المشاهد نت

مالذي يهدد بإيقاف الخدمات الطبية في مستشفى الثورة بصنعاء؟

مستشفى الثورة بصنعاء

صنعاء – عابد عمر:

 عانى الأربعيني محمد خلدون، من عدم الاهتمام والعناية الطبية الكافية في مستشفى الثورة الحكومي بصنعاء، أثناء متابعة حالته الصحية بعد إجرائه عملية جراحية لساقه اليسرى التي تعرضت لكسور أثناء سقوطه من دراجته النارية، كما يقول لـ”المشاهد”.

 مضيفاً أنه بعد خروجه من غرفة العمليات في المستشفى، ووضعه في قسم الرقود لم يتلقى المجارحة بالشكل المطلوب وباستمرار.

وتابع خلدون: “الطاقم التمريضي في المستشفى يبدو أنه لا يملك الخبرة الكافية، كون معظمهم من طلاب كلية الطب الذين يطبقون في المستشفى”.

معاناة يومية للمرضى

وتراجع مستوى الخدمات الطبية في مستشفى الثورة العام بصنعاء، وغيره من المستشفيات الحكومية الأخرى، خلال سنوات الحرب، إذ تفتقد المشافي بعض معايير الجودة والتجديد والممارسة المهنية في أدائها تجاه المرضى، فضلاً عن تكاليف العلاج الباهظة فيه، بحسب كمال عنبر، مرافق أخيه المريض في مستشفى الثورة.

وقال عنبر لـ”المشاهد” إن المستشفى لم يعد يقدم شيئاً مجاناً للمرضى، لاسيما الفقراء ومحدودي الدخل، حيث يتحمل المريض الرسوم والعلاج والرقود والفحوصات والأشعة على نفقته الخاصة، حتى على مستوى “أمبولة” فحص الدم عليه شراؤها من الصيدليات خارج أسوار المستشفى.

ومنذ انقلاب جماعة الحوثي على الحكومة في صنعاء، نهاية سبتمبر 2014، وبدء الحرب في اليمن، تراجع مستوى الخدمات والعناية في مستشفى الثورة، كغيره من المشافي الحكومية.

حيث شهد أزمات عديدة من شحة الأدوية وانقطاع المرتبات، هجرة الأطباء المهرة والكادر التمريضي الأجنبي إلى خارج الوطن، بحسب تاكيد الممرضة سميحة راجح لـ”المشاهد”، والتي أشارت إلى أن المستشفى مزدحم بالمرضى، وإيراداته ضخمة، غير أن الموظفين لا يحصلون على شيء مقابل عملهم، سوى نصف الراتب الذي تصرفه حكومة صنعاء في عيدي الفطر والأضحى سنوياً، وهذا لا يكفي لمواجهة متطلبات المعيشية في ظل ارتفاع الأسعار والإيجارات وغيرها.

يتعرض مستشفى الثورة بصنعاء لتدمير متعمد، مثل باقي المشافي الحكومية الخاضعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، وذلك من خلال التغاضي والتهميش وعدم إيلاء هذا الصرح الطبي أدنى اهتمام وعناية وتطوير

وانقطعت مستحقات الكادر الطبي في مستشفى الثورة منذ 8 أشهر، رغم الاحتجاجات التي ينفذها الموظفون بكل كوادره الطبية والفنية، وفق الممرض هاني حفظ الله، قائلاً لـ”المشاهد”: “رئاسة هيئة المستشفى لم تلتفت لهم، بل راحت تهددهم بالفصل عن عملهم إذا لم يكفوا عن اعتصاماتهم”.

ويتعرض مستشفى الثورة بصنعاء لتدمير متعمد، مثل باقي المشافي الحكومية الخاضعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، وذلك من خلال التغاضي والتهميش وعدم إيلاء هذا الصرح الطبي أدنى اهتمام وعناية وتطوير كونه يمثل أساس العملية الصحية والطبية، والمكان المناسب للمرضى من الشرائح المجتمعية ذوي الدخل المحدود والفقيرة، وهم الأغلب في واقعنا، بحسب ما أكد الدكتور رضوان العثماني، في قسم الباطنية في مستشفى الثورة لـ”المشاهد”.

موضحاً أن الحرب على البلد أثرت سلباً بشكل كبير على المستشفى مهنياً وصحياً وطبياً ومادياً، وجعلته يتراجع خطوات إلى الخلف، خاصة بعد انقطاع مرتبات الموظفين، الأمر الذي أدى إلى تسرب الأطباء إلى المستشفيات الخاصة أو الهجرة إلى خارج الوطن.

إقرأ أيضاً  توقف الزراعة في بساتين صنعاء القديمة 

منوها أن هذا يعتبر أمراً في غاية الخطورة، لأن ذلك يعني عدم تقديم خدمات طبية وصحية ذات جودة عالية.

وأشار العثماني إلى أن المستشفى يواجه عجزاً مالياً ودوائياً، وفي الكادر الطبي والتمريضي، ويحتاج إلى إعادة النظر في هيكله الإداري، وتعيين المدراء الأكفاء طبقاً للمعايير والخبرات العلمية والعملية التي تؤهلهم لإدارة مثل هكذا مستشفى.

الحرب وأزمة الوقود يخنقان أداء المستشفى

ويستقبل مستشفى الثورة بصنعاء ما بين 300-400 مريض يومياً، كما يقول الدكتور عبد اللطيف أبو طالب، رئيس هيئة مستشفى الثورة العام بصنعاء، لـ”المشاهد”، مضيفاً أن المستشفى يعمل بطاقة استيعابية تقدر بحوالي 807 أسرّة، معظمها تعمل يومياً، والبعض الآخر لا يعمل نظراً لعدم وجود الكادر المؤهل، بخاصة التمريضي، لاسيما بعد ذهاب حوالي 1300 ممرض أجنبي من المستشفى، وعودتهم إلى بلدانهم.

ويبلغ عدد الطاقم الإداري والفني حالياً لدى المستشفى 3500 موظف، ويعتبر هذا العدد عبئاً كبيراً على المستشفى، إذ لا تستطيع أية منظمة تغطية رواتب هذا الكم الهائل، وفق ما أفاد أبو طالب.

وأضاف أن موازنة المستشفى قبل الحرب كانت تقدر بـ17 مليار ريال سنوياً، بينما الآن وبعد مرور 5 سنوات من الحرب، صارت لا تزيد عن 10% من الموازنة السابقة، ففي العام الماضي تسلم المستشفى ملياراً و800 مليون ريال فقط، بما فيها نصف الراتب، وبالتالي فإن إيرادات المستشفى تصرف معظمها للموظفين، وهو لا يكفي لصرف 20 ألف ريال شهرياً لكل موظف.

وأكد أن الوضع في المستشفى متردٍّ بسبب الحصار الاقتصادي والمالي الذي فرضته دول التحالف على اليمن، مشيراً إلى أن المستشفى يعاني من نقص شديد في الأدوية والمستلزمات الطبية، وازدياد أعداد المرضى، وأزمة المشتقات النفطية، حيث يستهلك المستشفى كمية كبيرة من مادة الديزل تصل إلى 130 ألف لتر شهرياً.

هجرة الأطباء

وعن هجرة الأطباء من المستشفى إلى خار ج البلد، تحدث أبو طالب أن هجرة الاستشاريين والأخصائيين إلى الخارج أو المستشفيات الخاصة في الداخل، ازدادت أثناء الحرب، نتيجة انقطاع المرتبات، فبالنسبة للاستشاريين والأخصائيين الذين هاجروا إلى الدول المجاورة، لا نستطيع توقيفهم، أما الذين يعملون في مستشفيات خاصة داخل الوطن، ولا يقومون بالالتزام بعملهم في مستشفى الثورة، فقد تم الرفع بهم إلى وزارة الصحة، وما عليها سوى اعتماد المقترح المقدم إليها بشأن مخاطبة المستشفيات الخاصة بعدم قبول هؤلاء الأطباء لديها أثناء دوامهم الرسمي في المستشفيات الحكومية.

وتابع: “عندما ننذر الأطباء مرات عدة بالالتزام بدوامهم الرسمي حسب قانون الخدمة المدنية، لا يبالون، ويطلبون بفصلهم لأنه ليس لديهم مرتبات”.

مقالات مشابهة