المشاهد نت

عن معركة لبوزة الأخيرة ضد الاحتلال البريطاني في جبل البدوي

صورة قديمة من نضال ابناء الجتوب ضد الاحتلال البريطاني

عدن – عبدالكريم نصر

مع حلول الـ30 من نوفمبر من كل عام، يتذكر اليمنيون رحيل آخر جندي بريطاني من عدن، بعد نضالات قضاها الجنوبيون لعقود، توجت بالنصر. وماتزال الكثير من الأماكن على امتداد الخط الرابط بين مدينة عدن (جنوب البلاد)، ومديرية ردفان، بمحافظة لحج، شاهدة على الكثير من المعارك التي دارت بين الإنجليز والثوار، بمن فيهم غالب راجح لبوزة. جبل البدوي، مصراح، من أبرز المناطق التي كبدت الإنجليز خسائر في العتاد والأرواح.
ومايزال تمثال لبوزة في وادي مصراح المقابل لجبل البدوي غرب مدينة الحبيلين، حيث استشهد، شاهداً حياً على عظمة هذا اليوم. ‬التمثال الذي يواجه جبل البدوي‮، ‬حيث خاض لبوزة معركته الأخيرة مع الإنجليز، أهدته دولة بلغاريا لليمن.‬ ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬لكنه يعاني اليوم من الإهمال، رغم الوعود بإعادة ترميمه من قبل الحكومات المتعاقبة.‬

قبل بدء المعركة الأخيرة

قبل إشعال ثورة 14 أكتوبر، استعداداً لرحيل آخر جندي بريطاني، تم عقد اجتماع في دار السعادة بمدينة عدن، حضره لبوزة وآخرون، وتم الاتفاق على مقاومة الإنجليز، وفق المصادر التاريخية. وتم التنسيق مع القبائل في ردفان، إحدى مديريات محافظة لحج، التي ينحدر منها لبوزة، لمقاومة الإنجليز‮. وشكلت مجموعة من 07 مقاتلاً، بقيادة لبوزة، بينهم عبدالقوي ناجي العربي، الذي توفي عام 2007.
المجموعة التي‮ ‬كانت بقيادة لبوزة، قضت وقتاً في‮ ‬الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر، والآن حان الوقت للعودة إلى جبال ردفان لتفجير ثورة‮ ‬‮ ‬أكتوبر التي‮ ‬لم تكن هي‮ ‬الأخرى بتنظيم مسبق من أي‮ة ‬جهة سوى لبوزة ومجموعته‮، وعلم الإنجليز أن لبوزة ومجموعته عائدون إلى ردفان بأسلحتهم، وترتب على ذلك إصدار منشورات من حكومة الاتحاد الفيدرالي‮، ‬تضمنت في‮ ‬خطابها للعائدين إلى ردفان، أن‮ ‬يسلموا أسلحتهم، ويدفع‮وا ‬غرامة 05 شلناً عن كل شخص‮، ‬غير أن أحمد الكبسي‮ ‬مكن المقاتلين من السلاح والذخائر‮، ‬وكان لدعمه أثر بالغ‮ ‬في‮ ‬تفجير ثورة‮ ‬41‮ ‬أكتوبر‮. ‬كان حينها نائب المشيخة في‮ ‬ردفان محمود حسن، والضابط السياسي‮ ‬البريطاني‮ ‬في‮ ‬الحبيلين ميلن‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
‬ورد الثوار هذا الطلب البريطاني‮ ‬برسالة إلى الضابط ميلن ونائب المشيخة‮: ” نحن نعتبر حكومتنا هي‮ ‬حكومة الجمهورية العربية اليمنية، وليس حكومة الاتحاد. ونحن على استعداد للقتال، وأي‮ ‬تحرك لتجاوز حدودنا، فنحن على استعداد لمواجهتكم، ولا تلوموا إلا أنفسكم‮”.‬‬‬‬‬

عن معركة لبوزة الأخيرة ضد الاحتلال البريطاني في جبل البدوي
ثوار في الجتوب ضد الاحتلال البريطاني


وقبل أن‮ ‬يغلق مظروف الرسالة وضع لبوزة رصاصة‮ “غليمان‮”، ‬وبدا التحدي‮ ‬للإنجليز والمشيخة واضحا‮ً، بعدها تحرك الإنجليز في‮ ‬الحين الذي‮ ‬توزع فيه المقاتلون بقيادة لبوزة 4 مجموعات؛ واحدة أسفل جبل البدوي غرب مدينة الحبيلين، وهو الجبل الذي ‮دارت فيه المعركة الأخيرة‮، ‬ومجموعة أخرى خلف الجبل، وثالثة في‮ ‬وادي‮ ‬مصراح الواقع بين الجبل ومدينة الحبيلين اليوم، ومجموعة في‮ ‬الاتجاه الآخر للجبل.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

إقرأ أيضاً  رداع.. ضحية جديدة في قائمة «تفجير المنازل»

معركة لبوزة الأخيرة

قبل أن تبدأ معركة الثورة، اختطف الإنجليز من الوادي‮ ‬أحد الفلاحين القريبين للبوزة، حينما كان‮ ‬يعمل في‮ ‬حراثة أرضه. وعندما علم لبوزة بالأمر تحركت المجموعات إلى مواقعها‮، ‬غير أن الإنجليز اعتمدوا على الاستخبارات لمعرفة مكان لبوزة‮، ‬وبدأت المعركة الحاسمة منذ الصباح الباكر. ولأن الأسلوب الاستخباراتي‮ ‬هو أساس حرب الإنجليز، تم تحديد مكان لبوزة، وضرب المكان بالمدفعية الثقيلة، استشهد على إثرها لبوزة قبل صلاة الظهر، واستمرت المعركة حتى عصر ذلك اليوم‮.‬ وبعد استشهاد لبوزة تم تشكيل خلية للمقاومة، وكانت الخلية بدون قيادة، كما تقول المصادر التاريخية، وما أكده العربي لمعد التقرير.‬‬‬‬‬‬‬
وتضيف المصادر أن الخلية لم تنسق مع أي‮ة ‬جهة أو أفراد لتشكيل قيادة الكفاح المسلح في‮ ‬جنوب الوطن‮. ‬في ما بعد تبلورت قيادة في‮ ‬عدن كانت تتلقى الدعم المادي‮ ‬والسلاح من الشمال، بالتنسيق مع القيادة الميدانية في‮ ‬ردفان، عهد إليها ترتيب وصول السلاح والتموين إلى الجبهة العسكرية في‮ ‬ردفان من الشمال، ومن ثم توزيعه على باقي‮ ‬المحميات، وكان أحمد مهدي‮ ‬المنتصر وعلي‮ ‬السلال هما المسؤولين عن تخزين السلاح والتموين.

النضال في الشمال

لبوزة ومجموعته، خاضوا معارك مع الإمامة في الشمال، وتحديداً في المحابشة والحيمتين. وتشير المصادر التاريخية‮ إلى ‬أن جبهة المحابشة انضم إليها‮ ‬120‮ ‬مقاتلاً من أبناء ردفان والضالع‮، ‬غير أن الغالبية منهم كانوا من قبائل ردفان‮. ‬وذكرت المصادر ذاتها أن الأسباب التي‮ ‬دفعت الثورة في‮ ‬صنعاء إلى توزيع الجنوبيين على تلك الجبهات، هي‮ ‬ضراوة المعارك التي‮ ‬تشهدها تلك المناطق، وتمكين أفراد المجموعة من القتال في‮ ‬جبهات ومواقع محددة‮ ‬يسهل التجانس في ما بينهم‮، ‬إضافة إلى اطمئنان القيادات العسكرية المصرية المتواجدة في‮ ‬المناطق، إلى عدم قدرة الاستخبارات العسكرية في‮ ‬اختراق أفراد تلك المجموعات‮ ‬وتمتع أولئك الأفراد بشيء من روح الانضباط للأوامر‮.‬
لم‮ ‬يمضِ الكثير من الوقت حتى لحقت مجموعة أخرى، لكن هذه المرة عبر تعز، إذ كان معسكر الاستقبال في‮ ‬منطقة الحوبان، وهي المجموعة التي جُهزت بأوامر مباشرة من اللواء حسن العمري‮، ‬وتم نقلهم إلى الحديدة، ومنها إلى المنطقة الشمالية الغربية، والالتحاق بزملائهم في‮ ‬الدفعة الأولى، وكان هذا في‮ ‬بداية‮ ‬1964. ‬وكانت المجموعة الثانية بقيادة محمد حيدرة الحوشبي‮، ‬من ردفان، وفق المصادر التاريخية.

مقالات مشابهة