المشاهد نت

“تهريب الأسلحة “للحوثيين”  يهدد تقارب الرياض ومسقط

زادت عمليات التهريب من عمان عقب زيارة ولي العهد السعودي للسلطنة نهاية العام 2021

عدن – سامي عبدالعالم

في السادس من ديسمبر ٢٠٢١ ، قام ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان بزيارة إلى مسقط عقد فيها اليوم التالي جلسة مباحثات مع سلطان عمان هيثم بن طارق. وتم خلال الزيارة ” التوقيع على ١٣ مذكرة تفاهم بين البلدين ضمن القطاعات الاقتصادية ” بحسب موقع سي ان ان بالعربية. وقال موقع الخليج إن ” السعودية وعمان وقعتا على ١٣ مذكرة تفاهم بقيمة ٣٠ مليار دولار في قطاعات اقتصادية عدة، على هامش زيارة بن سلمان.”

اتفاقيات أسست لمصالح كبيرة بهدف استمالة سلطنة عمان، حسب مصادر اعلامية تحدثت ان طهران شعرت وقتها بقلق.

 غير أن تلك الزيارة لم تغير كثيرا من الوضع في ما يخص إجراءات السلطنة لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين أو الحد منها. وعلى العكس، زادت وتيرة التهريب بصورة ملحوظة. فلا تكاد تنتهي واقعة حتى تظهر أخرى على الحدود اليمنية العمانية. كانت أخطرها إحباط تهريب ٥٢ صاروخا كورنيت مضادة للدروع، أعلنت عنها مصلحة الجمارك التابعة للحكومة اليمنية في 12 مارس ٢٠٢٢ بمحافظة المهرة في منفذ شحن الحدودي مع سلطنة عمان.

سلطنة عمان واقعة بين موقفين.، فمن جهة تدين لإيران بالوقوف إلى جانبها في موقف تاريخي ضد متمردين شيوعيين في إقليم ظفار في ستينات وسبعينات القرن الماضي. ومن جهة أخرى تقارب مع السعودية، توجت بتوقيع اتفاقيات يعول عليها كثيرًا في تحقيق عوائد اقتصادية كبيرة للسلطنة

ونشرت الجمارك اليمنية صورا للصواريخ المضبوطة في منفذ شحن ، وقال مدير جمارك شحن الحدودي في المهرة، سالم عقيل في بيان إن” سلطات الجمارك نفذت عملية نوعية عقب الاشتباه بحاوية مولدات كهربائية ” مضيفا أن” موظفي الجمارك اكتشفوا ٥٢ صاروخا تم اخفائها داخل ٤ صناديق بعد ان تم إخراج المولدات الكهربائية وشحنها مكانه.” وقال الجمارك في البيان إن ” هذه أهم عملية ضبط لسلاح نوعي تنفذها الجمارك حيث سبق أن تم ضبط شحنات من الذخيرة والمستلزمات العسكرية.”

في يناير ٢٠٢٢ قال تقرير لفريق الخبراء الأممين إن ” أفرادا وكيانات في سلطنة عمان لا يزالون يمدون الحوثيين بمكونات منظومات الأسلحة وغيرها من المعدات العسكرية عبر المنافذ البرية ، على الرغم من التزام السلطنة بالحياد إزاء النزاع في اليمن.”

وفي مطلع فبراير 2022 ضبطت سطات جمرك شحن أجهزة اتصالات عسكرية، حسب حديث مدير المنفذ سالم عقيل في حينها للمشاهد. شملت عملية الضبط  (54) جهاز اتصال لاسلكي نوع موتورولا k9، بالإضافة إلى (164) قاعدة شحن تخص هذه الأجهزة.

وفي 16 فبراير أيضا هذا العام ضبطت الأجهزة الأمنية والجمارك في منفذ صرفيت بمحافظة المهرة 800 ألف من بطائق الهوية اليمنية دون بيانات داخل سيارة لمواطن عماني.

"تهريب الأسلحة "للحوثيين"  يهدد تقارب الرياض ومسقط
محضر ضبط 800 ألف بطاقة من الهوية اليمنية قادمة من عمان-منفذ صرفيت-فبرابر 2022

وأعلن مصدر أمني في وزارة الداخلية اليمنية على موقعها الرسمي أن المضبوطات كانت على متن سيارة نوع فولفو ثلاجة سائقها ( ع.س.أ.ك) وتتوزع في عدد من الكراتين بها ٨٠٠ الف بطاقة شخصية تحمل شعار الجمهورية اليمنية بحجم البطائق الشخصية اليمنية.”

وقبلها اعلنت المنطقة العسكرية السادسة التابعة للحكومة الشرعية بمحافظة الجوف في ٢٠ اغسطس ٢٠٢١، ضبطها  ٢٠ الف جواز سفر على متن شاحنة ومخبأة في ثلاجة مبطنة بالفيبرجلاس ، وقالت المنطقة العسكرية في بيان إن ” الشحنة كانت في طريقها الى الحوثيين قادمة من منفذ شحن” .

بات الموقف العماني في وضع محرج بعد تبني مجلس الأمن الدولي قرار تحت البند السابع، يصنف جماعة الحوثيين  “جماعة إرهابية”. كما يدرج الجماعة ككيان تحت  حظر السلاح المستهدف

ارتفاع وتيرة تهريب الأسلحة إلى الحوثيين عبر الحدود والمنافذ العمانية، ينذر بأزمة بين الرياض ومسقط.  فبعد يومين من ضبط شحنة الصواريخ في منفذ شحن، وصل فريقًا أمميًا من مجلس الأمن إلى المهرة في 14 مارس 2022 لتقصي الحقائق المتصلة بالتهريب.

إقرأ أيضاً  اتساع ظاهرة التسول في رمضان

وشملت زيارة الفريق المهرة وحضرموت واجرى لقاءات متعددة مع السلطات المحلية ومكونات سياسية واجتماعية وكانت قضايا التهريب أهم ما تم مناقشته في الزيارة.

وبات الموقف العماني في وضع محرج بعد تبني مجلس الأمن الدولي في 28 فبراير 2022  القرار 2624 (2022) تحت البند السابع، الذي يقضي بتجديد نظام العقوبات على اليمن، ويصف جماعة الحوثيين  في إحدى فقراته ب”جماعة إرهابية”. كما يدرج القرار الحوثيين ككيان تحت  حظر السلاح المستهدف.  وتظل عمان منفذ التهريب البارز على السطح. فيما تجري مباحثات يمنية عمانية للحد من تهريب الأسلحة إلى الحوثيين عبر سلطنة عمان.

توتر العلاقات السعودية العمانية

في هذا الصدد، يكشف تقرير جديد لموقع “إنتلجنس أونلاين” الفرنسي نشر في ٢٥ مارس ٢٠٢٢ عن خلافات بين السعودية وسلطنة عمان على خلفية تهريب أسلحة كانت في طريقها لجماعة الحوثي، تم ضبطها في 12 مارس 2022 في منفذ شحن بمحافظة المهرة اليمنية الحدودي مع عمان.

وكانت شحنة الأسلحة تضم صواريخ كورنيت المضادة للدبابات والمدرعات. وقال الموقع الفرنسي المتخصص في شؤون الاستخبارات، في تقريره، إن ضبط شحنة الصواريخ تسبب بتوتر العلاقات بين رئاسة المخابرات العامة السعودية والمكتب السلطاني العماني المسؤول عن الشؤون الأمنية والاستخباراتية.

بحسب تقرير “إنتلجنس”، استدعت السعودية محمد النعماني رئيس جهاز المخابرات في سلطنة عمان إلى الرياض، لتقديم تفسيرات حول حادثة تهريب صواريخ كورنيت.

 ويقول التقرير إنه جرى أيضًا استجواب مدير منفذ شحن اليمني سالم عقيل، من قبل المخابرات العامة في السعودية.

مباحثات للحد من التهريب

حادثة محاولة تهريب الصواريخ تلتها مباحثات بين مصلحتي الجمارك في اليمن وسلطنة عمان،  على هامش الاجتماع الـ42 لرؤساء الجمارك في الدول العربية المنعقد في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة في 24 مارس 2022. وقد تناولت المباحثات  سبل الحد من التهريب وتعزيز آليات الضبط الجمركي والحد من أي اختلالات، وتسهيل الإجراءات الجمركية في المنافذ، حسب وكالة سبأ الحكومية.

وبحسب  “سبأ”، جرت المباحثات بين رئيس مصلحة الجمارك اليمنية، عبدالحكيم القباطي، ومدير عام الجمارك في سلطنة عمان، العميد سعيد الغيثي، واتفق الجانبان على تعزيز أوجه التعاون والتنسيق المشترك في المجالات الجمركية، ووضع آلية لتبادل المعلومات آليا بين المنافذ المشتركة.

مخابرات عمان “مخترقة”

وعلى الرغم من عدم بروز الخلافات على السطح، هناك مخاوف من اختراق إيراني للاستخبارات العمانية وراء تسهيل تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، حسب تقرير موقع “إنتلجنس” الفرنسي.

يقول تقرير “إنتلجنس” “إن ثمة اعتقادًا لدى السعودية بأن جهاز أمن الدولة العماني الذي يدير عمليات التجسس المضاد ومكافحة الإرهاب بقيادة النعماني، لايزال مخترقًا من أعضاء الحرس الثوري الإيراني، مما يحد من قدرته، أو حتى إرادته على تقليص إمدادات الأسلحة عبر الحدود.”

في الواقع أن سلطنة عمان واقعة بين موقفين.، فمن جهة تدين لإيران بالوقوف إلى جانبها في موقف تاريخي ضد متمردين شيوعيين في إقليم ظفار في ستينات وسبعينات القرن الماضي. ومن جهة أخرى، هناك تقارب مع السعودية، توجت بزيارة ولي عهد السعودية لمسقط مطلع ديسمبر  الماضي وتوقيع اتفاقيات يعول عليها كثيرًا في تحقيق عوائد اقتصادية كبيرة للسلطنة هي بأمس الحاجة لها. وبين الموقفين ما عرفت به عمان في السياسة الدولية، كمحطة لبناء توافقات ومحاولة لعب أدوار ميسرة في أزمات المنطقة.

مقالات مشابهة