المشاهد نت

ماراثون مجتمعي لإصلاح الطرقات بمحافظة حجة

رصف الطرق في مجتفظة حجة بمبادرات يمشاركة المجتمع

حجة – جبران سهيل :

في أعماق الريف اليمني مناطق نائية محكومة بالعزلة نتيجة وعورة الطرق المؤدية إليها و مشقة الانتقال عبرها، و لعل هذا هو أبرز أوجه معاناة الناس في منطقة مثل (مديرية كعيدنة) التابعة لمحافظة حجة.

هي أعباء الجغرافيا لمن يسكنون هذه المنطقة المختلطة التضاريس بوقوعها ما بين قمم جبال حجة الشاهقة و سهول تهامة، حيث يواجه الأهالي صعوبة في التنقل نتيجة وعورة الطرق التي تجبر الكثير على الاستسلام لقيود المكان وعدم التنقل إلى خارج مناطقهم سوى للضرورة مع تحمل مشقة كبيرة.

ماراثون مجتمعي لإصلاح الطرقات بمحافظة حجة

المواطن { عبده موكب 55 سنةمن أهالي منطقة وادي العزيب بمديرية كعيدنه، يحكي عن حال الناس بمنطقته ومدى معاناتهم بسبب وعورة الطريق التي يضطرون فيها لاجتياز منحدرات جبلية خطيرة كما هو الحال مع منحدرات (عقبة الملاكد) التي لطالما أزهقت أرواح الكثير من السائقين و الركاب و حولت حياة أهالي المنطقة إلى جحيم دون أن يلتفت لمعاناتهم احد حتى الآن. لهذا السبب يندر وصول السيارات إلى منطقتهم، و في حال تعرض أحد الأهالي لوعكة طارئة فإنهم غالبا يضطرون لحمله على نقالة فوق اكتافهم مسافات طويلة حتى يتسنى لهم اسعافه الى احد المراكز الصحية، بل يحدث أحيانا، أثناء إسعاف حالات الولادة مثلا، أن تضع المرأة مولودها قبل الوصول للمركز الصحي بسبب عوائق الطريق خاصة في موسم الأمطار.

نفس الحال ينطبق على معظم الطرق الفرعية في مديرية كعيدنة، و التي تبلغ مساحتها حوالي 104.70 كم مربع و عدد سكانها 69332 إنسان بحسب نتائج التعداد السكاني لعام 2004م، في حين تشير التوقعات إلى أن عدد سكانها حاليا يزيد عن مئة ألف مواطن وفقا لتقديرات المنظمات الأممية. تضم المديرية 177 قرية، موزعة على 7 عزل هي؛ عزلة كعيدنه وتشمل مركز المديرية، عزلة الثلث، عزلة الغربي، عزلة أسلم ناشر، عزلة بني نشر، عزلة سواخ، عزلة السكابة والحماريين. بحسب التقسيم الإداري للعام 2003 وهي ذات تضاريس متنوعة تشمل مرتفعات جبلية ومنخفضات واودية.

خلال السنوات الأخيرة زاد الوضع سوءا مع تدهور حالة الطرق القديمة بسبب الامطار، في حين أنه لا جدوى من انتظار تدخل الجهات الحكومية المنشغلة بظروف الحرب التي تعيشها البلاد و ما رافقها من حصار و انقطاع معظم موارد الموازنة العامة منذ سنوات طوال.

هنا لم يقف المجتمع مكتوف الايدي بسبب الظروف المعيشية المعقدة، فبدأ الأهالي بالبحث عن حلول لإصلاح ما أمكن اصلاحه، وتغيير واقع افسده الصراع والحرب المشتعلة في البلاد .. وكان التحرك عن طريق اطلاق مبادرات مجتمعية ذاتية، يقومون من خلالها بتسوية واصلاح اجزاء من تلك الطرق بجهودهم.

من تلك الطرق طريق “الحنجرة – الرونة” التابعة لعزلة كعيدنة، والتي تربط الجزء الشرقي من المديرية بمركزها. وهي طريق لطالما شكلت كابوسا مزعجا لعشرات الآلاف من سكان المنطقة نظرا لوعورتها و صعوبة اجتيازها لا سيما في مواسم الأمطار، إلى درجة يضطر فيها البعض أحيانا لإكمال طريقهم سيرا على الاقدام. ثم جاء العون اخيرا، فالجهود المضنية التي بذلها الأهالي سعيا لإصلاح الطرق تكللت بالحصول على دعم من بعض المنظمات الدولية، إذ أبدت منظمة الإغاثة الدولية استعدادها لتبني جهود إصلاح هذه الطريق. من خلال إدخالها هذا المشروع ضمن ضمن برنامج {النقد مقابل العمل} لتمويل رصف مساحة 420 متر مربع من الطريق وتسوية البقية من قبل الأهالي .علماً ان عدد المستفيدين من هذه الطريق الحيوية يفوق 10 آلاف نسمة، كما أن المشروع قام بتشغيل 374 عاملا اشتركوا في الإنجاز .

كان ذلك جزءا من مشروع أوسع تنفذه منظمة الاغاثة الدولية و يشمل عددا من الطرق في المديرية. و بحسب المهندس { حسن شمسان } القائم بأعمال منسق أعمال المنظمة في مديرية كعيدنه و المشرف من طرفها على عدد من تلك الطرق، فإن تفاصيل المشروع هي كما يلي: “إسم المشروع: FFA ، الجهة المنفذة: منظمة الإغاثة الدولية RI ، الجهة الداعمة: WFP . بهدف رصف عدد من الطرق الفرعية منها طريق “المحدة – القبة” بعزلة أسلم ناشر مديرية كعيدنه، حيث تم رصف مساحة قدرت بـ 2000 متر مربع اي 637 متر طولي من الطريق التي يبلغ طولها الإجمالي 6 كيلومتر تم مسحها وصيانتها مع بناء الجدران الناشفة والعبارات اللازمة لهاو قد عمل في هذا المشروع  أكثر من 670 عاملا وعاملة على مدار خمس دورات عمل أو أشهر. يستفيد من الطريق 12000 نسمة. هذا إلى جانب مسح طريق أخرى هي “الحنجرة – الرونة” بعزلة كعيدنة و التي تبنت تنفيذها ايضا منظمة الإغاثة الدولية .

إقرأ أيضاً  مسلسل «ممر آمن»… الأمن مسؤولية مشتركة

وعن مشروع مماثل تنفذه منظمة أخرى هي منظمة كير العالمية، يتحدث مهندس مشاريع الأمن الغذائي وتحسين سبل المعيشة { يحيى يحيى احمد الحداد } لمنصة صوت انسان قائلا : “ضمن برنامج كير “النقد مقابل العمل” تم استهداف ٣٥ كم من الطرق الفرعية بمديرية كعيدنة في عزلة الثلث وعزلة سواخ، حيث جرى مسح طريق بطول ٦ كم في عزلة الثلث ، و 29 كم في عزلة سواخ ، منها رصف حوالي 800 متر طولي من طريق الداهن وادي البهال، وهي طريق كان سكان تلك المنطقة يعيشون عزلة تامة قبل تنفيذها لفرط وعورتها، إذ لم تكن السيارات قادرة على الوصول إليهم مما تسبب بحرمان منطقتهم من أبسط الخدمات، أما الآن فقد استبشر الاهالي كثيرا بهذا العمل. وكذلك تم رصف 3 كم أخرى للأماكن المتضررة في المنطقة ذاتها”.

هكذا يبدو أن تظافر الجهود المجتمعية مع الدعم الذي تقدمه المنظمات الإنسانية قد نجح في تخفيف أحد أوجه المعاناة عن أبناء المناطق النائية في محافظة حجة، وهو أمر يستحق الإشادة بما تم إنجازه رغم أنه لم يشمل جميع المناطق حتى الآن.

ماراثون مجتمعي لإصلاح الطرقات بمحافظة حجة

هي أحلام تحقق جزء منها، و خلفها بقيت طموحات ينتظر الناس اكتمالها. صحيح أن معاناة العزلة و مشقة الانتقال قد زالت عن جزء من الأهالي في بعض القرى، لكنها تبقى ملازمة لكثيرين غيرهم في قرى أخرى، و هؤلاء يرسلون نداءاتهم إلى الجهات الحكومية والمنظمات الدولية، آملين منها بذل جهود أكبر في هذا الجانب المهم من حياة الناس الذين يكابدون صعوبات العيش على أكثر من منحى بمرارة وألم، ففي حين أن مركز المديرية متصل بالخط الدولي عبر طريق اسفلتي، إلا أن المشكلة تخص بعض القرى المتباعدة، حيث أن أهلها يعانون صعوبة الوصول من قراهم إلى مركز المديرية عبر طرق يصعب على المرء السير فيها راجلا او راكبا، فهذه الطرق الوعرة، على قصرها، هي أكثر مشقة عليهم قياسا بمسافات السفر من المركز إلى المحافظات الأخرى البعيدة بمئات الكيلومترات.

المواطن (عبده موكب) ما زال يحلم بإيجاد حل يخفف عن أهالي قريته مخاطر ومشقة عبور طريق “عقبة الملاكد”. و هو في هذا نموذج عن آلاف الناس في بقية القرى المعزولة في مناطق أخرى، فلكل قرية معاناتها و لكل طريق عقبتها الخاصة. و الحلم الذي يجمع أهالي كعيدنة بمختلف مناطقها؛ هو تعبيد و رصف كل الطرق الوعرة في أنحاء المديرية، مع استكمال رصف الطرق التي تم رصف أجزاء منها فقط.

تنشر هذه القصة بالتزامن مع نشرها في منصة ” صوت إنسان “ “وفقا لإتفاق بين المشاهد والوكالة الفرنسية لتنمية الاعلام CFI

مقالات مشابهة