المشاهد نت

بعد الأزمة مع روسيا…أعين الأمريكان على غاز اليمن

لم يتم اسئناف تصدير الغاز بالرغم من الوعود المتكررة منذ 2020

شبوة – مكين العوجري و مازن فارس:

مازالت زيارة الوفد الأمريكي المفاجئة، في الثالث من مارس الماضي، إلى شرق اليمن، تثير صدى الرأي العام، إذ تداولت وسائل إعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن مساعٍ لاستئناف العمل في إنتاج الغاز من منشأة بلحاف. وضم الوفد كلًا من المبعوث الخاص إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، والقائمة بأعمال السفارة الأمريكية لدى اليمن، كاثي ويستلي.

وشملت الزيارة محافظات حضرموت وشبوة (الغنيتين بالنفط) والمهرة شرقي البلاد. وللمرة الأولى يزور وفد أميركي رفيع مستوى المحافظات الشرقية.

ومنذ 7 أعوام يشهد اليمن حربًا مستمرة بين قوات الحكومة المعترف بها دوليًا والمدعومة بتحالف عسكري بقيادة السعودية، وجماعة الحوثي التي تسيطر على العاصمة وعدد من المحافظات شمال البلاد.

زيارة الوفد الأمريكي لبلحاف

وتباينت المعلومات بشأن أسباب زيارة الوفد الأميركي، لاسيما أنها جرت على غير عادة الزيارات السابقة للمبعوث الأميركي إلى المنطقة، حيث كان يتم الإعلان عنها وعن أجنداتها مسبقًا، وهو ما لم يحدث في الزيارة الأخيرة، إذ تم إرجاء إذاعة بيان الزيارة إلى ما بعد مغادرة الوفد.

السفارة الأمريكية قالت في بيان لها، إن زيارة الوفد “أتاحت فرصة لمناقشة الاحتياجات والجهود المبذولة لتعزيز الخدمات الأساسية والفرص الاقتصادية والأمن، ومكافحة الإرهاب والتهريب، التي تغذّي عدم الاستقرار”. لكن مصادر إعلامية، قالت إن الزيارة جرت وسط إجراءات أمنية مشددة، ولا تتعلق بجهود الوساطة لوقف الحرب، وفقًا لصحيفة “العربي الجديد” التي نقلت عن مصدر حكومي يمني، قوله إن مروحية خاصة نقلت الوفد الأميركي إلى منشأة بلحاف الغازية في شبوة، التي عُقد فيها الاجتماع مع المحافظ عوض العولقي. وذكرت الصحيفة أن قوات من المارينز وكلابًا بوليسية تولت تمشيط المنشاة.

وأكدت مصادر مطلعة لـ”المشاهد” أن الاجتماع تم في ميناء بلحاف، وركز بشكل رئيس على الجانب الأمني ومكافحة الإرهاب، وإنتاج النفط.

ليست المرة الأولى التي تصدر فيها تصريحات، بعودة أو قرب استئناف تصدير الغاز من بلحاف، شبوة. لا تزال عمليات الإنتاج والتصدير للغاز متوقفة منذ ظهور أول تصريح في 2020

وتقع منشأة بلحاف في مديرية رضوم بمحافظة شبوة، وتعد أكبر مشروع استثماري في اليمن، وثاني أضخم مشروع غازي في الشرق الأوسط كان يصدر الغاز الطبيعي المسال، قبل الحرب، عبر الأنبوب الرئيسي الممتد من محافظة مأرب حتى ساحل بحر العرب.

وتقدر تكلفة إنشائه بأكثر من 5 مليارات دولار، وتقدر طاقته الإنتاجية بـ6.7 مليون طن متري سنويًا، وتساهم فيه 7 شركات يمنية ودولية، وأبرزها شركة “توتال” (Total) الفرنسية التي تستحوذ على 39.6% من المشروع لمدة 20 عامًا.

ويصل المخزون النفطي في اليمن إلى نحو 11.950 مليار برميل، بينما يصل إجمالي المخزون الغازي إلى نحو 18.283 تريليون قدم مكعبة. وبدأ اليمن إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال عام 2009.

وأسهمت عائدات صادرات الغاز فقط بحوالي 6.9% و5.1% من إجمالي إيرادات الموازنة العامة عامي 2014 و2015 على التوالي، قبل أن تتوقف عملية التصدير.

وانخفضت كمية صادرات الغاز الطبيعي المسال بحوالي 80.3% مقارنة بما كانت عليه عام 2014، بسبب مغادرة الشركات المنتجة البلاد  بعد توقف عملية إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال بشكل كامل جراء الحرب في منتصف أبريل 2015.

ويعتمد اليمن بشكل رئيسي على عائدات النفط الخام التي تغطي نحو 70% من موارد الموازنة العامة للدولة، و63% من إجمالي صادرات البلاد، و30% من الناتج المحلي الإجمالي.

من يعرقل استنئناف تصدير الغاز المسال؟

تشير معلومات متطابقة إلى وجود مساعٍ أمريكية وأوروبية لتشغيل منشأة بلحاف المتوقفة عن العمل منذ 2015، لمواجهة أية أزمات محتملة في سوق الطاقة على خلفية الأزمة التي تسبب بها الهجوم الروسي على أوكرانيا.

إقرأ أيضاً  خطورة المخدرات في «لقمة حلال»

وفي ضوء ذلك، توقع وزير الخارجية اليمنية الأسبق أبو بكر القربي بدء مفاوضات لإعادة تصدير الغاز اليمني من جديد لتغطية احتياج أوروبا نتيجة حرب روسيا وأوكرانيا.

وقال القربي في تغريدة له عبر حسابه في “تويتر” في 11 مارس الماضي ” إن من المهم أن تعيد الحكومة اليمنية التفاوض على سعر تصدير الغاز وفقًا لأسعار السوق اليوم، وألا تسهم اليمن في حل أزمة الغاز للعالم على حساب ثروة اليمن وموارده السيادية.”

تصريح القربي يأتي في ظل الحديث عن سعي شركتي هنت للنفط (أمريكية) وتوتال، إلى إعادة تصدير الغاز من منشأة بلحاف بالسعر القديم والمقدر بـ3 دولارات للمليون وحدة حرارية، بينما يبلغ حاليًا سعره في السوق العالمية للغاز 45 دولارًا.

اليمن ممنوعة من استعادة مواردها السيادية، لأن من أوصلوا اليمن إلى هذا الوضع لا يريدون لها الحصول على إيرادات، لأن استقلال اليمن بمواردها الاقتصادية يعني استقلالًا اقتصاديًا يقود إلى الاستقلار بالقرار السياسي

وتسعى الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، إلى استئناف إنتاج الغاز الطبيعي المسال من محطة مأرب، وتشغيل ميناء التصدير في بلحاف، وفق تصريح وزير النفط والمعادن اليمني، عبدالسلام باعبود، منتصف فبراير الماضي في تصريح لوكالة سبوتنيك الروسية.

وقال باعبود “نعمل مع شركائنا لاستعادة منشأة بلحاف الخاصة بإنتاج الغاز من مصدرها في مأرب إلى المصب في شبوة”

رابط تصريح وزير النفط والمعادن في حكومة هادي-فبراير 2022

وتقول الحكومة اليمنية، إنه يتم العمل على تحسين الإنتاج في حقول صافر النفطية بمحافظة مأرب، في ظل طموحات كبيرة لرفع سقف الإنتاج بمعدل 50 إلى 75%.

وكان مجلس إدارة الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال، عقد في مدينة دبي، اجتماعًا في مطلع ديسمبر 2021، برئاسة وزير النفط باعبود، وبحضور ممثلين عن شركات (توتال ، هنت، إس كي – هيونداي – كوجاز).

وناقش الاجتماع لأول مرة موازنة الشركة لعام 2022، وخططها وبرامجها القادمة، وعدداً من المواضيع التي تتعلق بنشاط الشركة وعملها، في الجوانب الإدارية والفنية والأمنية، إضافة إلى الوقوف أمام المتطلبات الحالية لتشغيل المشروع في ظل الأوضاع والظروف التي تشهدها اليمن.

لكن الباحث اليمني في الشأن الاقتصادي عبدالواحد العوبلي، يقول إن “هذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها تصريحات، سواء رسمية أو غير رسمية، بعودة أو قرب استئناف تصدير الغاز من بلحاف”، مشيرًا إلى أنه قد “سبق لوزير النفط السابق في الحكومة اليمنية أوس عبدالله العود، أن صرح في مقابلة لـ”رويترز”، بأن إنتاج الغاز الطبيعي المسال المتوقع سيرتفع إلى 6.7 مليون طن، وسيتم تصدير نصف هذه الكمية، وأن الدولة اليمنية تتوقع تصدير الغاز الطبيعي المسال عام 2020، لكن شيئاً من هذا لم يحدث”.

ويضيف العوبلي لـ”المشاهد”: “في فبراير الماضي صرح عبدالسلام باعبود، وزير النفط الحالي، أن الحكومة تخطط لاستئناف إنتاج الغاز المسال من محطة مأرب، وتشغيل ميناء التصدير في بلحاف في شبوة. ولكن بعد مرور أكثر من شهر لم يحصل أي شيء في أرض الواقع”.

ويرى أن اليمن “لن يتمكن من استئناف تصدير الغاز، لأن الإيقاف كان بسبب قرار سياسي، وليس نتيجة لمشاكل فنية”.

ووفق الباحث الاقتصادي، فإن “اليمن ممنوعة من استعادة مواردها السيادية، لأن من أوصلوا اليمن إلى هذا الوضع لا يريدون لها الحصول على إيرادات، لأن استقلال اليمن بمواردها الاقتصادية يعني استقلالًا اقتصاديًا سيؤدي بالنتيجة إلى الاستقلار بالقرار السياسي، وهذا ما لا يريده اللاعبون الدوليون لليمن”، حد تعبيره.

مقالات مشابهة