المشاهد نت

محمد القحوم شابٌ يمني يبتكر أوركسترا حضرمية تخاطبُ العالم

حضرموت : صالح هويدي:

“تولد لديَّ حب الموسيقى والتوزيع منذ سنٍ مبكرةٍ جداً، وكنت مهتمًا جدًا بهذا المجال، فالشغف كان يدفعني إلى الاستماع المتواصل للموسيقى”… هكذا سرد لنا الموسيقي الحضرمي “محمد القحوم” بداياته في دخول عالم التوزيع الموسيقي والهندسة الصوتية؛ حتى أصبح يشار له بالبنان في هذا المجال، داخل اليمن والعالم العربي.

بدأ القحوم مبكرًا في مجالٍ يعتبر حديثًا ونوعيًا، هو مجال برامج التوزيع الموسيقي والهندسة الصوتية، فلقد افتتح أول استديو خاص به بإمكانيات أولية جداً عام 2005، عندما كان طالبًا في الصف الثامن الابتدائي، قام حينها بتنفيذ أعمال موسيقية.

شغف منذ الصغر

يروي لنا محمد عن شغفه بالموسيقى قائلاُ: “تولد لدي الحس الفني مبكرًا، وبدأتُ بالبحث والتزود المعرفي في مجال الهندسة الصوتية والتوزيع الموسيقي”.

ويسترسل: “طالما تخلفتُ كثيرًا عن زملائي أثناء لعبهم في أزقة الحارة، وتنازلت عن حقي في الاستمتاع بطفولتي، كنت حينها صغيرًا أحببت الموسيقى والهندسة الصوتية، فحاولت بشتى الطرق إثراء معلوماتي ومعارفي الموسيقية.

كان القحوم يخوض في ذلك السن المبكر معركتين: الأولى مع نفسه التي تريد أخذ نصيبها في اللعب وممارسة حياتها كباقي أطفال حارته، والمعركة الثانية هي معركة الشغف بالهندسة الصوتية والتوزيع الموسيقي، وحلم طفل صغير يبتغي أن يصبح مهندساً صوتياً وموزعاً موسيقياً في قادم أيامه.

صعوبات وعقبات

يقول محمد: “كانت الأحلام التي رسمتها لنفسي كبيرة، وأيقنت حينها بأن  الصعاب ستكون أكبر، غير أن المشكلة تركزت بعدم وجود أكاديمية أو معاهد فنية متخصصة في بلادنا؛ تُعيننا في الحصول على المعلومة وتؤهلنا علميًا، وتوجهنا للطريق الأفضل.

ويضيف: “إلى اليوم نعاني من انعدام توجيه المعلومة الخاصة بهذا المجال، ونفتقر للتدريب والتأهيل العلمي، خاصة مع الظروف الحالية التي تمر بها بلادنا”.

لم تكن الصعوبات التي واجهها القحوم في جمع المعلومات، والتزود بالمعارف الفنية، وشحة المصادر وغياب المراجع الفنية التي كان بأمس الحاجة لها، هي العقبة الوحيدة أمام شغفه، فقد كانت مشكلة التواصل مع الفنانين والموزعين الموسيقيين من ذوي الخبرة، عقبة أكثر صعوبةً وإيلامًا.

نشر الموسيقى اليمنية

“رسالتي ايصال الفن اليمني إلى العالم”.. يلخص محمد القحوم حلمه ورسالته كموزع موسيقي ومهندس صوت.

ويواصل القحوم الحديث عن تفاصيل رسالته قائلاً: “إنه يسعى إلى إيصال الفن الحضرمي واليمني على وجه العموم إلى العالم ونقله كفن موسيقي وثقافي  بحت، له مميزاته الخاصة”.

ويعتبر أن الفن يحمل معاني ودلالات كبيرة، اكتشفها محمد القحوم من خلال مهنته كموزع موسيقي، فهو يرى أنه من خلال الفن نستطيع توجيه رسائل كبيرة وعميقة وقوية جدًا، وتوصل بشكل أسرع للجمهور ويتقبلها في الوقت ذاته.

ويؤكد أن لدينا كحضارم ويمنين فنٌ راقٍ ومرن جدًا، وقد وصل كفنٍ غنائي طربي عربيًا بشكل رائع، عبر حناجر الفنانين اليمنين العمالقة، أمثال الراحل أبو بكر سالم بلفقيه رحمة الله عليه، وغيره من عمالقة الفن الحضرمي واليمني.

إقرأ أيضاً  زجاج السيارات... وسيلة للتعبير والتواصل

غير أن الموسيقى اليمنية لم تصل إلى العالم كفن موسيقي وثقافي بحت، نتمنى في يوم ما أن يحظى هذا الفن بمكانه لدى دوائر الإعلام العالمي.

كما يسعى القحوم إلى لفت أنظار العالم نحو فننا وموسيقانا الحضرمي واليمني؛ ليصبح فنًا عالميًا ننقل من خلاله ثقافتنا ومورثنا للعالم، ونرسم صورة طيبة عنا كحضارم ويمنيين، بل حتى كعرب ومسلمين، فالشغف والرسالة هما أكبر دافع لي للاستمرار.

الأوركسترا الحضرمية

“تولدت الفكرة لدي من الرسالة التي حملتها على عاتقي وهي “كيف نقدم فننا وموسيقانا بصورة يفهمها العالم كله؟”… يقول محمد القحوم وهو يعلل قيامه بإنشاء (الأوكسترا الحضرمية).

كان محمد يحدث نفسه متسائلاً: لماذا لا نؤسس مشروع معين نستطيع من خلاله إيصال فننا وموسيقانا إلى العالم بطريقه يفهمها الجميع؟.

وأجاب محمد القحوم عن هذا التساؤل حين اشار إلى تأسيسه (الأوكسترا الحضرمية)، التي تولدت لديه كفكرة أولية، راودته منذ زمن.

ويردف قائلا” الجمهور شاهد الحفلة الأولى للأوركسترا التي تم عرضها قبل سنة تقريباً، غير أنه سبق ذلك جهد وتنسيق وإعداد وتخطيط طيلة ست سنوات ونحن نعمل على هذه الفكرة.

ويضيف: بذلت كل غالي ونفيس من أجل إنجاح هذا المشروع، ولأجله بذلت الكثير من الوقت والجهد والمال بغية تقديم فننا الحضرمي وموسيقانا للعالم بطريقة سهلة وممتعة يفهمها الجميع.

ويستطرد في حديثه عن الأوركسترا الحضرمية: “كانت هذه هي البداية، وخطوة أولى بذلنا في سبيلها الكثير، والفكرة أخذت وقت كبير كاستشارة ومتابعة مع فريق كبير من الدكاترة والفنانين، سواءً في الجانب الثقافي أو خبراء الأوركسترا، وكان النجاح واضحًا بإشادة الجمهور بعمل الأوركسترا، باعتبارها موسيقى تراثية ثقافية.

محمد يعمل الأن على تنسيق حفلات أخرى تكون امتدادًا للأوركسترا الحضرمية، وقد قطع شوطًا كبيرًا في هذا الجانب من الإعداد والتنسيق، بحسب ما أخبرنا.

وضوح الهدف

بعد نجاح حفلة الأوركسترا الحضرمية الأولى التي أقيمت في ماليزيا؛ سعى محمد لتوسيع نطاق عمله في انتاج المقطوعات الفنية؛ ليشمل الفن اليمني وغيره من أنواع الفنون.

كما أنه يعمل الأن في إنشاء مقطوعات جديدة غير التي تم إنتاجها من قبل، وهذا هو الجهد الأكبر في إنتاج فكرة جديدة ليقدمها للجمهور بشتى الألوان؛ ليحقق انتشارًا أكثر وهذا ما يعمل عليه خلال هذه الفترة.

وأضاف محمد القحوم أن لديه هدف واضح ورسالة يسعى لها، فهو الأن يعمل على خط أنتاج تجاري ينتج للفنانين وشركات إنتاج المسلسلات، وخط إنتاج مقطوعات فنية على قناته باليوتيوب، وهو إنشاء مقطوعات عالمية بالفن الحضرمية.

ويختم حديثه لنا بالقول: “تحقيق الأهداف يحتاج إلى عزيمة وإصرار وطموح، والأهم من كل ذلك، عمل ومثابرة وصدق نية”.

تنشر هذه القصة بالتزامن مع نشرها في منصة ” صوت إنسان “ “وفقا لإتفاق بين المشاهد والوكالة الفرنسية لتنمية الاعلام CFI

مقالات مشابهة