المشاهد نت

حراك نسوي لإشراك المرأة في مفاوضات السلام

فخر العزب

لاتزال الحرب في اليمن، والتي دخلت عامها السابع، تحصد أرواح اليمنيين، وفي مقدمتهم الضحايا من المدنيين الذين يدفعون القسط الأبرز من فاتورة الحرب، وتبرز النساء اليمنيات في مقدمة الفئات الاجتماعية التي تدفع فاتورة الحرب التي لم تنادِ بها يومًا، بل كانت ولاتزال في مقدمة المنادين بإيقافها.
فاتورة الحرب تمثلت بسقوط أكثر من 330 ألفًا قتلوا أو توفوا نتيجة النزاع المسلح في اليمن، بالإضافة لعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين على جانبي النزاع، بينهم عدد كبير من المدنيين، ومنهم أطفالٌ ونساءٌ، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.
ووفقًا لتقرير أممي صادر عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وعبر تقرير صادر عنها في مارس الماضي، فقد تخطى إجمالي الخسائر في صفوف المدنيين منذ بداية الحرب، 20 ألف مدني، من بينهم أكثر من 5000 طفل.
استمرار الحرب في اليمن، وتضاعف أعداد ضحاياها، وبخاصة من المدنيين، كان الدافع الأبرز للتحركات التي يقوم بها الناشطون في المجتمع المدني من أجل تقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف، على أمل الوصول إلى إيقاف الحرب، والبدء بعملية السلام.
وتعد النساء اليمنيات من أبرز من يقود التحركات الهادفة لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء وصولًا إلى إيقاف الحرب المستمرة للعام السابع، إذ برز دور النساء بفعالية في القضايا المتعلقة بالسلام والأمن والحوكمة.
تحركات النساء اليمنيات الهادفة لإيقاف الحرب والبدء بعملية السلام، توجت بالإعلان عن تشكيل تحالف مجموعة التسعة النسوية، والذي تم الإعلان عن قيامه بدعم ومساندة من هيئة الأمم المتحدة للمرأة.
وتدور رسالة التحالف حول خلق رأي عام محلي ودولي مساند لدعم جهود ومبادرات السلام التي تقودها النساء، كما تهدف الحملة إلى تعزيز وتفعيل وتوحيد جهود المكونات النسائية، من أجل تطبيق القرار الأممي 1325 الخاص بالمرأة والأمن والسلام.
ويضم تحالف مجموعة التسعة النسوية كيانات وشخصيات داعمة لنداء الأمين العام للأمم المتحدة لوقف الحرب في اليمن، إذ تشكل التحالف من 9 شبكات نسوية وشبابية، وأكثر من 1000 شخصية، و50 جمعية ومنظمة مجتمع مدني، بالإضافة إلى 9 من ممثلي الأحزاب السياسية في اليمن.
وتضم الحملة التي انطلقت عام 2019، 9 شبكات نسوية، هي: “التوافق النسوي اليمني من أجل الأمن والسلام”، “تحالف شركاء السلام”، “جنوبيات من أجل السلام”، “أصوات السلام النسوية”، “القمة النسوية”، “صانعات السلام”، “شبكة نساء من أجل اليمن”، “المجلس الاستشاري الشبابي”، و”منصة شباب وعي”.
وتسعى النساء اليمنيات للحصول على الدعم اللازم لنجاح تحركاتهن الهادفة للتقريب بين وجهات نظر الفرقاء وصولًا إلى إيقاف الحرب والبدء بعملية السلام، وعودة جميع الأطراف للجلوس على طاولة الحوار، والشروع في مرحلة البناء وإعادة الإعمار.
وقد تزايدت مشاركة النساء الهادفة بسبب دورهن القيادي في عمل منظمات المجتمع المدني التي تقودها النساء، وفي تنظيم أنفسهن كشبكات وتحالفات ومجموعات نسوية حتى في ظل الرفض المتعمد من قبل أطراف النزاع لإشراكهن في بناء الحل السياسي ضمن المسار الأول لمفاوضات السلام، فقد أوجدن لأنفسهن مساحات وأطرًا تجتهدن فيها من خلال مشاركتهن في الأعمال الإنسانية والمبادرات المجتمعية التي تعالج الأوضاع المتردية في المجتمع، ومنها الخدمات الأساسية، وفي برامج أجندة المرأة والسلام والأمن، وفي تأسيس المبادرات المحلية للسلام، وتمكنت من اقتراح الحلول والرؤى للسلام والحوارات والتفكير في البدائل لدرء مخاطر التصعيد والعنف بالتواصل التفاوضي مع أطراف النزاع.
ترى مها عوض، رئيسة مؤسسة وجود للأمن الإنساني، منسقة القمة النسوية، أن “النساء أثبتن أنهن أكثر فهمًا للصراع، بدءًا من فهمهن لجذور النزاع ومحركاته وآثاره، كما أن الجهود الذي تبذلها النساء في مجال بناء السلام تعد عاملًا مساعدًا في توسيع القاعدة الوطنية والمحلية المعنية بعملية السلام، وتضفي الطابع الشرعي لها، إلى جانب التفاعل والتعاون بين النساء في داخل وخارج البلد والتنسيق في ما بينهن، وفي تنظيم الأنشطة الهادفة لصنع السلام والتأثير على أطراف النزاع والمجتمع الدولي”.
وتشير عوض إلى توسع نشاط النساء مع مكتب المبعوث الأممي لليمن، وكيف استطعن المشاركة نسبيًا في جهود الوساطة عبر آليات اخترقن فيها جدار العزل لمجالات المشاركة التي كانت تحول دون تمثيل النساء، خصوصًا في اللقاءات والحوارات وغيرها من الأعمال التشاروية التي تنظم في إطار دعم الحوار السياسي ضمن المسار الثاني، وتدار عبر مكتب المبعوث الأممي والشركاء الدوليين.
من وجهة نظر العديد من الناشطات اليمنيات، فكثيرًا ما تأتي المؤاخذات في التغييب المتعمد من قبل القوى السياسية من الأحزاب والتنظيمات السياسية، للدور الفاعل الذي يعول على النساء الحزبيات القيام به في العملية السياسية للسلام.
تقول الدكتورة أنجيلا المعمري، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية لدعم المراة والطفل، إن دور النساء الحزبيات مازال ضعيفًا، وهذا يعود لعدة أسباب، منها التهميش والإقصاء للنساء داخل أحزابهن، واستبعادهن من المناصب القيادية فيها، مما ينعكس على محدودية مشاركتهن وتمثيلهن.
وتضيف المعمري أن النساء مغيبات في المفاوضات التي تجري بين الأطراف السياسية، وهذا ما كان واضحًا في المفاوضات السابقة في جنيف والسويد، لذا فقد قمنا كنساء في المكونات المدنية المختلفة، وعبر التحالفات والشبكات النسوية، بالضغط من خلال إصدار البيانات وحملات الضغط والمناصرة والمقابلات والندوات الداعمة لوجود النساء وتمثيلهن في المفاوضات، وكانت وسائل الضغط موجهة لأطراف الصراع ومكتب المبعوث والأحزاب السياسية.
لبنى القدسي، أمين دائرة المرأة بالتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، تقول إن الناشطات، بمن فيهن الحزبيات، لعبن دورًا كبيرًا في عملية الضغط بإشراك النساء في المفاوضات، وذلك استنادًا إلى القرار الأممي 1325 الخاص بالمرأة والأمن والسلام، والذي أعطى للنساء الحق في المشاركة في المفاوضات وفي الحوارات التي تؤدي إلى بناء السلام. وتشير القدسي إلى أنه مع بدء الحرب شكلت الناشطات السياسيات والحقوقيات مبادرات نسوية، أهمها التوافق النسوي اليمني من أجل الأمن والسلام، الذي يدعم إشراك النساء في أية مفاوضات، والعمل على بناء السلام والدعوة إلى إيقاف الحرب، وكان للنساء الحزبيات دور هام في هذه المبادرة، وصولًا إلى تشكيل تكتل النساء الحزبيات في عدن، الذي يهدف إلى تنسيق الجهود والعمل معًا من أجل دعم النساء، وعلى وجه الخصوص الحزبيات، في المشاركة السياسية والوصول إلى أماكن صنع القرار، والتكتل في طور إعداد رؤيته وأهدافه وخطة عمله.
ومع ذلك ترى أن تمثيل المرأة لايزال ضعيفًا، إذ يرى البعض أن مرحلة التفاوض محصورة على الرجال، والوقت ليس بالوقت المناسب لمشاركة النساء، وربما كان ذلك إيمانًا منهم بعدم أحقية النساء بهذه المشاركة، ولاتزال الحركة النسوية مستمرة بنضالها لنيل هذا الحق، وللضغط على جميع الأطراف بأهمية تلك المشاركة.
ومع أهمية الجهود التي تبذلها النساء اليمنيات، والهادفة إلى إيقاف الحرب في البلاد، إلا أن هذه الجهود تواجه العديد من التحديات، وأبرزها تغييب النساء عن المفاوضات التي تجري بين الأطراف المختلفة، بالإضافة إلى صعوبة فتح قنوات تواصل بين النساء وبين هذه الأطراف التي لم تتعاون بالشكل المطلوب مع جهود ونشاطات وأدوار النساء اليمنيات.

مقالات مشابهة