المشاهد نت

طريق الرويك الصحراوي.. عبور غير آمن

الجوف – سيف راجح:

بعدما فرضت المواجهات العسكرية بين القوات الحكومية والحوثيين في محافظة الجوف (شمال شرق صنعاء)، خارطة جغرافية جديدة لمناطق النفوذ وخطوط التماس في بداية العام الماضي، أصبح الطريق الرابط بين الجوف ومحافظة مأرب، منطقة عسكرية، ما اضطر المسافرين وأصحاب شاحنات النقل التجارية للعبور من خط الرويك الصحراوي الرابط بين الجوف ومأرب، وهو الطريق الوحيد البالغ طوله 250كم، رغم خطورته على المسافرين وشاحنات النقل التجاري، إذ يمارس قطاع الطرق وعصابات السلب والنهب، سرقة المسافرين، حتى وصل الأمر بقطاع الطرق إلى القتل.
ويقول فرحان بن سعدة، أحد سكان البوادي القريبة من صحراء الرويك، لـ”المشاهد” إن هذا الخط الصحراوي أصبح مأوى لقطاع الطرق الذين يبتزون المسافرين، وينهبون ممتلكاتهم. وكان ناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي تداولوا خلال الأشهر الأولى من هذا العام، صورًا لأفراد ملثمين يجبرون مسافرين على تسليم ممتلكاتهم، وصورًا أخرى لمسافرين قُتلوا بجانب سياراتهم وشاحناتهم، في منتصف الصحراء.

المال مقابل النجاة

تجارب مريرة عاشها المسافرون عبر ذلك الطريق مع قطاع الطرق، بحسب خليل شمسان، الذي اضطر إلى عبور تلك الطريق، مع سيارة هايلوكس تقل مسافرين، مؤكدًا أن سائق السيارة ظل يدفع المال لقطاع الطرق على طول الرحلة التي استغرقت 10 ساعات.
ويقول شمسان للمشاهد “كنا نحبس أنفاسنا عندما يستوقفنا قطاع الطرق، وهم مصوبون بنادقهم إلى صدورنا، فندفع لهم المال لكي ننجو”، مضيفًا أن ما سمعوه قبل عبورهم تلك الطريق زاد من خوفهم، لكنهم نجوا من أي تعرض للنهب بفضل فطنة السائق ومعرفته بكيفية التعامل مع قطاع الطرق.
ويربط طريق الرويك بين الجوف (شمال اليمن) ومفرق العبر التابع لحضرموت (جنوب شرق اليمن) ويربطها بمنفذ الوديعة الحدودي، ويتوغل في عمق الصحراء التابعة جغرافيًا لصحراء الربع الخالي.
وتم وضع اللبنات الأولى لمشروع خط الرويك في 2018، لكن رياح الحرب جرت بما لا تشتهي سفينة التنمية، وتوقف المشروع مع بقية المشاريع التنموية بعد سيطرة الحوثيين على المحافظة، وفق مصدر قبلي في محافظة الجوف.
وتمت سفلتة ما يقارب 20 كيلومترًا، وردم 70 كيلومترًا، وهي مسافة لا تتجاوز 40% من المسافة المرسومة للخط الذي كان سيسهل الكثير من معاناة المسافرين في هذه الظروف، كما يقول المهندس أنور البعداني، عضو في الفريق الهندسي المشرف على المشروع.
وعن الطبيعة الجغرافية والديموغرافية الحالية للمسافة التي لم تكتمل من مشروع الرويك، يضيف المهندس البعداني لـ”المشاهد” أن المسافة المتبقية والتي مازالت صحراء وكثبانًا رملية، تمثل جغرافيا الطرف الجنوبي لصحراء الربع الخالي التي تتربع على معظم مساحة محافظتي الجوف وحضرموت وأطراف مأرب.
وقد تشكلت في الطريق حاليًا طرق مرتجلة ومتشعبة كانت في الماضي ممرًا لأبناء القبائل والبوادي الصحراوية المتناثرة في المنطقة، حد قول البعداني، مضيفًا: “تمهدت هذه الطرق، وتحددت معالمها نسبيًا بواسطة إطارات السيارات والشاحنات التي تمر عبرها يوميًا”.

إقرأ أيضاً  عملة معدنية جديدة.. هل فشلت جهود إنهاء الانقسام النقدي؟

لجنة مجتمعية لتأمين الطريق

تسببت الأحداث المؤسفة في الطريق الصحراوي في قيام مجموعة من أبناء القبائل بمحافظة الجوف، بإعلان تشكيل لجنة مجتمعية أمنية من أبناء قبيلة دهم، لحماية وتأمين طريق الرويك الصحراوي.
وأصدرت اللجنة بيانها الأول في 16 فبراير 2021، لتحدد 3 أهداف، هي حماية طريق الرويك الصحراوي، وتأمين المسافرين حتى إيصالهم إلى مأمنهم، وملاحقة جميع عصابات قطاع الطرق من أي طرف أو أية قبيلة، ومهما كانت قرابتهم، والتنسيق والتعاون مع الجهات الرسمية.
وتشكلت اللجنة الأمنية لتأمين طريق الرويك، من شباب دهم المتطوعين بمبادرة أطلقها راكان مبارك عبدان، أحد الوجاهات المجتمعية في المحافظة، وأسهمت اللجنة بالحد من القطاعات وحوادث السلب والسرقة، وتأمين المسافرين على امتداد الطريق الصحراوي.
وقال الشيخ عبدان، مؤسس اللجنة ورئيسها، لـ”المشاهد”: “بادرنا إلى تأسيس اللجنة المجتمعية، بعد أن رأينا عشرات الجرائم حدثت على قارعة الطريق الصحراوي طيلة العام الماضي، وبدايات هذا العام، من قتل ونهب وسلب للمسافرين البسطاء والمساكين المجردين من السلاح، كان آخرها قتل سائق شاحنة نقل من إحدى المحافظات اليمنية، وسلب ماله بواسطة عصابات من قطاع الطرق”.

استعادة سيارات مسروقة

واستطاعت اللجنة استعادة 3 سيارات كانت العصابات قد نهبتها من أصحابها بالقوة، وتسليمها لأصحابها مع كافة أغراضهم، كما يقول الشيخ عبدان، مضيفًا: “قمنا بالبحث عن 30 مسافرًا تاهوا بسياراتهم في الصحراء، في أوقات مختلفة، بعد أن تلقينا بلاغات من أهلهم، وعثرنا عليهم، وقمنا بإنقاذهم، وقد وجدنا بعضهم في آخر رمق، بعد أن نفدت مؤونتهم من الأكل والشرب والبنزين، كذلك قمنا بتوصيل وتأمين العديد من المسافرين الذين تواصلوا بنا لإرشادهم في الطريق قبل دخولهم في الخط الصحراوي، وقمنا بتأمينهم وتوصيلهم لأماكنهم، كما قمنا بتقديم العون لما يقارب 12 من المركبات والشاحنات التي تتعطل أو تتعرقل في منتصف الطريق، وقدمنا لهم كل المساعدة حتى إصلاح مركباتهم، وساعدنا في إخراج 7 سيارات علقت في الرمال المتحركة، ومرافقتها إلى نهاية الطريق، وتأمين 45 سيارة وشاحنة. وتصلنا العديد من البلاغات كل يوم”.
وعن إمكانيات اللجنة ومدى التعاون معها ودعمها من قبل الجهات الرسمية والشخصيات المجتمعية، يقول عبدان: “تأمين الطريق مهمة صعبة، وتحتاج إمكانيات وجهودًا رسمية مساندة، لكننا نقوم بمهمتنا بحسب المتاح والممكن، ينقصنا التموين من بنزين وتغذية للمتطوعين، وأيضًا ينقصنا خيام وذخيرة، والكثير من الإمكانيات الضرورية التي تحتاجها مهمة بهذا القدر، وينقصنا كذلك دوريات أمنية مستمرة لتمشيط الطريق الصحراوي بشكل مستمر. أما بخصوص التعاون المجتمعي فقد أسهم معنا بعض الشخصيات المجتمعية بدعم نسبي.
وعن المسافة التي تقوم اللجنة بتأمينها من خط الرويك الصحراوي، تحدث قائلًا: “المسافة الصحراوية التي نغطيها بدورياتنا في خط الرويك تمتد 170كم من منطقة الرويك في الطرف الشرقي لمديرية الحزم، وتنتهي في مركز مدينة الحزم”.

مقالات مشابهة