المشاهد نت

“جيش شنب”… مجموعة على “فيسبوك” تقود مبادرات إنسانية

صنعاء – عصام صبري:

عندما حوصرت مئات العائلات داخل منازلها في أحياء العاصمة صنعاء، التي دارت فيها اشتباكات مسلحة بين مسلحي جماعة الحوثي ومسلحي الرئيس السابق علي عبدالله صالح، في ديسمبر 2018، لم تجد منقذاً يقوم بإخراجها من مساكنها هناك. فعمل عدد من الشبان على إطلاق “جروب” على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، باسم “جيش شنب”، وأطلق أعضاء الجروب، حملة إلكترونية، نشروا فيها أرقاماً هاتفية للتواصل بينهم وبين العائلات المحاصرة، لنجدتهم.
وبالفعل استطاع أعضاء الجروب مساعدة 190 عائلة، للخروج من مناطق الاشتباك إما عبر إخراجهم بسياراتهم الخاصة، أو بسيارات أعضاء الجروب، أو عبر إرشاد العائلات إلى المخارج الآمنة من مناطق الاشتباك المستعرة. وبعد نجاح أعضاء “جيش شنب” في إخراج تلك العائلات من مناطق الاشتباك، أطلق الجيش حملة إنسانية للاعتناء بهم، وبخاصة الأسر المعدومة، ووفروا لهم شققاً سكنية تم دفع إيجارها من قبل أعضاء الجيش، كما وفروا لتلك الأسر فرشاً وبطانيات.
ويتذكر منيف الجالدي، وهو واحد من أفراد العائلات المتضررة في ذلك الحين، ما حدث، قائلاً لـ”المشاهد”: “حينما أخبرني أحد جيراني ونحن محاصرون مع عائلاتنا وسط نيران المعارك، بأنه يجب علينا أن نتواصل مع شباب جيش شنب. كنت متردداً، لأنني لم أكن أثق بجروبات التواصل الاجتماعي، لكن ما حدث غير من تفكيري”.
شكّل هذا العمل الإنساني نقطة تحول للشبان أعضاء جروب “جيش شنب”.

بدأت فكرة تدشين تأسيس الجيش عام 2018، عبر جروب على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، تحت مسمى “جيش شنب”، وهو جروب خاص يضم مجموعة بسيطة من الشبان الذكور فقط، وبدأت المجموعة في التوسع د، حيث كان كل عضو يضيف أصدقاءه المقربين منه، وكان الهدف من إنشاء الجروب هو تبادل الخدمات والمنافع بين الأصدقاء


وكان النشاط الأكبر والأهم بالنسبة لهم، تحول نشاطهم إلى تقديم المساعدة المجتمعية للجميع، بعدما كانت محصورة في أعضاء الجيش الذكوري، كما يقول لـ”المشاهد”، الشاب أيمن الماوري، أحد أعضاء الجيش.

كيف بدأت الفكرة؟

بدأت فكرة تدشين تأسيس الجيش عام 2018، عبر جروب على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، تحت مسمى “جيش شنب”، وهو جروب خاص يضم مجموعة بسيطة من الشبان الذكور فقط، وبدأت المجموعة في التوسع د، حيث كان كل عضو يضيف أصدقاءه المقربين منه، وكان الهدف من إنشاء الجروب هو تبادل الخدمات والمنافع بين الأصدقاء، وكلما احتاج شخص حاجة طلبها، يجد بقية أصدقائه في الجروب ملبين للطلب، وفقاً لقاعدة أن التضامن بين أفراد الجيش إجباري على الجميع، ومع مرور الأيام زاد عدد أعضاء الجروب.

"جيش شنب"… مجموعة على "فيسبوك" تقود مبادرات إنسانية
من انشطة فريق جيش شنب


سُمي الجروب “جيش شنب”، لأهمية تسمية شنب، لدى الشباب اليمني، حيث يرمز الاسم للصفات الرجولية الإيجابية التي يجب أن يتحلى بها الشباب، وفقاً لوجهة نظر أعضائه.
وبحسب جمال الصبري، أحد الأعضاء المؤسسين لـ”جيش شنب”، فقد كانت أول فعالية لأعضاء الجيش، خارج العالم الأزرق، هي “الفزعة”، بمعنى الاستجابة لطلب المستغيث.

إقرأ أيضاً  مطابخ خيرية تخفف معاناة الأسر الفقيرة في رمضان

الفزعة

عندما طلب شاب عشريني قادم من محافظة تعز إلى صنعاء، يُدعى أسامة الكمالي، أن يشاركه أعضاء “جيش شنب” فرحته بحفل زفافه، الذي كان لا ينوي إقامته بسبب عدم تواجد أقاربه وأصدقائه في صنعاء التي نزح إليها بسبب الحرب، استحاب أعضاء الجيش، عبر صفحتهم في “فيسبوك”، لطلبه، وقاموا بتجهيز حفل زفافه كاملاً، دون أن يتحمل الكمالي التكاليف المادية لعُرسه بمفرده، وبالفعل تم ذلك على أرض الواقع.
ووصل عدد أعضاء “جيش شنب” إلى 200 عضو، بعد حفل زفاف الكمالي، الذي أعقبه حفل زفاف آخر، لشاب يُدعي محمد الأغبري، حيث طلب من الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في صنعاء، مشاركته في زفافه بالسيارات، وكان أعضاء الجيش في مقدمة الملبين له، مع عشرات من الشباب من مختلف المبادرات والمكونات الشبابية، بحسب أشرف الكميم، أحد أعضاء الجيش.
وحينما تعرضت حافلة يملكها شاب يُدعى أكرم الصلوي، لحريق كبير في محافظة تعز، هب أعضاء جيش شنب لمساعدته، وإطلاق حملة، أثمرت شراء حافلة جديدة للصلوي.

تحدٍّ وإنجاز

نفذ أعضاء الجيش الكثير من الأنشطة الخيرية، إذ يقول أشرف الكميم، في حديثه لـ”المشاهد”: “في حال احتاج أحد الأعضاء شيئاً، يقوم بكتابة منشور في الجروب، عبر وسم “شنب_هلب”، وعليه أن ينتظر كيف ستنهال عليه الردود الإيجابية التي تتحول إلى مساعدات على أرض الواقع”.
عمل جيش شنب في تبني وتنفيذ العديد من حملات النظافة داخل حارات العاصمة صنعاء، في أوقات متفرقة، وعقب وصول مناشدة من المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه، لأعضاء الجيش، أطلق الجيش، في سبتمبر 2019، حملة للتبرع بالدم، استجاب بالمشاركة فيها العشرات من الشباب من داخل الجيش وخارجه، وفي سبتمبر الفائت، توسعت حملة التبرع لتشمل العديد من المحافظات اليمنية.
ويقول جمال الصبري، عضو “جيش شنب”، لـ”المشاهد”: “نفذنا العديد من المبادرات الطوعية، كتقديم الدعم المناسب في عدد من دور الأيتام، وفي مستشفى الأمراض النفسية في صنعاء، كذلك أقمنا مطبخاً خيرياً في شهر رمضان الفائت، وقدمنا الوجبات لآلاف الأسر طوال شهر رمضان الفائت”.
لكن ثمة صعوبات واجهت الجيش، وفقاً للصبري، بسبب الحرب والوضع الأمني والاقتصادي المتردي، وضعف مشاركة الشباب في صناعة القرار، وحصر دورهم في تنفيذ الأنشطة الاجتماعية والخيرية.

تكريم مستحق

تُوجت الحملات والمشاريع التي نفذتها مبادرة “جيش شنب”، في حصول أعضائه على العديد من الجوائز العالمية والعربية والمحلية، كان أبرزها جائزة أفضل مبادرة شبابية، مقدمة من الأمم المتحدة، وجائزة الجامعة العربية للمبادرات، من بين 10 مبادرات شبابية في الوطن العربي، وجائزة أفضل 3 مبادرات محلية، مقدمة من مؤسسة “شباب بلا حدود”.
ويقول الصبري، إن “جيش شنب”، يسعى إلى إطلاق صندوق خاص بأعضائه، وسيوفر فرصاً لبناء قدراتهم، بالإضافة إلى خطط لعمل استراتيجية لنشاط الجيش في كافة المحافظات اليمنية.

مقالات مشابهة