المشاهد نت

مدينة التربة… ملجأ للهاربين من الحرب

مدينة التربة جنوب مدينة تعز


تعز – أسامة فرحان:


شهدت مدينة التربة الواقعة جنوب مدينة تعز، نهضه عمرانية مع حركة النزوح إليها من مناطق النزاع داخل مدينة تعز (جنوب غرب اليمن)، ما يتطلب توفير الخدمات التي تلبي احتياجات مليون نسمة من سكانها.
ويقول عبدالعزيز الشيباني، المدير العام لمديرية الشمايتين، لـ”المشاهد” إن المدينة شهدت ازدهارًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، نظرًا لعدم دخول جماعة الحوثي إلى المديرية، وأصبحت موطنًا وملجأً لكل الهاربين من مناطق النزاع في محافظة تعز وبقية المحافظات.
ويضيف الشيباني: “أتى بعض التجار إلى مدينة التربة، واستوطنوا فيها طوال فترة الحرب، بعد نزوحهم، وبدأوا بأعمال البناء، وتوسعت المدينة لتشمل مركز مديرية الشمايتين ومنطقة شرجب وحصبرة والحنان وذبحان والأصابح، إلى جانب أديم، وأصبحت هذه العزل التي كانت تحيط بمدينة التربة، جزءًا منها، كما أصبحت منطقة عبور من محافظة عدن إلى محافظة تعز، كونها المنفذ الوحيد المؤدي إلى تعز، فساعد ذلك في خلق نهضة اقتصادية وتجارية كبيرة في التربة”.
وتشير هيام التركي، مدير مكتب الثقافة في التربة، في حديثها لـ”المشاهد“، إلى أن رجال الأعمال اتجهوا نحو مدينة التربة، وبدأوا بتنفيذ مشاريع تنموية وخدمية، كالفنادق وصالات الأعراس والعقارات، وغيرها من الأعمال الاستثمارية، التي أسهمت بتوفير كثير من فرص العمل للشباب والنازحين.
ويمارس سكان المدينة العديد من المهن الحرفية القديمة، كالحدادة والنجارة والبناء والرعي وتربية المواشي والزراعة والمشغولات والمصنوعات الحرفية الأخرى، والبعض الآخر منهم يعمل في التعليم والصحة والصناعة والتجارة والأشغال والطرقات والمرافق الخدمية الأخرى.
تدني مستوى الخدمات
صاحب تطور وازدهار مدينة التربة، معاناة وعقبات وقفت أمام أحلامها في النهوض أكثر، والمضي نحو الأفضل، إذ تعاني المدينة من ضعف في مستوى الخدمات، يتمثل بتزايد عدد السكان بفعل حركة النزوح، إضافة إلى تدني مستوى الأداء للجهات المعنية بتوفير الخدمات، والتي يكون سببها إما ضعف القدرات للكوادر العاملة في المرافق، أو ضعف وشحة مصادر التمويل والدعم المحلي لبعض المرافق، وغياب النفقات التشغيلية لبعض المرافق التي تقدم الخدمات، والتي من مهمتها تحسين أداء وجودة العمل، بالإضافة إلى ضعف آليات الرقابة والمحاسبة لدى السلطات، ما أدى إلى خلق كثير من الفجوات بين المجتمع والجهات المعنية، وخلق نزاعات بين أفراد المجتمع أنفسهم، بحسب التركي، مؤكدة أن التربة تعاني من شحة المياه التي يعود سببها إلى جفاف المياه الجوفية، وأيضًا سوء التوزيع وتزايد الاستهلاك بسبب تزايد السكان، ما أدى إلى زيادة معاناة النساء وزيادة العبء على أرباب الأسر ، إذ ارتفعت أسعار وايت الماء إلى 12 ألف ريال.

تعاني المدينة من ضعف في مستوى الخدمات، يتمثل بتزايد عدد السكان بفعل حركة النزوح، إضافة إلى تدني مستوى الأداء للجهات المعنية بتوفير الخدما.


لكن الشيباني يقول إنهم مستمرون في البحث عن مصادر مياه من مناطق الأصابح وذبحان، والبحث عن مشاريع لحفر آبار في شرجب، مضيفًا: “قد تم شراء المواقع لحفر هذه الآبار، وسيتم الاستعانة بكل المنظمات لتوفير المعدات اللازمة لتشغيل الآبار من طاقات شمسية ومولدات وغيرها”.

تزايد الطلب على الخدمات الصحية

بالرغم من تدهور الخدمات في القطاع الصحي نتيجة الحرب، إلا أنه يمكن القول بأن البنية التحتية للقطاع الصحي في التربة تحسن على ما سبق، وتمت إعادة تأهيله بشكل جيد.
ويعد مستشفى خليفة في مدينة التربة، مستشفى محوريًا يستقبل المرضى من مختلف مديريات الحجرية، وفي هذا الصدد يقول مدير المستشفى الدكتور عبدالرحمن صالح، لـ”المشاهد”: “مع تزايد عدد السكان تزايد الطلب على الخدمات الصحية”.
ويضيف صالح أن أبرز المشاكل التي تواجه القطاع الصحي في التربة، تتمثل بالنقص الحاد في الكادر التخصصي والعام والفني والخدمي، بسبب انعدام التوظيف، والنقص في التأهيل والتدريب، بالإضافة إلى انعدم النفقات التشغيلية، ونقص في المعدات والتجهيزات، والانفلات الأمني، والمشاكل المجتمعية.
ونوه إلى أن هناك تحديًا مهمًا للقطاع الصحي في التربة، يتمثل بانعدام الثقافة الصحية لدى المجتمع، وهذا تحدٍّ ومهدد للخدمات الصحية على مستوى المنشآت والكادر، فالثقافة السلبية تنعكس بتصرف سلوكي للمجتمع، وتحول الأمر إلى صراع بين طالب خدمة لا يعي مسؤوليته تجاه نفسه ومؤسسته، ومقدم للخدمة لا يملك شيئًا، مشيرًا إلى احتياج المدينة لتوفير كوادر نوعية واجهزة تشخيصية تخصصية، بالإضافة إلى توفير الكهرباء والمياه النقية، وحل مشاكل التلوث البيئي بما يسهم في الحد من انتشار الأمراض.

إقرأ أيضاً  تكحيل العين…طقس رمضاني مهدد بالاختفاء في صنعاء

انعدام النظافة مشكلة أخرى

وتعد مشكلة النظافة إحدى المشاكل الرئيسية التي لم تستطع الجهات المعنية معالجتها بشكل كامل، وما يتم من معالجات هي آنية وليست جذرية، والسبب عدم وجود مقلب للقمامة، وشحة النفقات التشغيلية لمواجهة هذه المشكلة رغم حصول الجهات المعنية بالنظافة على تدخلات من قبل كثير من المنظمات الدولية والمحلية العاملة في مجال البيئة.

صندوق النظافة يعاني من مشاكل عدة، منها عدم تثبيت العمالة وليس لها رواتب تعاقدية من صندق النظافة والتحسين


وأكد الشيباني أن النظافة مشكلة لم نستطع حلها بالرغم من توجيه مذكرات عدة للمحافظ وصندوق النظافة والتحسين، ومع ذلك لم نحصل على أي موارد منذ 2019، ولم نحصل على دعم لتنفيذ نشاط الصندوق، ويقول: “ما نقوم به من جمع للقمامة ونقلها إلى المقلب، هو ناتج عن مبادرات من السلطة المحلية وتقديم مبالغ من مواردنا التي كان من المفترض أن نقدمها لاتجاهات أخرى”.
وأشار إلى أن صندوق النظافة يعاني من مشاكل عدة، منها عدم تثبيت العمالة وليس لها رواتب تعاقدية من صندق النظافة والتحسين، وندفع لها بالأجر اليومي، بالإضافة إلى المعدات المتهالكة، والتجمعات السكانية التي كبرت، مؤكدًا أنهم يقومون بدورهم بقدر استطاعتهم.
وتبرز إلى جانب مشكلة النظافة، مشكلة بالإصحاح البيئي، والتي تهدد بكارثة بيئية حقيقية نتيجة انعدام شبكة مياه الصرف الصحي لعدد كبير من مناطق المدينة، وانتشار البيارات المكشوفة السائلة على مستوى الطرقات والشوارع الرئيسية التي تهدد صحة وسلامة المواطنين.
وقال الشيباني إن المدينة القديمة، إلى جانب القحفة والشرف، لديها مصبات صغيرة للمجاري تصب في منطقة عبل، وتنقل المجاري إلى منطقة تبعد عن مركز التربة بحوالي ٣ كيلومترات، وبالتالي تبقى بيئة خصبة للأمراض.
وفي هذا الصدد، يقول عبدالمعين الأديمي المهندس في مكتب الأشغال العامة والطرقات بالتربة، إنهم بحاجة لعمل شبكة صرف صحي لبعض أحياء المدينة، وتأهيل وصيانة الشبكة السابقة.

مقالات مشابهة