المشاهد نت

محاولة تلميع الحوثيين بـ”التعايش”

تمارس جماعة الحوثي التخويف والإعتقال ضد مخالفيها

صنعاء – عبدالرب الفتاحي

الادعاء

جماعة الحوثي (أنصار الله) في صنعاء تتعايش مع جميع المكونات من الشمال والجنوب

الناشر

عضو المكتب السياسي للحوثيين

وكالة الصحافة اليمنية

البوابة الإخبارية اليمنية

يمن فايب

متابعات

صحافتك

الخبر المتداول

يصف عبدالملك العجري، وهو عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي، في تغريدة له على “تويتر”، في 25 نوفمبر، أن صنعاء أصبحت في ظل حكم جماعته تتعايش مع كل المكونات من الشمال والجنوب، وجاء في التغريدة: “أهلنا في المحافظات المحتلة، لا يرهبونكم من أنصار الله، في صنعاء تتعايش كل المكونات من الشمال والجنوب”.

وأضاف العجري أن هناك أعضاء وقيادات وطلبة محسوبين على أحزاب مؤيدة للعدوان، في حين لا يستطيع فرد عادي أو مريض أو طالب أن يسافر عبر عدن أو مأرب أو تعز إلا ويتعرض للقتل أو الاعتقال لأتفه شبهة.

خبر تغريدة العجري تداولته العديد من المواقع الإخبارية ومحركات البحث، أبرزها المواقع التابعة والموالية لجماعة الحوثي.

تحقق المشاهد

قام “المشاهد” بعملية البحث والتقصي عما إذا كانت تغريدة عضو المكتب السياسي في جماعة الحوثي عبدالملك العجري، تعبر عن حقيقة تعامل الجماعة مع جميع المكونات والشخصيات السياسية والاجتماعية، أو أولئك الذين ينتمون إلى شمال اليمن أو جنوبه، وفق عوامل التعايش، دون إجبارهم على الالتزام بما تمثله جماعة الحوثي، من نهج سياسي ومذهبي وعنصري تجاه جميع المكونات اليمنية.

لكن ما توصل إليه التحقق كشف زيف ادعاء العجري من أن جماعته تتميز بالتسامح والتعايش مع اليمنيين، وهذه الصفة التي وضعها العضو في جماعة الحوثي، لم تلتزم بها الجماعة حيال كل من له رأي مخالف لها، كما أنها حاولت إجبار جميع من يخضعون لسطلتها على الخضوع لواقعها السياسي، ومازالت تمارس اعتقال المخالفين لها سياسيًا واجتماعيًا ودينيًا وفكريًا.

تقوم فكرة الحكم لجماعة الحوثي على ربط السلطة والحكم في نطاق أسرة بدر الدين الحوثي، وتمنع جميع اليمنيين من مزاولة العمل السياسي والتعدد الحزبي، وهذا الامتداد قائم وفق نطاق ما تراه هذه الأسرة وجميع القبائل المرتبطة بالهاشميين، من أن الحكم على اليمن حق لهم دون غيرهم، وبذلك لا يتعايش الحوثيون مع المجتمع اليمني في كل الجوانب السياسية، أو تلك التي يرون أنها تفرض نمطًا اجتماعيًا جديداً وعقائديًا يرفض ادعاءهم، إذ يريدون فرض حكم سلطتهم بالقوة.

لكن ما تطرق إليه العجري ربما يتناقض مع انتهاكات متعددة مارستها جماعته في حق فئات متعددة من اليمنيين، ففي يناير 2016 قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في بيان لها، إن السلطات الحوثية في اليمن اعتقلت تعسفًا وأخفت قسرًا عشرات الأشخاص في العاصمة صنعاء، ودعت المنظمة وقتها إلى الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين وحماية حقوق المعتقلين.

واستمرت الانتهاكات والاعتقالات التي مارستها جماعة الحوثي، ففي 25 سبتمبر 2018 اتهمت المنظمة ذاتها، جماعة الحوثي بارتكاب انتهاكات وخطف رهائن وتعذيب معتقلين لديها.

وأرجعت المنظمة سبب ذلك إما إلى ابتزاز المال من الأقارب في حالات كثيرة، وإما استخدام المعتقلين في تبادل لسجناء تحتجزهم القوات الحكومية أو كما سمتها المنظمة القوات المعارضة للحركة.

محاولة تلميع الحوثيين بـ"التعايش"

بيان منظمة هيومن رايتس ووتش في 2018

وظلت المنظمات الدولية تؤدي دورًا كبيرًا لكشف ما يمارسه الحوثيون من تجاوزات وانتهاكات لجميع من يخالفهم الرأي أو لديه موقف لا يتوافق مع فكرهم السياسي واعتقاداتهم، ففي تاريخ 27 مايو من العام الجاري، قالت منظمة العفو الدولية إن سلطات الأمر الواقع الحوثية في اليمن، تستخدم السجناء المعتقلين تعسفيًا كقطع الشطرنج في المفاوضات السياسية الدائرة حاليًا.

جاء ذلك في التقرير الذي أصدرته المنظمة، والذي يحمل عنوان “أطلق سراحهم وتعرضوا للنفي: التعذيب والمحاكمات الجائرة، والنفي القسري في ظل حكم الحوثيين“.

إقرأ أيضاً  تضليل واسع للهروب من فتح الطرق

التقرير يتحدث عن محنة قلة من الأفراد غير المقاتلين، من بينهم بعض الصحفيين والمعارضين السياسيين، وأتباع الأقلية الدينية البهائية الذين تم إطلاق سراحهم في إطار صفقات سياسية، عام 2020، بعد اعتقالهم بصورة غير قانونية، وتعذيبهم لمدد وصلت إلى 7 أعوام، وعند الإفراج عن البهائيين تم إجبارهم على الرحيل إلى المنفى، وتولت الأمم المتحدة توفير التجهيزات اللازمة لرحيلهم، بينما تم إبعاد معتقلين آخرين إلى مناطق أخرى من البلاد.

وبعد التحقق، فإن محاولة عبدالملك العجري وصف جماعته، في تغريدته، على أنها أسهمت في خلق التعايش مع الجميع، لم يكن إلا تضليلًا أراد منه تقديم شكل لم تكن عليه الجماعة منذ سيطرتها على اليمن، وممارستها العنف والاعتقال، وتدمير منازل الخصوم واعتقال المعارضين وتخويفهم وقتل العديد من السجناء جراء التعذيب والمعاملة السيئة.

الكاتب والصحفي سامي نعمان، أوضح أن اليمنيين الذين عايشوا جماعة الحوثي يدركون طبيعة هذه الجماعة التي تدعي الشيء وتمارس نقيضه، وأن من ينتمون لهذه الجماعة يتهمون خصومهم بارتكاب ممارسات هي من صميم نهجهم.

الكاتب والصحفي سامي نعمان، أوضح أن اليمنيين الذين عايشوا جماعة الحوثي يدركون طبيعة هذه الجماعة التي تدعي الشيء وتمارس نقيضه، وأن من ينتمون لهذه الجماعة يتهمون خصومهم بارتكاب ممارسات هي من صميم نهجهم.

وقال نعمان لـ”المشاهد”، إن جماعة الحوثي مارست انتهاكات بحق المدنيين ومعارضيها، وتجاوزات للقوانين وتشريعاته، وأن أكثر من يعرف مستويات وسلوكيات هذه الجماعة هم المواطنون الذين يعيشون تحت سلطتها، والذين جربوا الطبيعة العنصرية والعدائية لها واعتداءاتها على الفضاء الخاص والعام.

ووصف تغريدة العجي بأنها متناقضة، وتخفي كل ممارسات جماعة الحوثي التي وصفها بـ”العنصرية”، إذ يستغل الحوثيون الأحداث التي تقع في المناطق الخاضعة لسلطة الرئيس عبد ربه منصور هادي والمجلس الانتقالي، لتستغلها بانتهازية لادعاء الفضيلة والتسامح.

وأضاف أن ما يحدث في المناطق التي تخضع لسلطة الحوثيين، أضعاف ما يجري في مناطق خصومها، من انتهاكات وتجاوزات وقتل، لكن الجماعة تدفن عشرات القضايا تحت وطأة الترهيب وتخويف الصحفيين والناشطين لمنعهم من الحديث أو نشر الأخبار.

السياق الزمني

تأتي مثل هذه الأخبار مع التقدم الذي تحرزه قوات الساحل الغربي، وهي محاولة من العضو الحوثي لاستعطاف اليمنيين، وتقديم مضمون سياسي، على اعتبار أن جماعته تظل هي الأفضل من أي طرف آخر، وأن قدوم أو انتصار أية قوة تنتمي للأطراف المعادية لجماعته، لن تنشر التسامح والتعدد والتعايش الذي وصلت إليه المدن التي تخضع لسيطرتهم، إذ إن ما يقع في المناطق التي تشهد بعض هذه التجاوزات، قد يتسع لمناطقهم.كما أن العضو الحوثي أراد لفت الانتباه وممارسة التضليل لواقع غير حقيقي من حيث قابلية جماعته للمعارضين والمختلفين معه، وهو ما أراد به عبدالملك العجري الحديث عنه من أن ما يقال عن جرائم جماعته ليس حقيقيًا، وإنما حالة تخويف.

وفي نهاية نوفمبر الماضي، نشر “المشاهد” تقريرًا تناول تحريض قيادات حوثية بخطاباتها ضد المحايدين في مناطق سيطرتها، وكيف تُسخر وسائل الإعلام ومنابر المساجد لمهاجمة الفئة الصامتة أو المحايدين، إذ يتوزع قياديو ومشرفو جماعة الحوثي في المساجد والساحات والمقايل في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، لترهيب وتخويف المحايدين والصامتين، وفق قاعدة “إن لم تكن معي فأنت ضدي وسأقمعك”، والخطاب ذاته هو الذي دفع الكثير من قاطني صنعاء إلى العزوف عن حضور صلاة الجمعة، الأمر الذي يؤكد عدم تعايش هذه الجماعة مع مكونات المجتمع، وعدم قبول رأي الآخرين أو السماح به.

المصادر

منظمة “هيومن رايتس ووتش” – منظمة “العفو الدولية” – كاتب صحفي – التحليل النقدي

مقالات مشابهة