المشاهد نت

غصون.. طموح يتحدث بطلاقة

أسست غصون مشروعا خاصا للعلاج الطبيعي

مأرب-بشرى الجرادي

فئة خرقت عادة التواصل بالإشارة ليحل الكلام محلها، ويصبح وسيلة التواصل لإحدى ملهمات قصص ذوي الاحتياجات الخاصة.

غصون تخرق عادة الصم والبكم في التواصل مع الآخرين بالإشارة، ليكون الكلام هو لغة التواصل بينها وبين الآخرين، على الرغم من أنها لا تسمع، إلا أنها تتواصل مع الآخرين بالكلام، وتفهمهم ويفهمونها بسهولة كما لو أنها تسمع .

“إعاقتي المبكرة لم تفقدني الكلام، وهذا ما يميزني عن غيري من الصم والبكم”.

البداية الملهمة

 تقول غصون: “فقدت السمع في سن السابعة من عمري، ولكني لم أفقد الكلام، لأني حاولت أن أدرس مع الدمج أثناء التحاقي بالمدرسة، ومن خلالها تعلمت مهارة الكتابة والقراءة، على الرغم من صعوبة التعامل معي في المدرسة، كوني لا أسمع، إلا أن عزيمتي وتشجيع والديَّ هو ما ساعدني في تجاوز هذه الصعوبة، وهذا ما ميزني عن بقية الشرائح من ذوي الإعاقة، إذ إني اتخذت من الدمج وسيلة لتعامل في كل مراحل حياتي، سواء في الدراسة أو العمل، أو حتى في حضور دورات وندوات التأهيل والتدريب”.

عزيمة وإصرار جعلت من غصون تقف شامخة أمام صعوبات تواجهها لتجعل من التحديات خطوات نجاح توصلها لتحقيق طموحها وإبراز نجاحها في مجتمع رفض كثيرًا أن يعطيها فرصة إثبات جدارتها وكفاءتها بزعم أنها لا تسمع.

تقول غصون: “بعد أن استكملت مراحل التعلم الأساسي والثانوي، أردت الالتحاق بالجامعة، لكن معدلي لم يساعدني في دخول كلية الطب، مما جعلني أختار الالتحاق بالمعهد الصحي لدراسة الصيدلة، وكانت أول ثمرة إنجازي هي تخطي الصعوبة التي واجهتني في استكمال الدراسة في المعهد الصحي، والتي بعدها جعلتني أتجه لدراسة دورات التنمية واللغة، وبدأت بعدها بالبحث عن فرصة عمل، والتي قوبِلت بالرفض من جهات عدة، تحت ذريعة كيف لصماء أن تتواصل مع المرضى بلغة الإشارة وحدها متخذين من فقداني  السمع عذرًا واهيًا”.

  وتضيف قائلة: “قدر لي أن أحصل على  فرصة الالتحاق بجامعة آزال للتنمية البشرية، وهي أول جامعة متخصصة بفئة الصم والبكم ودراسة الدمج، والتي استطعت من خلالها الحصول على شهادة البكالوريوس في العلاج الفيزيائي (الطبيعي)”.

تثني غصون على جامعة آزال لاهتمامها بهذه الفئة، وتشكر تشجيعها ودعمها لفئة الصم والبكم وذوي الاحتياجات الخاصة، معتبرة ذلك طريق نجاح لكثير من أفراد هذه الفئة .

خطوات تنقل غصون من اليأس والتحديات إلى أول ثمرة صبر وعزم وأمل لتحقيق طموحها وإثبات كفاءتها للمجتمع الذي رفض توظيفها بحجة عدم السمع.

إقرأ أيضاً  اتساع ظاهرة التسول الإلكتروني في زمن الحرب

تقول: “لقد ساعدتني هذه الجامعة في تحقيق حلمي، وبدأت بدراسة تخصص العلاج الطبيعي الذي من خلاله استطعت أن أقدم للمرضى التأهيل الحركي لمن عجزوا مؤقتًا عن الحركة، وتقديم نصائح للمرضى للتعايش مع إعاقتهم وتقبلها”.

وتواصل: “بعد التحاقي وقبولي في المستشفى السعودي الألماني، فأنا إن لم أكن اسمعهم بأذني جيدا فأنا اسمعهم بعينيَّ، فإني بعد عملية بحث  عمل طويل قوبلت فيه بالرفض، جعل من قبولي في المستشفى السعودي الألماني  الذي عملت فيه أخصائية علاج فيزيائي طبيعي، أعرف أن الصعوبات هي سبب لوصولي إلى أهدافي ونجاحي”.

حلم يكبر كل يوم

غصون.. طموح يتحدث بطلاقة
تجيد غصون الكلام وتدير مشروعها الخاص رغم اعاقتها السمعية

تقول غصون: “على الرغم من كل ما وصلت إليه، إلا أني لم أتوقف عن المزيد من الطموح والرغبة في النجاح، وتابعت بحثي عن فرصة تساعدني في أن أفتح مشروعًا ومركزًا خاصًا بي، لكني لم أجد دعمًا ولا قبولًا من المستثمرين ورجال الأعمال والجهات التي قدمت إليها فكرتي، ولم أجد اهتمامًا، وكأنهم يعيدون نفس السيناريو في عدم الثقة بصماء لتكون صاحبة مشروع ناجح، وهذا ما جعلني أصمم أكثر على طموحي وتحقيق ما أردت الوصول إليه، بدعم من والدتي التي كانت إلى جانبي في كل قرار،واستطعت خلال عام 2020 أن أصل لتحقيق هدفي في فتح مركز ومشروع خاص بي،  وذلك من خلال دعم وتشجيع من الدكتور نشوان السلامي، الذي تعاون معي لفتح مشروع خطوة عزم للعلاج الطبيعي، والذي أديره حاليًا، واستطعت من خلاله أن أثبت  للجميع نجاحي وتفوقي وكفاءتي، وأثبت من خلاله أن الإعاقة ليست سببًا للفشل، وليست عائقًا لطموح لمن يمتلك عزيمة وإصرارًا وأملًا”.

 حصول غصون على بكالوريوس أخصائي علاج فيزيائي ودبلوم صيدلة، لم يمنعها من استكمال الدراسة العليا، وهي اليوم تدرس ماجستير إدارة صحية ومستشفيات.

وأخيرًا تقول :”صعوبات كثيرة جعلتني أشعر باليأس أحيانًا، ولكن ظلت ومضات الأمل تقودني للتحدي، إضافة إلى من كانوا إلى جانبي، وهم من جعلوني أصل إلى هذه المرحلة من النجاح”.

 وتختم قائلة:” تلك الحياة لا تروق إلا للمحاربين، فإن لم تكن ذا إرادة فلا أسف عليك. قاتل لكي تكون ما تريد”.

لذلك، فإن غصون واحدة من أكثر ذوي الاحتياجات الخاصة إلهامًا، ونموذج صلب للمرأة التي لا تعوقها الصعاب.

تم إنتاج هذه المادة بالتعاون مع مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي

مقالات مشابهة