ويضيف أنه قرأ “متن الآجرومية” في النحو، وكتاب “الأمالي” في الأدب، وهو في سن صغيرة.

وبالرغم من انشغاله وانغماسه في الحياة العملية، إلا أن لذمرين ذكرياته الجميلة عن مسقط رأسه تعز التي لاتزال عالقة في ذهنه.

يقول: مازلت أتعلق بمدينة تعز، وأتذكر حتى رائحة الخبز في أسواق المدينة الذي يسمى باللهجة المحلية “الخمير”. وأتذكر بعض المأكولات الشعبية كـ”الطرمبة” التي تُعرف في صنعاء بـ”بلح الشام”.

المعادلة التي غيرت المعدل

من المواقف التي لاتزال محفورة في ذهن ذمرين، يوم امتحان مادة الكيمياء لنيل شهادة الثانوية العامة، الذي كان تقريبا عام 1991.

يقول: “كان هناك سؤال يعتمد على القدرة على الحفظ، وكان هذا السؤال هو جل الامتحان تقريباً، وكان يتعلق بمعادلات الكيمياء العضوية. فكنت أجيب بشكل جيد في كل الامتحانات، وكان المراقبون يعرفون ذلك، ولاحظوا أني وقفت عاجزاً في امتحان الكيمياء، لأن السؤال كان مفاجئاً لي. لدرجة أن المراقب عرض عليَّ المساعدة، فرفضت لأني كنت أريد درجات بجهدي، ولا أستحق الدرجات لهذا السؤال لأني لم أحفظ المعادلة بشكل جيد”.

ولكن نتيجة ذمرين في الكيمياء جاءت 51%، مما أثر على المعدل العام، ولم يتمكن بسببها من دخول كلية الهندسة، لأن المتطلب حينها كان 80%.

انتهى المشوار به إلى اختيار كلية قريبة من الهندسة، وهي كلية العلوم قسم الفيزياء في جامعة صنعاء.

عودة الطلاب المغتربين في الخليج بمعدلات عالية

في تلك الفترة شهد اليمن عودة المغتربين اليمنيين من دول الخليج، وكان الطلاب الذين قدموا من السعودية يحملون معدلات تصل إلى أكثر من 90%.

يعتقد ذمرين أن “النظام التعليمي في السعودية كان بهذا الشكل، ولم تكن تلك المعدلات حقيقية”. ويقول إن “هذا سبب ضغطاً على الكليات في جامعة صنعاء، مما زاد من صرامة القبول والاختيار”. موضحاً: “نتيجة لهذا لم أوفق في كلية الهندسة، والتحقت بكلية العلوم”.

طلب غريب من عميد كلية الهندسة

كانت قوانين جامعة صنعاء تسمح بالانتقال من كلية العلوم إلى كلية الهندسة تحت شروط معينة، وبموافقة العميد. يقول ذمرين إنه ذهب برفقة والده إلى عميد كلية الهندسة في حينها “فأعجب بدرجاتي في كلية العلوم، وكانت مقررات السنة الأولى أغلبها مشتركة بين العلوم والهندسة، باستثناء مواد قليلة”.

“فطلب مني العميد تزكية من شيخ قبلي من بني حشيش أو باتجاه مأرب، تفيد أني من أبناء المناطق النائية، وأنا من تعز في نهاية المطاف”. موضحاً: “كانت التزكية في ذلك الوقت (من شيخ قبلي) تضيف 5% إلى المعدل. فأنا ضحكت ووالدي صمت ولم يتكلم”.

ويضيف: “أمام هذا الطلب، قلت له أنت ترفض درجات عالية (يقصد درجات الجامعة للسنة الأولى)، وتطلب تزكية من شيخ قبلي. فغادرت وقررت مواصلة قسم الفيزياء في كلية العلوم. وتخرجت من قسم الفيزياء الأول على الدفعة، وتعينت بعدها معيداً في الجامعة نفسها. وقبل التعيين قضيت سنة بدون أي شيء للحفاظ على الدرجة العلمية”.

تدخل الدكتور عبدالعزيز المقالح للموافقة على السفر لليابان

بعد صدور التعيين بشهرين، تقدم ذمرين لمنحة من الحكومة اليابانية في السفارة اليابانية، وكانت منحة دراسية لبرنامج الماجستير والدكتوراه في اليابان.

يقول: “كانت هذه المنحة تمنح لشخص واحد في كل عام. وكان المتقدمون كثيرين. وبحمد الله فزت بالمنحة، وسافرت إلى اليابان. ولكن قبل السفر حدثت مشكلة عويصة”.

كانت قوانين كلية العلوم تشترط قضاء سنتين في التدريس قبل الابتعاث. وهذه المنحة لم تكن على حساب الحكومة اليمنية، ولكن هذا الشرط كان يشمل جميع المنح الدراسية للخارج.

يقول ذمرين: “كان هذا الشرط قاسياً، كوني حصلت على المنحة ولم يمضِ عليَّ في التدريس سوى شهرين فقط”.

فرفض مجلس قسم الفيزياء في كلية العلوم بجامعة صنعاء، قرار ابتعاث ذمرين. “فأشار عليَّ الدكتور محمد قاسم المتوكل، أستاذ الطاقة الشمسية في جامعة صنعاء، بالذهاب إلى رئيس الجامعة في حينها الدكتور عبدالعزيز المقالح”.

ذهب ذمرين إلى مكتب الدكتور “وانتظرت وقتاً طويلاً حتى سمحت لي سكرتارية رئيس الجامعة بلقائه، فدخلت على الأستاذ، وقد كتبت عريضة طويلة”.

ويستطرد: “الأستاذ المقالح قال: ما المشكلة يا بني؟ فقلت له أنا حصلت على منحة من الحكومة اليابانية لدراسة الماجستير والدكتوراه، لن تكلف خزينة الدولة شيئاً، وأنا معيد في القسم، لكن يجب أن أقضي سنتين في التدريس للموافقة على ابتعاثي من الكلية. فهل ممكن استثنائي من هذا الشرط؟”.

“الوالد المقالح الذي يعتبر أباً لجميع الأكاديميين اليمنيين” كما يقول ذمرين، وافق على الفور، وحرر مذكرة يستثنيه من شرط الخدمة سنتين.

بعدها عاد إلى قسم الفيزياء، وطلب اجتماعاً آخر لمجلس الفيزياء، وأحضر مذكرة الاستثناء من رئيس الجامعة، وتمت الموافقة على ابتعاثه لليابان في 1998.

سافر ذمرين اليابان في 1999، ودرس الماجستير في جامعة طوكيو للزراعة والتكنولوجيا، وأنهى برنامج الماجستير خلال سنتين بعد برنامج تعلم اللغة.

بعدها تقدم لبرنامج الدكتوراه في الجامعة نفسها لمدة 3 سنوات. وبعد تخرجه في 2004 حصل على عمل لمدة سنة في الجامعة ذاتها، كعضو لجنة تحكيم براءة الاختراع، “وكان هذا العمل بمثابة الفرصة للاحتكاك بالوسط الأكاديمي” كما يقول.

حصل في العام نفسه على الزمالة في جمعية تشجيع العلوم اليابانية، وهي من أعلى وأرقى منح الزمالة التي تقدم للطلاب الأجانب في اليابان، حسب ذمرين. موضحاً: “يقدم على عضوية هذه الجمعية تقريبا 3000 عالم سنوياً، من مختلف أنحاء العالم، ولا يحصل سوى 150 عالماً من المتقدمين على الزمالة، ويكون الفائز بالزمالة قد قدم مراراً وتكراراً، ويكون ما يعرضه قوياً في مجال تخصصه لمنحه الزمالة، وتمر سنوات حتى يتم البت في الطلب”.

“من حسن حظي أنه تمت الموافقة من أول تقديم لي. وحصلت على الزمالة لمدة سنتين مع كامل النفقات للأبحاث العلمية. وبناء عليه قدمت تمديداً لابتعاثي كونها تحتسب من برامج البحوث العليا بعد برنامج الدكتوراه، وهي في اليابان لا تعد مهنة عند محصلي الضرائب لأنها تعتبر زميل دراسة لأبحاث ما بعد الدكتوراه”.

ذمرين... من طالب مرفوض في كلية الهندسة في اليمن إلى مطور الخلايا الشمسية في اليابان

في هذه الفترة تم إدخال نظام البصمة في جامعة صنعاء، وتم فصل ذمرين في 2008 باعتباره من المبتعثين الذين لم يعودوا إلى الجامعة.

يقول ذمرين: “حاول والدي استعادة وظيفتي في الجامعة ولو إجازة بدون مرتب”، لكن بدون جدوى.

المقارنة بين العودة لليمن أو العمل مع الحكومة اليابانية

وفي هذه الفترة حصل ذمرين على عرض عمل لدى مشروع يتبع الحكومة اليابانية للطاقة الشمسية.

يقول: “كنت أقارن بين العودة إلى اليمن بدون إمكانيات، أو الانضمام للمشروع الياباني للطاقة الشمسية. وكان المشروع يعمل على إعادة تدوير السيليكون، وكنت الباحث الرئيسي في المشروع، وسجلنا براءة اختراع بالاشتراك مع الجامعة من المشروع نفسه”.

حظي مشروع تدوير السيليكون، بإشراف ذمرين، بدعم يصل حوالي إلى مليوني دولار من الحكومة اليابانية.

“فطلبت إجازة بدون راتب (من جامعة صنعاء) لاستكمل عملي في المشروع، وقوبل الطلب بجملة من التعقيدات، لأكتشف قرار فصلي مجدداً من جامعة صنعاء في 2017، ضمن القرارات التي تقوم بها حركة أنصار الله في اليمن، ونزلت كشوفات المتغيبين الأكاديميين، وكان اسمي من بينهم، فلم أعرف ما حصل في 2008 و2017”.

دخول الصين خط إنتاج السيليكون

في ذلك الوقت ارتفع سعر الكيلوجرام من السيليكون من 35 دولاراً إلى حوالي 400 دولار، بسبب تزايد الطلب العالمي على الطاقة الشمية، حسب ذمرين.

إقرأ أيضاً  تعز : الابتهاج بالعيد رغم الحرب والحصار

ويعد السيليكون إحدى أهم المواد اللازمة لصناعة الخلايا الشمسية.

ويوضح: “عند صناعة رقائق السيليكون كانت تهدر حوالي 40% من المواد الخام كنشارة تشبه إلى حد ما نشارة الخشب عند التقطيع. فحتى يتم استرداد المواد المفقودة تقدمنا بالمشروع إلى منظمة دعم الطاقات المتجددة اليابانية، فتمت الموافقة على المشروع، وتم منحنا مليوني دولار لعمل الدراسات اللازمة لإعادة تدوير السيليكون”.

ويقول: “خلال المشروع ابتكرنا طريقة جيدة، بحيث سيصل سعر الكيلوجرام من السيليكون إلى 70 دولاراً”. منوهاً: “لكن في السنة الأخيرة من مرحلة المشروع انخفض السعر عالمياً بعد دخول الصين خط إنتاج السيليكون، وانخفض السعر ليصل 25 دولاراً للكيلوجرام الواحد. بالتالي فقد المشروع قيمته الاقتصادية، والسبب أنه كان في بداية المشروع تكلفة الكيلوجرام للسيليكون 400 دولار، فعندما تقوم بالتدوير وتخفض السعر إلى 70 دولاراً كان ممتازاً بالنظر إلى السعر الأصلي، أما وقد انخفض فلم يعد مجدياً”.

ويضيف: “دخول الصين رفع كمية الإنتاج، ومازال سعر السيليكون في انخفاض، وربما يصل إلى 15 دولاراً للكيلوجرام، وهذا هو السبب لانخفاض سعر الخلايا الشمسية”.

القيمة الاقتصادية لبراءات الاختراع

يقول ذمرين: براءة الاختراع هي مجال واسع، وليس بالضرورة أن تكون كل براءة اختراع ذات قيمة اقتصادية. فتدوير السيليكون لم يعد له قيمة اقتصادية بعد انخفاض سعر الكيلوجرام إلى أقل من 20 دولاراً، ولكن تبقى القيمة العلمية فقط”.

ويضيف: “فالشركات تسجل الحماية الفكرية أو براءة الاختراع لحماية منتجاتها من التقليد أو نسخ منتجاتها في السوق. وهناك براءات اختراع مستقبلية ترتفع عنها الحماية بعد مرور فترة زمنية معينة”.

ويعطي مثالاً: “مبتكر الماوس في السبعينيات من القرن الماضي لم يستفد منه مالياً على الإطلاق. لأنه في ذلك الوقت كانت باهظة الثمن، ولم تنتج. وتم إنتاج الماوس في بداية التسعينيات بكمية كبيرة جداً، أي بعد مرور 20 عاماً على تسجيل براءة الاختراع. وهذا يعني أنه لا قيمة لها مالياً لأنها أصبحت معلومة عامة متاحة للجميع، وأية براءة اختراع تصبح ملكية عامة بعد مرور 20 عاماً على تسجيلها”.

ويوضح: “يحق لأية شركة أو فرد إنتاج ما تحويه براءة الاختراع بدون أية عواقب مالية”. أي بعد مرور الفترة الزمنية القانونية المحددة بـ20 عاماً من تاريخ الموافقة على تسجيل براءة الاختراع.

ويتابع: بعد ذلك واصلت التدريس في جامعة طوكيو أستاذاً مساعداً إلى 2011، وبعدها طلبت مني إحدى الشركات التي كنا نعمل معها في مجال الأبحاث المشتركة، وهي شركة تويو ألمنيوم، أن أترأس وحدة أبحاث الخلايا الشمسية في الشركة”.

انتقل ذمرين إلى شركة تويو ألمنيوم التي كانت تنتج أنواعاً معينة من المواد الخاصة بتصنيع الخلايا الشمسية. ويوضح: “طلب مني الانضمام للشركة لغرض تعزيز الأنواع الجديدة في التكنولوجيا”.

يقول: “مع هذه الشركة سجلت معظم براءات اختراعاتي التي وصلت حتى الآن أكثر من 40 براءة اختراع التي قد سجلت أو قيد التسجيل، منها 12 براءة قد تمت الموافقة عليها”.

الانتقال إلى جامعة أوساكا

عمل ذمرين في مركز أبحاث الطاقة الشمسية حتى 2015 وبعدها أصبح عضواً في مجلس إدارة شركة تويو ألمنيوم بصفته كبير الخبراء في الشركة، وهي من كبريات الشركات في اليابان، ولديها أكثر من 8 مصانع حول العالم لإنتاج الألمنيوم ومعدات الطاقة الشمسية وغبار الألمنيوم الذي يستخدم في إنتاج وقود صواريخ الفضاء.

في 2019 بدأت فكرة إنشاء مركز أبحاث للطاقة الشمسية في جامعة أوساكا اليابانية. وتبلورت الفكرة في 2020، وقبل ذلك كان ذمرين رئيساً لمراكز أبحاث الطاقة الشمسية لشركة تويو ألمنيوم حتى نهاية أغسطس 2020.

“بعدها خرجت رسمياً من رئاسة مراكز أبحاث الشركة للتفرغ لإنشاء وإدارة مركز أبحاث أشباه الموصلات في جامعة أوساكا، التابع لشركة تويو ألمنيوم. وتبعاً لذلك عينت أستاذاً في الجامعة التي تحتل المرتبة الـ72 على مستوى العالم”.

إجراءات الموافقة على براءات الاختراع

تستغرق عملية الموافقة على أي طلب تسجيل براءة اختراع، وقتاً طويلاً، ويتدخل فيها محامون وشركات تقوم بمعالجة الطلب المقدم، حسب ذمرين.

يقول ذمرين: قبل الموافقة يتم البحث والتمحيص عن براءة اختراع مشابهة لمدة سنة كاملة، عبر مكاتب مخصصة، وإذا لم تجد، تقرر لجنة براء الاختراع أن المشروع المقدم جديد، ليتم وضعه في مكتب براءة الاختراع للعامة لإتاحة فرصة الاعتراض من قبل الشركات التي قد تكون تعمل على نفس الفكرة، ولكنها تحافظ على سرية عملها، ويحق للشركات الاعتراض، كما يحق للمتقدم لبراءة الاختراع الدفاع عن مشروعه”.

ذمرين... من طالب مرفوض في كلية الهندسة في اليمن إلى مطور الخلايا الشمسية في اليابان

وقد تستمر هذه العملية من سنة إلى 3 سنوات، وبعدها تمنح براءة الاختراع. وبعد هذه الفترة يتم تسجيل براءة الاختراع في الدول التي يرغب فيها المخترع بصون الحماية الملكية لاختراعه.

ويضيف: فمثلاً لو أنا سجلت براءة اختراع في اليابان لن تستطيع أية شركة تصنيع منتج براءة الاختراع في اليابان أو تصدير أي منتج يحمل نفس الفكرة لهذا البلد”.

ولكن تستطيع شركة يابانية أو أية جنسية أخرى تصنيع المنتج في الصين أو في الولايات المتحدة، ولذا يقوم المخترع بتسجيل براءة اختراعه في الصين وأمريكا لحماية المنتج من السرقة في هذه البلدان”.

ويستدرك: “لكن للأسف تسجيل براءة الاختراع في كل بلد مكلف جداً، وتصل التكلفة في اليابان مثلاً من 3000 إلى 5000 دولار للاختراع إذا لم تكن هناك أية مشاكل قانونية. أما إذا كان هناك مشاكل فترتفع تكلفة التسجيل إلى 10 آلاف دولار”. موضحاً: “هذا الحال مشابه لتوثيق براءة الاختراع في البلدان الأخرى كالصين وكوريا والولايات المتحدة. فلا يستطيع المخترع (مالياً) تسجيل براءة الاختراع في كل الدول، ويختار أو تختار المخترعة بعض الدول أو الأسواق التي سيتركز فيها هذا المنتج، للحماية الفكرية، ولضمان عدم تقليد المنتج”.

اختراعات ذمرين ملكية للشركة التي يعمل معها

يقول: سجلت كثيراً من براءات الاختراع في الولايات المتحدة الأمريكية، أوروبا، كوريا، والصين، وبتكلفة كبيرة جداً، ودفعت الشركة التي أعمل معها تكاليف التسجيل، مما نزع منها الصفة الشخصية، وأصبحت ملكية للشركة”.

“بمعنى آخر كل براءات الاختراع التي سجلتها باسمي تملكها الشركة. وأخلاقياً لا يحق للباحث تسجيلها بشكل شخصي، لأن الباحث استخدم أدوات ومعدات الشركة أو الجامعة في البحث. ويحق للشركة أو الجامعة مقاضاة مقدم طلب براءة الاختراع إذا اتضح أنه قدم طلبه بشكل شخصي”.

اللغة كشرط للعلم

وفي حديثه مع “المشاهد” ينصح مروان ذمرين الشباب بتعلم اللغات. “إذا لم يتعلموا لغة أجنبية، وبالذات الإنجليزية، ففرصهم محدودة جداً في العلم. المحتوى العلمي الأساسي الموجود بالعربية ركيك جداً، والكتب التي ترجمت هي كتب بسيطة، وهناك كتب مترجمة أو ألفها عرب أثرت المكتبة العربية بمحتوى جيد، حتى أكون منصفاً. لكن يظل هناك ندرة في وفرة الكتب العلمية بالعربية، خصوصاً المراجع العلمية الكبرى. فالاهتمام باللغة الإنجليزية يفتح آفاقاً أوسع للتعليم”.

يجيد ذمرين العربية، اليابانية، والإنجليزية. ويقول إنه حاول تعلم الإسبانية والفرنسية في أوقات معينة، ولكنه فشل. والسبب طغيان الجانب العملي في حياته، وقلة الوقت لديه، وقلة الاحتكاك مع الناطقين بتلك اللغات.

مبادرة الأكاديميين والمهنيين اليمنيين في المهجر

يقول ذمرين إن ما يجري في بلده الأم لا يمكن فصله عن دائرة اهتمام الأكاديميين والمهنيين في المهجر. ويعكف حالياً مجموعة كبيرة من الأكاديميين اليمنيين في المهجر، ومنهم علماء كبار في مختلف العلوم، ومن بينهم ذمرين، على تقديم مبادرة لليمن لمرحلة ما بعد الحرب.

“هدف هذه المبادرة هو مرحلة ما بعد الحرب. ليس بمقدورنا حالياً أن نقدم أو نؤخر في مرحلة الحرب، أو حتى نقدم نصائح لتطوير العملية التعليمية، لأن الشبكة التعليمية والأكاديمية منهارة، وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات بدون مرتبات، ولذلك نبحث عن حلول ما بعد الحرب. أي كيف ستكون اليمن بعد مرحلة الحرب. ما هي الأشياء التي ستقوم بها بعد الحرب؟ لا أستطيع حالياً الخوض في تفاصيل هذه المبادرة، والمبادرة قائمة، وأعضاؤها من كبار علماء اليمن حول العالم”.

شروط إمكانية تصنيع الخلايا الشمسية في اليمن

هناك إقبال كبير على شراء الطاقة الشمية في اليمن، ولكن هذا لا يكفي لإنشاء مصنع لإنتاج الخلايا الشمسية، حسب ذمرين، الذي يقول: البنية التحتية في اليمن للصناعة رديئة. بشكل عام يتطلب الإنتاج كهرباء، مياهاً، أنواعاً معينة من الغازات، وسلسلة معينة من المواد للتصنيع. بالإمكان استيراد كل هذا، والبدء في تحويل المواد إلى خلايا كما يحصل في بعض البلدان العربية كالأردن ومصر وتونس. ولكن هذه المصانع لا تستطيع المنافسة لأن طاقتها الإنتاجية متدنية مقارنة بما تنتجه الصين أو كوريا أو اليابان”.

ويوضح أنه “إذا كان الإنتاج السنوي يصل من 4 إلى 8 ملايين لوح، فهنا تبدأ عملية مقاربة المصانع الكبيرة، وتكون مجدية. أما إذا كان الإنتاج متدنياً، فإن تكلفة الإنتاج ستكون أكبر من تكلفة الشراء للمستهلك من منتجي الخلايا الشمسية في دول شرق آسيا”. “لذلك يجب أولاً توفير البنية التحتية، ومن ثم إنشاء مصانع كبيرة ضخمة، وفرض بعض القيود على الاستيراد، مع أني لا أشجع الأخيرة كونها تضر المستهلك”، يختم البروفيسور مروان ذمرين

مقالات مشابهة