المشاهد نت

كهرباء حضرموت: تصعيد شعبي في الشارع والمحافظ يهدد بإيقاف تصدير النفط

احتجاجات على امقطاع الكهرباء في حضرموت - ارشيفية

حضرموت – محمد سليمان:

تشهد محافظة حضرموت (شرقي اليمن) غلياناً شعبياً متصاعداً منذ أكثر من شهر، بسبب تردي خدمة الكهرباء بمناطق ساحل حضرموت.
وبلغ التصعيد الشعبي ذروته يوم 20 سبتمبر الماضي، حيث قطع شباب غاضبون شوارع مدينة المكلا، مطالبين السلطات المحلية بإيجاد حلول عاجلة لمشكلة الكهرباء التي بلغت ساعات انقطاعها أكثر من 16 ساعة في اليوم.
وفتحت حراسة محافظ حضرموت قائد المنطقة العسكرية الثانية، اللواء فرج سالمين البحسني، النار بكثافة على محتجين غاضبين في حي الشهيد خالد بمنطقة المكلا، أثناء اعتراضهم موكب المحافظ أثناء توجهه إلى مقر قيادة المنطقة العسكرية الثانية بمنطقة خلف، الأمر الذي زاد من احتقان الشارع، فخرجت المظاهرات بكثافة في مديرية المكلا.

مشاكل مزمنة في قطاع الكهرباء

مشكلة الكهرباء ليست وليدة اليوم، فهي مشكلة متراكمة منذ أعوام طويلة، وبخاصة مع التوسع العمراني والسكاني الكبير في المحافظة، بدون وجود أي مشاريع في مجال التوليد الكهربائي يتناسب مع هذا التوسع، بالذات في مناطق ساحل حضرموت.
وعن أسباب المشكلة، قال مدير مؤسسة الكهرباء بساحل حضرموت المهندس عبدالله حمران، لـ”االمشاهد”: “إن السبب الرئيسي للمشكلة هو الأزمات والحروب التي تعصف بالبلاد، والتي أدت بدورها إلى تخلي السلطات المركزية عن مسؤولياتها في كثير من الملفات، وفي مقدمتها ملف الكهرباء”.
ومنذ العام 2011، لم يشهد قطاع الكهرباء بساحل حضرموت أي مشاريع استراتيجية، وكل الحلول مجرد ترقيع للمشكلات وترحيلها، ما أدى إلى عجز كبير في توليد الطاقة تزداد حدته في فصل الصيف، وفق حمران، مؤكداً أن إجمالي الطاقة المنتجة بساحل حضرموت يبلغ 140 ميغاوات، 40 منها في محطة الريان الحكومية، و100 ميغاوات هي طاقة مشتراة، فيما يبلغ الطلب على الطاقة في الذروة 210 ميغاوات، بإجمالي عجز 70 ميغاوات، يسهم في هذا العجز الربط العشوائي في منازل المواطنين.

ديون متراكمة

ملف الكهرباء لم يلقَ الاهتمام المطلوب من قبل الحكومات المتعاقبة على الجمهورية، حيث لا تملك مؤسسة الكهرباء بالساحل غير 40 ميغاوات في محطة الريان الحكومية تسعى المؤسسة إلى العمل بها بأقصى درجات الحرص والحفظ، كما أشار مدير التوليد بالمؤسسة عبدالحكيم باسبعة، في تصريحه لوسائل الإعلام، والذي أوضح أن الطاقة الحقيقية التي تولدها محطة الريان هي 35 ميغاوات، وذلك أن المولدات الموجودة هي مولدات قديمة وتحتاج إلى صيانة دورية.
وأكد باسبعة أن المولدات تعمل لأكثر من 360 ألف ساعة، دون الحصول على صيانة متكاملة، الأمر الذي يحد من كفاءة المولدات، بالإضافة إلى عدم القدرة على توفير قطع الغيار لتراكم المديونيات على المؤسسة نتيجة عدم التزام المواطنين بالتسديد.
وتعتمد مؤسسة الكهرباء بساحل حضرموت، منذ العام 2007، على الطاقة المشتراة كطاقة تعويضية للنقص الذي تعانيه المحافظة في التوليد، فتعاقدت المؤسسة مع عدد من الشركات المنتجة للطاقة الكهربائية، آخرها شركة حضرموت للطاقة (باجرش)، التي تولد 50 ميغاوات، وشركة الأهرام التي تولد 55 ميغاوات، وتلتزم المؤسسة العامة للكهرباء بتوفير الوقود للمحطات، فيما تقوم الشركات بالتشغيل والصيانة، وتوفير الزيوت وقطع الغيار في حال تطلب الأمر ذلك. لكن الأخيرة لم تستطع القيام بعملية الصيانة وتوفير الزيوت، لتخلي الحكومة عن التزاماتها بدفع مستحقات هذه الشركات، حيث بلغ إجمالي المديونية للشركتين منذ 2010 إلى شهر أبريل 2020، 127مليون دولار.

إقرأ أيضاً  توقف الزراعة في بساتين صنعاء القديمة 

محافظ حضرموت يهدد بإيقاف تصدير النفط

وعلى وقع الاحتجاجات الغاضبة التي تجتاح مناطق ساحل حضرموت، والمطالبة بتوفير الخدمات أو تقديم الاستقالة، دعا محافظ حضرموت اللواء فرج سالمين البحسني، في الـ22 من سبتمبر الماضي، إلى لقاء موسع لقيادات وشرائح المجتمع بالمحافظة.
وشن البحسني، خلال اللقاء، هجوماً على الحكومة، متهماً إياها بالتقصير في القيام بالتزاماتها تجاه مواطني محافظة حضرموت، وخصوصاً في مجال الكهرباء.
وطالب القيادة السياسية ودول التحالف العربي بأن تتحمل مسؤولياتها تجاه محافظة حضرموت والمحافظات الواقعة تحت سيطرتها، من خلال عدد من المطالبات، منها: الالتزام بصرف مرتبات القوات والأجهزة العسكرية والأمنية بصورة عاجلة، والتزام الحكومة بسداد قيمة الطاقة المشتراة، وتوفير الزيوت وقطع الغيار لصيانة المحطات الحكومية التي يعد معظمها خارج الجاهزية، وإلزام الحكومة بإنشاء محطة الكهرباء 100 ميغاوات، التي وجه بها رئيس الجمهورية، وبصورة عاجلة، والتزام الحكومة بتحويل نسبة المحافظة من مبيعات النفط، دوان أي انتقاص.

الحكومة ترد

الحكومة دافعت عن نفسها في وجه الاتهامات التي أطلقها محافظ حضرموت، إذ نشرت وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” (التابعة للحكومة)، تصريحاً عن مصدر حكومي، عبر فيه عن أسفه البالغ لما جاء في بيان قيادة السلطة المحلية بمحافظة حضرموت، والذي تجاهل الدعم الذي قدمته وتقدمه الحكومة للسلطة المحلية، وتعمد إلقاء اللائمة بشكل كامل على الحكومة، مشيراً إلى أن الحكومة لم تكن راغبة في الرد على ذلك، لولا أن الواجب يقتضي وضع الحقائق والأرقام أمام الرأي العام، والعمل بكل جهد في الوقت ذاته على دعم السلطة المحلية، وفي أسرع وقت ممكن، لإيجاد حلول سريعة لخدمة الكهرباء والمياه، وضمان انتظامها.
وأورد المصدر بعض الحقائق والأرقام للإنفاق الحكومي المركزي الذي تم تسليمه لصالح محافظة حضرموت، ومنه الإنفاق الحكومي المركزي المحول إلى محافظة حضرموت خلال العام 2019 والنصف الأول من العام الجاري 2020، بلغ حوالي 150 مليار ريال يمني، منها ما يزيد عن 22 ملياراً خُصصت لتغطية قيمة وقود للمحطات الكهربائية، ومستحقات شركات الطاقة المشتراة، وقطاع غيار للمحطة الكهربائية.
وتم توريد حصة التنمية عن مبيعات النفط الخام إلى السلطة المحلية في محافظة حضرموت، بصورة منتظمة، ودون أي تأخير، وقد بلغ إجمالي ما حولته الحكومة للسلطة المحلية في حضرموت، من حصة التنمية، حتى أغسطس 2020، ملياراً و300 مليون ريال سعودي، أي ما يُقارب 350 مليون دولار أمريكي.
وقامت الحكومة، وبموجب توجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي، بتنفيذ المحطة الغازية في وادي حضرموت بقدرة 75 ميغاوات، والعمل جارٍ حالياً عبر شركة بترومسيلة، وضمن توجيهات الرئيس، بإعداد التصورات اللازمة لإنشاء محطة بقدرة 100 ميغاوات في ساحل حضرموت.
وأوضح المصدر أنه مقابل هذه الالتزامات التي أوفت وتعمل الحكومة على الإيفاء بها، فإن السلطة المحلية بمحافظة حضرموت لم تورد منذ عام 2015، الإيرادات السيادية المتمثلة في الضرائب والجمارك إلى حساب الحكومة العام، والتي هي بموجب الدستور إيرادات مركزية تُورد إلى الخزينة العامة للدولة، والتي وصلت حصيلتها فقط منذ يناير 2019، إلى تاريخه، حوالي 20 مليار ريال.
ووسط هذا التزاحم من الاتهامات المتبادلة، يبقى المواطن هو الضحية الأبرز الذي يعاني ويلات انقطاع التيار في ظل درجة حرارة كبيرة تمر بها مديريات محافظة حضرموت بساحلها وواديها.

مقالات مشابهة