المشاهد نت

بتوجيهات إيران.. “اليمن” نحو مزيد من التصعيد العسكري

عدن – سامي عبدالعالم

يتجه اليمن نحو مزيد من التصعيد العسكري على خلفية توجهات الحكومة الجديدة في إيران، التي تمضي إلى مزيد من استخدام الورقة اليمنية في صراعها مع الإقليم والمجتمع الدولي. فبعد الاستقبال الذي حظي به وفد جماعة الحوثي في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، بعث الأخير رسالة إلى رئيس المجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثي في صنعاء، هي الأولى التي يتم الإعلان عنها.
الرسالة التي اعتبرها مراقبون ضمن مؤشرات التصعيد الإيراني، تضمنت تأكيد الرئيس الإيراني تضامن بلاده مع ما سماها “مظلومية الشعب اليمني وما يتعرض له من عدوان غاشم وحصار جائر”، حسب وصفه.
تتضافر مؤشرات شتى لتأكيد عزم إيران على مزيد من التصعيد في المنطقة، وتكثيف استخدام الورقة اليمنية في صراعاتها، مما قد يدفع لرد فعل معاكس، بخاصة من قبل السعودية التي تشعر بمزيد من التهديد الإيراني.
وبهذا الصدد، حذر تقرير استخباراتي أمريكي من أن الحوثيين الذين تدعمهم إيران، باتوا يشكلون خطرًا متزايدًا على السعودية ودول المنطقة، أكثر من أي وقت مضى.

مخاطر حقيقية على الأمن الإقليمي

التقرير الذي نشره موقع warontherocks الأمريكي الاستخباراتي، قال إن الحوثيين “أصبحوا بيادق لطهران، وباتوا يشكلون خطرًا متزايدًا على المملكة العربية السعودية”.
وتحدث التقرير عن أن الحوثيين “يطورون سياستهم الخارجية حاليًا، ويقيمون علاقات مباشرة مع شركاء إيرانيين آخرين في المنطقة، ويشكلون خطرًا متزايدًا على الخصوم مثل المملكة العربية السعودية وغيرها”.
ووصف التقرير علاقة إيران بالحوثيين بأنها أكثر تعقيدًا من كونهم وكلاء لإيران، موضحًا أن “هذه الشراكة تحمل مخاطر حقيقية على الأمن الإقليمي”.
ورجح أن تكون جماعة الحوثي بدأت بتلقي الدعم الإيراني منذ عام 2009. مع ذلك “كان هذا الدعم الأولي هامشيًا، حيث كانت اليمن في ذلك الوقت بعيدة كل البعد عن كونها أولوية مهمة بالنسبة لإيران”.
ومنذ صعود إبراهيم رئيسي لرئاسة إيران، حرص كغيره من المسؤولين الإيرانيين على إبراز أن اليمن أولوية قصوى بالنسبة لإيران.

دعم إيراني متزايد للحوثيين

ويقول تقرير موقع warontherocks الأمريكي، إن “الدعم الإيراني المتزايد للحوثيين بالتأكيد لعب دورًا مهمًا في مساعدتهم على أن يصبحوا أكثر قوة”.
ويضيف: “كانت إيران تقدم للحوثيين أسلحة أكثر تقدمًا وفتكًا”، وذلك عبر “شبكات تهريب ووسطاء معقدة لتوفير أجزاء أكثر تقدمًا من الناحية التكنولوجية”.
في المقابل، تزايدت في الآونة الأخيرة شكاوى الجيش الوطني التابع للحكومة في اليمن، من تجميد صرف مرتباته ومخصصاته، ومنع التسليح عنه.
ونتيجة لذلك انعكس الوضع الميداني لصالح جماعة الحوثي التي صارت صاحبة المبادرة للهجوم في معظم جبهات القتال، بالتوازي مع تصعيد إيراني واضح باستخدام ورقة اليمن يثير قلق دول الجوار، خصوصًا السعودية.

هل سيقف خصوم إيران مكتوفي الأيدي؟

ومن البديهيات أن خصوم إيران، بخاصة السعودية، لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه التصعيد الإيراني في اليمن، الذي يمس أمنها القومي بشكل مباشر. وسترد على التصعيد. لكن السؤال: كيف ستتصرف المملكة حيال التصعيد الإيراني في اليمن، الذي يهددها بشكل رئيسي، وفقًا لتقرير موقع warontherocks الأمريكي الاستخباراتي؟ وهل ستكتفي الرياض بالغارات الجوية التي تشنها في مناطق محددة انحصرت مؤخرًا في مأرب وبعض محيطها في الجوف ومأرب، أم أن الرياض قد تعمل على إعادة دعم الجيش الوطني اليمني، وبالتالي تمكينه من إعادة تفعيل جبهات القتال التي تعيش حالة ركود منذ سنوات، وفرض معادلة جديدة في ميادين القتال؟
بحسب التحليل الذي نشره معهد الشرق الأوسط الأمريكي مؤخرًا، فإنه ليس هناك خيار أمام السعودية، سوى مواصلة دعم القوات اليمنية التابعة للحكومة المعترف بها دوليًا، والتي تقاتل في اليمن.
ووفقًا للتحليل، فإن حوالي 90% من العمليات الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية، هي دعم جوي وثيق للجيش اليمني في مأرب.

مخاوف سعودية

ويشير معهد الشرق الأوسط الأمريكي إلى أن الدعم الجوي السعودي للجيش اليمني في مأرب، يأتي وسط مخاوف الرياض “من أن يؤدي سقوط مأرب إلى فتح الباب أمام الحوثيين إلى شبوة وحضرموت شرقًا، مما يجعل إنهاء النزاع عن طريق التفاوض، إشكالية بشكل متزايد، إن لم يكن مستحيلًا”.
متذ العام 2016، تتمثل الأولوية القصوى للسعودية في إنهاء الصراع في اليمن، والذي “يتسبب في خسائر بشرية ومالية كبيرة، فضلًا عن كونه تهديدًا مباشرًا لأمن السعودية واستقرارها”.

تصعيد إيراني ينذر بتصعيد موازٍ

التصعيد الإيراني ينذر بتصعيد موازٍ، ويفرض معه ضرورة عودة الدعم السابق لقوات الجيش الوطني اليمني التابع للحكومة المعترف بها دوليًا، وذلك بعد تجميد معظم المساعدات، سواء العسكرية أو المالية، خلال العامين الماضيين.
ورغم أن الاتجاه السياسي لإنهاء الحرب في اليمن، هو الاتجاه السائد والمدعوم دوليًا، غير أن الإخفاق المستمر في تحقيق اختراق نحو عودة المفاوضات، يجعل اللجوء للخيار العسكري وفكرة دعم الجيش الوطني التابع للحكومة، واحدًا من الخيارات المتاحة، وربما الإجبارية، حيث يبدو أن جماعة الحوثي أكثر ممانعة للعودة إلى طاولة المفاوضات في ظل الواقع الميداني الراهن الذي يميل لصالح الجماعة.
لقد فرض خفض المساعدات عن القوات التابعة للحكومة، تجميد معارك الجيش في معظم جبهات القتال، وتحوله إلى موقف الدفاع، وتحول الموقف الميداني لصالح جماعة الحوثي.
كما أدى وقف المساعدات للجيش اليمني، إلى تجميد غير معلن لدفع رواتب ومخصصات قوات الجيش، فيما تشكو قيادته توقف صرف الرواتب منذ 9 أشهر.
تحليل جديد لمعهد الشرق الأوسط الأمريكي، قال إن دعم السعودية الملحوظ للقوات اليمنية، خصوصًا في مأرب، يأتي في سياق إدراك الرياض أن مسالة إعادة توازن القوى على الأرض تمثل مقدمة ضرورية للعودة إلى طاولة المفاوضات.

إقرأ أيضاً  الإصابة بالسرطان في ظل الحرب

وزير الدفاع اليمني في الرياض

في 18 أغسطس 2021، قام وزير الدفاع في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، بزيارة إلى مقر مركز قيادة القوات المشتركة للتحالف العربي في العاصمة السعودية الرياض.
وبحث الوزير مع قائد قوات التحالف، سير المعارك التي تخوضها القوات المسلحة اليمنية التابعة للحكومة في مختلف الجبهات، في ظل تصعيد حربي كبير من جانب الحوثيين، بخاصة في جبهات مأرب.
اللافت في الزيارة، توقيتها، حيث أتت بعد فترة طويلة من فتور العلاقات على صعيد اللقاءات الرسمية، وتقلص التنسيق والدعم الجوي الذي يقدمه التحالف في حدود الجبهات الأكثر اشتعالًا، بالذات في مأرب، كما أن الزيارة جاءت بعد أسبوعين على مراسيم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، الذي حرص على تحويل التنصيب إلى منصة لتوجيه رسائل تصعيدية، بخاصة تجاه السعودية ودول المنطقة، مستغلًا الملف اليمني، وذلك على عكس ما كان متوقعًا.

حكومة إيرانية جديدة أكثر تشددًا

وقد حرص رئيسي على إبراز اهتمامه بجماعة الحوثي، إذ التقى عقب التنصيب بوفد الجماعة، كأول وفد خارجي يلتقيه، رغم عدم اعتراف العالم بجماعة الحوثي، باستثناء إيران.
اللقاء الذي تم في 5 أغسطس 2021، حمل رسائل متعددة غلب فيها التصعيد، إذ قال الرئيس الإيراني رئيسي إن “اليمن بات أمثولة في المقاومة، ليس لليمن فقط، بل لكل أحرار العالم”، مؤكدًا دعم بلاده لجماعة الحوثي، ومظهرًا اهتمامًا خاصًا بالجماعة فاق اهتمامه بجماعات أخرى موالية لإيران في المنطقة.
واعتبر اللقاء شكلًا من التصعيد، باعتبار أنه يتعارض مع دعوة كان الرئيس الجديد أطلقها قبل التنصيب، وتدعو لمصالحة إقليمية.
وعن لقاء الرئيس الإيراني الجديد بوفد الحوثيين، قال وزير الإعلام في الحكومة اليمنية، معمر الإرياني، إنه “لا يبعث على التفاؤل بشأن إمكان نهج طهران العدائي والمزعزع لأمن واستقرار المنطقة”، مضيفًا أن احتفاء إيران بجماعاتها المسلحة يعطي مؤشرًا واضحًا إلى طبيعة نهج إيران المقبل.

تحكم الملف النووي الإيراني بالملف اليمني

وفقًا لتحليل معهد الشرق الأوسط الأمريكي، فإن “السعوديين يعتقدون أن رغبة الحوثيين في التفاوض حول إنهاء الحرب الأهلية في اليمن، مرتبط بمصير محادثات 5+1 مع طهران في فيينا، لذلك لا ترى السعودية أي خيار لها سوى مواصلة دعم القوات اليمنية التي تقاتل في اليمن، بهدف إعادة توازن القوى على الأرض لإرغام الحوثيين على الجلوس إلى مائدة المفاوضات”.
وتعزو الرياض ارتفاع وتيرة الأعمال العدائية لجماعة الحوثي داخليًا وخارجيًا، إلى حافز دبلوماسي منحته لهم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
ويعتقد السعوديون، بحسب تحليل معهد الشرق الأوسط، أن “الحوثيين أساؤوا تفسير نوايا بايدن، وشجعهم قراره إلغاء تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية، إذ استجابوا للدفع الدبلوماسي الجديد بمزيد من العدوان داخل اليمن، وكذلك عبر الحدود مع السعودية”.

ما هي مخاطر الشراكة الإيرانية مع الحوثيين؟

يحذر موقع warontherocks الأمريكي من امتداد مخاطر الشراكة الإيرانية مع الحوثيين إلى خارج حدود اليمن. ويقول الموقع في تقرير نشره للكاتب توماس جونيو: “منذ إعلان السعودية تدخلها في اليمن في مارس 2015، عمقت جماعة الحوثي علاقاتها مع إيران، وازدادت قوتها على الأرض، نتيجة لذلك سيظهر تأثير الشراكة الإيرانية الحوثية بشكل متزايد خارج حدود اليمن”.
ويؤكد التقرير الدور الإيراني في توسع جماعة الحوثي في اليمن.
ومن المتوقع أن يؤدي تزايد الدور الايراني في اليمن إلى مزيد من تأجيج الصراع في البلاد في ظل سعي طهران لتمكين جماعة الحوثي من السيطرة على الأرض. وهو وضع لا يترك مجالًا أمام السعودية للحد من ذلك الدور سوى باتباع خيارات عسكرية في ظل رفض الحوثيين المدعومين من طهران، كل مبادرات السلام، وعرقلتهم الجهود الدولية الرامية لإنهاء الحرب في اليمن، وذلك بحسب تصريحات سابقة للمبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينج، حدد فيها الحوثيين كطرف معرقل.

مقالات مشابهة