المشاهد نت

مأرب: السياج الأخير لمنع تقدم الحوثيين نحو مناطق النفط


صنعاء – المشاهد
قال مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية في دراسة جديدة نشرت الخميس أن محافظة مأرب، 170 كلم شرق العاصمة صنعاء، تمثل السياج الأخير لمنع تقدم قوات الحوثيين باتجاه مناطق النفط اليمنية في محافظتي شبوة وحضرموت.
منوهًا أن مأرب تعد آخر معقل للحكومة المعترف بها دوليًا في شمال البلاد يمكنها استعادة العاصمة اليمنية صنعاء عبرها.
وتحولت محافظة مأرب الغنية بالنفط خلال السنوات الخمس الأخيرة من منطقة نائية أهملتها الدولة لفترة طويلة إلى معقل للحكومة مزدهر ومستقر نسبيًا، حسب الدراسة.
موضحًا أن المحافظة شهدت استقرارًا نسبيًا عقب طرد قوات الحوثيين من معظم أنحاء المحافظة عام 2015، استمر حتى بداية عام 2020، في الوقت الذي فتكت النزاعات والأزمات المستمرة بالبلاد.
وقالت الدراسة: “سمح هذا لمأرب تحقيق العديد من النجاحات التي غابت في محافظات كثيرة، فعلى الصعيدين المحلي والاقتصادي، قدّمت مأرب نموذجًا ناجحًا للحكم المحلي، تمتعت فيه بدرجة من الاستقلال الذاتي والسلطة في اتخاذ القرارات لم تتمتع بها معظم المحافظات، في تناقض صارخ مع مركزية الدولة المفرطة المعتادة.”
في أواخر عام 2016، ضمنت مأرب رسميًا الحفاظ على نسبة 20% من العائدات الناتجة عن مصادر النفط والغاز في المحافظة، ما ساعد على تطوير المدينة وتوفير الخدمات العامة الأساسية لسكانها وإعادة بناء وتنشيط مؤسسات الدولة، لا سيما قوات الأمن وأجهزة القضاء، من أجل توفير مزيد من الأمن وحل النزعات الداخلية.
على عكس أسلافه الذين قضوا معظم أوقاتهم خارج المحافظة، عمل محافظ مأرب سلطان العرادة المعين من قبل الرئيس عبدربه منصور هادي منذ أبريل 2012 من مأرب نفسها التي يقيم فيها بصورة شبه دائمة.
تقول الدراسة أن هذا الأمر “أتاح له فهم الوضع الأمني والهموم الإنمائية والاجتماعية بشكل أفضل. وانصب تركيزه الرئيسي على تحسين الوضع الأمني ثم توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والتعليم والصحة.”
اكتسبت السلطة المحلية في مأرب سيطرة أكبر بعد أن وضع الحوثيون الرئيس هادي قيد الإقامة الجبرية في صنعاء وأجبروه وحكومته على الاستقالة في 22 يناير/كانون الثاني 2015. وبعد فرار هادي من الإقامة الجبرية ووصوله إلى عدن في 21 فبراير/شباط 2015، جددت السلطة المحلية ولاءها له وللحكومة المعترف بها دوليًا.


استماتة الحوثيين للسيطرة على مأرب
ومنذ يناير العام الحالي، استخدم الحوثيون المعارك البرية، الصواريخ والطائرات المسيرة للتوغل في مأرب وفُتحت عدة جبهات جديدة تمتد من حدود مأرب الشمالية مع الجوف إلى حدودها الجنوبية مع البيضاء.
وتضيف الدراسة “وحتى تاريخ نشر هذه الورقة، شكّلت قوات الحوثيين المتجهة نحو مأرب قوسًا يمتد من صحراء مديرية خب والشعف شرق الجوف، مرورًا بمديريات مأرب الوادي ومجزر وصرواح، حتى حدود مأرب الجنوبية مع محافظة البيضاء. وكان المسلحون الحوثيون يحاولون الوصول إلى معسكر كنايس على حدود مأرب والجوف، وقاعدة رويك العسكرية في مأرب، شمال مصفاة صافر للنفط.”
تقول الدراسة “إذا سيطر الحوثيون على مأرب، ستخسر الحكومة المدينة التي تطورت أثناء الحرب لتصبح من أهم المراكز السياسية والعسكرية داخل البلاد. ومن المرجح أن تخسر السعودية أيضًا واحدة من أهم مناطق نفوذها في اليمن، المنطقة التي تمثل خط الدفاع الأخير في وجه المزيد من الهجمات الحوثية على الحدود السعودية”.
ونقلت الدراسة عن مسؤولين اثنين في الحكومة اليمنية إن الحوثيين هددوا، بعد استيلائهم على مدينة الحزم أواخر فبراير بإلغاء الهدنة على الحدود السعودية واستئناف الضربات الجوية داخل الأراضي السعودية إذا استمرت المملكة في تقديم الدعم الجوي للقوات الحكومية والقبائل في منطقة مأرب، وهي شروط رفضتها الرياض.
محذرة “يُعد تقدم الحوثيين العسكري المستمر في المحافظة الخطر الأكبر الذي يهدد مأرب. فمنذ بداية العام الحالي، كثّف الحوثيون هجماتهم الصاروخية والبرية على نحو غير مسبوق. وبسقوط نهم والحزم وردمان آل عوض بيدهم عام 2020 أصبحت مأرب معرضة لخطر هجماتهم بشكل متزايد من الشمال والغرب والجنوب على التوالي.”

الوجهة الأولى للنازحين
وخلال السنة الأولى من الحرب، قالت السلطة المحلية في مأرب إن المحافظة استقبلت 1.35 مليون نازح، أي ثلاثة أضعاف عدد سكانها قبل الحرب والذي يُقدر بـ 411 ألف نسمة، حسب الدراسة.
معظم النازحين إلى مأرب قدموا من صنعاء، عمران، ذمار، الحديدة والجوف وإب وتعز وحَجة التي تقع ضمن النطاق الجغرافي الواقع تحت سيطرة الحوثيين.
لكن حياة النازحين أصبحت في خطر بعد عزم الحوثيين إسقاط مأرب.
وقالت الدراسة “إذا وصل الحوثيون إلى مدينة مأرب ومحيطها، فقد يؤدي القتال إلى كارثة إنسانية جديدة، نظرًا لأن المحافظة موطن لأكثر من مليوني نازح، ولا يوجد سوى طريقين رئيسيين يمكنهم الفرار عبرهما. كما قد يؤثر أي نزاع يدور في مدينة مأرب وفي محيطها على المواقع التراثية وعلى المنشآت النفطية القريبة منها، ما سيكون له تداعيات جدية على جميع أنحاء البلاد بالنظر إلى أنها المصدر المحلي الوحيد لغاز الطبخ لجميع مناطق اليمن.

مقالات مشابهة