المشاهد نت

نازحون محرومون من المساعدات

الحديدة – عاصم الخضمي:

“لجان المشاركة المجتمعية حرمونا من المساعدات التي وزعتها المنظمات للنازحين، وجابوها للمقيمين”، بهذه الكلمات اختزلت النازحة أم محمد لـ”المشاهد” قصة حرمانها من المساعدات المقدمة من المنظمات الدولية للنازحين.
تعيش أم محمد في عزلة ذبحان بمديرية الشمايتين بمحافظة تعز (جنوب غرب اليمن)، بعد نزوحها من مدينة الحديدة الساحلية (غرب) بسبب الحرب، وتتكون أسرتها من 7 أفراد، غالبيتهم إناث.
حاولت لساعات طويلة، إضافة اسمها أثناء توزيع المساعدات، لكن باءت محاولاتها بالفشل، أخبرت مدير الوحدة التنفيذية للنازحين بالمديرية أسام المشرقي، أن اسمها أُسقط، لكنه طلب منها تقديم شكوى لمندوب المنطقة التي أسقط اسمها، وفق حديثها.
اطلعنا على بعض أسماء المستفيدين من تلك المساعدات، ووجدنا أسماء مقيمين بدلًا من النازحين، تواصلنا بمسؤول لجان المشاركة المجتمعية بعزلة ذبحان محمد قاسم عبدالحميد، لمعرفة أسباب إسقاط أسرة النازحة أم محمد وغيرها من المساعدات، لكنه رفض الرد.

400 أسرة بلا غذاء

تسكن في مدينة تعز أكثر من 1000 أسرة، نزحت من الحديدة، منذ بداية الحرب، ويشير عضو مكتب نازحي الحديدة بتعز (جهة شكلتها السلطة المحلية) يوسف مدحدح، لـ”المشاهد” إلى وجود ما يقارب 400 أسرة نازحة لا تتلقى مساعدات غذائية شهرية.
من أسباب عدم تلقي تلك الأسر للمساعدات وفقًا لمدحدح، حدوث اختلاف لدى منسقي برنامج الغذاء العالمي بمدينة تعز، أدى لتعذر القيام بالمسح الميداني للمستهدفين واكتفائه بالاعتماد على كشوفات المسح السابقة، ويبلغ عدد الأسر المستهدفة من البرنامج بالمدينة 38 ألف أسرة، بينهم نازحون من الحديدة يتلقون مساعدات مستهدفين غادروا المدينة.

أصبحنا مهمشين”

“لا تسألني عن المساعدات أبدًا، لأننا أصبحنا مهمشين”، هكذا ردت النازحة من منطقة منظر بمديرية الدريهمي بريف محافظة الحديدة، غانية أحمد، على سؤال لـ”المشاهد” عن آخر مرة تلقت مساعدات غذائية، بصفتها نازحة.
بعد اشتعال المعارك ووصولها للدريهمي، غادرت مئات الأسر صوب مدينة الحديدة، من بينها أسرة غانية النازحة بمديرية الحوك؛ للنجاة بأرواحهم من الموت، لكن هناك موتًا بطيئًا يتربص بهم، هو الفقر والجوع، وما يزيدها وجعًا هو تلقي مواطنين غير نازحين مساعدات غذائية شهرية من برنامج الغذاء العالمي.
لا تختلف قصة غانية عن بقية نازحي الدريهمي في الحوك، فهناك ما يقارب 800 أسرة نازحة لا تتلقى مساعدات غذائية منذ أكثر من عامين وفقًا للناشط النازح من الدريهمي أنور أحمد، المحروم أيضًا من تلك المساعدات، مشيرًا إلى أن عدد المستهدفين بمساعدات الغذاء لا يزيد عن 10 أسر نازحة، وفقًا لحديثه لـ”المشاهد”.
تواصلنا بمدير المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي بمحافظة الحديدة (التابع لحكومة صنعاء)، جابر الرازحي، لمعرفة أسباب حرمان نازحي الدريهمي من مساعدات الغذاء، وكان رده أنهم بانتظار وعود برنامج الغذاء بإضافة أسماء النازحين غير المستهدفين.
ويشير الرازحي إلى أنه أثناء التصعيد بالدريهمي، كان المجال مفتوح؟ا لإضافة أي نازح ضمن المستهدفين من برنامج الغذاء العالمي، غير أن الناشط أنور يؤكد أنهم نزحوا خلال تلك الفترة، وكانت كل أسماء أقرانه من النازحين موجودة لدى كل الجهات المعنية بتقييد أسمائهم، وأنه تم تجاهلها.
في مدينة عدن (جنوب اليمن) تحرم أسر نازحة من المساعدات، وفقًا لحديث عدد من النازحين. وتشير النازحة خديجة علي (اسم مستعار) لـ”المشاهد” إلى أنهم مسجلون لدى عاقل المنطقة بصفتهم نازحين، وحين تم توزيع المساعدات حرموا منها بسبب إسقاط أسمائهم.

ساحل الحديدة

لا يختلف حال النازحين في ساحل الحديدة الذي يقع تحت سيطرة الحكومة ، عن حال كثير من النازحين، ويشير مدير الوحدة التنفيذية للنازحين بالحديدة، حميد الخزان، إلى وجود أكثر من 8000 أسرة نازحة في الساحل غير مسجلة في برنامج الغذاء العالمي، بسبب عدم قيام البرنامج، منذ عامين ونصف، بالمسح الميداني، وكان هناك اتفاق أن ينفذ البرنامج مسحًا ميدانيًا في شهر فبراير الماضي؛ لكنه لم ينفذ.
ويشير احد المسؤولين عن نازحي الحديدة بمحافظة لحج (جنوب اليمن)، وعضو لجنة الإغاثة بالحديدة، علي بشارة، لـ”المشاهد” إلى وجود تقصير كبير من قبل الوحدات التنفيذية بمحافظات لحج وأبين وعدن، تجاه نازحي الحديدة المقيمين في منازل بالإيجار، وحرمانهم من المساعدات، رغم أنهم يشكلون أكثر من 75% من إجمالي عدد النازحين.
أصبحت الوحدات التنفيذية، وفقًا لبشارة، جزءًا لا يتجزأ من الفساد الحاصل في البلاد، إذ تحرم النازحين من المساعدات، في مخالفة لأساسيات المنظمات الدولية، بتوجيه 80% من المساعدات للنازحين، والبقية للمقيمين، ولجان المشاركة المجتمعية تحرم النازحين من المساعدات، وتقيد أسماء أبناء المناطق المقيمين بدلًا من النازحين.
للوقوف عند الأسباب الرئيسية وراء حرمان النازحين من المساعدات، رفض نجيب السعدي، رئيس الوحدة التنفيذية (تابعة للحكومة)، الرد علينا.

إقرأ أيضاً  وسيلة النساء لتحسين ميزانية الأسرة في رمضان 

احتياجات فائضة

واتهم مدير الوحدة التنفيذية لمخيمات النازحين بمحافظة مأرب (وسط اليمن)، سيف مثنى، في مايو الماضي، برنامج الأغذية العالمي، بإسقاط حصة الغذاء لشهر مارس الماضي، والخاصة بـ38 ألف نازح، ولم يعدها على الرغم من التواصل مع مكتبه في المحافظة، كما لم يضم لكشوفاته الشهرية الخاصة بالغذاء 18 ألف نازح جديد.
وكشفت دراسة للبنك الدولي أن معدل تغطية كل البرامج الإنسانية مجتمعة تكفي لتغطية احتياجات الشعب اليمني بأكمله، وذلك استنادًا إلى بيانات المنظمة الدولية للهجرة عن تحركات النازحين في 2020.
وأظهرت الدراسة التي نشرتها صحيفة “الشرق الأوسط” في مايو الفائت، أن إجمالي عدد الأسر المتلقية لجميع المساعدات، نسبة من عدد سكان المحافظات، تتجاوز 100%، معيدة أسباب بقاء أسر كثيرة دون مساعدات إلى الازدواجية، وحصول بعض الأسر على مساعدات من أكثر من برنامج نظرًا لغياب التنسيق.
ورجحت حصول نسبة كبيرة -وإن تعذر قياسها حاليًا- من الأسر على إعانات من أكثر من برنامج، وأن هناك أسرًا كثيرة ربما لا تحصل على أية مساعدات على الإطلاق.
وخلص معدو الدراسة إلى أن تحسين التنسيق في ما بين الوكالات الإنسانية والإنمائیة، يمكن أن يوفر مجالًا رحبًا لتقليص عدد الأسر المحرومة من المساعدات.
ووفق ما ذهب إليه معدو الدراسة، فإن القصور في التدخلات يتطلب معالجته للحد من الإقصاء وتعظیم الأثر الإيجابي للمساعدات، إذ يواجه اليمن مع دخول الصراع عامه السابع انهيارًا اقتصاديًا وأزمة إنسانية على نحو غير مسبوق، فهناك حاليًا أكثر من 20 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فيما يواجه 10 ملايين شخص خطر المجاعة، وهو عدد مفزع.
وقد أدى الصراع -وفق الدراسة- إلى عرقلة جهود استعادة التنمية البشرية، في ما يوصف بالفعل بأنه البلد الأكثر فقرًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وإلى تعريض أرواح وسبل كسب عيش ملايين اليمنيين للخطر.
ويقدر برنامج الغذاء العالمي عدد النازحين منذ بداية الحرب بـ4 ملايين شخص، وتتلقى اليمن مساعدات بمئات الملايين من الدولارات سنويًا، للتخفيف من معاناة المواطنين في ظل الحرب. ويشير برنامج الغذاء إلى أنه يقدم الدعم إلى ما يقرب من 13 مليون شخص بالمساعدات الغذائية الطارئة، ومن خلال توفير حصص تحتوي على الدقيق والبقول والزيوت النباتية والسكر والملح أو القسائم أو النقود لشراء نفس الكمية من الغذاء.

مقالات مشابهة