المشاهد نت

من يحاول قتل “لولة” في عدن؟!

عدن – كيان شجون

“لولة”.. امرأة مسنة تعيش مع ثلاثة من أولادها، أحدهم فتاة، في غرفة واحدة بمنزل خشبي صغير (يسمى محليًا صَنْدَقَة)، بحي الكسارات الواقع في منطقة الخساف بمديرية صيرة، في مدينة عدن (جنوب اليمن).
أصيبت بمرض ال”شيكونغونيا”، مارس 2020 قبل أن تقرر السفر إلى محافظة تعز، على بُعد 175 كيلو متر تقريبًا من المدينة الجنوبية.

(أرهقني المُكَرْفَس).. تقول، وهو التسمية الشعبية للداء الذي يتسبب بظهور مفاجئ للحمى وآلام حادة بالمفاصل, “عندما شعرت بالتعب ذهبت إلى مجمع الميدان بصيرة، لم تكن بحوزتي سوى 10 آلاف ريال يمني (15 دولارًا أمريكيًا تقريبًا) أعطاني إياها ابني الساكن بقربي، اشتريت بها الأدوية التي وصفتها لي الطبيبة، فهمت من نتائج الفحص إصابتي بحمى الضنك أيضًا”. وابنها هذا هو الأكبر، وإلى جانبه ثلاث بنات متزوجات غير الساكنين معها.

تضيف المرأة الثمانينية لـ”صوت إنسان” أنها لم تستطع استكمال العلاج بسبب الظروف القاهرة اقتصاديًا “لم أستطع شراء الأدوية والفواكه التي تقوّي المناعة مثل الكيوي والبابايا, والنقود التي أعطاني ابني لم تكفِ لشراء الأدوية وهذه الفواكه ليومين”.

“كوننا لا نملك المال”
“لم أطلب من ابني مبلغًا من المال مرة أخرى”, تضيف “بقية أولادي يعملون بالأجر اليومي, أحدهم يعمل حمّالًا والآخر يخيط شباك اصطياد وما يتحصلون عليه من مال لا يكفي لشراء احتياجاتهم الأساسية”.

تكمل “لا أستطيع النوم من شدة الألم الذي كان يشتد في رقبتي وظهري وكل جسمي, ولتخفيفه كنت أتناول مسكنات الأسنان وأدهن مفاصلي بـ‘أبو فاس‘ [مرهم Tiger Balm لتخفيف الآلام]“.

ومما زاد من ألم لولة أن ابنتها التي تسكن معها أصيبت بالمرض عينه “لم تذهب مثلي لأي مستشفى؛ كوننا لا نملك المال. منذ وفاة زوجي قبل 10 سنوات وأنا لا أملك شيئًا إلا ما يجود به أولادي؛ زوجي لم يكن لديه راتب حكومي”.

تقول وقد كسا التعب وجهها: “الانقطاعات الطويلة للكهرباء صيفًا أضاف لي معاناة أخرى؛ لا أملك حتى مروحة شحن بعد أن تعطلت التي كنت أملكها ولم أستطع إصلاحها أو شراء غيرها فما باليد حيلة”.

إقرأ أيضاً  الاقتصاد في مناطق الحوثي.. «ركود وابتزاز»

صدمة أيضًا
تضيف بصوت منخفض لا يكاد يُسمع وجسد هزيل متعب أنها ذهبت مع ابنتيها إلى محافظة تعز, يوليو/تموز 2020, لزيارة ابنتها التي أجرت عملية قيصرية “وكانت فرصة لعليّ أجد هناك علاجًا مناسبًا, لكن دون فائدة”.

لم تستطع إكمال حديثها من شدة الإعياء, فأخبرتني ابنتها أسماء “قبل عودتنا إلى عدن بحوالي شهر وبينما كنا في طريقنا إلى منزل أختي في تعز صدمتها سيارة, لكن الحادث كان خفيفًا, لم تصب إلا برضوض فقط”.

تضيف أسماء لـ”صوت إنسان”: “لما عدنا إلى عدن قبل أسبوعين تقريبًا ارتفعت لديها الحرارة فقمت بإسعافها إلى المستشفى, واتضح أنها تعاني نقصًا حادًا في الصفائح”, متألمة وهي تشير إليها “كما ترين, لا تقوى على الحركة ودائمًا ما تغيب عن الوعي لبعض الوقت. تستخدم حاليًا علاجًا لرفع الصفائح”.

الفقر قاتل
من سابق, سألتُ أم أسماء عما إذا كانت تتلقى مساعدات من المنظمات المحلية أو الدولية, فأجابت بالنفي “لم أتلقّ أي مساعدات أو دعم من أي منظمة سواء نقدية أو مواد غذائية”. وإلى جانب ما تعانيه صحيًا, كانت الأمطار الغزيرة التي شهدتها مدينة عدن نهاية أبريل/نيسان 2020 قد تسببت بأضرار بالغة لمنزلها الخشبي المتهالك.

أضافت “لم تصلني أي مساعدات من المنظمات التي عوّضت البيوت المتضررة من الأمطار, على الرغم من أن بعض البيوت القريبة مني تحصلت على مساعدات ومبالغ مالية, وكما ترين منزلي لا يحتمل قليلًا من المطر”.

تغرورق عيناها بالدمع وهي تقول: “المكرفس والفقر وجه واحد للألم؛ كلاهما لا يرحم, فالمكرفس يقتل من شدة الألم والفقر يقتل من شدة الجوع”.

تنشر هذه القصة بالتزامن مع نشرها في منصة ”صوت إنسان” “وفقا لإتفاق بين “المشاهد” والوكالة الفرنسية لتنمية الاعلام CFI

مقالات مشابهة