المشاهد نت

اليمن على أعتاب موجة جديدة من كورونا

تعز- محمد علي محروس :

“عشتُ الخوف والألم معًا، شعرتُ بأن حياتي توقفت، لم أعاني ذلك في أوج الحرب مشاعر متضاربة بينها البين”، تجربة مختلفة بكل تفاصيلها عاشتها الناشطة الشبابية بمدينة تعزعبير عبدالرقيب، التي تحكي عن ذلك بأمنيات عدم تكرار التجربة، وهي في عشرينيات عمرها “تنقّلت خلال ذروة تفشي فيروس كورونا بين الإيجابية والسلبية مع مشاعر عدة أفرزتها تلك الأيام، فالأشخاص أنفسهم، والمكان ذاته، لم أعتد ذلك، أنا أحب الخروج والاستمتاع بالمحيط”، تقول عبير.

توصلت عبير بعد كل هذا إلى أن التوعية والثقافة الصحية تمثل أهمية قصوى، فهي التي تصنع الفرق في مثل هكذا أوقات عصيبة تواجه الإنسان، وفي حال أعاد الفيروس الكرّة مرة أخرى فهي ستحاول التغلّب على ذلك بالاستفادة من وقتها، واستيعابه في تطوير ذاتها، لا أن تعيد ما عاشته من خوف وألم كما حدث سابقًا.

“سأولي اهتمامًا خاصًا بعائلتي، فمشاعري معلّقة بها، وفي كل الظروف سأكون معها”، تضيف عبير.

إجراءات حذرة

سجّلت اللجنة الوطنية العليا لمواجهة وباء كورونا عشرات الإصابات الجديدة بالفيروس في المحافظات التابعة للحكومة اليمنية، وسط ارتفاع تصاعدي للإصابات منذ مطلع فبراير الماضي وصلت 170 حالة جديدة، ليصبح بذلك إجمالي الحالات المؤكدة (2342) منها (640) وفاة و(1435) تعافٍ حتى إعداد هذه المادة، في الوقت الذي تمتنع جماعة الحوثي عن الحديث حول أي إصابة بالفيروس في المحافظات الخاضعة لسيطرتها أو التعامل مع أي معلومات ذات صلة بالفيروس.

على صلة بالموضوع وجّه وزير الصحة العامة والسكان في الحكومة اليمنية في تعميم صدر في الثالث والعشرين من الشهر الماضي مدراء عموم الصحة في المحافظات برفع الجاهزية في كافة المرافق الصحية ومراكز العزل لمواجهة ما أسماها موجة ثانية من فيروس كورونا تشهدها البلاد.

وفي اجتماع وزاري أوضح وزير الصحة العامة والسكان في الحكومة اليمنية أن اليمن من المتوقع أن تحصل على 12 مليون جرعة لقاح كورونا على دفعات خلال 2021 اعتبارًا من الربع الثاني، تكفي لنحو 6 ملايين شخص، عبر مبادرة كوفاكس التي يشترك بها التحالف العالمي من أجل اللقاحات، والائتلاف المعني بابتكارات التأهب لمواجهة الأوبئة، ومنظمة الصحة العالمية.

أولى دفعات لقاح كورونا ستصل اليمن مع بداية الربع الثاني من العام الجاري تشمل حوالي مليونين و316 ألف جرعة، كافية لتطعيم أكثر من مليون يمني، ومن خلال مشروع تقدّم به مكتب منظمة الصحة العالمية إلى مركز الملك سلمان للإغاثة لتمويل كلفة لقاح تغطي 50% إضافية من السكان للوصول إلى نسبة تغطية 70% على الأقل من السكان، بحسب حديث وزير الصحة.

عودةٌ تدريجية

على الرغم من تسجيل اليمن أول إصابة بفيروس كورونا في أبريل من العام الماضي كإحدى الدول التي وصلها الفيروس متأخرًا إلا أن الإصابات لا تكاد تتوقف بشكل متفاوت، تؤيد ذلك المؤشرات التصاعدية في عدد الحالات خلال شهري يناير وفبراير من العام الجاري، فمحافظات كعدن وحضرموت وتعز سجلت عشرات الإصابات بصورة تصاعدية لتُبنَ على ذلك دعوات بالعودة إلى الإجراءات الاحترازية المسبقة والتعامل مع الموقف بحذر وحرص شديد.

إقرأ أيضاً  عمالة الأطفال في رمضان

يؤيد ذلك الدكتور ياسين الشريحي مسؤول الترصد الوبائي بمكتب الصحة العامة والسكان في تعز، ويضيف: لا بد من جهد مضاعف للوقوف في وجه وباء كورونا؛ حتى لا تتكرر أخطاء الموجة الأولى، بالتأكيد واجهنا وضعًا استثنائيًا خلال العام الماضي، وفقدنا الكثير ممن نحب، وهذا بحد ذاته كافٍ لنكون عند مستوى المسؤولية.

ويضيف: المجتمع يتحمل الجزء الأكبر من تحديد مسار الوباء، فهو بيده قرار تنفيذ كافة الإجراءات الاحترازية من عدمها، ووفق ذلك سيتحدد الوضع.

اليمن على أعتاب موجة جديدة من كورونا
زيادة معدل الإصابات بفايروس كورونا

يتفق معه الدكتور أحمد منصور، رئيس المختبر الوطني والمتحدث باسم اللجنة الوطنية العليا لمواجهة وباء كورونا بتعز، ويضيف: لا نستهتر، علينا أن نتحلى بالشجاعة الكافية، ونلبس الكمامات وننشر ثقافة الوعي وعدم إثارة الهلع، ونستفيد من دروس الموجة الأولى حتى لا تكون هناك أعداد كبيرة خلال الموجة الثانية التي بدأت بالتفشي، حسب قوله.

منصور دعا للإبلاغ عن أي حالات تعاني من أي أعراض انفلونزا في حارات مدينة تعز أو المناطق الريفية في المديريات التابعة لها، وهذا برأيه سيخفف من وطأة الوباء، لا كما حدث سابقًا من استهتار كانت نتائجه وخيمة.

خسائر بالجملة

بحسب تقرير أعده مركز أبعاد للدراسات والبحوث، تمتلك اليمن بنية تحتية صحية ضعيفة للغاية، فعلاوة على أن البلاد تعمل بنصف طاقتها من المشافي والمراكز الصحية، فلا يوجد في اليمن ما يكفي من العاملين الصحيين المؤهلين.

التقرير توصل إلى أن 53% من المرافق التشغيلية ليس لديها أطباء مقيمون و 45% يفتقرون إلى المتخصصين، كما أن هناك ما يقدر بعشرة من العاملين الصحيين لكل 10000 شخص في اليمن، أقل بكثير من الحد الأدنى القياسي لمنظمة الصحة العالمية البالغ 41 لكل 10000، يصاحب ذلك تعطل عدد كبير من المعدات الصحية وتوقف الكثير من العاملين الصحيين الذين لم يتلقوا رواتبهم منذ أعوام.

كما تفتقر البلاد إلى مياه الشرب النظيفة، وأنظمة صرف صحي تعمل بانتظام ما يسبب مشكلة كبيرة متعلقة بالنظافة الشخصية التي يمكنها الحد من تفشي الوباء.

كل هذا يحدث وسط حالة حرب فاقمت من سوء الوضع الإنساني في بلد يواجه ظروفًا قاسية منذ ست سنوات من الصراع الداخلي، والذي بدوره ألقى بظلاله على الأوضاع الصحية والمعيشية بدرجة أساسية، مؤديًا إلى تسارع وتيرة انتشار العديد من الأوبئة والأمراض الموسمية والتي ليس آخرها بالتأكيد فيروس كورونا، في الوقت الذي تتراشق فيه الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي على حساب الوضع الصحي الآخذ في التفاقم يومًا بعد آخر.

مقالات مشابهة