المشاهد نت

مستشفيات توصد أبوابها في وجوه المرضى… هل تكون فاطمة الضحية الأخيرة؟

صورة تعبيرية

تعز – رانيا عبدالله:

من لم يمت برصاص الحرب، مات بسبب إغلاق المشافي أبوابها أمام المرضى، ومنهم فاطمة عبده (34 عاماً) التي فقدت حياتها، تاركة مولودها الجديد وإخوانه الثلاثة يصارعون حياة اليتم.
وأجريت لفاطمة عملية قيصرية، في 8 يونيو الماضي، وفي اليوم التالي قُرر الأطباء لها الخروج من المستشفى رغم طلب أهلها أن تبقى ابنتهم ليوم آخر في المستشفى، بعد شعورهم أنها تحتاج إلى الرعاية داخل المستشفى، كما جرت العادة عقب كل ولادة لها.

مستشفيات توصد أبوابها في وجوه المرضى… هل تكون فاطمة الضحية الأخيرة؟


تقول والدة فاطمة لـ”المشاهد”: “أجرينا عملية قيصرية لابنتي في مستشفى المظفر بمدينة تعز، وتم إخراجها في اليوم الثاني من إجراء العملية رغم أنها تحتاج للعناية لأن لديها مشاكل في التنفس وتحتاج للأوكسجين. توسلت للممرضين بأن تظل ابنتي في المستشفى يوماً آخر، تجنباً لأي طارئ، لكنهم رفضوا بحجة ان المستشفى مليء بالحالات”.
ويرد الدكتور فهد محمود، مدير مستشفى المظفر: بالقول: “أجريت لهذه الحالة عملية في المستشفى، وقد قامت الطبيبة بإجراءات الخروج بعد أن تأكدت من صحتها وصحة مولودها”، مضيفاً: “وبعد أن تلقينا خبر وفاة فاطمة، قمنا بإغلاق القسم وتعقيمه تحسباً أن تكون مصابة بكورونا، وعملنا فحوصات لأفراد أسرتها، ومن خلال نتائج الفحوصات تبين أن فاطمة لم تتوفَّ بسبب فيروس كورونا، فقد ظهرت نتائج الفحوصات لجميع أفراد أسرتها أنها سلبية”.

رحلة البحث عن مستشفى

تعرضت فاطمة لمضاعفات شديدة في المنزل، وبدأت معاناة أسرتها من جديد في التنقل بين مستشفيات المدينة لإنقاذ حياتها، لكن دون جدوى، فالمستشفيات أغلقت أبوابها بوجوههم، ولم تقم بواجبها الذي أنشئت من أجله لإنقاذ حياة المرضى.
بأنفاس متعبة يتحدث الحاج عبده الشرعبي، والد فاطمة، عن رحلته بين المستشفيات لإنقاذ حياة ابنته من الموت، قائلاً: “ساءت حالة ابنتي، وانطلقنا الساعة الثانية بعد منتصف ليل التاسع من يونيو الماضي، ووصلنا لمستشفى الحكمة الخاص، لكنهم رفضوا قطعياً السماح لنا بإدخال ابنتي إلى قسم الإسعاف، ثم اتجهنا إلى مستشفى التعاون، على أمل أن أجد طبيباً أو ممرضاً ينقذ حياتها، لكنهم رفضوا استقبالها أمام توسلاتي بحجة عدم وجود أوراق تدل على حالتها”.
حاول والد فاطمة التحدث إليها وهو ممسك بيدها أنها ستكون بخير هذه المرة. لكنها لفظت أنفاسها الأخيرة أمام بوابة ثالث مستشفى، لتعلو صرخات الأب المغلوب على أمره قهراً على فراق ابنته التي كان بالإمكان إنقاذ حياتها لولا انعدام المسؤولية في هذه المستشفيات.
لم يستوعب الحاج عبده وفاة ابنته بتلك الطريقة، قائلاً: “أؤمن بأن الموت بأجل، لكن أن أفقد حياة ابنتي أمام عيني، بسبب عدم قبول المستشفيات استقبالها وإنقاذ حياتها، فذلك القهر الذي سيرافقني ما حييت”.

إقرأ أيضاً  «معارض رمضانية» تخفف معاناة المواطنين بحضرموت

حرمان من الحق بالصحة

وبحسب الدكتور راجح المليكي، مدير مكتب الصحة بتعز، فإنه مع بداية ظهور الحالات المصابة بفيروس كورونا، وُجدت مستشفيات لا تقبل استقبال الحالات الإسعافية.
ويقول المليكي لـ”المشاهد”: “عملنا عدة تعميمات للمستشفيات الخاصة عبر مكاتب الصحة في المديريات، بضرورة التقيد بالتعليمات، وعمل غرف فرز وعزل للحالات الإسعافية، لكن الوضع استمر كما هو عليه”.
ويضيف: “وبسبب حدوث وفيات لبعض الحالات التي ترفض المستشفيات استقبالها، قمنا بإبلاغ الجهات العليا ممثلة بقيادة السلطة المحلية واللجنة الأمنية، وعلى ضوئها تم عقد اجتماع مع اللجنة الأمنية، وعمل تعليمات بضرورة التزام المستشفيات باستقبال جميع الحالات، حتى يتم وصول فرق الترصد الوبائي وفرق الاستجابة، وتقييم هذه الحالات ثم نقلها إلى مراكز العزل إذا أثبتت أنها مصابة”.
ويؤكد أن بعض المستشفيات التزمت، وأخرى لم تلتزم رغم التوجيهات، مشيراً إلى وجود تقاعس من الجهات الأخرى التي يجب أن تنفذ التوجيهات.
وتقر المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بالحق في الصحة، إذ تنص على أن “لكل شخص حقاً في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته، وبخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية”.
وتعتبر هذه الاتفاقيات ملزمة لجميع الدول في العالم. ومع انتشار جائحة كورونا يحتاج المواطن إلى المشافي والمرافق وتقديم الخدمات الصحية الكاملة له، لا أن يتم رفض استقباله للعلاج.

مستشفيات توصد أبوابها في وجوه المرضى… هل تكون فاطمة الضحية الأخيرة؟


وبحسب الناشط الحقوقي ماهر العبسي، فإن على الدولة توفير سبل الحياة لجميع مواطنيها، والحق في الصحة بتوفير مستشفيات أو مجمعات صحية كبيرة من أجل الحصول على كافة الخدمات الصحية المتكاملة لجميع المواطنين.
ويقول العبسي: “مع انتشار جائحة كورونا وجدنا أن بعض المستشفيات ترفض استقبال الحالات المرضية بحجة أنه ليس لديهم تعقيم أو أدوات حماية، وهذه أحد الانتهاكات التي رافقت جائحة كورونا في وقت يجب على جميع المرافق الصحية أن تعمل بوتيرة عالية لاستقبال المصابين بهذه الجائحة أو المرضى الآخرين. أما أن يتم رفض استقبال الحالات، فيعتبر فعلاً مجرماً وانتهاكاً لحقوق الإنسان، ويعاقب عليه القانون، ويستطيع أهل هذه الحالة رفع  دعوى قضائية على المستشفيات التي ترفض استقبال الحالات”، مضيفاً: “أصدرت لجنة الطوارئ في تعز ومكتب الصحة قراراً بأن أي مستشفى يرفض استقبال أية حالة مرضية ستقوم المحافظة بإقالة إدراة المستشفى وتسليم الإدارة لمكتب الصحة يعمل بها حتى انتهاء هذه الجائحة”.
ويؤكد أن على الحالات التي رفض استقبالها من قبل المستشفيات في حال قاموا بتقديم دعوى قضائية للجهات المختصة، فسيكون هناك إنصاف لهم، ويجرم فعل هذه المستشفيات، وإلزامهم بعقوبة قانونية.

مقالات مشابهة