المشاهد نت

معاناة مُتقاعدي حضرموت تتفاقم والحل بالشارع

معاناة مُتقاعدي حضرموت تتفاقم والحل بالشارع

لا شيء أقسى من شعور ينتابك يوماً تجدُ فيه نفسك غير قادراً على ايجاد ما تسد به رمق جوعك وجوع أفراد أسرتك، وأنت الذي قضيت جل سنوات حياتك في خدمة وطنك.
بهذه الكلمات تحكي السيدة مريم السعيدي (63 عام) لـ “المشاهد” حالها وهي تبحث عن راتبها التقاعدي في حضرموت .
هذا الشعور يُسيطر على مشاعر الآف المُتقاعدين من أبناء حضرموت الذين وجدوا أنفسهم وعلى مدى أكثر من شهرين بدون رواتبهم التقاعدية على قلتها، وعدم مقدرتهم على توفير أبسط احتياجات أسرهم من الطعام والشراب والملبس والدواء.
صمت حكومي عن معانات المتقاعدين، إلا من وعود تتكررُ دائماً بقرب صرف معاشاتهم التقاعدية ، وعود لم تُعد تُغني ولا تُسمن من جوع.
تقف السيدة مريم السعيدي بالقرب من شباك ممتلئ بالصدى في بريد المكلا،ولم تكن لتتصور أن يأتي اليوم الذي يتم فيه إهانتها ” حسب وصفها ” بهذا الشكل من أجل الحصول على راتبها التقاعدي.
وقالت لـ “المشاهد ” أنها تأتي إلى مبنى البريد العام بالمكلا منذ أسبوع على أمل أن تتحصل على راتبها، غير أنها دائماً ما تعود بدونه.
تُشاركها زميلتها المُتقاعدة في جهاز الشرطة السابق المعروف سابقاً باسم ” الميليشيا” سميرة بن مالك، والتي قالت أنه لم يعد في بيتها ما يُسكتُ جوعها وأبنائها.
تجر سميرة نفساً عميقاً وتحدق الى مراسل المشاهد لعل رسالتها تصل الى الحكومة وتقول لـ”المشاهد ” منذ شهرين لم تستلم راتبها التقاعدي الذي لا يزيد عن 46 ألف ريال يمني”.
هادي والحكومة لا يشعرون بمعاناتنا:
المُتقاعد سالم العكبري هو الاخر بدون راتب يتحدث “للمشاهد”، أشعربالحرج الشديد من صاحب البقالة الذي يسكن بحارتي بعد أن ارتفعت مديونيته.
كان سالم يحصل على احتياجاته من المواد الغذائية الأساسية من البقالة التي تقع بالقرب من منزله وذلك عن طريق الاقتراض “الدين بالأجل” على أمل أن يتمكن من تسديد كافة ديونه له بعد أن يحصل على راتبه الذي لم يستلمه منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
يشرُد سالم في التفكير ويلتفت الى صحفي المشاهد ويقول ” صاحب البقالة رفض أن يستمر في اعطائي مواد غذائية لاطعام اسرتي “بالدين ” مُطالباً إياه بدفع ما عليه أولاً.
واضاف ” الرئيس هادي والحكومة لا يشعرون بمعاناتنا نحن البسطاء”.

  معاناة المُتقاعدين بحضرموت تتفاقم - المشاهد

الخروج إلى الشارع
هذه الأوضاع الصعبة التي يتشاركها الالاف من المُتقاعدين من المدنيين والأمنيين والعسكريين بحضرموت، دفعت بالعديد منهم إلى الخروج للشارع للتظاهر ضد الحكومة بعد أن بلغ منهم اليأس مبلغة من تنفيذ الوعود المُتكررة التي يُقدمها المسئولون على بريد المكلا.
حيث شهدت المكلا خلال اليوميين الماضيين على التوالي عمليات احتجاج للمتقاعدين شملت عمليات قطع للطريق الرئيسي بالمكلا، الأمر الذي أدى إلى تكدس المئات من المركبات في واحد من أهم الشوارع الرئيسية بالمدنية وإحداث شلل عام بحركة المركبات أستمرت لعدة ساعات.
وهتف المُتقاعدون وجلهم من كبار السن بشعارات تُهاجم الحكومة الشرعية للبلاد والتي يرأسها الدكتور أحمد عبيد بن دغر، مُتهمين إياه بالفشل في إدارة حكومته والعجز عن توفير مرتبات الموظفين والمتقاعدين، كما طالت الاتهامات محافظ المحافظة اللواء الركن أحمد بن بريك.
بريد حضرموت .. يُبرر:
من جانبها بررت الإدارة العامة لمنطقة بريد حضرموت وعلى لسان مُديرها العام السيد سعيد أحمد العكبري، تلك الأزمة وعدم صرف الرواتب بعدم وصول أي تعزيزات مالية من البنك المركزي بصنعاء منذ أكثر من شهرين، وأن الأزمة يتحملها البنك المركزي وليست إدارة بريد منطقة حضرموت.
وأضاف العكبري لـ “المشاهد” أن التأخر في صرف رواتب المُتقاعدين ليس نتيجة لعدم توفر السيول المالية، لكنه بسبب عدم قيام البنك المركزي بصنعاء بإرسال أي تعزيزات مالية لدفع رواتب المُتقاعدين منذ أكثر من شهرين.
واكد أن إدارة بريد حضرموت تحتاج إلى 900 مليون ريال شهرياً لدفع رواتب المُتقاعدين بالمحافظة. مُشدداً بالقول إنه وفي حال عدم وصول أي تعزيزات مالية من البنك أو أي جهة أخرى فلن يتمكن البريد من صرف مستحقات أولئك المُتقاعدين.
الإرتباط بصنعاء:
حديث مدير عام منطقة بريد حضرموت عن عدم إرسال أي تعزيزات مالية من البنك المركزي بصنعاء، جاء ليؤكد المعلومات التي تتحدث عن استمرار ارتباط المؤسسات المالية والإيرادية في المحافظات التي تُسيطر عليها الحكومة الشرعية والقوات الموالية لها، بالبنك بصنعاء الذي يُسيطر عليه مُسلحي الحوثي والذين تصفهم الحكومة الشرعية اليمنية بـ “الإنقلابيين”، رغم قرار الرئيس هادي بنقل البنك المركزي للعاصمة المؤقتة “عدن”، الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول مدى جدية الحكومة في قرارها، ومدى استعداد المؤسسات المالية في البلاد بشكل عام على التعامل مع ذلك القرار.

إقرأ أيضاً  استمرار تراجع مؤشر التنمية البشرية في اليمن

  معاناة المُتقاعدين بحضرموت تتفاقم - المشاهد

محافظ حضرموت يحتوي الأزمة
خروج المُتقاعدين إلى الاحتجاج في الشوارع، والحملة الإعلامية التي شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي بحضرموت الداعمة لتلك التحركات، وتزايد أعداد المحتجين في الشوارع خلال اليومين الماضيين ، دفعت بالسلطات المحلية في حضرموت إلى التحرك والبدء في اتخاذ مواقف لإنهاء تلك المعاناة.
حيث وجه محافظ حضرموت اللواء الركن أحمد بن بريك إدارته المحلية بسرعة توفير السيولة النقدية والمبالغ المالية لصرف معاشات المتقاعدين في المحافظة ساحلاً ووادياً من عسكريين ومدنيين لشهر 9 سبتمبر 2016 م والبالغة أكثر من مليار ريال،وفقاً لما جاء في بيان أصدره المكتب الإعلامي للمحافظ.
وأشار البيان الصحفي بأن تلك التوجيهات أكدت على توفير المبالغ المطلوبة والصرف بشكل مجزاء خلال فترة أسبوعين من حساب موازنة المحافظة والخاص بتوفير ومعالجة الخدمات الرئيسية والمهمة.
هذا وتُعد حضرموت من أغنى المحافظات اليمنية من حيث الثروات الطبيعية عدا عن كونها الأكبر من حيث المساحة والرافد الأهم للخزينة العامة للبلاد، حيث يوجد بها أكبر حقول إنتاج النفط في البلاد وهي حقول المسيلة.

مقالات مشابهة