المشاهد نت

الحارس القضائي للحوثيين يستنسخ شركات جديدة ويصادر أموال ملاكها

صورة تعبيرية

صنعاء – وضاح الجليل:

بعد استيلائها على عدد كبير من الشركات والمؤسسات المملوكة لشخصيات ورجال أعمال وأحزاب وجمعيات مناهضة لنفوذها ممن تتهمهم بالتخابر والعمالة للخارج؛ بدأت جماعة الحوثي مؤخرًا عملية استنساخ وتفريخ لتلك الشركات والمؤسسات، في توجه وصفه مراقبون اقتصاديون بأنه يأتي للتحايل على مساهمين في تلك الشركات ممن مازالت ترغب في بقاء أنشطتهم التجارية في مناطق سيطرتها لما فيه من منافع تعود بالفائدة عليها وعلى مواردها المشبوهة.
وكان الحوثيون أسسوا جهاز الحارس القضائي برئاسة صالح مسفر صالح الشاعر، وهو المطلوب رقم 35 على قائمة التحالف العربي الذي تقوده السعودية، بوصفه الذراع الاقتصادية لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي. ويعمل الحوثيون من خلال جهاز الحارس القضائي، على بناء اقتصاد جماعتهم من خلال السيطرة المالية والإدارية على أموال وشركات عدد كبير من الشخصيات والجهات المناهضة لنفوذهم.

الاستيلاء على أهم الشركات والمؤسسات الخاصة

وأسس الشاعر مؤخرًا 3 شركات، بحسب مصادر “المشاهد” في العاصمة صنعاء، مؤكدة أن اثنتين منها متخصصتان في تقديم خدمات تكنولوجيا المعلومات، والثالثة متخصصة في الخدمات الأمنية وحراسة المنشآت، من أجل إحلالها بدلًا عن شركات أخرى من التي سيطر عليها وبدأ تجيير أنشطتها لصالح الجماعة.
وبحسب تفسير المصادر؛ فإن تأسيس هذه الشركات يحقق غرضين مهمين للحوثيين؛ الأول هو الاستمرار في مصادرة أموال الشخصيات المناهضة لنفوذ جماعة الحوثي، وهذه المرة من خلال مزاحمة الشركات التابعة لهذه الشخصيات في أنشطتها برغم الاستيلاء عليها، ومن ثم تعريضها للإفلاس لاحقًا والتنصل من أية مسؤولية عن ذلك، والغرض الآخر هو ضمان ولاء أطقم الشركات الجديدة بالكامل لهم؛ خصوصًا وأنها تعمل في تخصصات دقيقة وحساسة، لأنه يمكن ضمان ولاء أطقم الشركات التي تعود ملكيتها لشخصيات مناهضة للجماعة بالكامل، حتى في ظل السيطرة عليها ماليًا وإداريًا.


الشركة الأولى التي تم استنساخها هي “يمن فاز فيوتشر”، التي قام الحارس القضائي بتسليمها مليونًا و100 ألف دولار، و84 مليون ريال يمني من أرصدة جامعة العلوم والتكنولوجيا ومستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا، مقابل المرحلة الأولى من استعادة بيانات جامعة العلوم والتكنولوجيا التي تم حذفها من سيرفرات المستشفى والجامعة في مناطق سيطرة الحوثيين، من طرف القائمين على المؤسستين قبل سيطرة الحوثيين عليهما، ولم تعد هذه البينات متوفرة إلا في فروع المؤسستين الواقعة خارج مناطق سيطرة الحوثيين.
ولأجل مهمة استعادة بيانات جامعة العلوم والتكنولوجيا؛ قام الحارس القضائي باستدعاء هشام الرعيني، وهو مهندس كان يعمل لدى الجامعة سابقًا، قبل أن يهرب إلى ماليزيا خوفًا من ملاحقته بتهمة تهريب وإخفاء بيانات الجامعة؛ وبرغم أنه كان مطلوبًا للجهات الأمنية التابعة للجماعة؛ إلا أن أوامر صالح الشاعر تجاوزت إجراءات أجهزة أمن الجماعة، وتمت إعادته إلى صنعاء دون أن تتمكن تلك الأجهزة من إلقاء القبض عليه.
ويعمل الرعيني حاليًا على استعادة بيانات الجامعة، بعد أن تقاضى مبلغ 50 ألف دولار مقدمًا مقابل تلك المهمة، وتم تقليده منصبًا كبيرًا في شركة “يمن فاز فيوتشر”؛ إلا أن المهمة لم تنجح حتى الآن.

تقدم “نيو تكنولوجي” خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لصالح شركة سبأفون، بدلًا عن شركة السلام التابعة لمجموعة الأحمر، والتي كانت تقدم الخدمات نفسها لشركة سبأفون، قبل أن يتم الاستيلاء عليها من طرف الحارس القضائي.


وبحسب مصادر “المشاهد”؛ فإن عملية استعادة قاعدة البيانات لم تكلل بالنجاح حتى اللحظة، برغم مرور فترة ليست بالبسيطة منذ بدء المحاولات.
أما الشركة الثانية التي أسستها الجماعة فهي “نيو تكنولوجي”، ويملكها صالح الشاعر نفسه؛ في حين يديرها أخوه عبدالله، وأحد المسؤولين السابقين في وزارة الداخلية.
وتقدم “نيو تكنولوجي” خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لصالح شركة سبأفون، بدلًا عن شركة السلام التابعة لمجموعة الأحمر، والتي كانت تقدم الخدمات نفسها لشركة سبأفون، قبل أن يتم الاستيلاء عليها من طرف الحارس القضائي.
والشركة الثالثة هي “سبيشل أوبس” التي أسسها الشاعر لمنافسة الشركات الأمنية الناشطة في العاصمة صنعاء، مثل شركة “جروب فور” التي تقدم خدمات أمنية وحراسة منشآت ومباني ومخازن شركتي “سبأفون” و”الموارد” وجامعة العلوم والتكنولوجيا ومستشفى جامعة العلوم التكنولوجيا وشبكة ابن الهيثم.
وتتبع شركة “سبيشل أوبس” قياديًا من عائلة الحوثي ذاته، يدعى حسام، ويُكنى بـ”أبو محمد الحوثي”، وبدأت الجماعة إحلال أفراد أمن وموظفين تابعين لهذه الشركة، في عدد من المؤسسات والشركات المُصادرة وغيرها، ما يعني ضمان ولاء جميع الأطقم والأفراد العاملين في هذه الشركات، بدءًا من مدراء العموم، وحتى حراس الأمن والبوابات، وضمان الرقابة الدائمة على كل شاردة وواردة فيها.

إقرأ أيضاً  مخيمات النازحين.. تحت رحمة «المنخفض الجوي»

تحايل على مطالب رجال أعمال

وتعمل الجماعة التي تتحفظ على شركتي “سبأفون” و”الموارد”، على التحايل للتهرب من مطالب عدد من رجال الأعمال والبيوت التجارية المساهمة في الشركتين، بالتوقف عن العبث بأموال وأصول الشركتين والمؤسسات التابعة لهما، والشفافية في إدارتهما من طرف الحارس القضائي، والكشف عن كافة الإجراءات التي تمت منذ السيطرة عليهما.
وكانت مجموعة شركات هائل سعيد أنعم وشركة إخوان ثابت وعدد من رجال الأعمال المساهمين في الشركتين، ممن ماتزال الجماعة تتعاطى معهم وتسمح لمؤسساتهم بمزاولة أنشطتها دون تدخل أو رقابة؛ تقدموا بهذه المطالب، بعد أن لمسوا عبثًا بأرباح وأموال الشركتين والمؤسسات التابعة لهما، وتخلفًا عن موافاتهم بالتقارير المالية والإدارية وحصصهم من الأرباح السنوية.
وتضم شركة “الموارد” تحتها عددًا من المؤسسات الطبية والتعليمية تمثل جامعة العلوم والتكنولوجيا، ومستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا، وشبكة ابن الهيثم، وجميعها تتبع شركة الموارد.

توسيع دائرة المتهمين بالتخابر

أصدر الحارس القضائي مؤخرًا دعوة لمساهمي الشركة لعقد اجتماع الجمعية العمومية للشركة، في خطوة قالت مصادر “المشاهد” إن الهدف منها تشكيل مجلس إدارة جديد للشركة.
ولجأ الحارس القضائي إلى توسيع دائرة المتهمين بالتخابر والعمالة للخارج من المساهمين في الشركتين؛ من أجل زيادة نسبة أسهم هؤلاء المتهمين عن 53%، كون مساهمة مجموعة الأحمر وجمعية الإصلاح وغيرهما من المتهمين بالتخابر والعمالة؛ أقل من ذلك بكثير، وهو ما يتيح لبقية المساهمين المطالبة بتشكيل مجلس إدارة جديد لكل شركة، وإدارتهما من طرف أصحاب الأسهم التي تزيد عن هذه النسبة.
حاول “المشاهد” التواصل مع عدد من رجال الأعمال والبيوت التجارية المساهمة في شركات “الموارد” و”سبأفون” و”السلام”؛ للإجابة على عدد من الاستفسارات واستيضاح بعض الأمور؛ إلا أن الجميع رفضوا الإدلاء بأية معلومات، نظرًا لحساسية الموقف، ولما يمكن أن يترتب على تصريحاتهم من عواقب؛ حيث ماتزال الكثير من أنشطتهم وأعمالهم التجارية في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.
واتهمت شركة الموارد الشاعر بالاستيلاء على حصص مجموعة أخرى من المساهمين في الشركة.
وقالت الشركة، في بيان لها، الأسبوع الماضي، إن دعوة الحارس القضائي للمساهمين لعقد اجتماع الجمعية العمومية للشركة، “دعوة باطلة شرعًا وقانونًا”، وهدفها إضفاء الشرعية لمصادرة حقوق المساهمين، مشيرة إلى أن هذا دليل على النية المسبقة للاستيلاء على مؤسسات الشركة (جامعة ومستشفى العلوم والتكنولوجيا)، بعد السيطرة على المركز الرئيس للجامعة بصنعاء وبعض فروعها، بحجة الحجز على بعض حصص المساهمين.
وذكر البيان أن صالح الشاعر أصدر قرار اتهام لمجموعة أخرى من المساهمين، معظمهم من أشهر البيوت التجارية ورجال المال والأعمال المستثمرين في اليمن، بدعاوى باطلة، وأنه يرفض الاحتكام للقضاء، ويواصل ممارساته تحت غطاء جهاز قضائي تابع له، ويخضع لسيطرته، ويأتمر بأمره، دون الالتفات إلى مكانة وحرمة القضاء وقواعده واستقلاليته.
وكان تقرير فريق الخبراء الدوليين المعني باليمن، تطرق إلى ممارسات الحارس القضائي ورئيسه صالح مسفر الشاعر. وقال التقرير إن المحكمة الجنائية المتخصصة في صنعاء أصدرت أحكامًا بمصادرة جميع الأصول داخل البلد وخارجها، التي تعود إلى 75 قائدًا عسكريًا و35 برلمانيًا، وما لا يقل عن 100 من القادة السياسيين، والرئيس هادي؛ وأعضاء حكومته، مشيرًا إلى أن هذه الأحكام لا تتفق مع متطلبات الإجراءات القانونية العادلة، ومؤكدًا أن هذه القرارات والأوامر تأتي لإضفاء الشرعية والصفة القانونية على نهب الأصول وسرقتها والاستيلاء عليها.
وأكد التقرير أن الفريق يواصل التحقيق في هذه الأحكام وأثرها على المتهمين، وما إذا كان الحارس القضائي ينفذ أوامر المحكمة بمصادرة الأصول، والمكاسب المالية غير المتوقعة التي تحققت من هذه المصادرات، وكيفية مصادرة هذه الأصول وإدارتها، وما إذا كانت هذه الأموال تُستخدم لتمويل المجهود الحربي للحوثيين.

مقالات مشابهة