المشاهد نت

“تراويح” 2022 في مناطق سيطرة الحوثي

صورة تعبيرية

صنعاء – عصام صبري:

سعت جماعة الحوثي، خلال رمضان هذا العام، إلى فرض ما تسميه “البرنامج الرمضاني”، وهو طقس ديني يلتزم به كل من يقطن في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة. تزامن ذلك مع محاولات الحوثييين التضييق بشتى الوسائل والأساليب على مرتادي المساجد لأداء صلاة التراويح، باعتبارها بدعة تخالف مذهبهم. وأصبح البعض من الناس، كما تحدثوا لـ”المشاهد”، يؤدون صلاة التراويح بسرية في المساجد التي تبعد عن منازلهم، خشية التركيز عليهم من قبل متابعي وعقال الحارات المنتمين لجماعة الحوثي. إذ يرى بعض المواطنين أنه في حال أدائهم صلاة التراويح في المساجد الموجودة بالقرب من الأحياء والحارات التي يقطنونها، فإن ذلك يعني لدى الجماعة الحوثية وضع المُصلين في دائرة الشكوك الأمنية كمواطنين مخالفين لتوجهاتها، فضلًا عن أن الحوثيين سيـحرمونهم من السلال الغذائية وما يتم توزيعه من قبل الهيئة العامة للزكاة التابعة للجماعة.

سلسلة من الانتهاكات

على غير عادتها، وفي وقت مبكر، أي في منتصف شهر شعبان المنصرم، دشنت جماعة الحوثي من جامع الصالح بالعاصمة صنعاء، ما تسميه البرنامج الرمضاني، حيث دعا زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، إلى الالتزام بالبرنامج، لما لذلك من أثر في تهذيب النفس.
في الأول من شهر رمضان الجاري، وزع الحوثيون على أنصارهم من مشرفي ومتابعي الأحياء وعقال الحارات وخطباء المساجد والدعاة في العاصمة صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرتهم، كتابًا يتضمن ما يسميه الحوثيون جدول “البرنامج الرمضاني”.
ويتضمن البرنامج الرمضاني الذي يبدأ من الساعة الثامنة مساءً حتى العاشرة والنصف مساءً، دعاء، ومن ثم محاضرة لقراءة صفحات من ملازم مؤسس الجماعة، حسين بدر الدين الحوثي، ومن ثم الاستماع الى المحاضرات المتلفزة لعبدالملك بدر الدين، زعيم الحوثيين الحالي.
ومن أول يوم في رمضان امتلأت عدد من المساجد في وسط وأطراف صنعاء بمشرفي ومسلحي الجماعة، تتركز مهمتهم في حث الناس على الالتزام بـ”البرنامج الرمضاني”. لكن سلوك مسلحي البرنامج الرمضاني في نهاية المطاف يؤذي ويعرقل صلاة التراويح التي يقبل عليها آلاف الناس في ليالي رمضان.
عناصر “البرنامج الرمضاني” يمضغون القات داخل المساجد، ويتبادلون الأحاديث أثناء أداء صلاة التراويح، حسب حديث مواطن تحدث لـ”المشاهد”، ويتحفظ على نشر اسمه لأسباب أمنية.
يروي مواطن آخر حادثة اقتحام مسلحين من جمعة الحوثي، في الثاني من رمضان الجاري، لمسجد في حي مذبح، شمال غرب العاصمة صنعاء، لمنع إمام المسجد من مواصلة الركعة الأخيرة من صلاة التراويح، ويقول في حديثه لـ”المشاهد”: “تلك الحادثة عرفها أهالي حي مذبح، لكن معظم الناس في صنعاء لم يعلموا بها، لأنها لم تُصور أو تتداول على صفحات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي”.
حادثة أخرى في مسجد عرهب بمنطقة الجراف، شمال العاصمة، كانت تفاصيلها منع أقارب المشرف الحوثي، مجموعة من الشباب، من تأدية صلاة التراويح، بحُجة أن الصلاة لا تقام في المسجد لعدم وجود مصلين. كانت تلك الحادثة هي الأخرى بعيدة عن عدسات الأجهزة المحمولة للمواطنين والناشطين.
في الثاني عشر من رمضان لهذا العام، اقتحمت مجموعة مسلحة تابعة لجماعة الحوثي، مسجد الفردوس الواقع في حي سعوان، شمال شرق العاصمة صنعاء، لمنع المصلين من تأدية صلاة التراويح. بعدها بأيام منع مسلحون تابعون للجماعة المصلين في جامع بحي هائل وسط صنعاء، من صلاة التراويح.
أعقب تلك الحادثة منع مسلحين حوثيين المصلين في جامع الشهداء بمنطقة باب اليمن في صنعاء، من تأدية صلاة التراويح، كما وثق مواطنون حادثة إقدام مجاميع مسلحة تابعة للجماعة الحوثية بقيادة محمد الدرويش، مندوب شؤون الأحياء، على اقتحام لجامع الإيمان في حي نقم بصنعاء، لمنع المصلين هناك من استكمال تأديتهم لصلاة التراويح. وبعد أن تزايدت الإدانات المجتمعية للحادثة، اعتقل الحوثيون ثلاثة من شبان حارة مسجد الإيمان بحي نقم، بتهمة نشر مقاطع مرئية لعملية اقتحام المسجد، والتحريض ضد الجماعة الحوثية.
في محافظات أخرى كعمران، تحدث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، عن قيام مسلحين حوثيين في السابع من رمضان هذا العام، باعتقال ثلاثة ممن أدوا صلاة التراويح في مسجد صغير بحي المصنع.
حادثة مشابهة وقعت في محافظة ريمة، حيث اقتحم مسلحون تابعون للجماعة مسجدًا في مديرية كسمة، واعتقلوا عددًا من المواطنين الذين كانوا يؤدون صلاة التراويح.

إقرأ أيضاً   " مضغ القات" مع السكر أوساط اليمنيين

إدانات وإنكار

هذا العام لم يصدر من قيادات جماعة الحوثي الرسمية، أي تعليق بخصوص استنكار المواطنين اليمنيين منع الحوثيين صلاة التراويح، والمضايقات التي يتعرض لها المصلون، كما هو الحال في العام السابق، حين وصف القيادي الحوثي محمد علي الحوثي، صلاة التراويح بالبدعة، ردًا على إدانة الأزهر الشريف قيام جماعته بمنع إقامة صلاة التراويح في مساجد اليمن بقوة السلاح.
قبل أيام أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، منع جماعة الحوثي المواطنين القاطنين في مناطق سيطرتها من أداء صلاة التراويح.
من جانبهم، نشر ناشطون مقربون من الجماعة مقاطع فيديو لمواطنين يؤدون صلاة التراويح في عدد من مساجد صنعاء، بحرية دون مضايقات. وعن ذلك يرى الناشط المقرب من الحوثيين عدنان صابر، أن الحديث عن منع الحوثيين صلاة التراويح مبالغٌ فيه، ويتم ترديده في كل عام من قبل ما سماه “الطابور الخامس”. ويقول صابر لـ”المشاهد”: “هناك خطط منظمة من قبل مجموعة من الأشخاص المرتبطين بتحالف العدوان (في إشارة للتحالف العربي لدعم الحكومة الشرعية في اليمن) لإثارة النعرات الطائفية في اليمن، من خلال استغلال الخلافات الطفيفة كتأدية صلاة التراويح أو عدم تأديتها”.
يرى كثير من اليمنيين المنتمين للمذاهب السنية، أن صلاة التراويح من الصلوات المستحبة والمؤكد أن رسول الله قد أداها خلال شهر رمضان، إذ تتراوح ما بين 6 و8 ركعات عقب صلاة العشاء، بينما يرى الشيعة أن صلاة التراويح من البدع التي استحدثها خليفة المسلمين الثاني عمر بن الخطاب.
وخلال الأعوام الأولى لسيطرة جماعة الحوثي على الدولة اليمنية، حاولت الجماعة بشكل متدرج منع صلاة التراويح، إذ منعوا خطباء وأئمة المساجد من فتح مكبرات الصوت الخارجية بحُجة منع مضايقة المرضى وكبار السن.
تلقى مركز إنصاف للدفاع عن الحريات والأقليات، عدة تقارير من سكان صنعاء ومناطق أخرى، قال المركز إنهم أطلعوه على تحويل جماعة الحوثي، منذ رمضان الماضي، العديد من المساجد في أحيائهم من “دور عبادة إلى أماكن لعقد الاجتماعات، ولإحياء أمسيات طائفية”.

مقالات مشابهة