المشاهد نت

انتشار المخدرات بالضالع… ترويج وقتل بطيء للشباب

تأتي العقاقير والأقراص المهدئة في قائمة الأنواع المخدرة الأكثر انتشارًا في الضالع

الضالع – إبراهيم ناجي

لم يجد الشاب محمد (22 عامًا) صعوبة في الحصول على الحبوب المخدرة التي أدمن عليها قبل 3 سنوات، إذ باتت المخدرات في متناول الكثير من الشباب بمحافظة الضالع (جنوبي البلاد).

تعلم محمد تعاطي المخدرات بعيدًا عن رقابة الأهل، كما يقول، مضيفًا: “جربت هذه الحبوب المخدرة لأول مرة قبل 3 سنوات، خلال جلسات قات مع أصدقاء، بعد تأكيدهم لي أنها تبعث النشوة، وتخرجك من الملل والرتابة التي نعانيها في حياتنا”.

ويتابع: “إنها تضفي الشعور براحة تامة، إضافة لعدم التفكير بمشاكلنا وما يواجهنا من مشكلات مالية ومادية في أمورنا الحياتية بشكل عام، وهو ما يجعلني أفكر بتعاطيه مرة أخرى ومرات كلما شعرت بالهموم”. وهو ما حدث مع أحمد، الذي لا يفكر بالإقلاع عن تعاطيها “كونها أصبحت ضرورية عند تعاطي القات في الجلسات اليومية”، كما يقول.

تداول المخدرات بين الشباب

وبحسب مختصين، فهناك أكثر من 12 نوعًا من الحبوب المخدرة، التي يطلق عليها متعاطوها تسميات عديدة، منها “زرارات والقذافي”. وتدخل تلك الأنواع عدن ولحج والضالع جنوبًا، بواسطة التهريب. وتأتي العقاقير والأقراص المهدئة في قائمة الأنواع المخدرة الأكثر انتشارًا في الضالع، مثل أقراص “الدايزبام، والكابتاجون” وحبوب الهلوسة (الكيتامين) و(SD)، والتي تباع في معظم الصيدليات، دون رقابة عليها.

وضبط أمن محافظة الضالع 245 كيلوجرامًا من الحشيش والهروين والبودرة البيضاء ومادة الكوكايين والكبتاجون ومشروبات كحولية، في 2020، وفق نائب مدير أمن الضالع العقيد بليغ الحميدي، مؤكدًا لـ”المشاهد” أن تجار المخدرات يستغلون حالة الحرب لإدخال المخدرات إلى الضالع.

وأوضحت المصادر الأمنية أن عملية ضبط المخدرات المروجة بالداخل، تكون معقدة جدًا؛ لأن مسألة بيعها وترويجها تتسم بطابع خصوصي حذر “فلا يمكن لأجهزة الأمن ضبط أي شخص ما لم يكن متلبسًا”، وفق تلك المصادر الأمنية.

أسباب انتشار الظاهرة

صارت ظاهرة تعاطي هذه العقاقير، مألوفة بين الشباب، وبالذات المنخرطين في جبهات القتال، وتوسعت الظاهرة لتطل مرة أخرى، لكن هذه المرة من مجالس التسلية والقات، إذ تشاهد شبانًا يتعاطون هذه الممنوعات في الأعراس والمناسبات، وربما ينضم إليهم شبان للتجربة لأول مرة، ساقهم “الفضول” للإدمان.

إلى وقت قريب لم يكن أحد يجرؤ على المباهاة بتعاطي مثل هذه العقاقير، ومن يتعاطاها تحت أية ذريعة، فإما سريًا، وربما حسب تقرير طبي إذا لزم الأمر. فلم يعد القات والأوقات الطويلة التي تقضى في مضغه وحدها التي تشكل ظاهرة سلبية لدى  الشباب، كونها مهلكة للصحة والمال والوقت، ليتجه بعض الشباب لإدمان حبوب “مخدرة” تُستخدم متزامنة مع مضغ القات عند بعضهم.

إقرأ أيضاً  وسيلة النساء لتحسين ميزانية الأسرة في رمضان 

ويعتبر أخصائيون اجتماعيون ترويج وانتشار العقاقير والأقراص الممنوعة بين الشباب، واحدة من وسائل القتل البطيء التي تستهدف شريحة مهمة في المجتمع، إذ تعمل هذه العقاقير على تدمير بنيتهم البدنية، وتعطيل طاقاتهم العقلية للحيلولة دون تمكينهم من العمل والتطور والإبداع، ومن ثم عزلهم تدريجيًا عن المجتمع.

ويرجع خطيب الجامع الكبير بالضالع، الدكتور محمد الفقيه، سبب توسع وانتشار هذه الظاهرة، إلى حالات الفراغ لدى الشباب، في ظل غياب الرقابة والتشديد الأمني والأسري، وانحسار المحاضن التربوية والتعليمية، وبالتالي ظهور عصابات بيع وترويج مثل هذه الحبوب المخدرة.

ويضيف الفقيه أن محافظة الضالع تغيب فيها الرقابة الرسمية والمجتمعية بشكل كلي، إضافة لغياب دور المنظمات والمراكز التوعوية والأنشطة المدنية والرياضية، وعدم وجود المتنفسات العامة التي ينبغي أن تنتشل الشباب من الفراغ الكبير الذي يجعلهم يلجؤون لتعاطي مثل هذه العقاقير.

قتل بطيء

ويشير الاخصائي النفسي بمستشفى الجمهورية الدكتور ماجد الضالعي، إلى أن أكثر الشباب الذين وقعوا فريسة الإدمان، هم من الذين يعانون مشكلات اجتماعية واقتصادية وبطالة وفراغ قاتل، أو ممن أصيبوا بنظرة إحباط وتشاؤم تجاه مجتمعهم، وفضلوا الهروب من الواقع وصولًا لاجترار مرحلة أكثر عدوانية من خلال اقتراف جرائم خطيرة وتصرفات غريبة كالقتل والعنف والاغتصاب والسطو والنهب.

ويؤكد الدكتور أحمد الحسني، الذي يعمل بمستشفى النصر بالضالع، أن الفحوصات الطبية المختبرية على بعض أنواع الحبوب، مثل الدايزبام والكابتاجون وحبوب الهلوسة من نوع الكيتامين، أكثر ضررًا وتدميرًا لخلايا الدماغ، إذ بينت نتائج الفحوصات أن معظم هذه الحبوب تسبب لدى متعاطيها نوبة عصبية تراكمية تقود إلى حالة الإدمان، وتؤثر بشكل مباشر على الجهاز العصبي، وتسبب تسممًا للكبد والكلى، مشيرًا إلى أن الحبة الواحدة من الدايزبام تدمر ما يزيد عن 100,000 خلية من خلايا الدماغ، ولا يمكن لجسم الإنسان تعويضها.

مقالات مشابهة