المشاهد نت

تصاعد الأعمال القتالية في اليمن وتعثر سريان الهدنة

التفاؤل الذي ساد الشارع اليمني أمس الخميس لم يستمر طويلا مع التعثر في الإعلان الرسمي عن هدنة جديدة كان مقرر سريانها ابتداء من أولى ساعات اليوم الجمعة.

وعادت الأعمال القتالية إلى ذروتها في الساعات الأخيرة بعد يوم حافل بالمواجهات في جبهات القتال الداخلية التي أسفرت عن حصيلة ثقيلة من القتلى بينهم 26 مدنيا على الأقل.

وأفادت مصادر متطابقة من طرفي الصراع بسقوط أكثر من 80 قتيلا بينهم مدنيون وعشرات الجرحى بمعارك عنيفة وقصف مدفعي متبادل وغارات جوية لمقاتلات التحالف خلال 24 ساعة الأخيرة.

يأتي هذا في وقت جددت فيه الأمم المتحدة المطالبة باحترام هدنة جديدة كان مقررا سريانها أمس الخميس، وفق اتفاق رعاه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع وفد الحوثيين المفاوض في العاصمة العمانية مسقط، غير أن الحكومة اليمنية وقوات التحالف لم تصادق رسميا على هذا المقترح حتى الآن.

وبموجب شروط وأحكام اتفاق العاشر من أبريل الحالي لتفاهمات مسقط الأخيرة «تتعهد الحكومة اليمنية أولا بطلب اعتراف التحالف بقيادة السعودية على وقف إطلاق النار”.

وأمس الخميس ساد هدوء نسبي عند الشريط الحدودي مع السعودية، قبل أن تستأنف الأطراف اليوم الجمعة عملياتها القتالية بمواجهات عنيفة في مديرية ميدي الحدودية الساحلية على البحر الأحمر، تزامنا مع سلسلة غارات جوية على مديريات الشريط الحدودي ومواقع متقدمة للمقاتلين الحوثيين وقوات الرئيس السابق في الأراضي السعودية.

لكن الأعمال القتالية الأعنف استمرت على ضراوتها في الجبهات الداخلية خاصة في تعز ومأرب والجوف وشبوة وريف العاصمة صنعاء.

وقال الحوثيون، إن 24 مدنيا قتلوا على الأقل وأصيب 25 اخرين بسقوط قذائف عشوائية من مواقع القوات الحكومية على سوق شعبية في حي “سوفتيل” شمالي شرق مدينة تعز، المحاصرة منذ منتصف العام الماضي.

يأتي هذا في وقت أعلنت فيه القوات الحكومية مقتل 24 شخصا بينهم مدنيان بمعارك عنيفة ضد الحوثيين وقوات الرئيس السابق الخميس عند الضواحي الشرقية لمدينة تعز حيث يستميت تحالف الحكومة من أجل التقدم نحو القصر الجمهوري وقواعد عسكرية هامة يسيطر عليها الحوثيون وحلفاؤهم منذ اندلاع الحرب في مارس آذار العام الماضي.

وتشهد جبهات القتال في مدينة تعز وريف المحافظة المترامية الأطراف منذ أيام معارك هي الأعنف، تقول القوات الحكومية أنها تحقق خلالها تقدما ميدانيا لافتا خاصة عند الضواحي الشرقية للمدينة، ومديريات حيفان والصلو والوازعية جنوبي شرق، وجنوب غرب المحافظة الممتدة إلى مضيق باب المندب.

في الأثناء أعلنت القوات الحكومية، مقتل 29 مسلحا من الحوثيين وقوات الرئيس السابق بقصف مدفعي وضربات جوية لمقاتلات التحالف على مواقع الجماعة في جبهة ميدي شمالي غرب محافظة حجة الحدودية مع السعودية على البحر الأحمر.

وقال المركز الإعلامي للمنطقة العسكرية الخامسة التابعة للقوات الحكومية إن 24 مسلحا حوثيا قتلوا بهجوم مدفعي على مواقع الجماعة في مزارع “الخضراء” جنوبي شرق مدينة ميدي مساء الخميس، فيما قتل 5 اخرين بغارات جوية استهدفت ورشة صيانة في وادي حيران شمالي محافظة حجة.

في المقابل أعلن الحوثيون، صد محاولة تقدم للقوات الحكومية في هذه الجبهة باتجاه مدينة ميدي، واجبارها على التراجع مخلفين عديد القتلى والجرحى.

إلى ذلك قالت مصادر محلية إن الحوثيين دفعوا بمزيد من التعزيزات العسكرية الى جبهتي ميدي وحرض خلال الساعات الأخيرة، استعدادا لجولة جديدة من المعارك هناك.

وفي محافظة مأرب دارت معارك ضارية بين القوات الحكومية والمقاتلين الحوثيين وحلفائهم في جبهة صرواح غربي المحافظة النفطية، ومديرية نهم المجاورة عند البوابة الشرقية للعاصمة اليمنية صنعاء.

وقال إعلام الرئيس السابق إن مقاتلي الجماعة وحلفاءها استعادوا، جبل المنار وثلاثة مواقع استراتيجية أخرى في مديرية نهم، إثر معارك عنيفة خلفت عديد القتلى بينهم قائد عسكري رفيع في القوات الحكومية.

وحسب المصادر فإن هذا التقدم سيتيح للحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق قطع خطوط الامداد عن حلفاء الحكومة في منطقة فرضة نهم الاستراتيجية, المصادر ذاتها تحدثت عن مقتل 4 من حلفاء الحكومة وإصابة 6 آخرين، بمحاولة تقدم في مديرية صرواح غربي مدينة مأرب.

وفي محافظة الضالع، قتل 4 مسلحين حوثيين بتجدد المواجهات في جبهة مريس شمالي المحافظة، حسب ما ذكرت مصادر إعلامية موالية للحكومة.

في السياق أعلن الحوثيون، رصد نحو 50 غارة جوية لمقاتلات التحالف خلال 24 ساعة الماضية، على محافظات ريف العاصمة، وصعدة، والجوف، وحجة، والبيضاء، والحديدة ومارب، وتعز.

وتركزت معظم الغارات الجوية على معاقل الحوثيين في محافظة صعدة شمالي البلاد، حيث ضربت نحو 20 غارة جوية على الأقل مديريات باقم وكتاف وشدا عند الشريط الحدودي مع السعودية.

إقرأ أيضاً  تأثيرات عسكرة البحر الأحمر على الاتصالات والإنترنت

فيما استهدفت غارات أخرى مواقع متقدمة للحوثيين في منطقتي نجران وجازان جنوبي غرب السعودية. وقتل مدني وأصيب ثلاثة آخرين بغارات لمقاتلات التحالف على مديرية بني حشيش شرقي العاصمة صنعاء.

كما ضرب الطيران مواقع للحوثيين في مديرية نهم عند البوابة الشرقية للعاصمة، ومديرية صرواح غربي مدينة مأرب. وقصف الطيران مواقع للحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق في مديرية المتون غربي محافظة الجوف.

واستهدفت سلسلة غارات جوية مواقع متفرقة للحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق في مديرية عسيلان شمالي غرب محافظة شبوة، ومديرية الصليف شمالي محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر غربي البلاد. كما دمر الطيران الحربي امدادات للحوثيين كانت في طريقها لمقاتلي الجماعة في مديريتي الصلو وحيفان جنوبي شرق مدينة تعز.

في سياق سياسي، طالبت الأمم المتحدة، جميع أطراف الصراع في اليمن، الالتزام باتفاق وقف الأعمال العدائية الذي كان مقررا دخوله حيز التنفيذ اعتبارا من ليل يوم أمس الخميس، وفق اتفاق لم تصادق عليه الحكومة اليمنية وقوات التحالف رسميا حتى الآن.

وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، في تصريح للصحفيين الخميس “نحن نرغب من جميع الأطراف الالتزام باتفاق وقف الأعمال العدائية”.

وأضاف “نعتقد أنه ستكون خطوة مرحب بها إذا التزم أطراف الأزمة بذلك الاتفاق”، لكنة قال “لا توجد إشارة على الأرض تدل على التزام أصحاب المصلحة بالاتفاق، ونحن من جهتنا، سيواصل مبعوث الأمين العام إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد مساعيه بين أطراف الأزمة”.

وكان مسؤول رفيع في تحالف الحوثيين والرئيس السابق، قال في وقت سابق الخميس إن اتفاق وقف إطلاق النار في اليمن، سيدخل حيز التنفيذ مساء الخميس. غير أن قوات التحالف لم تعلن بعد موعدا محددا لسريان هذه الهدنة المثيرة للانقسام.

إلى ذلك بحث اجتماع لمجلس الحكم في صنعاء والقوى السياسية الحليفة له، خيارات وبدائل الفشل في مسار السلام الذي ترعاه الأمم المتحدة بدءا بوقف اطلاق النار والذهاب الى جولة مفاوضات جديدة في غضون 10 أيام.

ودعا الاجتماع الى توسيع قاعدة المشاركة في المفاوضات المقبلة، والاستمرار بمشاورات تشكيل حكومة موازية في صنعاء إذا لم يلتزم تحالف العدوان «بالهدنة الجديدة «

وكان الحوثيون وحلفاؤهم في حزب المؤتمر الشعبي، أعلنوا الأربعاء التوقيع رسميا على وثيقة مبادئ تضمن التزامهم بوقف إطلاق النار اعتبارا من يوم أمس الخميس، والانخراط في مفاوضات جديدة نهاية الشهر الجاري.

كما تنص الوثيقة على قبول الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي بخارطة الطريق بما في ذلك التراتبية الزمنية التي قدمها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد كأساس للتفاوض من أجل التوصل الى تسوية شاملة للصراع.

كما تعهد تحالف الحوثيين وحزب الرئيس السابق بالانخراط في جولة محادثات جديدة بعد عشرة أيام. ويؤكد الإعلان التزام حلفاء صنعاء بالانسحاب من العاصمة صنعاء وتشكيل حكومة وحدة وطنية، قبل نهاية العام الجاري.

وكان وزير الخارجية الامريكي جون كيري أعلن في تصريحات للصحفيين الثلاثاء إن جماعة الحوثيين والتحالف الذي تقوده السعودية اتفقا على وقف الأعمال القتالية في اليمن اعتبارا من اليوم الخميس.

وقال كيري أيضا إن أطراف الصراع اتفقت على العمل من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، بحلول نهاية العام، لكن الحكومة اليمنية وصفت تلك التصريحات بأنها “زوبعة إعلامية ” تهدف إلى إفشال مساعي السلام.

وأمس الخميس قالت وكالة الأنباء الحكومية، إن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، تلقى تفسيرا أميركيا لتصريحات وزير الخارجية جون كيري حول الاتفاق المعلن بين الحوثيين وقوات التحالف، الذي فسر على أنه اقصاء للرئيس والحكومة المعترف بهما دوليا.

وتريد الولايات المتحدة التحاق الرئيس اليمني وحكومته بجولة مشاورات جديدة بعد 10 أيام حول خارطة طريق أممية للحل الشامل في اليمن تتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية وتعيين نائب رئيس توافقي بصلاحيات رئاسية.

وذكرت الوكالة الحكومية، أن هادي استقبل الخميس في مقر إقامته المؤقت بالرياض نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي تيم ليندر كينغ وسفير الولايات المتحدة لدى اليمن ماثيو تولر.

ونقلت الوكالة عن الدبلوماسيين الأميركيين قولهما، “إن خارطة الطريق المعلن عنها، لا تعد اتفاقيه بل مرشد ودليل أولي لبدء واستئناف المفاوضات، دون تدخل أو ضغوط من أحد باعتبار الحل في النهاية يصنعه اليمنيون أنفسهم”.

على ذات الصعيد أعلن المتحدث باسم التحالف، اللواء أحمد عسيري، استمرار العمليات العسكرية في اليمن إلى أن تتلقى قوات التحالف طلبا من الحكومة اليمنية الشرعية بوقف إطلاق النار.

مونت كارلو – عدنان الصنوي

مقالات مشابهة