المشاهد نت

” المعلم المجاني” رحلة فنان في مواجهة الحرب

صنعاء – ميساء مطهر :

قرابة خمس سنوات مرت على اندلاع الحرب في اليمن، خسر فيها الكثير لوظائفهم وانقطعت رواتب وتردت أحوال المعيشة حيث تعيش اليمن الكارثة الإنسانية الأسوأ في العالم بحسب الأمم المتحدة.

لكن في الجانب الآخر، هناك قصص تواجه الحرب بصمت وأمل، كالفنان التشكيلي اليمني ماجد الهمداني الذي قرر أن يواجه الحرب بطريقة مختلفة.

" المعلم المجاني" رحلة فنان في مواجهة الحرب

لم تسمح الظروف المادية الصعبة لماجد أن يواصل دراسته الجامعية فاتجه إلى العمل كمدرس أنشطة فنية في المدارس الخاصة، حيث عمل على تطوير نفسه عبر الأنترنت وشراء الكتب والعمل لدى خطاطين ورسامين لكي يتعلم منهم لكن الأمر لم يكن بالسهل فقد عانى الكثير.

بعد سنوات عمل ماجد في الداعية والاعلان واسس له مشروع مكتبة ومرسم استطاع من خلاله توفير مصاريفه ومصاريف أسرته المكونة من ستة افراد كذلك ممارسة هوايته في الرسم من جديد وعمل معارض فنية ولقاءات تلفزيونية وصحفية.

الحرب غيرت كل شيء

بعد اندلاع الحرب الأهلية في اليمن في 22 مارس 2015، توقف مشروع ماجد واضطر العودة إلى القرية ليتوقف عن العمل قرابة سنة، الأمر الذي جعل ماجد يفكر بطريقة مختلفة:

” هذا غير تفكيري واحلامي وطموحاتي. مما جعلني اعيد تنشيط طاقتي الإيجابية واعمل بجد واتواصل من جديد مع كل عملائي حتى استطعت ان ابني لي منزل مستقل وشراء سيارة من جديد وانشأت عدة معارض وفعاليات فنية”.

شارك في 15 عشر معرض فني مشترك ودفعته الحرب إلى إنشاء مجموعة فنية عبر تطبيق واتسب لتعليم الرسم مجانًا خصوصًا بعد إقفال العديد من المؤسسات التعليمية والمعاهد في ذروة الحرب، انتشر الخبر بين الكثير من الشباب مما جعل الكثيرين يطلبون الانضمام.

يقول الفنان ماجد:

” قبل 2015 كنت اعطي دروس في الرسم والفنون والجرافيك في عدة معاهد خاصة ولكن بسبب حرب 2015 توقفت عن التدريس وانتقلت للعيش مره اخرى في القرية، ففكرت في أن أجمع طلابي في مجموعة وأكمل تعليمهم عبر الواتس”.

استمرارية    

استمرت المجموعة في العطاء حتى يومنا هذا لتتخرج العديد من الدفعات التي تعلمت عبر هذه المجموعة التي يبلغ أعضائها 144 عضوًا كذلك التقى الفنان ماجد ببعض من طلابه على أرض الواقع لعمل ورشة فنية في رسالة إنسانية يحملها:

إقرأ أيضاً  خطورة المخدرات في «لقمة حلال»

” كان الغرض الأهم من انشاء المجموعة هو إني لا اريدهم ان يذوقوا المر الذي انا ذقته في بحثي عن من يعلمني، انا اعلم بقيمة ان تجد معلم للرسم في بلادنا مع الأخذ بعين الاعتبار في ان اغلب الرسامون المحترفون انانيون ولا يريدون تعليم احد الأمر الذي يجعلني استمر في تعليمهم مجانًا رغم ظروف البلاد ورغم ضعف الأنترنت في بلادنا الا اني استمد طاقتي من طلابي، حيث ان دعواتهم لي وامتنانهم للمعروف الذي أقدمه لهم هو السبب في بركة رزقي والله يعطينا على حسب نياتنا وليس على قدر اعمالنا”.

أصبح الكثير يتعلم ويعلم في نفس الوقت سواء من الذكور او الاناث حتى أن البعض أصبح محترفًا ولديه فريقه الخاص ومنافسًا لماجد نفسه بحسب تعبيره.

يعبر الفنان صبري الطيار أحد أعضاء المجموعة:

” اختصر وصفه بمخزون فني مشبع ومشع بنفس الوقت هذا الفنان يصنف ضمن قائمة الفنانين المانحين واعتقد انه تجاوز مرحلة الاكتساب الفني وأصبح مصدر للمعلومة الفنية والنصح والارشاد الفني بدون مقابل وهذا يعكس الروح الفنية الايجابية التي يتحلى بها الاستاذ ماجد وامثاله قله ونادرا ما نصادف شخصية فنية تجتمع بها جميع هذه الصفات”.

مبادرات لمقاومة التشوه

تعد مبادرة الفنان ماجد واحده من العديد من المبادرات الفنية الشبابية التي تسعى إلى تغيير صورة الحرب والدمار النمطية السائدة في اليمن، كمبادرة ” كذا كان اليمن” التي تسعى إلى تصحيح الصورة النمطية في اليمن بالعودة إلى الهوية الثقافية والتراث القديم، وفنان الجرافيتي ذي يزن العلوي الذي يعبر عن القضايا عن طريق الرسم على جدران الشوارع، والمصور أيمن فكري الذي يوثق صور يوميات حياة الشارع اليمني على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي انستجرام وغيره…

هذه المبادرات الفنية والجهود الذاتية في بلد أنهكته الحرب تحمل رسائل سلام ومقاومة الازمات لمواصلة الحياة على أمل تنتهي الحرب يومًا ما ويحل السلام، وتعد مواقع التوصل الاجتماعي هي نافذة اليمنيين في التعبير خصوصًا في ظل التعتيم الاعلامي أو عدم وجود الاعلام الانساني بالشكل الكاف والمطلوب في ظل الصراعات والأزمات السياسية المسيطرة على المشهد.

تنشر هذه القصة بالتزامن مع نشرها في منصة ”صوت إنسان” “وفقا لإتفاق بين المشاهد والوكالة الفرنسية لتنمية الاعلام CFI .

مقالات مشابهة