المشاهد نت

التلوث البيئي والحرب يحصُدان ارواح الناس في تعز

ليست الحرب وحدها من تجلب الموت لأبناء تعز، بل إن الخطر البيئي بات له نصيبه في حصد أرواح أبناء العاصمة الثقافية لليمن، وفي الوقت الذي يحتفي به العالم  ببيئة نظيفة خالية من التلوث تتحول فيه عاصمة الثقافة المنية  إلى مقلب للقمامة.

تغرق مدينة تعز بمديرياتها الثلاث “القاهرة، المظفر، وصالة” منذ قرابة عامين في أكوام القمامة، وتعيش ظروفاً بيئية غاية في الصعوبة، حيث تتكدس المخلفات في مختلف الحارات والشوارع والأزقة وطفح المجاري يضاعف المعاناة.

الحصار المطبق على المدينة، سبباً في تراكم هذه القمامة، خاصة أن جماعة الحوثي التي تحاصر المدينة لم تسمح بنقل تلك المخلفات إلى المقلب الخاص خارج المدينة وفي نطاق سيطرة  الجماعات المسلحة  التابعة للحوثي والرئيس السابق، الأمر الذي ضاعف من  معاناة المواطنين الذين يعانون قسوة الحياة تحت الحصار، حيث تنتشر الأوبئة والأمراض المختلفة، فالمستشفيات  تعج بالمرضى وبجرحى الحرب في ظل انعدام  الأدوية وتواضع الخدمات الصحية.

تعز عاصمة الثقافة اليمنية  أضحت اليوم مقلباً كبيراً للقمامة وجرح دام في ظل صمت وتواطؤ المجتمع الدولي، وحري بنا أن نستعرض الوضع الكارثي الذي تعيشه المدينة و إيقاع الحياة اليومية فيها.

المنظمات لا تهتم بالبيئة

مدير عام صندوق النظافة المعين حديثا من قبل السلطة الشرعية حسين محمد حسين يقول لـ”المشاهد”: “في ظل الحصار الجائر على المدينة تراكمت القمامة لفترة طويلة، صحيح أن منظمات المجمع المدني هبت لنجدة المدينة في المجالات الإغاثية والصحية وغابت البيئة عن الجميع، ويمكننا القول إن البيئة أضحت متدهورة وتشكل خطرا محدقا بالمواطنين إذا لم يتم تداركه  عاجلا”.

مشاكل مالية تزيد المعاناة

صندوق النظافة بتعز يواجه جملة من التحديات وفقاً لمديره، ويقول: “من المشاكل التي تواجهنا عدم وجود مقلب للقمامة، وعدم وجود ميزانية تشغيلية للصندوق في ظل غياب الإيرادات الكافية  للصندوق، إضافة إلى غياب صيانة “لكينرات القمامة” وعدم وجود مستحقات خاصة بالديزل  للمركبات ومستحقات العاملين”.

مطالب طارئة

 وعن كيفية التصدي لهذه  المشكلة والحد من المخاطر يشير مدير الصندوق  إلى ضرورة   توفير مقلب مؤقت  للقمامة وترحيل القمامة أولاً بأول وتوفير الإمكانيات اللازمة لتسيير العمل، إلى جانب تنشيط دور منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية في التصدي لهذه المشكلة.

مصفوفة من الحلول العاجلة

بدوره الباحث/ عبد الملك شجاع يقول لـ”المشاهد” إن مشكلة التلوث البيئي في تعز تتطلب مصفوفة من الحلول العاجلة الهادفة إلى الحد من خطورة هذه المشاكل البيئية على الصحة العامة، ومنها البدء بتدشين حملة نظافة عاجلة لمختلف أحياء المدينة قبل انتشار الأمراض، ويدعو الباحث عبدالملك التكتل الوطني “عدد من المنظمات” إلى البدء بعمل النظافة قبل انتشار المرض كونها معرضة للهواء الرطب والجو الحار، وبالتالي من الممكن أن تنقل الكثير من الأمراض الخطيرة.

إقرأ أيضاً  تكحيل العين…طقس رمضاني مهدد بالاختفاء في صنعاء

الحصار يخنق المدينة

 من جانبه رئيس مؤسسة السلم الاجتماعي الدكتور/ عبد القوي المخلافي، يقول لـ”المشاهد”: “العدوان على تعز استهدف الأرض ومن عليها، ولذلك عمد إلى  إبقاء المخلفات بأنواعها داخل المدينة وعدم السماح بنقلها إلى المقلب بهدف خنق المواطنين المحاصرين بالأوبئة والأمراض، وبالفعل تحقق ما خطط له العدوان، فانتشرت الأمراض خاصة الوبائية واكتظت المستشفيات  المفتوحة بالمرضى، وكانت النتيجة إزهاق كثير من أرواح المرضى، جراء تلك الأمراض إضافة إلى عدم توفر  الدواء وانعدام الأوكسجين”.

وضعاً بيئياً كارثياً

ويشير المخلافي إلى أن الوضع البيئي في المدينة  أصبح كارثياً إذا لم يتداركه بأسرع وقت ممكن، وتحقيق الأمن البيئي للمواطنين، فالحصار المفروض على المدينة أدى إلى تراكم المخلفات، وبالتالي تسبب في انتشار كثير من الأمراض، ويدعو المخلافي إلى تكاتف الجهود والتنسيق بين مختلف الجهات  لوضع حد للأخطار المحدقة بالمواطن، وفي مقدمتها مرض الكوليرا خصوصا في ظل  انعدام الخدمات الصحية  وإغلاق العديد من الأقسام في المستشفيات  لعدم وجود الدعم لها لمواجهة أعداد المرضى، ويلفت إلى أهمية دور المنظمات المحلية والدولية  في التخفيف من مختلف المعاناة التي تعيشها المحافظة.

 مبادرات ذاتية

في حي المسبح  الأسفل بتعز انطلقت مبادرة ذاتية من داخل مسجد التقوى منذ أكثر من خمسة  أشهر وتتلخص المبادرة كما يحكيها صاحبها الشيخ رياض عبدالله  المقطري إمام وخطيب جامع التقوى ويقول لـ”المشاهد” إن الوضع البيئي  في المدينة أصبح مقلقا، حيث تكدست القمامة وانتشرت الروائح الكريهة في كل مكان، وطفحت المجاري، ومعها انتشرت البعوض والأوبئة المختلفة، وأصبحت حياة الناس مهددة بالأمراض.

ويضيف: “قمنا بواجبنا وأحيينا رسالة المسجد في مجال التوعية البيئية، وطرحنا الإخوة سكان الحي في الصورة  بكل وضوح، وعلى ضوء اللقاء الذي كُرس لهذا الشأن في خطبتي الجمعة حينذاك تم تدارس الموضوع، وتم الاتفاق على التعاقد مع أحد السائقين العاملين في مشروع النظافة بان يقوم بجمع القمامة في وقت محدد كل يوم مقابل مبلغ وقدره ألف ريال من كل بيت”، وتواصلت هذه المبادرة في أدائها من خلال قيام عدد من العمال يتقدمهم إمام المسجد  بتنظيف شوارع الحي صباح كل يوم، وبعد العصر يأتي سائق السيارة لنقل المخلفات إلى خارج الحي الذي صار نظيفا منذ 5 أشهر، وبنفس النهج يقوم أبناء الحي بتنظيف حيهم الذي أصبح خاليا من القمامة، كما أن هناك مبادرات نفذتها عدد من الجمعيات والمنظمات في بعض الأحياء إلا أنها وقتية ويعود الوضع البيئي كما كان سابقا، ويبقى سكان المدينة ينتظرون معجزة لانتشالهم من تلك المعاناة.

مقالات مشابهة