المشاهد نت

هل يمكن أن يجلب نقل السلطة في الرياض السلام لليمن؟

تأمل السعودية والإمارات أن تكون قيادة المجلس الرئاسي أكثر فاعلية من هادي

أليكساندرا ستارك-ترجمة “المشاهد”

 “تبقّى أسبوعان فقط من الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة بين الحكومة المعترف بها دوليًا والتحالف الذي تقوده السعودية من جهة، وبين الحوثيين من جهة أخرى. يلقي هذا التحليل الضوء على المشهد السياسي في اليمن كما يبدو للمتابعين والباحثين الأجانب، وفيه تستعرض ستارك، وهي باحثة في شؤون الإصلاح السياسي، آفاق الهدنة في اليمن ومستقبل المفاوضات بين الطرفين بعد نقل السلطة إلى مجلس القيادة الرئاسي”.

بعد سنوات من الجمود النسبي، تحركت الأحداث بسرعة في الحرب الأهلية اليمنية على مدى الأسابيع الماضية. مع نقل السلطة لحكومة جديدة ووقف إطلاق نار ثابت على الأرض، قد تكون هذه أفضل فرصة لليمن منذ عام 2014، لإحلال السلام.

 في بداية أبريل [2022]، أعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن [هانس جروندبرج]، أن كلاً من التحالف الذي تقوده السعودية والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً من جانب، والحوثيين من جانب آخر، اتفقا على هدنة لمدة شهرين بمناسبة شهر رمضان المبارك. بالإضافة إلى وقف العمليات العسكرية في جميع أنحاء البلاد، تواكب الهدنة عدة اتفاقات محددة: فهي تسمح برحلتين تجاريتين إلى مطار صنعاء كل أسبوع، وتنص على فتح ميناء الحديدة أمام 18 سفينة وقود، وبدء مناقشات بشأن فتح الطرق المغلقة في تعز، المدينة المحاصرة منذ سنوات جنوب غرب اليمن.

بعد أقل من أسبوع من توقيع الهدنة، أسفرت المحادثات اليمنية- اليمنية في الرياض عن تنحي الرئيس المعترف به دوليًا، عبدربه منصور هادي، تحت الإكراه السعودي حسبما أفادت تقارير. سلّم الرئيس السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي مؤلف من ثمانية رجال، أدّوا اليمين الدستورية رسميًا في 19 أبريل/ نيسان في عدن.

مع توقف الزخم في معركتهم للسيطرة على مأرب، تضاءلت فوائد استمرار الحوثيين في القتال مقارنة بالقدوم إلى طاولة المفاوضات، ومع ذلك، جادل بعض المراقبين بأن الحوثيين يستغلون ميزة الهدنة لإعادة تجميع صفوفهم وإعادة انتشار قواتهم

 تمثل هذه الأحداث تحولًا سياسيًا أكثر أهمية مما شهدته الحرب في اليمن منذ عدة سنوات. فالهدنة هي أول وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد منذ عام 2016، وعلى الرغم من التقارير التي تفيد عن استئناف القتال الذي بدأه الحوثيون حول مأرب، يبدو أنه لا يزال قائمًا في بقية البلاد. ومع أن الرئيس هادي كان يحكم اليمن بالاسم فقط، ظلّ عقبة في طريق السلام. ويشير استبداله بمجلس من الشخصيات السياسية والعسكرية ذات النفوذ الكبير على الأرض، إلى أن التحالف الذي تقوده السعودية جاد في تغيير اتجاه النزاع.

هل يمكن أن يجلب نقل السلطة في الرياض السلام لليمن؟
أليكساندرا ستارك-كاتبة المقال الأصلي

 سواءً كانت هذه الأحداث تضع اليمن على طريق السلام أم لا، يبقى هناك سؤال مفتوح؛ إذا لم تصمد الهدنة، فقد يتحول المجلس الرئاسي إلى مجلس حرب، ويعيد تنشيط الجهود العسكرية للتحالف المناهض للحوثيين. يلعب الدبلوماسيون الأمريكيون والمجتمع الدولي دورًا مهمًا في منع ذلك. ويجب عليهم الضغط من أجل مفاوضات أكثر شمولاً تجمع النساء وممثلين عن المجتمع المدني اليمني، مع الضغط أيضًا على شركاء الولايات المتحدة للالتزام بتنفيذ الهدنة الحالية.

لماذا الآن؟

 بعد عدة مفاوضات والقليل جدًا لإطلاعهم عليه، فاجأت الهدنة ونقل السلطة حتى المحللين الأطول خبرة بالشأن اليمني. لماذا الآن بعد أكثر من سبع سنوات من القتال؟

 من جانب التحالف الذي تقوده السعودية، أدركت كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، أنهما لن تكونا قادرتين على ضمان أي شيء من قبيل النصر العسكري. إذ تزايدت هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيّرة على الأراضي السعودية والإماراتية خلال العام الماضي، مما عرّض اقتصادات الدولتين الخليجيتين لمخاطر أكبر، وإلحاق الضرر بسمعتهما الدولية كأماكن مستقرة لإدارة الأعمال التجارية واستضافة الأحداث الدولية. وأكد تلك المخاطر الهجوم الذي شنه الحوثيون في مارس/ آذار على منشأة نفطية تابعة لشركة أرامكو، والذي اندلعت على إثره أعمدة النار والدخان في الهواء بالقرب من فعالية لسباق الفورمولا 1 الدولي.

 التحول في سياسة الولايات المتحدة تجاه التحالف الذي تقوده السعودية عندما تولى الرئيس بايدن منصبه، كان له أيضًا تأثيرًا على دفع التحالف إلى التفاوض على إنهاء الحرب. وبينما لم يفِ ربما بوعده الذي أطلقه أثناء حملته الانتخابية بمعاملة المملكة العربية السعودية على أنها “منبوذة” دوليًا، فقد أعلن بايدن في الأشهر الأولى من رئاسته أن الولايات المتحدة ستنهي الدعم “الهجومي” للتحالف الذي تقوده السعودية، وأنها ستدعم مسار الأمم المتحدة في قيادة المفاوضات. ساعد هذا المزيج من الضغط والمشاركة الدبلوماسية في إقناع القيادة السعودية والإماراتية بضرورة إيجاد طريقة لإنهاء مشاركتهم في الحرب. دعم الولايات المتحدة، وتعيين مبعوث خاص جديد للأمم المتحدة، أدى بدوره إلى تنشيط عملية الأمم المتحدة، التي توقفت بشكل أساسي في العام 2021.

يأمل الدبلوماسيون في أن توفر الهدنة مساحة للأطراف من أجل التفاوض على اتفاق سلام أكثر شمولاً، وهذا سيكون تحدّيًا أكبر بكثير من الهدنة نفسها، لأنه سيقود إلى عدد من القضايا الأكبر حجمًا، بدءًا بكيفية حكم البلاد.

 قد ترى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أيضًا احتواء تدخّلهما في اليمن كجزء من جهد أوسع لإيجاد علاقة عمل أكثر “وظيفية” مع إيران، حيث تتقدم محادثات الاتفاق النووي ببطء. من جانبها رحبت إيران بإعلان الهدنة: أعرب متحدث إيراني عن أمله “في أن تكون الخطوة مقدمة لرفع الحصار بشكل كامل وتثبيت دائم لوقف إطلاق النار من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية”.

 بدا الحوثيون واثقون من تحقيق مكاسب إستراتيجية مهمّة قبل سنة. الانتصار في هجومهم على مأرب، آخر مدينة كبرى تسيطر عليها الحكومة في شمال اليمن، كان يمكن أن يمنحهم إمكانية الوصول إلى البنية التحتية الحيوية للنفط والغاز، وبالتالي سيعطيهم أفضلية في الموقف على الأرض للذهاب إلى المفاوضات. عوضًا عن ذلك، ومع توقف الزخم في معركتهم تلك، تضاءلت فوائد الاستمرار في القتال مقارنة بالقدوم إلى طاولة المفاوضات. ومع ذلك، جادل بعض المراقبين بأن الحوثيين يستغلون ميزة الهدنة لإعادة تجميع صفوفهم وإعادة انتشار قواتهم. كما غردت مؤخرًا المحللة المختصة بالشأن اليمني ندوى الدوسري: “هدنة أم لا، لن يتنازل الحوثيون عن خططهم لأخذ مأرب أو طموحهم للسيطرة” على البلد بأكمله.

 تُظهر شروط الهدنة أن كلا الجانبين مستعدّان لتقديم تنازلات كجزء من العملية التي تقودها الأمم المتحدة- وهو الاستعداد الذي لا يزال، حتى الآن، أقل من المطلوب للتسوية. منذ أوائل العام 2020 على الأقل، كان الخلاف الأساسي الذي حال دون وقف إطلاق النار، واضحًا: طالب الحوثيون أن يقوم التحالف الذي تقوده السعودية بفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة بالكامل قبل مناقشة وقف إطلاق النار، بينما عرض التحالف فتحهما جزئيًا فقط، وكجزء من اتفاق أوسع. وبالتالي، فإن الوصول المحدود إلى كل من صنعاء والحديدة، يمثل حلاً وسطًا ذو أهمية لكلا الجانبين، وبخاصة الحوثيين، الذين كانوا أبدوا قبل ذلك استعدادًا ضئيلًا لتقديم تنازلات في إطار الوساطة الأممية.

والأكثر إثارة للدهشة، أن شروط الهدنة يتم تنفيذها بالفعل. سمح التحالف لسفن الوقود بدخول الحديدة. وتعتبر الحديدة والموانئ المجاورة منفذًا لحوالي 70 في المائة من واردات اليمن التجارية والإنسانية، حتى في ظل قدرتها المنخفضة، وسبق أن منع التحالف السفن المحمّلة بالوقود والسلع الحيوية الأخرى من الرسوّ في أحواضها. من ناحية أخرى، وبالرغم من ذلك، لا يزال من الممكن أن تؤدي الخلافات إلى إحباط تنفيذ الاتفاق. بينما أعلنت الخطوط الجوية اليمنية أن أول رحلة تجارية إلى مطار صنعاء منذ 2016، ستهبط في نهاية الأسبوع الماضي [الأسبوع الأخير من أبريل/ نيسان الماضي]، تم تأجيل الرحلة إلى أجل غير مسمى، حيث اتهم كل جانب الآخر بعدم الامتثال. قد يعني استئناف بعض الرحلات الجوية التجارية أن المزيد من اليمنيين سيصبحون قادرين على الدخول والخروج من البلاد للحصول على الخدمات الصحية وزيارة عائلاتهم. كانت الخلافات حول كيفية تنفيذ الاتفاق، في نهاية المطاف، بمثابة زوال لاتفاقية ستوكهولم في ديسمبر 2018، لذا فإن استمرار السفن في الرسو وهبوط الرحلات التجارية، هما مؤشران هامّان لمدى اهتمام الجانبين بالوفاء بوعودهما.

من الواضح أن القادة السعوديين والإماراتيين يأملون أن يكون قادة المجلس قادرين على تمثيل ما يحدث على الأرض بشكل أكثر فاعلية من هادي، وتمكين الفصائل المختلفة من أن تصبح أكثر ترابطًا.

 يأمل الدبلوماسيون في أن توفر الهدنة مساحة للأطراف من أجل التفاوض على اتفاق سلام أكثر شمولاً. سيكون هذا تحدّيًا أكبر بكثير من الهدنة نفسها، لأنه سيقود إلى عدد من القضايا الأكبر حجمًا، بدءًا بكيفية حكم البلاد ومن قبل من. ومع ذلك، يمكن أن تكون الهدنة خطوة أولى في هذا الاتجاه.

إقرأ أيضاً  مصير العائدين من المعتقل

 ولعل الأهم من ذلك، أن الهدنة تمثل إنقاذًا مؤقتًا للشعب اليمني. قتلت الحرب ما يقرب من 400 ألف يمني. يحتاج ثلاثة أرباع السكان إلى المساعدة الإنسانية. ويقدر صندوق الأمم المتحدة للطفولة أن أكثر من 10000 طفل قتلوا أو جرحوا خلال فترة النزاع، وأن الآلاف من الأطفال تم تجنيدهم للقتال. بالإضافة إلى فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، أعلنت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، عن حزمة دعم اقتصادي ووديعة بقيمة 2 مليار دولار في البنك المركزي اليمني في عدن (أحد البنكين المركزيين المنقسمين). أسعار السلع الأساسية في اليمن ارتفعت بشدة في السنوات الأخيرة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى انخفاض العملة اليمنية إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة. واستعاد الريال اليمني 25 في المائة من قيمته بعد فترة وجيزة من الإعلان عن الوديعة، ما ساعد على جعل الغذاء والسلع الحيوية الأخرى بأسعار معقولة.

لماذا المجلس الرئاسي مهمًّا؟

 من المحتمل أيضًا أن يكون نقل السلطة مهمًا جدًا لعملية السلام. لطالما كان الرئيس هادي عقبة في طريق المفاوضات. أعاق هادي محادثات السلام في عام 2016، بتعيين علي محسن الأحمر نائبا للرئيس. اعتبرت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى علي محسن بديلاً غير قابل للحلول مكان هادي نظرًا لعلاقاته بالمنظمات المتطرفة. من خلال اختياره نائباً للرئيس، ضَمِن هادي أن المجتمع الدولي لن يحاول إجباره على ترك منصبه. وهكذا، على الرغم من عدم شرعية هادي وجهوده لعرقلة التسويات من أجل السلام، فقد ظل في منصبه.

 من 2015 فصاعدًا، قضى هادي فترة رئاسته في الرياض وليس في اليمن. كانت لحكومته صلات قليلة وشرعية ضئيلة على الأرض. وكما كتب المحلل ماجد المذحجي، فإن هادي “فقد دعم كل حزب تقريبًا” في التحالف المناهض للحوثيين. وبدلاً من ذلك، تم الاحتفاظ به كوسيلة للشرعية الدولية. كان هادي آخر رئيس منتخب ديمقراطياً لليمن، بعد أن خاض انتخابات 2012 التي خلت من المعارضة. كان من المفترض أن يكون بمثابة القائم بأعمال السلطة الانتقالية في اليمن بعد الربيع العربي. بدلاً من ذلك، بعد أن أجبره التقدم الحوثي على الفرار من صنعاء ومن عدن لاحقًا، “أصبحت فترة ولايته كرئيس غير محددة وغير خاضعة للمساءلة من قبل الشعب اليمني”، وفقًا لمقال افتتاحي من مركز صنعاء، وهو مركز أبحاث مستقل. كان هادي مفيدًا للتحالف لأنه قدم مظهرًا خادعًا من الشرعية الدولية: لقد بدأ تدخل التحالف بدعوة من هادي، وسمح وجوده للتحالف بالقول إنهم يدعمون الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.

  ولكن مع تعمق فساد حكومته، ووجود أعضاء من التحالف المناهض للحوثيين منظمين ظاهريًا فقط في ظل الحكومة اليمنية، تضاءلت فائدة هادي. وبالرغم من عدم وجود آلية دستورية واضحة لنقل السلطة إلى مجلس رئاسي، لا يزال رحيل هادي موضع ارتياح من قبل العديد من اليمنيين.

  عضوية المجلس الرئاسي الجديد مهمّة أيضًا، من حيث كونها توازن بين السعودية والإمارات. الموالون يمثلون الفصائل المتنافسة داخل التحالف المناهض للحوثيين. تتكون هذه المجموعات من قادة جماعات عسكرية مدعومة من الإمارات العربية المتحدة، بمن في ذلك رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الكيان المدعوم من الإمارات ويدعم انفصال الجنوب؛ شخصيات قبلية بارزة؛ وأعضاء من حزب الإصلاح، وهو حزب سياسي رئيسي تعارضه الإمارات العربية المتحدة بسبب علاقاته مع الإخوان المسلمين. يرأس المجلس رشاد العليمي، وهو مسؤول حكومي سابق له علاقات وثيقة مع المملكة العربية السعودية.

  من الواضح أن القادة السعوديين والإماراتيين يأملون أن يكون هؤلاء القادة قادرين على تمثيل ما يحدث على الأرض بشكل أكثر فاعلية من هادي، وتمكين الفصائل المختلفة من أن تصبح أكثر ترابطًا. وعد العليمي في أول خطاب متلفز له بأن المجلس “سينهي الحرب ويحقق السلام من خلال عملية سلام شاملة تضمن للشعب اليمني كافة تطلعاته”. لكن بسبب هذه العلاقات الخلافية تحديدًا، من الممكن ألا يتمكن المجلس من البقاء موحدًا لفترة طويلة. في الواقع، كانت العلاقات بين القادة المتنافسين مثيرة للجدل لدرجة أن “تشاجروا في الجلسات خاصة” للمشاورات اليمنية- اليمنية في الرياض. المخاطرة الأخرى، هي أنه إذا لم تصمد الهدنة، أو لم يتم تجديدها مع انتهاء فترة الشهرين، يمكن أن يصبح المجلس الرئاسي مجلس حرب: كما قال العليمي، “إنه أيضًا مجلس دفاع، سلطة ووحدة، مهمّته هي حماية سيادة الأمة والمواطنين”.

ماذا يجب أن تفعل الولايات المتحدة؟

توفر الهدنة للولايات المتحدة والمجتمع الدولي فرصة حاسمة لمضاعفة الدبلوماسية في اليمن. ستحتاج الولايات المتحدة إلى مواصلة دعم العملية التي تقودها الأمم المتحدة للمساعدة في ضمان ليس فقط استمرار الهدنة الهشة، وإنما ضمان تجديدها في نهاية الشهرين. تقدُّم المفاوضات نحو سلام شامل في اليمن، يجب أن تتناول مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك توفير العدالة والمساءلة، وتسريح الجماعات المسلحة أو إعادة دمجها، والاتفاق على بناء حكومة اتحادية مرتقبة. يمكن أن تلعب الولايات المتحدة وبقية المجتمع الدولي دورًا داعمًا ومهمًّا من خلال دفع شركائهم للبقاء على الطاولة ودعم محادثات أكثر شمولاً.

إن الشمول في محادثات السلام ليس فقط أمرًا لطيفًا، إذ تخبرنا الخبرة المكتسبة من أوضاع النزاع حول العالم، أن المفاوضات الشاملة تؤدي إلى سلام أكثر استدامة. يمكن للولايات المتحدة والمجتمع الدولي الضغط من أجل نظام “الكوتا” بين الجنسين للتأكد من أن النساء، اللائي سبق أن طوّرن أطُرًا خاصة بهن من أجل السلام، سيشاركن في المحادثات. تمثل الهدنة أيضًا فرصة لتوسيع محادثات السلام بما يتجاوز النخب السياسية والقادة العسكريين، لتشمل منظمات المجتمع المدني وقادة المجتمع المحلي. لقد اتخذ زعماء القبائل، على سبيل المثال، خطوات للتخفيف من حدة العنف وبناء القدرة على الصمود على الأرض بالفعل. يجب أن يعمل الدبلوماسيون الأمريكيون على دعم عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة لتمثل بصدق المجتمع اليمني، وليس فقط الأطراف المتحاربة.

يمكن للولايات المتحدة أيضًا تقديم ضمانات أمنية لشركائها تساعد في تثبيت اتفاقية طويلة الأجل. على سبيل المثال، من المرجح أن تصرّ المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على الحماية ضد هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيّرة، والتي يمكن أن توفرها الولايات المتحدة من خلال أنظمة الدفاع الصاروخي والاستخبارات. يمكن للدبلوماسيين الأمريكيين أيضًا مواصلة دعم جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة لضمان تنفيذ هذه الدول لبنود الهدنة الحالية بالفعل. ونظرًا لأن الاتفاقات السابقة انهارت بسبب الخلافات بين الأطراف حول كيفية تنفيذ بنودها، فإن إيجاد حلول للمشكلات- مثل تأخّر أول رحلة تجارية إلى صنعاء- سيكون أمرًا بالغ الأهمية لضمان استمرار المفاوضات على المسار الصحيح.

 الأسبوع الماضي، أخبر المبعوث الخاص للأمم، المتحدة هانز جروندبرج، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن الهدنة تمثل “فرصة نادرة للتوجه نحو مستقبل خالٍ من الحروب”، لكن إذا لم يتم تجديد وقف إطلاق النار واستمر القتال، فقد تختفي هذه الفرصة بسرعة.

  • أليكساندرا ستارك، هي باحثة أولى في مؤسسة “نيو أمريكا”، حصلت على شهادة الدكتوراه من جامعة جورج تاون. تعمل حاليًا على مخطوط كتابها “حروب منسيّة: ما الذي يخبرنا به التدخل في الحرب الأهلية اليمنية عن سياسات الشرق الأوسط وإخفاقات السياسة الأمريكية”.
  • نشرت المادة في موقع “وار أون ذا الروكس”، في 29/4/2022.

مقالات مشابهة